نوفمبر 08. 2024

تيمناً بالعثمانين: الميليشيات الاسلامية تمزق أحشاء مواطن كُردي بـ “الخازوق”

عفرين بوست- بي بي سي-متابعات

“كنا قد نزحنا عن قريتنا “قسطل جندو” القريبة من اعزاز، إلى عفرين بعد سيطرة الجيش التركي و الفصائل المسلحة عليها في أوائل مارس/آذار 2018. لكن ابني آراس كان عنيداً ومتعلقاً بأرضه لدرجة مخاطرته وذهابه إلى القرية للاطمئنان على أشجار الزيتون، إلا أنه خرج ولم يعد إلينا إلا منذ شهور قليلة، ولكن…”

هكذا بدأت أمينة حميد، والدة آراس خليل الذي يبلغ من العمر 30 عاماً، بسرد قصة ابنها الذي تم تعذيبه من قبل المليشيات الإسلامية التي تحتل المنطقة ثم رميه على أحد الطرق بعد أن أفقده التعذيب السمع والإدراك وتمزقت أحشاؤه ومنطقة الشرج كاملاً وقطعت أذنه اليسرى في ثلاثة أماكن.

وكانت أمينة قد فقدت الأمل تماماً وأقنعت نفسها بعد مرور أكثر من عام على اختفاء ابنها بأنه قُتل على يد المليشيات الإسلامية المحتلة لقريتها، إذ أن حوادث الخطف والقتل والتعذيب كانت ولا زالت شائعة.

شعرت الأم بحزن بالغ على آراس لأنها لم ترَ وجهه وتلمسه وتودعه للمرة الأخيرة وتصلي عليه وتقول: “غبت عن الوعي وسقطت أرضاً بعد أن أخبرني جاري قبل أشهر أنه رأى صورة ابني منشورة على موقع فيسبوك، مع نص يقول (يُرجى لمن يعرف صاحب الصورة التواصل معنا لاستلامه من مستشفى في حلب)”.

وكان آراس، فلاحاً بسيطاً وذو بنية قوية كأي فلاح، ولم يكن يهتم بالسياسة، بل كان كل شغفه واهتمامه هو أرضه وأشجار الزيتون، يسعد بمحصول الزيتون و يحزن إذا لم تمطر السماء. ومن شدة شغفه بأشجار الزيتون، خرج ليتفقدها في آذار/مارس الماضي 2018، إلا أنه لم يعد.

تقول أمينة: “رغم معرفتي بخطورة الأمر، إلا أنني ذهبت إلى قريتي لأسأل فصيل السلطان مراد عنه، لكنهم طردوني وأهانوني وقالوا لي، إن لم تذهبي من هنا، فسنلحقك بابنك”، ولم تجد أمينة أي أثر لابنها سوى فردة حذائه في أرضهم، فأيقنت أنه قُتل، وبعد ذلك هُجرت أمينة عن عفرين إلى مخيمات النازحين في تل رفعت.

كما يمر زوج أمينة أيضاً بحالة نفسية سيئة أشبه بالهلوسة والهيستيريا، نتيجة الهجمات المكثفة على المنطقة، ولم يعد يتعرف على زوجته، بل بات يظن أن كل من حوله يريد قتله، لذلك يشتمها تارة ويطردها تارة أخرى دون أن يدرك ما يفعله، وما زال الزوج على تلك الحالة إلى الآن ويحتاج إلى علاج نفسي حد قول زوجته.

بعد أن أخبر أحد جيران أمينة بأنه رأى صورة ابنها على فيسبوك، جرت ترتيبات استلام آراس من مستشفى حلب قبل أشهر، من قبل خاله الذي يعيش في حلب، وأحضره معه إلى مكان إقامة والدته حيث اجتمع الجيران لاستقباله. لكن كانت الصدمة كبيرة جداً عندما رأت أمينة ابنها محملاً بين الأيادي كالأطفال، وتغيرت ملامحه وشكله وفقد الكثير من وزنه.

فقدت أمينة وعيها برؤية ابنها، وبعد أن عاد إليها وعيها انفجرت بالبكاء عليه بعد أن رأت حالته المتدهورة، إذ فقد حاسة السمع والإدراك عدا عن الإعاقات التي يعانيها إلى الآن نتيجة للتعذيب الشديد الذي تعرض له.

“خازوق تركي”

تم إخبار العائلة بحالة آراس من قبل المستشفى، وأصدر الهلال الأحمر الكردي والسوري تقريراً بحالته، إذ قيل للأم عن تفاصيل حالة آراس الذي عثرت عليه دورية عسكرية حكومية بالصدفة وهو مرمي بجانب طريق حلب – اعزاز. حيث تم أخذه إلى مستشفى بحلب وبقي هناك قرابة أربعة أشهر لعلاجه من آثار التعذيب والجروح والحروق التي كانت في جسده.

وتقول الأم: “لم تكن ملامح وجهه واضحة بسبب آثار التعذيب، وجاء إلي محملاً مثل قطعة لحم، لقد اغتصبوه بخازوق تركي أدى إلى تشققات حادة في منطقة الشرج بالكامل وصولاً إلى الأمعاء الغليظة. ورغم مرور قرابة ستة أشهر على علاجه، “مازال ولدي غير قادر على الجلوس إلا في وضعية القرفصاء، ولا يستطيع المشي إلا بمساعدة، ويظل طوال الوقت مستلقٍ على ظهره، لا يتحرك ولا يطلب طعاماً أو ماءً، لقد فقد حاسة الإدراك، فإذا لم أطعمه أنا، أو أعطيه ماءً، يظل على تلك الحالة أياماً وليالٍ”.

وتعتني الأم بآراس الآن كطفل صغير، وتغير حفاضاته ثلاث أو أربع مرات يومياً، لأنه لم يعد يتحكم بخروجه، وتضيف أمينة باكية: “الآن، يتحدث إلي عن طريق الإشارات إذا أراد شيئاً، أما إذا نفذت أدويته المهدئة، فيتحول إلى شخص خارج عن السيطرة، يضربني ويدفعني عنه ولا يعلم بأنني والدته، وهذا يزيدني ألماً”.

“كانت حالته كعائد من الموت، الكلام ليس كمن يرى، إنه شخص آخر الآن، شخص بعاهات كثيرة، لقد تمت خياطة أذنه اليسرى في ثلاث أماكن”، وتسكن حالياً أمينة وابنها وزوجها المعاقين في مخيمات النازحين بتل رفعت، على أمل العودة إلى قريتها يوما ما.

وبحسب تقرير لمنظمة الهلال الأحمر الكردي فقد تم التأكيد بأن آراس تعرض للتعذيب بالخازوق العثماني المحرم دولياً وجاء في التقرير :

“تمت معاينة آراس من قبل الدكتور عمار محمد و تبين بأنه يعاني من حالة نفسية صعبة وسيئة جداً ،ووجود آثار التعذيب على كامل الجسد  من آثار حرق وضرب وإصابة الأذن اليسرى وفقدان السمع بشكل نهائي .

ووجود آثار تعذيب في المنطقة الشرجية والشرج وعدم القدرة على الجلوس والوقوف على قدميه بسبب ما تعرض له من تعذيب .

والآن هو بحاجة إلى الرعاية الصحية وإجراء عملية  فهو لا يدرك ولا يشعر بما يحدث من حوله ويحتاج إلى عناية خاصة من قبل مختصيين نفسيين .

وقد اعدت وكالة روماف فلماص مصوراً عن آراس، فيما يلي رابطه:

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons