عفرين بوست
بعد أن استقبلت عفرين خلال عهد الإدارة الذاتية أكثر من 300 الف نازح من باقي المناطق السورية، نتيجة ما كانت تتمتع به من أمن وأمان قبل غزوها من قبل الاحتلال التركي ومسلحي المليشيات الإسلامية التابعة لتنظيم الإخوان المسلمين، تحول عدد كبير من هؤلاء إلى خناجر طعنت خاصرة الكُرد، فأصبح أصحاب الارض مهجرين، وبات من دخل إلى عفرين نازحاً من موت يلاحقه، مستوطناً في أرض السكان الأصليين يستقوي بمسلحين ينشرون الموت أينما حلوا.
وفي هذا السياق، تقول جيهان وهي مديرة مدرسة سابقة في عفرين ومقيمة هناك حالياً، لـ بي بي سي بحسرة: “بعد أن كانت عفرين ملاذاً آمناً للعائلات العربية النازحة من مختلف المناطق في سوريا على مدار 7 سنوات، تحولت الآن إلى معقل للفصائل المسلحة التي لا تختلف كثيراً عن “تنظيم داعش”.
وتضيف: ” العائلات التي رحبنا بها وساعدناها وأسكناها بيننا وفي منازلنا وأطعمناها من طعامنا وحزننا عليها، استولت الآن على بيوتنا وأراضينا وممتلكاتنا وأصبحت السيف الذي تحاربنا بها، أشعر بأسف شديد على تبعيتهم وعبوديتهم للأتراك وإذلال من مدَّ لهم يد المساعدة يوماً”.
وتشير جيهان بحديثها إلى حجز منازل السكان الأصليين الكرد في عفرين وقراها والاستيلاء عليها من قبل المليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي، عن طريق وضع إشارات أو كتابة أسماء على جدرانها.
وعقب إطباق الاحتلال العسكري التركي على عفرين آذار العام 2018، حذر ناشطون من عفرين من مغبة الاستكانة لعمليات الاستيطان التي يسعى الاتراك الى ترسيخها على شاكلة المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، وهو ما أنذر بتكرار تجربة الحزام العربي التي طبقها النظام السوري في منطقة الجزيرة، فساهم فيها بتجريد الكُرد من املاكهم وتوزيعها على آخرين استجلبهم من حوض الفرات.
وتعتبر القوى السياسية الكردية وأهالي عفرين، أن الوجود التركي المرافق بمليشيات إسلامية احتلال عسكري غير مشروع، وبالتالي فإن جميع الوقائع الحاصلة في عهدهم تعتبر استثنائية وظرفية، مرتبطة بوجود الاحتلال.
وفي سياق التغير الديمغرافي التي مارسه الاحتلال التركي، تداولت في ديسمبر\كانون الأول العام 2018، مقطع فيديو، أظهر أحد المستوطنين من حيِّ القابون بالعاصمة السورية دمشق، وقد استوطن في قرية “ميدان أكبس”، ودعا خلال المقطع المصور أقرانه جميعاً للمجيء إلى القرية من أجل تغيير اسمها إلى “القابون”، والاستيلاء على المنازل والممتلكات فيها.
وقال المستوطن خلال الفيديو: “تحية لك أبو كاسم، كل شيء جاهز هنا بانتظارك، وهذه هي القرية، فاجمع الشباب كلهم لكي نصنع (قابوناً آخر)، حيث توجد عدة قرى فارغة هنا، ويتابع قوله قائلاً: “ها هي القرية التي منحونا إياها، وأخبرونا بأن نجلب أهل منطقتنا جميعاً للإقامة هنا، فهذه البيوت كلها فارغة، وذلك الجامع سنسميه (الجامع الكبير)، ولا ينقصنا شيء هنا”، فتعالوا نصنع (قابوناً آخر) هنا”.
واسفرت ممارسات المستوطنين المرافقين للمليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي عن فقدان عدة مواطنين من المسنين لحياتهم، نتيجة القهر الذي شعروا به به نتيجة عدم تمكنهم من العودة إلى منازلهم التي أفنوا أعمارهم في بنائها.
ومنها المواطن “رمزي حسين” من قرية “ميدان اكبس”، الذي عاد إلى قريته بعد أشهر من تهجيره العام 2018، لكنهُ لم يرى منزله فارغاً وكان مصيره مثل مصير اغلب منازل القرية، مستولى عليه من قبل أحد قادة المليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي ويدعى “ابو مرهف الحمصي” وهو متزعم في مليشيا “فيلق الشام”، حيث أحاط نفسه ببعض إخوته وأخواته لمنع أي شخص من الاقتراب من المنزل، ونتيجة تعرض المواطن الكردي “رمزي حسين” للتهديدات والشتم عند مطالبته بمنزله، استشهد المواطن الكُردي نتيجة اصابته بجلطة قلبية.
ويستقوي مسلحو المليشيات الإسلامية على العفرينيين بالسلاح والعدة التركية، مدركين أنهم قوة غاصبة للإقليم الكُردي، وأنهم ساهموا في قتل المئات من المقاتلين والمدنيين الكُرد من أبناء الإقليم، مع تقمص الغزاة من مسلحي المليشيات الإسلامية الرواية التركية بكون الكُرد انفصاليين، ليبرروا غزوهم للإقليم.
وكان رئيس النظام التركي اردوغان قد قال قبل غزو عفرين في يناير العام 2018، أن نسبة السكان الكُرد في عفرين تبلغ 40%، وأنه يريد أن يعيد عفرين إلى أصحابها الحقيقيين، في إشارة إلى مساعيه بالتغيير الديموغرافي في الإقليم الكُردي.
وأعلنت الداخلية التركية في مايو\أيار الماضي، أن 330 ألف من السوريين قد عادوا الى سوريا، ضمن المناطق التي تحتلها تركيا شمال البلاد، حيث يتم توطين غالبية هؤلاء في عفرين، إضافة للمستوطنين الذين تم جلبهم من ارياف حص ودمشق، كما يسعى الاحتلال التركي الى توطين مستوطنين من ادلب في عفرين بحجة المعارك هناك.