عفرين بوست ــ متابعة
نشر موقع “سوريا على طول” تقريراً مطولاً بعنوان “عقارات مغصوبة في عفرين تباع بـ تراب المصاري”، تناول عمليات بيع العقارات غير القانونية في عفرين المحتلة.
وجاء في التقرير أنّ شخصاً يدعى “فراس ياسين”، ينحدر من جنوب دمشق اشترى بمبلغ 700 دولار أمريكي، اشترى مطلع العام الحالي، منزلاً غير مكسو، في مدينة عفرين، لينهي عامين ونصف من “التشرد والنوم في محطة الوقود التي يعمل فيها. ولم يشترِ ياسين المنزل، المكون من غرفتي نوم ومنافعها، من صاحبه الأصليّ أو وكيل عنه، وإنما من شخص مدني كان قد اشتراه من ميليشيا في “الجيش الوطنيّ” “استولت على البيت” لدى الاحتلال التركي لمدينة عفرين.
وأشار التقرير أنّ ياسين لا يملك ياسين وثائق رسميّة تثبت ملكيته أو تصون حقه مستقبلاً، ما يفسر انخفاض سعر المنزل الذي اشتراه، إذ يطرح “واضع اليد” المنزل للبيع بسعر التكلفة التي أنفقها لإصلاحه وترميمه، ويطلق عليه “بيت تكلفة”، وهو مصطلح متداول في سوق العقارات بعفرين.
تنتشر ظاهرة بيع منازل السكان الأصليين بأسعار بخسة في عفرين، منذ عدة سنوات، وتتراوح الأسعار بين 400 ــ3000 دولار أمريكيّ، وهي لا تعادل قيمة العقار الحقيقيّة. وتباع العقارات تحت اسم “بيت تكلفة” أو “فروغ” أو “بيوت حزبيّة”، أي تعود ملكيتها لأعضاء بحزب الاتحاد الديمقراطي (ب ي د).
رصد “سوريا على طول”، خلال شهري حزيران/ يونيو وتموز/ يوليو، العديد من الإعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات واتساب لمكاتب عقارية وأفراد، تطرح عقارات منازل في عفرين للبيع.
“بتراب المصاري”
لا يعرف فراس ياسين لمن تعود ملكية المنزل، ولكن الشخص الذي باعه أخبره بأنّ مالكه عنصر في “الحزب”، لتبرير الاستيلاء عليه. ودفع ياسين ثمن المنزل دون إبرام عقد، وهذا “متعارف عليه في عفرين”، كما قال، مشيراً إلى أنه لم يسمع عن “تراجع بائع عن عملية بيع، وبحال تم ذلك يكون بالتراضي ويعود المبلغ لصاحبه”.
وإذا عاد صاحب المنزل الأصليّ “يتم إقناعه بدفع تكاليف ترميم المنزل، أو تسليم عقد إيجار لشاغل المنزل، على أن تخصم الأجرة من تكاليف الصيانة والترميم”، بحسب ياسين، الذي دفع تكاليف الإكساء: تركيب النوافذ والأبواب، وطلاء الجدران، وتمديد أنابيب الصرف الصحيّ، إضافة لثمنِ المنزل.
يعلم ياسين أنَّ عملية بيع أملاك المهجّرين من عفرين بعد سيطرة الجيش التركي اعتداءٌ على أملاكهم وانتهاك لحقوقهم، ومع ذلك اشترى المنزل لـ ”ارتفاع أسعار المنازل المعروضة من أصحابها الأصليين، والتي تباع بشكلٍ قانونيّ”، مشيراً إلى أنّه “اعتاد على الخسارة”، ففي حال عاد صاحب المنزل الأصليّ “سأعطيه المنزل، وأعتبر أنّي استأجرت المنزل لعدة أشهر”. إذ إنّ المبلغ الذي دفعه ثمناً للمنزل تساوي أجرة منزل لعام واحد، قائلاً: “إيجار المنزل المتواضع لا يقل عن 50 دولار شهريّاً”.
كما ياسين، يدرك عبد الكريم الحمد، المنحدر من محافظة درعا في صيف 2018، أنّه سيخرج من المنزل الذي اشتراه من ميليشيا تابعة للجيش الوطني، عام 2021، كون “البائع ليس المالك الأصليّ”، كما قال، معترفاً أنَّ العقار “ليس حقي، وسأسلمه لصاحبه حال عودته”.
اشترى الحمد منزلاً مستقلاً (عربياً) في عفرين مقابل 1500 دولار أمريكي، أي بـ ”تراب المصاري” حسب تعبيره، بينما “قيمة المنزل الحقيقية أضعاف ما دفعت”، لكن بالنسبة له كان هذا الحل “مؤقتاً للتخلص من الإيجارات المرتفعة واستغلال المكاتب العقاريّة”. وعندما استلم الحمد المنزل تعهدت الميليشيا أن يبقى تحت حمايتها، ويمكنه إعادة بيع المنزل لشخص آخر شريطة أن يخبرها بعملية البيع”، بحسب قوله.
اعتداء بحق الطرفين
بعد ستة أشهر من شراء منزل، من طرف ثالث، اضطر أبو سعيد، المنحدر من محافظة درعا لإخلاء المنزل، عام 2021، بعد عودة مالكه الأصليّ، معتبراً أنّه تعرض لـ ”عملية نصب من البائع”، وهو متزعم في ميليشيا مسلحة.
اشترى أبو سعيد المنزل بصفته “غنائم” تعود لشخص من (قسد)، لكن بعد شراء المنزل بمبلغ 1300 دولار أمريكيّ، وإجراء صيانة له بحوالي 350 دولار، تبين أنّ ملكية البيت “تعود لرجل كرديّ طاعن بالسن، عاد إلى عفرين للمطالبة بأملاكه”. أعاد أبو سعيد المنزل لصاحبه “دون الحصول على تعويض”، ومع أنّه يدرك أن المنزل سيعود لصاحبه يوماً، لكن لم يتوقع بهذه السرعة، لذلك يراوده شعور بضياع حقه حسب تعبيره.
بعد مرور أكثر من خمس سنوات على سيطرة الميليشيات المدعومة من أنقرة على عفرين “ما تزال ظاهرة بيع منازل السكان الأصليين مستمرة، ولكنها ليست كما كانت عليه في السنوات الثلاث الأولى”، كما قال أبو أنس، صاحب مكتب عقاري في عفرين، مؤكداً أنّ بعض الميليشيات العسكرية هي التي تدير هذا السوق”. ومع أن تجارة هذا النوع من المنازل رائجة في عفرين، لكن أبو أنس، الذي رفض الكشف عن اسمه الحقيقي لدواعٍ أمنيّة، لا يتعامل بها “لتجنب ضياع حقوق الناس”، وفق تعبيره.
“نحن نضمن لك حقك”
رداً على منشور على “فيسبوك” يعرض عقارات للبيع في عفرين، علّق شخص قائلاً: “عندي بيت تكلفة [أي بسعر التكلفة] على دوار السرايا، بسعر نهائيّ 600 دولار”. تواصل مراسل “سوريا على طول” بالشخص، الذي ألمح إلى أنّ السعر قابل للتفاوض قليلاً، وأرسل تسجيلاً مصوراً للمنزل.
كذلك، يرسل أبو عبد الرحمن (اسم مستعار)، يوميّاً، على مجموعة “واتساب” تحمل اسم مكتبه العقاريّة، ما لا يقل عن خمسة إعلانات لمنازل للبيع بأسعار لا تتجاوز 2500 دولار، تعود ملكيّة العديد منها للسكان الأصليين المهجرين من المنطقة.
في السادس من تموز/ يوليو الحالي، أرسل أبو عبد الرحمن تسجيلاً صوتيّاً على مجموعته، قال فيه: “لدينا بيت على دوار نيروز طابق ثالث، مكون من ثلاث غرف ومنافعهم، مخدم بالماء والكهرباء”، البيت مكسو باستثناء غرفة واحدة دون إكساء، طالباً فيه مع عفشه (الفرش) 1600 دولار.
وبعد دقائق، أرسل تسجيلاً آخر، قال فيه “لدينا بيت في شارع السرفيس، أرضي مكون من غرفتين ومنافعهم، مخدم بالماء والكهرباء، بسعر 1800 دولار”، يشمل السعر عفش البيت أيضاً.
اتصل مراسل “سوريا على طول” بأبو عبد الرحمن، بصفته رجل يبحث عن منزل للبيع في عفرين، وطلب معرفة تفاصيل أكثر عن البيتين المعلن عنهما، بما في ذلك ملكيتهما، فردّ أبو عبد الرحمن “المالك الأصلي للعقارين غير موجود، والبيت بسعر التكلفة والتجهيز”، في إشارة إلى أنَّ المبلغ المطلوب ليس القيمة الحقيقيّة للعقار.
وأضاف أبو عبد الرحمن: “يشغل البيت حالياً شخص مدنيّ وليس عسكريّ، أنفق عليه بعض المصاريف للتجهيز ويريد بيعه”، وعرض أبو عبد الرحمن على مراسلنا رؤية المنزلين على أرض الواقع قبل شرائها.
ورداً على توثيق عملية البيع، قال أبو عبد الرحمن: “أنا أضمن لك حقك، سأعطيك ورقة بمثابة عقد بينك وبين البائع، نكتب فيها سعر التكلفة التي دفعتها”، موضحاً أنّه يبيع “التكلفة وليس البيت”، وبحال عاد صاحب العقار الأصلي “أضمن لك بأن تبقى في البيت حتى تسترد أموالك”، محاولاً الترغيب بالبيت بأنه “يبقى أوفر من الإيجار”.
في مجموعة “واتساب” ثانية، تحمل اسم مكتب عقاريّ آخر في عفرين، نشر أبو سامر (اسم مستعار)، صاحب المكتب، في الخامس من تموز/ يوليو، إعلاناً عن شقة في الأشرفية بمدينة عفرين، مجهزة حديثاً، ويصل إليها الكهرباء والماء “مكونة من ثلاث غرف نوم ومنافعهم، بسعر تكلفة 1200 دولار”.
اتصل مراسل “سوريا على طول”، بصفته رجل يبحث عن بيت للبيع، يريد معرفة المزيد من التفاصيل عن المنزل، فأجاب أبو سامر بأنّ “مالك العقار الأصليّ غير موجود، ولكن البيت يشغله مدني”، مشيراً إلى أنّ سعر البيع المطروح هو “سعر التكلفة”، المصطلح المتداول في عفرين حالياً.
وعلى غرار أبو عبد الرحمن، أرسل أبو سامر تطمينات مماثلة تتعلق بكتابة ورقة تثبت عملية الدفع مقابل “التكلفة”. كما أرسل فيديو يوضح المنزل وتوزيع الغرف بداخله.
لكن هذه التطمينات بمثابة “حبر على ورق”، لأنه “إذا عاد صاحب العقار الأصليّ وطالب بحقه عن طريق المحكمة، يجب أن يسترد حقه، وليس للمشتري أيّ تعويض”، كما قال محامي مختص بالملكية العقاريّة في عفرين لـ”سوريا على طول”، طالباً عدم الكشف عن اسمه لدواع أمنيّة.
وفي أفضل الأحوال “يمكن للمشتري أن يبحث عن الشخص الذي باعه، لكن في الغالب يكون البائع ميليشيا عسكريّة، وهذا يعني أنه لن يسترد حقه”، بحسب المحامي.
وأوضح المحامي أنّ مشكلة بيع العقارات بدعوى أنها “بيت حزبية” منتشرة في عفرين، وهناك “العديد من المنازل التي بيعت عدة مرات من شخص إلى آخر” دون علم أو موافقة صاحبها الأصليّ.
معركة استعادة العقار
قبل عام 2011، كان الكرد يشكلون 92% من سكان عفرين، البالغ عددهم آنذاك 200 ألف نسمة، لكن حالياً يشكلون حالياً أقل من 20% فقط.
يواجه الكرد، على وجه الخصوص، مشاكل عقارية واسعة في استعادة ملكياتهم السكنية والتجارية، سواء الذين رفضوا الخروج من عفرين إبان سيطرة ميليشيا الجيش الوطني المدعومة من أنقرة على المنطقة، أو الذين عادوا بعد سنوات من العملية.
منذ أكثر من خمس سنوات يخوض الدكتور أحمد سليمان، (55 عاماً)، وهو مواطن كردي، “معركة” ضد الميليشيات لاستعادة أملاكه العقاريّة في عفرين، حيث يقيم حالياً.
بعد أسابيع من احتلال عفرين، تقدم سليمان بشكوى قانونية إلى الشرطة الحرة في عفرين، واستعاد محلاته التجارية، التي استولى عليها متزعم في ميليشيا “لواء الشمال”، وفي حزيران/ يونيو 2018، اختطف “سليمان بتهم “كيدية”، من قبيل “الرشوة، عميل لروسيا، حيازة شهادة مزورة”، للضغط عليه وغصب أملاكه مجدداً “وهو ما حصل فعلاً”، كما أفاد.
في فترة احتجازه استولت ميليشيا “الحمزة”، على مزرعة سليمان التي تضم منزله أيضاً، بما فيها من أثاث ومعدات زراعيّة، تقدر قيمتها بنحو 20 ألف دولار، وطُردت زوجته فيدان باكير منها. وبعد خمسة أشهر، أُفرج عن سليمان وبقيت أملاكه مغصوبة، ليتابع معركته لاستردادها، عبر “لجنة رد المظالم”، وهي لجنة تشكلت في أيلول/ سبتمبر 2020، وحلّت اللجنة نفسها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2022.
بعد ثلاث سنوات من إطلاق سراحه، استعاد سليمان المحلات التجاريّة عن طريق لجنة رد المظالم، لكن دون الحصول على أيّ تعويض عن السنوات الثلاث الماضية، التي استثمرت فيها ميليشيا “لواء الشمال” المحلات كشركة للصيرفة.
وما تزال مزرعته الواقعة على أطراف مدينة جنديرس تحت سيطرة ميليشيا “الحمزة”، فيما يسكن مع زوجته في شقة صغيرة بمدينة عفرين، استأجرها قبل أربع سنوات، بحسب قوله.
في قصة مشابهة، استولت ميليشيا “الوقاص”، على منزل والد سيامند (اسم مستعار)، في منطقة راجو بعد سيطرتهم على المنطقة، وطردوا العائلة منه، كما قال لـ”سوريا على طول”.
في عام 2021، غادرت ميليشيا “الوقاص” القرية، التي يقع فيها منزل عائلة سيامند، لتحل محلها ميليشيا “سليمان شاه/ العمشات”، سيئة الصيت، التي حلت في القرية والعقارات التي كان يشغلها الميليشيا السابقة. ولاحقاً، طالبت العائلة باستعادة المنزل، إلا أنّ “العمشات” اشترطت عليهم دفع مبلغ ألفي دولار للسماح لهم بالعودة إلى المنزل، لكن العائلة عاجزة عن تأمين المبلغ.
تشعر عائلة سيامند بحرقة، إذ بينما يجتمعون جميعاً في منزل صغير لسيامند، ويسكن مسلح من ميليشيا “العمشات” منزلهم الكبير، على حد قوله.
البيع بالوكالة
أمام الانتهاكات بحق الملكيّة العقارية لأهالي عفرين المهجّرين، حاول العديد من الكرد المهجرين بيع ممتلكاتهم، باعتبار هذا الخيار أخف الأضرار بالنسبة لهم، ليجدوا أنفسهم أمام مشكلات عقاريّة أيضاً، كون أحد أطراف عملية البيع غير موجود في المنطقة، ولعدم وجود سجل عقاريّ عفرين.
حتى قبل عام 2011، كان السجل العقاريّ لعفرين في مدينة حلب “رغبة من النظام في إحكام قبضته على عمليات البيوع العقاريّة في المناطق الحدوديّة بفرض نظام الموافقات الأمنيّة”، بحسب المحامي المقيم في عفرين.
وتسبب غياب سجل عقاريّ في عفرين، بعد احتلالها في تفاقم المشاكل العقاريّة وتراكمها، لا سيما في ظل غياب نسبة كبيرة من السكان الأصليين، لذا كانت عمليات البيع للبيوت غير المسلوبة من أصحابها، تجري “عبر وكالة محامي، إذا كان مالك العقار خارج المنطقة”، بحسب المحامي، مشيراً إلى أنّ “وكالة المحامي هي وكالة قضائيّة، أي غير معتمدة في الدوائر العقاريّة”، وبالتالي “يمكن للمحامي الإقرار بعملية البيع، والذهاب للمحكمة للإقرار بذلك، لكن لا يستطيع توثيق الملكية في السجل العقاريّ”.
ونتيجة عدم وجود سجل عقاري في عفرين “لا توجد دعاوى تثبيت ملكية” في قضاء عفرين، التابع للميليشيا المدعومة من أنقرة، لأنّ “دعوى تثبيت الملكيّة تحتاج إلى إشارة دعوى على صحيفة العقار، وهي في الأساس غير موجودة”.
لذلك، كل عمليات بيع العقارات، عبر وكالة محامي، في عفرين، “غير صحيحة من ناحية قانونيّة، ولا يعتمد عليها في إثبات الملكيّة”. ما يعني أنّ “العديد من المشاكل العقاريّة لن تظهر جلياً حالياً، وإنّما ستظهر لاحقاً بعد عودة سيطرة السكان الأصليين أو تغيّر القوى المسيطرة أو عند فرض حلٍّ سياسيّ”.
واستشهد المحامي بالأزمة العقاريّة التي شهدتها الغوطة الشرقيّة بريف دمشق، بعد سيطرة النظام عليها في آذار/ مارس ونيسان/ أبريل 2018. إذ بعد سيطرة النظام على الغوطة، لم يعترف بعمليات البيع رغم أنّها كانت موثقة في السجل العقاريّ بمدينة دوما، (التابع للمعارضة)، الذي “اعتمد في عمله على السجل العقاريّ للنظام الذي كان موجوداً في الأصل”. ومن باب أولى أن تواجه عفرين مشكلة عقارية أكبر مع غياب السجل العقاري فيها.
سجل عقاري مؤقت
كشف مصدر مسؤول في إحدى دوائر السجل العقاريّ بريف حلب الشمالي، أنّه تقدم مع مجموعة من المحامين بمقترحات وحلول تتعلق بتأسيس سجل عقاريّ مؤقت في عفرين، من أجل “تثبيت الملكيات استناداً إلى المستندات المسلمة من قبل صاحب العقار بعد التأكد منها، وعبر الاستعانة بالخبراء، وهي تجربة طبقت في اعزاز وأثبتت نجاحها”، كما قال، طالباً عدم الكشف عن اسمه.
وأشار إلى وجود مكتب سجل عقاريّ يتبع للمجلس المحلي في عفرين، ولكنه “غير فعّال”، وهو ما أكّده أيضاً المحامي من عفرين. الذي اعتبر أنّ “منع إنشاء سجل عقاريّ في عفرين أمر ممنهج”، قائلاً: “هناك من لا يريد تفعيله”.
تعليقاً على ذلك، قال المحامي محمد حاج عبدو، مدير المكتب القانونيّ في المجلس المحلي بمدينة عفرين، إنّ “المجلس لا ينظم عمليات البيوع العقاريّة، سواء كان أصحابها موجودين أو غير موجودين”. مشيراً، إلى أنَّ البعض تقدم لهم بشكاوى “ظناً منهم أنّنا جهة مختصة بمقاضاة من يبيع أملاك أقاربهم”.
وبرر حاج عبدو عدم إشراف المجلس على عمليات نقل الملكيّة في المنطقة إلى “الفوضى وغياب الصحيفة العقاريّة، ووجودها لدى النظام”، إضافة إلى “انتشار التزوير ووقوع الكثير من المالكين تحت الخوف أو التهديد”، موضحاً أنَّ دور المكتب العقاريّ التابع للمجلس المحليّ “يقتصر على تنظيم عقود.
الإيجار
منعاً لمزيد من التعقيدات العقاريّة، نصح المحامي من عفرين “كل شخص يريد شراء عقار، أن يشتريه من المالك الأصليّ، لضمان حقه سواء بقيت سلطات الأمر الواقع أو تغيرت”.
من جانبه، شبه حاج عبدو المكاتب العقارية التي تتاجر بأملاك المهجرين بـ”محلات بيع السلاح”، مؤكداً أنّها “غير مرخصة، ولكن لا نستطيع إغلاقها، لأنّه ليس للمجلس قوة تنفيذيّة تفرض تطبيق القرارات الإداريّة الصادرة عن المجلس”.
تعد الانتهاكات العقارية في عفرين تجاوزاً للعهود والمواثيق الدولية، كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية وغيرها من المواثيق التي تؤكد على “الحق بالملكية، ومنع حرمان أي شخص من ملكه تعسفاً”، كما قال رياض علي، مستشار قانوني في منظمة “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة”، التي تعنى بتوثيق الانتهاكات في شمال سوريا، لافتاً إلى أن “نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 اعتبر مثل هذه الانتهاكات في حالات الحروب بمثابة جرائم حرب”.