نوفمبر 22. 2024

أخبار

“حلب ضمن حدود ميثاقنا الوطنيّ”.. تصريح وزير الداخلية التركي صويلو رفضٌ للانسحابِ وتأكيدٌ لاستمرار الاحتلال

عفرين بوست ــ متابعة

جدّد وزير الداخلية التركيّ، سليمان صويلو، موقف حكومة الاحتلال التركيّ من مسألة ترحيل اللاجئين السوريين المقيمين على الأراضي التركيّة، وأكّد أنّه لا يمكن إرسالهم إلى الموت، وذلك في أول تصريح له حول مسألة اللاجئين السوريين بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية الأحد 14/5/2023.

حديث صويلو جاء خلال لقاء مع قناة 100TV، مساء 17 مايو، وقال إنَّ الحكومة التركية لن تجعل من تركيا “مستودعاً للاجئين، لكن السوريين إخواننا، ولا يمكننا إرسالهم إلى الموت، مع وجود فرصة لإرسالهم إلى المناطق الآمنة، حيث سيتم بناء 240 ألف منزل في المنطقة ستستقبل مليون شقيق سوريّ”.

وحول مطالب المعارضة بترحيل اللاجئين السوريين، أكّد صويلو أنَّ معظم السوريين الذين لجأوا إلى تركيا هم من حلب، مشيراً إلى أنَّ “حلب هي ضمن حدود ميثاقنا الوطنيّ، أي إن هؤلاء هم شعبنا”. وأضاف: “كسياسة دولة، عارضت جمهورية تركيا دائماً تجنيس مواطنين تركمان سوريين وعراقيين. لكن ذلك تحوّل إلى مشكلة لذا قمنا بمنحهم الجنسية فهم إخوتنا”.

وذكر صويلو أنّ 553 ألفاً و335 من إخواننا السوريين عادوا طوعيّاً إلى المناطق الآمنة حتى الآن”، وأن “آفاد” وضعت خططاً لإعادة المزيد، بدون أيّ تكاليف من خزينة الدولة وبالتعاون مع المانحين الدوليين.

وأضاف: “لدينا عقد مع صندوق قطر. تم بناء مبانٍ حديثة للغاية. إذا عاش الناس هناك لفترة معينة، فستكون المنازل ملكهم”.

والمعروف أنّ وزير الداخلية التركيّ سليمان صويلو هو أكثر المسؤولين الأتراك زيارة للمناطق المحتلة في سوريا (عفرين، إعزاز تل أبيض، وإدلب)، ولا تقتصر زيارته على القضايا الأمنية بل تتعداها إلى مسائل بناء التجمعات الاستيطانية واللقاء بالفعاليات التجارية والاقتصاديّة، وفي زيارته الأخيرة إلى بلدة الرعي في 13/11/2022 تجول في أنحائها دون مرافقة من مسؤولي ما يسمى “الحكومة المؤقتة” والمجلس المحليّ ووجه خطابهم لهم باللغة التركيّة.  

وجاء حديث الوزير صويلو في فترة التحضير للجولة الثانية للانتخابات الرئاسيّة للتأثير ليرد على المعارضة التركيّة وفي مقدمها زعيم حزب الشعب الجمهوريّ والمرشح الرئاسيّ كمال كيليشدار أوغلو الذي أكد مراراً على مسألة إعادة اللاجئين السوريين، فيما يتطلع حزب العدالة والتنمية استثمار القضية انتخابيّاً.

من المؤكد أنّ صويلو أراد بتصريحه الظهور بمظهرِ القوة، ليستقطب الناخبين الأتراك، بعد حسم نتيجة الانتخابات البرلمانيّة لصالح تحالف حزبه، ليرفضَ مطالب دمشق بانسحاب القوات التركيّة من المناطق السوريّة شرطاً لمواصلة المسار التصالحيّ والتطبيع مع أنقرة.

وفي مقطع مصور نشره كيليشدار على صفحته على موقع تويتر 17 مايو، قال: إنّه لن يترك الوطن لهذه الذهنية (في إشارة إلى سياسة أردوغان) التي ستساهم بزيادة عدد اللاجئين في تركيا من 10 ملايين إلى 30 مليوناً بالفترة المقبلة. وأضاف: أنَّ ارتفاع عدد اللاجئين من شأنه أن يهددَ التركيبة السكانيّة الديمغرافيّة لتركيا.

الميثاق المليّ

يذكر أنّ الحديث عن الميثاق المليّ تكرر في مناسبات عديدة على لسان المسؤولين الأتراك، ويقصد به استعادة المناطق التي لم يعترف مجلس المبعوثان العثمانيّ بخسارتها، ففي 12/1/1920 أمر مصطفى كمال بعقد البرلمان العثمانيّ، وبعد عدة جلسات، أعلن المجلس في 28/1/1920، عن وثيقة باسم الميثاق المليّ (الرؤية الوطنيّة)، حددت حدود تركيا الجديدة بعد سقوطِ الدولةِ العثمانيةِ، وحدد الميثاق الملّي تلك المناطق كما في جاء نصه: “المناطق التي تسكنها غالبية تركيّة مسلمة فهي تعتبر وطناً للأمة التركيّة”. ويقصد شمال سوريا والعراق (إقليم كردستان العراق)، كما اعتبر الميثاق مناطق تراقيا الغربيّة، وجزر بحر إيجة، إضافة إلى جزيرة قبرص بالكامل جزءاً من تركيا.

أثارت الخريطة المنبثقة عن “الميثاق المليّ” غضب الحلفاء. وقامت القوات اليونانيّة بالهجوم على الخط الغربيّ من الأناضول في 3/3/1920، واحتل الحلفاء العاصمة العثمانية إسطنبول في 19/3/1920.

يتعمدُ المسؤولون الأتراك الحديثَ علناً عن التاريخ العثمانيّ، لأنّها كانت رافعة وصولهم للسلطة، واعتباره الأساسَ التاريخيّ المتين للأتراك، وأنّها كانت إمبراطوريةً مترامية الأطرافِ، وبضعفها ولدتِ الجمهورية التركيّة لتكونَ شكلاً من الاختزالِ والتقزيم، وتكرر الحديثُ عن مشروعٍ عثمانّي بالمنطقة على لسانِ أوائل المؤسسين لحزب العدالة والتنمية قبل التأسيس، وكان عبد الله غول أول من تحدث عنه عام 1992، وقال “أرى أنَّ هذه النقاشات حول المفاهيم، مثل الجمهورية الثانية أو العثمانيّة الجديدة، صحيّة جداً”.

العدالة والتنمية وأسطوانة الميثاق المليّ

ويبدي مسؤولو حزب العدالة والتنمية رفضهم لاتفاقية سيفر في 10/8/1920 ومن بعدها اتفاقية لوزان في 24/7/ 1923، والتي رسمت حدود الدولة التركية الحالية.

وفي عام 2003، وبعد وصوله إلى السلطة، قال عبد الله غول في حوار مع صحيفة تركيّة “إن خلق تركيا داخل الأناضول وحبسها هناك غير وارد؛ حدود تركيا الكاملة ليست الحدود الرسمية تأثير تركيا ومصالحها يتخطى حدودها”.

في 8/8/2011، قال أردوغان، وكان رئيس الوزراء: “سوريا ليست مسألة خارجيّة بل نراها شأناً داخليّاً تركيّاً”.

وفي 15/7/2012، قال أردوغان: “يسألوننا عن أسباب انشغالنا بسوريا؛ الجواب بسيط للغاية، لأنّنا بلد تأسس على بقية الدولة العثمانيّة العليّة. نحن أحفاد السلاجقة، نحن أحفاد العثمانيين، نحن على امتداد التاريخ أحفاد أجدادنا الذين ناضلوا”.

بعد فشل مشروع الإسلام السياسيّ في مصر والإطاحة بالرئيس المصري محمد مرسي في 30/6/2013، طرأ تغيير على الخطاب السياسيّ للمسؤولين الأتراك، وتحول من العناوين العثمانيّة العريضة إلى الميثاق المليّ، وبدأ ذلك بوضوحٍ بعد نحو شهر من الاحتلال التركيّ لمدينة جرابلس الحدوديّة في 24/8/2016،

في 19/10/2016 وبعد رفض الحكومة العراقيّة مشاركة تركيا في عملية تحرير مدينة الموصل من تنظيم “داعش”. ردّ الرئيس التركيّ أردوغان، في لقاء دوريّ مع “المخاتير الأتراك”، على القرار العراقي بالقول: “عليهم قراءة الميثاق الملّي ليفهموا معنى الموصل بالنسبة لنا”، والقول: “الموصل كانت لنا”. بعد الرفض العراقيّ لمشاركة تركيا في عملية تحرير الموصل، صرح أردوغان: الموصل كانت لنا!

وقال أيضاً: “إذ نعيش الأحداث في سوريا والعراق، فإنَّ الجيل الجديد يجب أن يعرفَ جيّداً شيئاً؛ عجباً ما هو الميثاق الملّي، يجب أن نعرف هذا جيداً، إذا درسنا “الميثاق الملّي” وإذا فهمنا الميثاق الملّي فإننا نفهم جيّداً مسؤوليتنا في سوريا والعراق، وإذا كنّا نقول علينا مسؤوليّة في الموصل، فمن أجل ذلك علينا أن نكون على الطاولة وفي الميدان، ولهذا هناك سبب، للأسف لم نستطع أن نحميَ ميثاقنا الملّي على حدودنا الغربيّة أو الجنوبية، هم أرادوا أن يحبسونا داخل قشرة، وهذا المفهوم نحن نرفضه، هم يريدون منذ عام 1923 أن يحبسونا في هذا المفهوم من أجل أن يجعلونا ننسى ماضينا السلجوقيّ والعثمانيّ”.

وفي مناسبة أخرى قال: “لم نستطع أن نحميَ ميثاقنا الملّي. إذا تأملنا جيداً في التطورات في سوريا والعراق هناك شيء أريد أن أقوله، نحن يتحتم علينا أن نكون من جديد أصحاب الميثاق الملّي”.

وتروّج أنقرة لعنوان “المنطقة الآمنة” على أن تُسكنَ فيها سوريين موالين لها ليسوا من أبناء تلك المناطق، وهم اللاجئون الذين قضوا أكثر من عقدٍ من الزمن على أراضيها، يُضاف إليهم المستوطنون الذين جيء بهم من مختلف أنحاء سوريا إلى تلك المناطق. وفي هذا السياق أعلن الرئيس التركيّ في 4/5/2022 خطة إعادة مليون لاجئ سوري إلى ما سمّاها “المنطقةِ الآمنة”، وهي بالحقيقةِ جزءٌ من خارطة “الميثاق الملي”، أي تثبيت واقع الاحتلال بالتوطين.

في 11/1/2018 وقبل العدوان التركيّ على عفرين قال أردوغان في اجتماع في المجمع الرئاسيّ أنّ “شمال سوريا كانت ضمن حدود الميثاق الملّي، ولن نسمح بقيامة كيان إرهابيّ هناك”. وفي 24/1/2018 قال: “لا تنسَوا حساسيتنا تجاه حدود الميثاق الملّي. حدود الميثاق هي حيث يوجد الآن الإرهاب في شمال سوريا وشمال العراق”.

في 7/1/2019، تحدث وزير الداخليّةِ التركيّ سليمان صويلو في مقابلة تلفزيونيّة مع قناة “خبر تورك” عن منطقة الميثاقِ الملّي في معرضِ حديثه عن اللاجئين السوريين في تركيا وعن الأزمةِ السوريّة، فقال: “إنّ 62% من اللاجئين السوريين في تركيا جاؤوا من أراضي حدود الميثاق المليّ. وفي معركة “جناق قلعه” سقط 1102 شهيد من سوريا. ومنذ عام 2011 قدّمت تلك الأراضي من أجل بلادهم 71 ألفاً و923 شهيد، ولا يمكن بعد هذا أن نقول ما الذي يفعلونه هنا”.

في مطلع شباط 2020 انتقد زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو وجود تركيا في سوريا بعد مقتل 16جندياً تركياً في إدلب قائلاً: “أي شأن لنا هناك؟” فرد عليه أردوغان في 5 شباط رابطاً الوجود التركيّ في سوريا بحدود الميثاق الملّي وقال: «هل يعرف كيليشدار أوغلو أن توقيعَ مصطفى كمال موجودٌ على الميثاقِ الملّي”. في 15/2/2020 وأضاف: “إنّنا مستعدون للموت على هذا الطريق في إدلب، وسوف يتحوّل النظام بضربةٍ واحدةٍ إلى جثّةٍ”.

وفي تصريح مثير للجدل قال وزير الداخلية التركي، سليمان صويلو، في 21/7/2021 مبرراً العمليات العسكريّة: “إنّ “الأيام التي نذهب فيها إلى العراق وسوريا سيراً على الأقدام من هنا ليست بعيدة، فهي قريبة بإذن الله”.

وفي مقابلة على شاشة TGRT التركية، في 5/5/2022، وفي معرض الحديث عن اللاجئين السوريين والمطالبات بإعادتهم إلى سوريا، وقال سليمان صويلو: “يقولون أعدهم إلى سوريا، لنعدهم إلى حلب ولنرَ ما سيحدث بهم”.

بالمجمل إثارة مسألة الميثاق هي مخطط توسعيّ احتلاليّ، بتكلفة منخفضة جداً، يتم الاعتماد في تنفيذها على سوريين من التركمان والإخوان المسلمين وقد أنشأت أنقرة منهم جيشاً “انكشاريّاً” ليكونَ أداةَ التنفيذ.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons