نوفمبر 14. 2024

أخبار

ملف || قرية كمرش… التحول من جغرافيا الغابات إلى مركزٍ لتجميعِ الحطب في ظل الاحتلال التركيّ

عفرين بوست ــ خاص

Kumreşê ، كُمْرَش (كُم رَش): الترجمة الحرفية للاسم هي “القبعة السوداء”. ولا تعرف تحديداً دلالة الاسم.

قرية صغيرة تجاورها مباشرة قرية كُريه Kurê، تبعد عن بلدة راجو 7 كم باتجاه الجنوب الغربي وعن مدينة عفرين 30 كم، وتقع على السفوح الغربية لكتلة جبل “عَتمانا “. وتشرف على سهل العمق في الغرب. موقعها حراجي جبليّ شديد الانحدار وذات طبيعة خلابة. ويعود تاريخ القرية إلى 350 سنة.

يتجاوز عدد سكان القرية 600 نسمة من الكرد، يعمل الأهالي بالزراعة البعليّة (الزيتون، الحبوب، البقول) على معظم الأراضي، إضافة إلى مساحة محدودة للزراعة المروية من النهر الأسود (قطن، خضروات، عباد الشمس، أشجار مثمرة)، كما يعمل الأهالي بتربية المواشي.

تعرضت القرية للقصف في 17/1/2018، أي قبل بدء العدوان التركيّ، وشهدت خلال العدوان اشتباكات عنيفة، كما تعرضت للقصف المدفعيّ والجويّ، وأصيب خلال العدوان المواطن عمر محمد. ونتيجة القصف أصيب عدد من المنازل بأضرار جزئية، وتم تدمير المدرسة الابتدائية (مدرسة سندره- كُريه) بالكامل.

نزح كل الأهالي أثناء العدوان، وعاد تدريجياً بعد الاحتلال وبلغ عدد العائدين نحو 50 عائلة، ما يعادل 200 نسمة، وتم توطين نحو 30 عائلة ما يعادل 175 نسمة.  

وفي سياق تعميق التغيير الديمغرافيّ والثقافيّ ودمج المستوطنين، عمدت سلطات الاحتلال التركيّ إلى تغيير اسم قرية كمرش إلى “جرما”، ودونت ذلك في بطاقات التعريف (البطاقات الشخصيّة) في خانتي مكان الولادة والإقامة. ومن القرى التي تم تغيير أسمائها (عتمانا- عثمانية، شديا- شيخ علي، دمليا- دلنبر).

تُسيطر على قريتي كمرش وكوريه ميليشيات “الحمزات”، ولم يسمح المسلحون للأهالي بالعودة إلى بيوتهم لأكثر من شهر حتى أواسط أبريل 2018، فكانت كل المنازل قد تعرضت للسرقة، وسرقت منها المؤن والأدوات النحاسية وأسطوانات الغاز وشاشات التلفاز والأدوات والتجهيزات الكهربائية ومجموعات الطاقة الشمسية وغيرها، ومحتويات المسجد من السجّاد وأجهزة الصوت وغيرها، فأُعيد تجهيزه فيما بعد، علاوةّ على كامل محتويات المنازل المستولى عليها، كما سرقت الآليات ومنها سيارة المواطن يوسف حسكو وجرار زراعيّ للمواطن أنور حبو وجرار مع سيارة لعائلة المرحوم عمر حسن، بالإضافة إلى محوّلة وكوابل ومعظم أعمدة شبكة الكهرباء العامة وللخط الرئيسيّ /3 كم/ الممتد من قرية “قده” المجاورة.

الاعتقالات والاختطاف

تعرّض الأهالي لمختلف أنواع الانتهاكات، من اختطاف واعتقال تعسفي وتعذيب وإهانات وابتزاز مادي وغيره، وبدأت عمليات الاختطاف بمجرد السيطرة والاحتلال، ففي 19/3/2018، اُختطف المواطنان محمد حمو بن عمر، حسن حمو بن حميد (حسن سارو)، وذلك لدى مراجعتهما سلطات الاحتلال في بلدة ميدان أكبس أثناء رحلة العودة إلى بيوتهم، وأُخفيا قسراً في سجن بلدة الراعي السيئ الصيت لأكثر من سنتين وتسعة أشهر، ونُقلا في آخر شهرين لاحتجازهما، ليفرج عن محمد في مطلع فبراير 2021م وعن حسن في 16/3/2021.

إضافة لاختطاف المواطن شيخ عمر حسكو بتاريخ 4 ديسمبر 2018.

في مطلع يناير 2019 اعتقلت ميليشيا الشرطة العسكرية المواطن الكردي رشيد حسن حمو (53 سنة) من مكان عمله في شركة مياه في المدينة. والمواطن رشيد يقيم في مدينة عفرين ــ حي المحمودية، واعتقلت في اليوم نفسه شقيقه المواطن محي الدين حمو من منزله الكائن في بلدة راجو.

9/11/2019، تم اعتقال المواطنة صديقة علي كور نعسان مدة ثمانية أيام، والمواطن حميد سارو من قرية كمرش مدة ثلاثة أيام، في مركز ناحية راجو.

6/8/2020 اعتقلت الاستخبارات التركيّة الشاب الكُردي رياض حسن حمو (42 سنة)، وذلك من منزله الكائن في مركز ناحية راجو واقتادته إلى جهة مجهولة. ويعمل الشاب رياض في مخبز البلدة.

17/12/2021 داهمت الاستخبارات التركية منزل المواطن رشيد منان سيدو الملقب “أحمد شعا” في الحارة التحتاني بمدينة جنديرس وقامت بتفتيشه واعتقلته. ويعمل رشيد في مجال تجارة الزيت، واقتيد إلى سجن للاستخبارات التركيّة في قرية أغجلة.

5/11/2021، سرقة ثمار /25/ شجرة زيتون عائدة للمواطن حميد سارو، من قبل مسلَحي ميليشيا “فرقة الحمزة”.

استيلاء على الحقول وسرقة المواسم وإتاوات

فُرضت على الأهالي إتاوات مختلفة على مواسم انتاج أملاك الغائبين والمتواجدين، وتعرضت أشجار الزيتون للقطع للاتجار بالحطب، وكذلك أشجار الغابة الحراجيّة في عدة مواقع، “وادي نَعنَعه، سَرخرابا، شكيريه…” وأشجار المزار الإسلامي وأشجار توت معمّرة وسنديان وكذلك أشجار “الشمسيّة” في فناء المنازل، بغية التحطيب والاتجار به. وتعرضت الغابة لعمليات الحرق المتعمد، وقطعت معظم أشجار الغابات الطبيعية المحيطة بالقريتين.

اعتباراً من أول موسم زيتون بعد الاحتلال بدأت السرقات وفرض الإتاوات على الأهالي، ولا تقبل الميليشيا الوكالات القانونية لإدارة شؤون أملاك أهالي القرية المهجرين، وتتم سرقة كامل مواسمهم.

وفي سبتمبر/أيلول 2021 استولى المدعو مصعب الحاج حمود وهو متزعم في ميليشيا “الحمزات” على 300 شجرة زيتون في قريتي حسن كلكاوي وكمرش تعود ملكيتها لأهالي عفرين المهجرين قسراً، وقام عناصره بجني الموسم رغم وجود وكيل للأرض، بحجة أنّها ممتلكات لأشخاص موالين للإدارة السابقة.

كمرش مركز لجمع الحطب

في 31/1/2023 تمكنت “عفرين بوست” من رصد أكوام من الحطب تم قطعها وقلعها من أحراش ناحية راجو من قبل مجموعات مسلحة تابعة لأمنية ميليشيا “الحمزات” التابعة للاحتلال التركيّ. حيث اقتلع وقطع المدعو “وائل السعيد أبو سعيد”، المسؤول الأمنيّ عن القطاع الخاص لميليشيا “الحمزات” بناحية راجو، المئات من أشجار الغابة الحراجية في الجبال المحيطة بقرى حسن وكمرش وكوريه في ناحية راجو بواسطة آلة “نقارة”.

والمدعو “أبو سعيد” ينحدر من بلدة معرة حرمة بريف إدلب، ويشغل منصب نائب المتزعم الأمني لميليشيا “الحمزات” في قرى الناحية، ويقيم في قرية عتمانا، يضم في مجموعته المسلحة التي تقوم بأعمال القلع والقطع لأحراش الناحية أقاربه المدعو “أبو أنس” و”أبو خالد”.

وتنتشر على جانبي الطريق ما بين قريتي حسن وكمرش أطنانٍ من جذوع السنديان معدة لنقلها وبيعها من قبل مجموعة “أبو سعيد” والذي يشرف على مركز لبيع الأحطاب في قرية كمرش وفق ما تظهره الصور.

وتذهب واردات الحطب في قرية عتمانا لصالح المدعو “يزيد بشكاوي” (قبل أن يعتقله تنظيم تحرير الشام) وإخوته وأعمامه، فيما تذهب واردات الحطب في مركز بيع كمرش لصالح المدعو “وائل السعيد أبو سعيد” وأقاربه، ويُباع طن الحطب بأكثر من 100 دولار.

يُذكر أن المدعو “وائل السعيد” مسؤول في أمنية قطاع ناحية راجو لميليشيات “فرقة الحمزات” وقريبيه المدعويين “أبو أنس و أبو خالد”، وهم مستقدمون من قرية “معرة حرمة”- إدلب، يقومون بقطع الغابات الحراجية الطبيعية في وادي سارسين وجبال شديا- غربي راجو باستمرار.

والجدير بالذكر أنّ المدعو “أبو سعيد” له يد في قتل المواطن “سعيد رشيد مجيد” من أهالي قرية عتمانا بتاريخ 1/2/2020، بعد اختطافه لثلاثة أشهر (11/11/2019) وابتزاز ذويه لتحصيل فدية مالية كبيرة منهم بلغت 50 ألف دولار.

حرمان من الإعانات الإغاثيّة

ألحق الزلزال المدمر في 6/2/2023 أضراراً بالغة بمنازل الأهالي في القرية، وتهدم 18 منزلاً بشكلٍ كامل، فيما تضررت أكثر من 20 منزلا ًبشكلٍ جزئيّ، ورغم حاجة الأهالي الماسة للمساعدات والإعانات الإغاثيّة، إلا سلطات الاحتلال والميليشيات الإخوانيّة تعمدت عدم تخصيص الأهالي بأيّ نوعٍ من المساعدات. وكانت منازل الأهالي قد تضررت وتسبب العدوان التركيّ بتصدعات في الجدران، فلم تصمد أمام الزلزال.

المصادر:

ــ شبكة عفرين بوست الإعلاميّة.

ــ التقارير الأسبوعية لحزب الوحدة الديمقراطيّ الكردي (يكيتي).

ــ كتاب جبل الكرد / عفرين / دراسة جغرافية.

ــ كتاب عفرين…. نهرها وروابيها الخضراء.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons