عفرين بوست ــ متابعة
جاء احتلال القوات التركيّة لمناطق في شمالي سوريا عبر 3 عمليات عسكريّة، بالتنسيق المباشر بين موسكو وأنقرة، ولذلك فإنّ من انعكاسات الخلاف بينهما أن تشير موسكو إلى الاحتلال التركي وتطالب بإنهائه.
لم يحقق لقاء سوتشي في 4/9/2023، بين الرئيسين الروسي بوتين والتركي أردوغان أي إنجازات ملموسة بالنسبة للقضايا العالقة بين الطرفين، وفي مقدمتها تجديد اتفاقية تصدير الحبوب عبر تركيا.
وجاء اللقاء متزامناً مع أحدث قرى دير الزور والاشتباكات التي خاضتها قسد في سياق عملية تعزيز الأمن التي أطلقت في 27/8/2023، وكان أردوغان يتطلع إلى صيغة اتفاق مع موسكو تنعكس نتائجه على خرائط الانتشار في شمال وشرق سوريا. إذ يبدي الميدان السوريّ حساسيّة كبيرة إزاء العلاقة الروسية ــ التركيّة، في حالتي التوافق والاختلاف، ولذلك من المتوقع أن ينعكس الاختلاف الروسيّ ــ التركيّ على الميدان السوريّ.
موسكو منزعجة من مواقف أنقرة حيال أوكرانيا. وعدم الموافقة على اتفاق الحبوب يعني سحب ورقة الوساطة من الرئيس التركيّ. وإحباط مساعيه لتمديد صفقة الحبوب، رغم أنّ إلغاء صفقة الحبوب إجراء مُكلف لروسيا.
وقالت صحيفة النهار العربي في تقرير نشرته، أمس 10/9/2023: “فحوى رسالة بوتين إلى أردوغان هي أنّ عليه الاعتراف بالرئيس السوري بشار الأسد، وأن يُبرم صفقة معه مباشرة لحل مشاكله ذات العلاقة باللاجئين السوريين أو غيرها. لم يعرض بوتين على أردوغان أن تقوم روسيا بدور الوسيط مع الأسد- وهذا شكّل إفشالاً للتطلّعات التركية وامتعاضاً للرئيس التركيّ”.
وأضافت: أنّ الرئيس الروسي ذكّر الرئيس التركيّ أنّ “تركيا هي التي خلقت مشكلة اللاجئين، وأنّ عليها سحب قواتها من شمال سوريا… وعندئذٍ تتغيّر الأمور”. لم تأتِ هذه الكلمات من فراغ، وإنما من تغيير مهمّ في السياسة الروسيّة نحو تركيا، بالرغم من أنّ روسيا تساهم في شدّ الحبال حول عنقها، لأنّ تركيا ممر حيويّ للاقتصاد الروسيّ. إلاّ أنّ الديبلوماسية الروسيّة اليوم ارتأت أنّه لا يهمّها “قطع الأنف انتقاماً من الوجه”، كما يقول المثل، وإنما الأهم هو إبلاغ رئيس تركيا أنّه ليس في وسعه أن يلعب على الحبلين ويستفيد من ضعف روسيا.
وكان هاكان فيدان وزير الخارجية التركيّ قد قام بزيارة تحضيريّة إلى موسكو يومي 7 و8 سبتمبر الجاري، والتقى نظيره الروسي سيرغي لافروف ووزير الدفاع سيرغي شويغو، وتناولت المباحثات الملف السوريّ ضمن قضايا إقليمية ودوليّة أخرى.
وجدد لافروف الحديث عن أنّ موسكو اقترحت على أنقرة العودة إلى اتفاقية أضنة 1998، والتي تمنح القوات التركيّة صلاحية التوغل بعمق 5 كم في الأراضي السوريّة بالاتفاق مع الحكومة السوريّة. وقال لافروف «هذا الاتفاق لا يزال سارياً، ولم يندد به أحد… جميع وثائق أستانا تقول إننا جميعاً، بمن في ذلك إيران وتركيا وروسيا، نحترم سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وتركيا تؤيد دائماً هذه الوثائق».
وسبق أن طرحت موسكو العودة للاتفاقية، إلا أنّ أنقرة طالبت بصيغة معدلة لها تمنح قواتها التوغل لمسافة تتجاوز 30 كم، داخل الأراضي السوريّة.