ديسمبر 23. 2024

المتسبب الأساسيّ بمجـ زرة نوروز 2023 يتجول حراً طليقاً في ناحية جنديرس ليشكل تهديداً جديداً

عفرين بوست ــ خاص

قضت “محكمة الراعي” بمنطقة الباب التابعة للاحتلال التركيّ بإعدام ثلاثة أشخاص ينحدرون من دير الزور ومسلّحون لدى ميليشيا جيش الشرقية، وهم: 1ــ عمر صالح الأسمر (24 سنة)، 2ــ حبيب علي خلف (20 سنة)، 3ــ بلال أحمد العبود (24 سنة)؛ وبسجن المدعو “حسن الضبع أبو حبيب خشام” (55 سنة) مدة ثلاث سنوات، قابلاً للطعن والنقض؛ وذلك في قضية مجزرة جنديرس التي وقعت مساء 20 آذار/مارس عشية عيد نـوروز 2023، وراح ضحيتها /4/ شهداء من عائلة بيشمرك، بإطلاق النار المباشر عليهم.

وفي تقريرٍ مفصل نشرته منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 16/5/2023، أكّد شاهد عيان على أنّ المدعو “أبو حبيب خشام” أعطى السّلاح لابنه ومن معه، وكان يقف على بعد 25 أو 50 متراً عن موقع الجريمة؛ ويضيف الشاهد “حينما انتهى الثلاثة من إطلاق الرصاص على الضحايا الأربعة، توجهّ “حبيب” ومن معه إلى حيث يقف أبو حبيب وسلّموه السّلاح، فقال لهم: “اذهبوا الآن!”، فركب الثلاثة دراجة ناريّة وغادروا”.

وتفيد أقوال الشهود أنّ المدعو “أبو حبيب خشام” كان أول من أطلق النار، إلا أنّ المحكمة لم تأخذ بإفادات الشهود.

بدا واضحاً من الجلسات الأولى انحراف المحكمة عن مسار الحقوق والعدالة بالكامل، وأنها تتبع مخططاً معيناً لإصدار الحكم وفق تعليمات خارجية، وقد عمد محامي المتهمين إلى استفزاز عائلة الضحايا، كما تمّت عرقلة أفراد العائلة في طريق عودتهم من الراعي إلى عفرين من قبل الحواجز، لترهيبهم وتخويفهم.

الإفراج عن “أبو حبيب الخشام”

أصدرت محكمة الراعي مؤخراً قراراً بالإفراج عن المدعو “أبو حبيب الخشام” بحجة عدم كفاية الأدلة.

الإفراج عن مشارك في جريمة قتل بحجم مجزرة يتجاوز كونه استهتاراً بالقيم الأخلاقيّة والقواعد القانونية، ليكون بمثابة تهديد جديد باحتمال وقوع جريمة جديدة، لأنّ الجاني لم ينل العقوبة التي تردعه؛ ووفق هذا المعطى يُنظر إلى مسألة الإفراج عن المتسبب الأساسي بمجزرة نوروز 2023 المدعو “أبو حبيب خشام”.

أفاد مراسل عفرين بوست أنّ المشار إليه شوهد حراً طليقاً يتجول في ناحية جنديرس، في تأكيدٍ على إطلاق سراحه.

ويُنظر إلى إطلاق سراح “أبو حبيب خشام” وتجواله في مكان وقوع مجزرة شعلة نوروز 2023 المروعة على أنه تحدٍّ قانونيّ وأخلاقيّ ويخالف حتى العرف العشائريّ.  

“أبو حبيب خشام” كان يشغل منصب مسؤول أمنيّ في ميليشيا “جيش الشرقية”، وهو المتهم الأساسيّ في تنفيذ المجزرة، وولده “حبيب” هو أحد منفذيها، وكان “الضبع” موجوداً في مسرح الجريمة وتدخل في تنفيذها مباشرةً، أي كان له الإشراف والتوجيه المباشر لارتكاب الجريمة، ولولاه ربما لم ترتكب؛ ووفق قانون العقوبات السوريّ كان من العدل أنّ يُحكم بنفس عقوبة مرتكبي الجريمة، وفي الحد الأدنى إذا كان التدخل في الجريمة ثانوياً وكان من الممكن وقوعها لو أن التدخل لم يحصل، يُحكم بعقوبة أخف من عقوبة الفاعل، بالأشغال الشّاقة المؤبدة أو المؤقتة من 12 ــ 20 سنة إذا كانت عقوبة الفاعل هي الإعدام.

العودة إلى مكان الجريمة

إخلاء سبيل “أبو حبيب خشام” وعودته مباشرة إلى بلدة جنديرس وتجواله الاستعراضي في البلدة، يُشكّل مصدر خطر حقيقيّ، وبخاصة أن عائلة الشهداء (عائلة بيشمرك) تعرّضت لكثير من التضييق وحاول مسلحون من ميليشيا “جيش الشرقية” اغتيال فتى قاصر نجى من المجزرة بالاعتداء عليه ومحاولة دهسه. وبذلك ستتجدد مخاوف عائلة الشهداء وكذلك أهالي جنديرس الكُرد، ويُعدّ الإفراج عن “أبو حبيب خشام” مكافأة له، مقابل أنه عقوبة لعائلة الضحايا وأهالي البلدة الكُرد، كون الجريمة وقعت لدوافع عنصرية.       

نظراً لحجم المجزرة وتداعياتها، وخلفياتها العنصرية، وخروج مظاهرات احتجاجيّة في جنديرس وفي بلدان أوروبية تنديداً بها، وتداولها من قبل مختلف وسائل الإعلام وتقارير دوليّة وحقوقيّة ولجنة التحقيق الدولية المستقلة الخاصة بسوريا، والمطالبة الواسعة بإجراء محاكمة عادلة ومعاقبة الجنات والمشاركين معهم… لا يُعتقد أن إخلاء سبيل المدعو “أبو حبيب خشام” تمّ دون علم سلطات الاحتلال التركيّ، بل يُرجح بأوامر منها.

قانونيّاً في جرائم القتل، لا يتم الاكتفاء بعقوبة السجن، بل تفرض بحق الجناة عقوبات أخرى من قبيل منع الإقامة في المكان الذي وقعت في الجريمة والذي يعيش فيه أقرباء الضحايا حتى الدرجة الرابعة، وذلك لأنّ وجود الجاني في مكان وقوع الجريمة وسكن أقرباء المجني عليه يعد استفزازاً لهم. وكان يفترض أن تكون عقوبة “أبو حبيب” موازية لعقوبة منفذي الجريمة، باعتباره متدخلاً رئيسياً ومسهّلاً لارتكاب المجزرة، وكذلك منعه من العودة إلى مكان وقوع الجريمة والإقامة فيها. من جهة أخرى فإن عقوبة الإبعاد والترحيل بسبب ارتكاب جريمة قتل معروفة في العرف العشائريّ أيضاً.

ارتكاب جريمةٍ جديدة

بعد الإفراج عن المدعو “أبو حبيب خشام” ارتكب مسلحو الحاجز المؤقت لميليشيا القومة المشتركة “فرقة الحمزة، فرقة السلطان سليمان شاه- العمشات”، قرب قرية “جوقيه” شمال غربي مدينة عفرين جريمةً بحق مواطنيّن كرديين أسفرت عن استشهاد المواطن جمال محمد كولين علي (26 سنة)، وإصابة مرافقه المواطن محمد وليد عليكو (22 سنة)، وهما من أهالي قرية “داركير”، وكالعادة لجأت سلطات الاحتلال ممثلة بفرع الشرطة العسكرية إلى تغيير توصيف الجريمة وأنّ سبب إطلاق النار هو عدم توقف الشابين على الحاجز.

تشكل هذه البيئة من فوضى السلاح والإفلات الكامل من العقاب إزاء الجرائم المرتكبة بحق المواطنين الكُرد وتحريف الإجراءات القضائيّة، عوامل محرضة لوقوع المزيد من الجرائم.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons