ديسمبر 12. 2024

جرائم حرب في منطقة الشهباء بريف حلب الشمالي… قتل مدنيين وتمثيل بالجثث

عفرين بوست- تقارير

على مدار يومي السبت والأحد الماضيين، عانى قاطنو قرية الأحداث في منطقة الشهباء بريف حلب الشمالي، وغالبيتهم من مهجري عفرين، الخوف والهلع، وشهدوا جرائم حرب ارتكبتها ميليشيات “الجيش الوطني السوري” الموالية لتركيا.

دخلت ميليشيا “القوة المشتركة” التي شاركت في إطلاق ما سمي بغرفة “فجر الحرية” في اشتباكات عنيفة على تخوم قرية الأحداث الواقع شمال شرقي مدينة حلب بـ/25/ كم، مع قوات تحرير عفرين، واستمرت لساعات عدة على محوريين؛ في اليوم الثاني دخلت هذه الميليشيات إلى أجزاء من القرية، وارتكبت جرائم حرب من قتل وتمثيل بالجثث وسرقة ممتلكات المدنيين.

في اليوم الأول وبعد توقف الاشتباكات في المنطقة الشرقية من القرية، توجه “أحمد” إلى مكان قريب، ليشاهد عمليات تمثيل بجثث المقاتلين من قوات تحرير عفرين، وكان هناك عشرات الجثث لمسلّحي الميليشيات في أرجاء المكان.

في منطقة ليست ببعيدة عن مكان الاشتباك، شاهد أخر يروي ما حدث “كنت أبحث عن جاري “عبدو” وهو سابقا كان رئيس كومين في الأحداث، علمت انه توجه لمستودع قريب قبل يوم، لذا توجهت إلى هناك للاطمئنان عليه”.

بعد وصول “أحمد” للمستودع المخصص لتخزين المواد الغذائية تفاجئ بوجود بعض الأشخاص مقتولين هناك، لم يتقدم في بادئ الأمر خوفاً على حياته، وبعد تأكده من خلو المكان من مسلحي الميليشيات، تقدم نحو الجثث ليكون شاهداً على مجزرة ارتكبتها الميلشيات هناك.

يقول الشاهد “وجدت أربعة أشخاص مقتولين، تعرفت على جاري “عبدو” من ضمنهم، وشخص أخر كان يقطن في الأحداث يدعى فوزي من قرية شيتكا، إضافة لشخصين آخريين لم أعرف هويتهم، لكن الفظيع في الأمر أن المرتزقة قاموا بفقع عيونهم، كان مشهداً فظيعاً”.

في تلك الليلة تعالت أصوات إطلاق النار في محيط قرية الأحداث وفي المنطقة الصناعية بحي الشيخ نجار، ظن الأهالي أن الحرب باتت قريبة منهم، فعمد العديد منهم لتجميع ما يستطيعون حمله والتوجه إلى سيارتهم للهروب من إرهاب الميليشيات.

في تلك الليلة، نسرين إحدى النازحات اللواتي مكثنّ ليلة كاملة في سيارتهن على أمل الخروج من قرية الأحداث ضمن الرتل المتوجه إلى مدينة الطبقة، وهي ام لطفلين رضيعين، تقول “أطفالي لم يتمكنوا من النوم خوفاً من أصوات الرصاص والقذائف، ظننا أننا سنموت حينها، تجمعنا في رقعة صغيرة بمحيط دورا قرية الأحداث”.

كانت نسرين كغيرها من سكان القرية شاهدة على عمليات السرقة التي قام بها عناصر الميليشيات أثناء تواجد المدنيين هناك، ومنعت بعض العائلات من إخراج حاجياتهم من منازلهم.

وتضيف نسرين البالغة من العمر 36 عاماً “أثناء تجوال مسلحي الميليشيات في القرية، كان المدنيون في سياراتهم، متحركين باتجاه المعبر، لكن نتيجة إغلاقه اضطروا للنوم في العراء تلك الليلة؛ على مقربة من مكان توقفنا كان ثلاثة شبان من أهالي عفرين واقفين، أحدهم قام بتغطية وجهه من البرد، ولدى قدوم المسلحين إلى مقربة منا، قاموا بمناداة الشبّان الثلاثة الذين لم يستجيبوا على وجه السرعة، ليفتحوا نيران أسلحتهم مباشرة عليهم ويقتلوا الثلاثة معاً”.

حدثت هذه المجزرة أيضاً على مرأى المدنيين، فدب الهلع بينهم، خوفاً على حياة أبنائهم، وفي ظهيرة اليوم التالي بدأ الرتل بالمسير، لتحتفظ نسرين مع أطفالها بتلك الصور المفجعة في ذاكرتها وتحملها معها إلى شرق الفرات.

ووفق للمهجرين من قرية الأحداث، مصير أربعة رجال حالياً مجهول، وفُقد الاتصال بعدد من العائلات، تعرضوا للاختطاف أم عادوا إلى عفرين، لا يعرفون.

مجزرة أخرى ارتكبتها ميليشيا “القوة المشتركة” في بلدة فافين وبالتحديد في الرحبة الصناعية المخصصة لإصلاح السيارات، ووفق المعلومات التي وصلت لعفرين بوست سبعة رجال قتلوا هناك على يد الميليشيات، وجميعهم من العاملين في صيانة السيارات.

تقول امرأة منحدرة من قرية ترندة بعفرين وقاطنة في مدينة قامشلو منذ ست سنوات إنهم فقدوا الاتصال مع عمها الذي كان يعمل في الرحبة منذ بدء الهجوم على الشهباء، ليتأكدوا في وقت لاحق أنه قتل على يد الميليشيات برفقة ستة على الأقل من العمال الأخريين، وتضيف “هناك أحاديث كثيرة تؤكد تمثيل مسلحي الميليشيات بالجثث وقطع رؤوس العمال هناك، لا يمكنني تخيل المشهد، أنا في القامشلي وسمعت الخبر ولم أتخيل ما حدث، لفظاعته، حيث تلقت عائلة عمي الخبر المفجع”.

في قرية تل قراح أيضاً، تحدث العم “أدهم” أن ابنتهم كانت شاهدة على عملية قتل رهيبة لشاب هناك، تم قطع رأسه أمام المدنيين، ولفظاعة المشهد تركت العائلات كل شي وهربت من تل قراح مباشرة باتجاه الأرتال المتوجهة إلى مدينة الطبقة.

ونشر الناشط الحقوقي إبراهيم شيخو مقطع مصور لرجل من عفرين يتحدث عن جريمة أخرى ارتكبتها ميليشيات “الجيش الوطني السوري” بحق زوجته. يقول “أبو عبد الله” خلال المقطع المصور أنه دخل المنزل ليشاهد رأس زوجته مقطوع وموضوع على المخدة التي كانت نائمة عليها، وأطفاله الثلاث في نفس الغرفة يشاهدون والدتهم وهي ميتة بهذا الشكل الفظيع”.

هذه الوقائع تؤكد تورط ميليشيات “الجيش الوطني السوري” وقادة ما تسمى بعملية “فجر الحرية” في ارتكاب جرائم حرب في تلك المنطقة، وهناك أهمية قصوى لجمع الأدلة وتوثيقها وتقديمها للجهات الدولية لمتابعتها.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons