عفرين بوست ــ متابعة
دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأحد 20/10/2024 الدول الأعضاء في اتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجيّ إلى “استثمارات كبيرة” في الصناديق الدولية لإنقاذ الطبيعة.
“الانتقال من الأقوال إلى الأفعال… لأنّنا لسنا على الطريق الصحيح”
جاء ذلك في رسالة مصورة بعثها غوتيرش إلى النسخة السادسة عشرة من مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي (كوب 16) في كالي ــ كولومبيا. وقال غوتيريش عشية افتتاح المفاوضات التي تستمر حتى الأول من نوفمبر القادم: “يجب أن نغادر كالي مع استثمارات كبيرة في صناديق الإطار العالمي للتنوع البيولوجي، ومع التزامات بتعبئة مصادر أخرى للتمويل العام والخاص لتنفيذه بالكامل”. وحث غوتيريش مندوبي الدول الأعضاء الـ196 (باستثناء الولايات المتحدة) في الاتفاقية بشأن التنوع البيولوجي، على “الانتقال من الأقوال إلى الأفعال… لأنّنا لسنا على الطريق الصحيح”.
وذكّر غوتيريش بأنّ “تدمير الطبيعة يؤجّج الصراعات والجوع والأمراض، ويغذّي الفقر وأوجه عدم المساواة والأزمة المناخية، ويضرّ بالتنمية المستدامة والوظائف الخضراء والتراث الثقافي والناتج المحلي الإجمالي”. وشدد على أن “الأمر يتعلق بالوفاء بالوعود التي قُطعت فيما يتعلق بالتمويل وتسريع الدعم للبلدان النامية” لأنّ “انهيار الخدمات التي تقدّمها الطبيعة، مثل التلقيح ومياه الشرب، سيؤدّي إلى خسارة سنوية للاقتصاد العالمي تقدّر بتريليونات الدولارات، حيث ستكون أفقر البلدان هي الأكثر تضرراً”.
وفيما تدق أجراس الإنذار على المستوى الدوليّ الداعية للمحافظة عل الطبيعة والبيئة، تستمر سلطات الاحتلال التركي والميليشيات التابعة لها بالتعديات على البيئة الطبيعية في إقليم عفرين المحتلّ، سواءً بالقطع الجائر للأشجار والغابات الحراجية بهدف إخراج الحطب وصناعة الفحم والاتجار بهما أو إضرام الحرائق.
ومنذ أن احتلت القوات التركيّة عفرين في 18/3/2018 ارتفعت نسبة اندلاع الحرائق في المنطقة وبخاصة في فصل الصيف، ولا يمكن مقارنتها من حيث العدد والحجم بما كان يحدث في العقود السابقة خلال سيطرة الحكومة السورية أو سنوات الإدارة الذاتية 2013 ــ حتى بداية 2018. وترتقي سياسة الاحتلال إلى التدمير الممنهج للبيئة والطبيعة.
“أزيل حوالي /19/ مليون شجرة من الغابات الحراجية الطبيعية والاصطناعية في عفرين”
وذكر التقرير التوثيقي الأسبوعي لحزب الوحدة الديمقراطيّ الصادر في 6/8/2024، أنّ الغابات الطبيعيّة في عفرين قبل الاحتلال كانت تنتشر على مساحة (18500هكتار) والاصطناعية (21000 هكتار) في عفرين، وبلغ التدهور فيهما أكثر من 60%، أي أُزيل حوالي /6/ مليون شجرة حراجية طبيعية + /13/ مليون شجرة حراجيّة مزروعة ليبلغ المجموع العام /19/ مليون شجرة، إضافة إلى ملايين الأشجار الصغيرة الحجم بين تلك الكبيرة، سواء بالقطع الواسع وحتى قلع الجذوع بالآليات الثقيلة، وكذلك بإضرام النيران فيها. وهناك غابات اختفت بشكل كامل من الوجود، عدا الأضرار الكبيرة التي لحقت بحقول الأشجار المثمرة، الزيتون خاصةً، بالقطع أو الحرائق.
جبل “هاوار” بين ناحيتي بلبل وراجو، هو أحد أمثلة الغابات الغنية، ويوصف بكونه غابة طبيعية بكريّة ويضم أشجار من السنديان العادي والزيتون البري والقطلب والزرود ومرافقات حراجية عريضة الأوراق ومخزوناً وراثياً من البذور، وكان يفترض أن تكون محمية طبيعية، وملاذاً للحيوانات البرية أيضاً. إضافة لموقعه الجغرافيّ والطبيعي الاستراتيجي، وفيه مغارات وآثار قلعة قديمة.
وآخر الحرائق التي أضرمت فيه كان يوم الخميس 3/10/2024، وامتد إلى محيط قرية “قره كوله” في ناحية بلبل، حيث قضت على مساحات واسعة من الغطاء النباتيّ وألحقت أضراراً جسيمة بالغابة.
وذكرت عفرين بوست في 27/8/2024، أنّه خلال أشهر حزيران وتموز وآب هذا العام، أدت الحرائق إلى تدهور نحو 50% ما يعادل 2 ألف هكتار من الغابة، وقد ازداد نشاط ميليشيات “الجيش الوطني السوري” في قطع الأشجار الحراجية المتبقية وتجميع بقايا الأحطاب المتفحمة، وقلع الجذوع المطمورة تحت الأتربة بالآليات الثقيلة، وصناعة الفحم. ويتم نقل الحطب والفحم بواسطة الشاحنات الكبيرة إلى محافظة إدلب، ويباع الطن الواحد من الحطب بحوالي /100/ دولار أمريكي.
وإذا كانت المسؤولية تترتب مباشرةً على سلطات الاحتلال التركيّ، لعدم اتخاذ أيّ إجراءات فاعلة تمنع قطع الأشجار وإضرام الحرائق ومحاسبة المتسببين بها، فإنّها لا تبذل أدنى الجهود للمساعدة في إخماد الحرائق وبخاصة أنّ مواقع الحرائق قريبة من الحدود التركية، كما أنها تمتلك الإمكانيات الكبيرة بما في ذلك الآليات والحوامات، وكانت قبل اندلاع الأزمة السورية تشترك في إطفاء الحرائق على الأراضي السورية.
بالمجمل لا تتوفر إحصائيات دقيقة لعدد أشجار الزيتون التي طالها القطع في عفرين المحتلة، وكذلك المساحات الغابيّة التي تمت إزالتها، بيد أن الصور المتداولة للغابات التي تمت تحطيبها وإزالتها مروعة، ووصفت المشاهد بغزو التصحر.
وبمناسبة انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي (كوب 16)، يناشد فريق “عفرين بوست” المجتمع الدولي والأمم المتحدة وشخص الأمين العام أنطوني غوتيريش، بضرورة التحرك إلى إنقاذ البيئة في عفرين من تعديات ميليشيات “الجيش الوطني السوري” والاحتلال التركي، وحماية ما بقي من الغابات وكذلك ملايين أشجار الزيتون من التدهور بسبب الاستيلاء والسرقات والقطع والحرائق وتدني الخدمة الزراعية من قبل المسلّحين المستولين على مساحاتٍ كبيرة.