ديسمبر 24. 2024

عبد الحكيم بشار في عفرين بتعليمات ومهمة من الاستخبارات التركيّة لتجميل الاحتلال

عفرين بوست ــ متابعة

عفرين ليست محتلة وحسب، بل مغلقة أمام زيارات الوفود السياسية والإعلاميّة بالكامل، وفي هذه البيئة المفروضة، يستحيل أن يدخل عبد الحكيم بشار إلى عفرين دون موافقة الاستخبارات التركيّة ودون أن يصب هدف الزيارة جوهريّاً لصالحِ الاحتلال التركيّة والسياسة التي تفرضها على الإقليم الكرديّ المحتل.

وفق أيّ معيار كان سوريّ أو كرديّ أو سياسيّ وفي الحد الأدنى إنسانيّ، فإنّ أي زيارة لوفد سياسيّ أو إعلاميّ لا يمكنها تجاهل الانتهاكات التي يقوم بها مسلحو ميليشيات الاحتلال التركيّ في عفرين، والتي تتجاوز عمليات الاختطاف وانتزاع الملكيات بالقوة وسرقة المواسم بالقوة وحتى التغيير الديمغرافيّ إلى جرائم  القتل، ولا يمكن لشخص مثل عبد الحكيم بشار يتبوأ منصب نائب رئيس الائتلاف المعارض وبالوقت نفسه عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، أن يتجاهل مجزرة جنديرس عشية عيد نوزوز في 20/3/2023، ولا يقبل وفقاً لوظيفته الاكتفاء بتقديم العزاء بعد خمس أشهر من المجزرة.

زيارة للتعزية فقط

قام بشار يوم أمس 15 أغسطس2023 بزيارة عائلة بيشمرك وهم ذوو شهداء جنديرس، والتقى بأفرادها، وهم شقيق الشهداء “أشرف عثمان” وشقيقاتهم وزوجاتهم، وأبدى مشاعر الحزن والأسى حيال المجزرة وكذلك محاولة تصفية أحد أفرادها وهو الفتى نظمي أشرف عثمان، ولكنه لم يتناول مسألة مطالب العائلة التي تم توضيحها مرات عديدة خلال لقاءات إعلاميّة وإصرارها على محاسبة الجناة وتحقيق العدالة.

تهرب بشار من توصيف المجزرة التي وقعت بدوافع عنصريّة، ووضعها في سياق الأزمة السورية ومعاناة السوريين في مختلف المناطق بما فيها مناطق سيطرة الحكومة السوريّة والإدارة الذاتيّة، ليخلص إلى اعتبار المجزرة نتيجة طبيعية لمجمل الأزمة، واستفاض في الحديث عن مصاعب المعيشيّ في سوريا، ورغم أنّه في منزل عائلة فقدت أربعة من أفرادها بسبب فوضى السلاح وفقدان الأمن فقد أشار إلى إيجابية الدور التركيّ في إرساء الأمن والاستقرار، كما انتقد الكرد لضعفِ دورهم السياسيّ، رغم أنّه أحد شخصيات الواجهة السياسية الكرديّة.

أشارت عائلة الشهداء إلى حالة التضامن الشعبيّ العام معها وأنّهم تلقوا تعهدات من جانب رجال الدين، ووجهاء العشائر وممثلي المؤسسات الرسميّة التابعة للمعارضة في عفرين، بمحاسبة الجناة من مسلحي ميليشيا “جيش الشرقيّة” ومحاكمتهم وتأمين الحماية للعائلة، وسألت ما الدور الذي يمكن أن يقوم بصفته نائب رئيس الائتلاف وممثل المجلس الوطني الكُرديّ، وهل يمكنه تلبية مطالبهم عبر مؤسسات الائتلاف. ليرد بشار أن مهمته تقتصر على تقديم واجب العزاء دون أي تعهدات من أي نوعٍ. بالمقابل أكدت العائلة أن الباب سيبقى مفتوحاً لاستقبال المعزين، ولتقطع الطريق على مساعي بشار بإيجاد تسوية للقضية جددت العائلة موقفها بعدم التنازل عن مطالبها والتي هي بالوقت نفسه مطالب كلّ أهالي عفرين واستعدادها لتحمل تبعات موقفها.

وسبق أن أشارت “عفرين بوست” إلى أنّ قضية شهداء جنديرس موضوعة على أجندة زيارة عبد الحكيم بشار، وأن الغاية التوصل مع العائلة إلى صيغة تسوية، للحيلولة دون خروج مظاهرات احتجاجيّة تعلن رفض الاحتلال وتطالب بخروج المسلحين.  

البعد الاستخباراتيّ للزيارة

من نافلة القول إن أنقرة تذرعت لدى احتلال عفرين بالأمن القوميّ، وأوكلت متابعة تفاصيل الحياة فيها لجهاز الاستخبارات، ولإيجاد وقائع في المنطقة تتطابق مع ذرائعها، وزيارة عبد الحكيم بشار جاءت عبر أقنية استخباراتيّة، ولذلك يجب النظر إليها بصورةٍ مجهريّة أكثر تمحيصاً. ومن الجدير قوله إنّ سلطات الاحتلال لا تأخذ في اعتبارات حساباتها إلا التقارير الحقوقيّة الدوليّة وبخاصة بعد تداول وجود لجان مراقبة سريّة في عفرين توثق كل شاردة وواردة.

وسبق أنّ ذكر المعارض السوريّ كمال اللبوانيّ في مقطع مصور على قناة يوتيوب تم تداوله أوسط يوليو/ تموز الماضي، أنهم تمكنوا من الوصول إلى كامل الوثائق بالمخفيين قسراً لدى الميليشيات الأمنيّة والعسكرية والأمنيّة وسمّاها “سيزر تركيا”، وطرح قضية المخفيين قسراً في السجون التركية على الأراضي السوريّة، مؤكداً أنّ المحاسبة قادمة وأن البيانات ستتحول إلى ملفات دوليّة.

وتحدث اللبوانيّ عن السجون السريّة التركية على الأراضي السوريّة، وقال إنّها تابعة للاستخبارات التركيّة “الميت”، يديرها سوريون ولكنها تأخذ التعليمات مباشرة من الاستخبارات التركية وتابعة لها، وأنّ هناك عمليات خطف وإخفاء قسريّ في السجون السوريّة، حيث يتعرض المحتجزون لممارسات بشعة ترقى لجرائم حرب والمسؤول عنها السلطات السورية شكلاً، ولكنها ضمناً بأوامر تركيّة في المناطق التي تسمى “محررة”.

وسبق ذلك حديث للعميد المنشق أحمد رحال، في مطلع فبراير الماضي عن عمليات التحطيب الجائر في عفرين وأنّ قطع الأشجار في عفرين سيحول أراضيها إلى صحراء، وحذر رحال المسلحين ومتزعميهم من مغبة الاستمرار في ارتكاب الانتهاكات بكل أنواعها، وأنها لن تمضي بدون حساب، ووجّه حديثه للمسلحين ومتزعمي الميليشيات وقال: منذ أكثر من عام تشكلت لجان مخفية مهمتها جمع الأدلة والوثائق عن عمليات طرد الناس من بيوتها وكلّ عمليات الاختطاف وكل عمليات التغييب القسريّ والجرائم المرتكبة، وهناك أشخاص قُتلوا، والمواطنون الذين سجنوا بدون وجه حق، والأرزاق التي سُرقت، والأشجار التي قُطعت، وكل جريمة تقع، يتم توثيقها بالتفصيل. بالصوت والصورة والمقاطع المصورة. وأضاف: “قريباً ستجدون أنفسكم أمام المحاكم الدوليّة”، وستُدرج أسماؤكم على لوائح الإرهاب الدوليّ.

عبد الحكيم بشار هو الأنسب لأداء المهمة لاعتبارات عديدة، فهو يصف الانتهاكات في عفرين بأنها مبالغ فيها بنسبة 75%، وينكر وجود تغيير ديمغرافيّ، وفي لقاء تلفزيوني على شاشة قناة ARKTV في مارس 2021، وصف ما يحدث في إقليم عفرين الكردي من انتهاكات وتغيير ديمغرافي بـ “الأخطاء” التي يمكن التخفيف منها بوجود أعضاء المجلس الوطني الكرديّ الائتلاف في عفرين، واعتبر المستوطنين فيها مجرد نازحين بسبب الحرب

وفي 7/7/2021 نشرت آرك نيوز توضيحاً من عبد الحكيم بشار بأنّ تصريحاته حول الانتهاكات في عفرين والتغيير الديمغرافيّ جاءت في سياق ندوة حزبية في مخيم كوره كوسك، وأن حديثه تم اجتزاؤه للتشويه سمعته والإساءة إليه، وأنّ الحملة التحريضية ضده تقودها جهات منظمة تهدف منع اهالي عفرين من العودة الى ديارهم ودفع المتبقين فيها للهجرة. وقال إن الندوة كانت حزبيّة وليست للنشر.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons