عفرين بوست-خاص
قال المدعو “يحيى عريضي” المتحدث باسم ما يسمى هيئة التفاوض السورية التابعة للائتلاف المعارض التي يقودها تنظيم الاخوان المسلمين المصنف ارهابياً في الكثير من الدول، إنه من حق المستوطنين من غوطة دمشق أو من غيرها، أن يجدوا لأنفسهم أماكن للعيش فيها، سواء في عفرين أو في أي منطقة سورية أخرى.
ويحاول العريضي الذي كان يشغل منصب مدير القناة الثانية في تلفزيون النظام السوري على مدى سنوات، وهو منصب لا يكلف به إلا أعضاء حزب البعث الموالون بشدة لفكره، أن يبرر الاستيطان في عفرين، بحجة انها ارض سورية.
ويتجاهل العريضي أن أكثر من 25 ألف مسلح من المليشيات المعروفة بـ “الجيش الحر” التابعة في مجملها لتنظيم الاخوان المسلمين (المصنف ارهابياً في الكثير من الدول)، قد حملوا الاعلام التركية على اكتافهم وهو يهاجمون ارض سورية، بغية احتلالها وتهجير أهلها الكُرد.
ويتغافل العريضي عن ان عفرين كانت المدينة السورية الوحيدة التي وقفت في وجه الاحتلال التركي، في الوقت الذي استقبلت فيه بلدات سورية كثيرة في شمال حلب وادلب القوات التركية المحتلة وهي ترفع العلم التركي وتقدم لهم الزهور.
كما تناسى العريضي دعوة أكثر من 17 بلدة وقرية في ادلب للاحتلال التركي لاقتطاع الأراضي السورية وضمها إلى تركية، بحجة عدم سيطرة النظام السوري عليها، إضافة إلى دعوة تنظيم الاخوان المسلمين (المصنف ارهابياً في الكثير من الدول)، للاحتلال التركي بغية احتلال شمال سوريا بحجة المنطقة الآمنة.
وفي الوقت الذي تتباكى فيه المعارضة السورية وميلشياتها الإسلامية على ما تدعيه من تغيير النظام السوري للديموغرافية في دمشق وحمص وغيرها، يستطيب لهؤلاء احتلال عفرين وكفريا والفوعة وتغيير ديموغرافية تلك البلدات السورية، بحجة أنها ليست مع (الثورة) المزعومة!
وفي حديث مثير للاستهزاء، قال عريضي “هناك نظام مجرم يسعى بحماية روسيا والفعل الإجرامي للميليشيات الإيرانية إلى اقتلاع الشعب من مناطق سكناه، ويذهب به إلى أماكن أخرى، وهذا تطهير عرقي، وتطهير ديموغرافي”.
ويتجاهل العريضي اجرام النظام التركي والمليشيات الإسلامية التابعة لتنظيم الاخوان المسلمين، والتي كانت السبب في تهجير أكثر من 500 ألف من سكان عفرين الأصليين، إضافة إلى الاستيلاء على املاكهم وارزاقهم وبيوتهم، وسرقة كل مقتنياتهم.
ويحاول العريضي تسويق أكاذيب حول عودة المهجرين الكرد فيقول: “حسب ما يرد من أخبار، فإن هناك عودة للذين هجروا من عفرين، وكلك الذين مورس بحقهم الاضطهاد في وقت من الأوقات، فهم يعودون إلى أمكنتهم، كما تشير الأخبار إلى تشكيل مجالس محلية تُشكل في تلك المنطقة وتدار من قبل أهلها من الكرد والعرب والتركمان أو غيرهم”.
لكن تلفيقات العريضي تصدم بإحصائية أصدرها مجلس الاحتلال المحلي نفسه في عفرين المحتلة، والذي صدر الأسبوع الماضي، وأُظهر أن 23964 أسرة تعيش في عفرين، 35% منها من السكان الأصليين من الأكراد والعشائر العربية (علما ً أن الكرد تاريخياً يشكلون أكثر من 95% من مجموع سكان عفرين الأصليين).
ويُشكّلُ مستوطنو دمشق وريفها نسبة 35%، في حين يُشكّلُ مستوطنو حلب 13%، و5% من حمص، و3% من ديرالزور، 9% من بقية المناطق السورية.
ووفقاً لإحصائية مجلس الاحتلال (وهي إحصائية لا يعتد بها كونها صادرة عن جهة تتبع الاحتلال التركي)، يشغل السكان الاصليون الكُرد حوالي 50% من وظائف مديرية التربية، وتبلغ نسبة السكان الأصليين العاملين في المجال الطبي 25% من إجمالي الكوادر الطبية، ويشغلون نسبة 40% من وظائف المنظمات المرخصة، أما المسلحون المحتلون لعفرين فهم في غالبيتهم من المستوطنين القادمين من ارياف دمشق وحمص وحماه وادلب وحلب وغيرها.
ويشغل المعلمون المستوطنون من دمشق وريفها نسبة 30% من وظائف مديرية التربية، كما أحدثوا عدداً من المدارس الخاصة والمراكز التدريبية (والتي تدرس في مجملها المناهج الدينية المكثفة التي تحرض على التشدد والطائفية).
كما يهيمن المستوطنون من دمشق وريفها على المجال الطبي إذ يشغلون نسبة 40% من إجمالي عدد الأطباء وحوالي 45% من الكوادر الفنية الطبية.
وأكد مجلس الاحتلال في احصائه الذي نشره بغية الترويج لكون الكُرد باتوا اقلية في عفرين، أن نسبة المستوطنين من ارياف حلب 13%. كما يسيطر المستوطنون من ريف حلب في المجال العسكري، إذ أن أكثر من 70% من مليشيات “غصن الزيتون” التابعة لتنظيم الاخوان المسلمين (المصنف ارهابياً) هم من ريف حلب؛ كـمليشيات “الجبهة الشامية” و”فرقة الحمزة” و”لواء السلطان مراد” و”لواء المعتصم”.
ووفقاً لمجلس الاحتلال في عفرين، تحتل تلك المليشيات وتتقاسم مناطق النفوذ والهيمنة على الاحياء السكنية والأسواق، حيث من المعروف ان كل مليشيا تتعامل مع قطاعها (منطقة نفوذ مسلحيها) على انها الآمر الناهي في ممتلكات الأهالي وارزاقهم وبيوتهم، فبعد أن تم سرقتها بالكامل، يعمد المسلحون حالياً إلى تأجير المحال والبيوت للمستوطنين المستجلبين معهم من قبل الاحتلال التركي، لإحداث التغيير الديموغرافي.
ويتجاهل المستوطنون كونهم يشاركون مع الاحتلال التركي في تهجير شعب من ارضه، عندما ارتضوا ترك منازلهم، للاستيطان في منازل مُهجرين، بفعل ما ارتكبه أبنائهم من مسلحي المليشيات الإسلامية المعروفة بـ (الجيش الحر، الجيش الوطني، جبهة النصرة) بمختلف مسمياتها.
فعقب قرابة شهرين من المقاومة التي ابداها المقاتلون والمقاتلات الكُرد وشركائهم من باقي المكونات في “قوات سوريا الديمقراطية”، وفي ظل استمرار التخاذل الدولي، واستحالة استمرار المقاومة العسكرية امام الآلة العسكرية المتطورة لحلف الناتو، والقصف المتواصل للطيران التركي، أجبر المقاتلون الكُرد على الانسحاب من عفرين.
حيث أعلنت “الإدارة الذاتية” عن الانسحاب يوم الثامن عشر من مارس العام 2018، تجنيباً للمدينة والأهالي المزيد من الدمار والقتل الذي كان يخطط له النظام التركي، عبر مذابح كبرى داخل مركز مدينة عفرين بحجة محاربة “وحدات حماية الشعب”.
ومع إطباق الاحتلال العسكري التركي، كانت الصفقة التركية الروسية قيد الاستمرار، حيث وصلت جحافل من المستوطنين المتشكلين في غالبيتهم من عوائل مسلحي المليشيات الإسلامية التابعة في مجملها لتنظيم الإخوان المسلمين (المصنف ارهابياً)، من ريف دمشق كـ الغوطة وأرياف حمص وحماه وإدلب.
وتزامن وصول المستوطنين مع تهجير موجات كبيرة من أهالي عفرين وقراها، نحو شيراوا والشهباء، حيث هجرت اعداد كبيرة من السكان الأصليين الكرد في عفرين، تراوحت اعدادهم ما بين 350 ألف وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى أكثر من 500 ألف مواطن وفق تقديرات أخرى.
وارتضى هؤلاء المستوطنون التخلي عن أراضيهم والجري خلف الاجندات التركية الساعية إلى تمزيق اوصال السوريين وضربهم ببعضهم، ضاربين بعرض الحائط المبادئ الوطنية، ليساهم فعلهم ذاك في خلق حالة عداء لم يعهدها السوريون سابقاً، عبر توطين مكون في مكان مكون آخر بشكل مُخطط ومدروس من قبل الاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين.
ومع استمرار الاحتلال التركي، لم يكن المستوطنون أنفسهم بعيدين عن ارتكاب الانتهاكات بحق السكان الكرد الأصليين في إقليم عفرين، مما أكد أن هؤلاء لا يعارضون الأهداف التركية التي هجرت أكثر من 60% من سكان عفرين الأصليين، سعياً لإحداث تغيير ديموغرافي ومحو الهوية الثقافية والقومية لـ عفرين.