أصدرت مليشيا “جيش الشرقية” وهي إحدى المليشيات الإسلامية العاملة في كنف الاحتلال التركي في إقليم عفرين الكُردي التابع للإدارة الذاتية سابقاً، بياناً مؤرخاً في السابع والعشرين من فبراير الماضي، اقرت فيه بالتجاوزات التي يقترفها مسلحوها.
ورغم أن مسلحي المليشيا ليسوا استثناءاً في ارتكابهم الانتهاكات بحق السكان الكُرد في عفرين، بيد أنها دليل دامغ جديد ومن المليشيات نفسها، تثبت سوء تعامل مسلحي المليشيات الإسلامية مع الأهالي، والتي تتنوع ما بين الإساءة اللفظية إلى الاختطاف الكيفي والتهديد والترهيب والسرقة والاستيلاء وغيرها.
ولا تعد هذه الممارسات وليدة اللحظة، أو نتيجة لعمل استثنائي، بل هي جزء من سياسات ممنهجة يشرف عليها الاحتلال التركي، لترهيب السكان الكرد الأصليين في الإقليم، والساعية في الأساس لترسيخ التغيير الديموغرافي، بعد تسببها بموجة التهجير القسري الكبرى التي وقعت في آذار العام 2018، نتيجة احتدام حدة القصف وإطباق الاحتلال العسكري التركي، ما أسفر عن تهجير أكثر من 350 ألف عفريني من السكان الأصليين الكرد!
وجاء في بيان المليشيا أنه قد كثر تردد مسلحين منها إلى دوائر الاحتلال من محاكم ومدارس وغيرها، باللباس العسكري الميداني!، دون الرجوع إلى متزعمي المليشيا (وفق زعمها).
وتحاول المليشيات الإسلامية التبرؤ من الجرائم التي يقترفها مسلحوها بنسبها إلى المُسلح ذاته، وإرجاعها إلى كونه عملاً فردياً، علماً أنها ذات الحجة التي كانت ترفض المعارضة السورية تقبلها من النظام السوري!، في الوقت الذي يؤكد فيه الناشطون والأهالي في عفرين أن ممارسات المُسلحين لا تقتصر على افراد، بل هي عامة، وتشمل جميع المليشيات.
وأضافت المليشيا أنها تمنع على مسلحيها مراجعة الدوائر بالسلاح الحربي، كما تمنع عليهم تهديد الموظفين باسم ميليشيتهم! (وهو ما يعتبر اعترافاً صريحاً بقيام مسلحي المليشيا بتهديد الموظفين سابقاً).
وليست الشرقية فقط من تعزو جرائم مسلحيها للأخطاء الفردية، فيوم السبت الماضي\الثاني من مارس، أقدم مسلح على إطلاق الرصاص على امرأة في “ميدانى آزادي\ساحة الحرية” وسط عفرين، ما أدى إلى مفارقتها الحياة، وقد تبيّن لمراسل “عفرين بوست” أن القاتل يدعى “عبد الرحمن الحفيان” وقد أقدم على قتل طليقته، وهو من مسلحي مليشيا السلطان “سليمان شاه”.
وأصدرت ميليشيا “سليمان شاه” بياناً مقتضباً قالت فيه أن الجاني المدعو” عبد الرحمن الحفيان”، من أهلي قرية عينجارة، وقد قام على فعلته بدافع “الشرف”.
وفي السياق، كان قد القى الشيخ عبد الله منصور المنحدر من الرستن بريف حمص الشمالي، والذي قَدم لـ عفرين، عقب مقايضة عفرين بـ الغوطة وارياف حمص وادلب وحماه ومجموعة واسعة من المرافق الحيوية وعلى رأسها مطار أبو الظهور العسكري، خطبة له في مجلس عزاء متزعم ميليشيا “لواء حمص” المدعو “أنور الحسين” في الأول من مارس، أدان فيها مسلحي الميليشيات الإسلامية بسبب اقدامهم على ارتكاب الانتهاكات بحق أهالي الإقليم.
وأكد الشيخ منصور غض الاحتلال التركي طرفه عن انتهاكات مسلحي المليشيات، قائلاً: “من نفد من الاتراك، ما رح ينفد من الله” (بمعنى أن من لا يحاسبه الاحتلال التركي، سيحاسبه الله)، داعياً إياهم إلى الكف عن ارتكاب الانتهاكات بحق الناس في الإقليم قائلاً: “كونوا أحراراً! فدم الشهداء ما يباع بتنكة زيت ولا بشجرة زيتون ولا بشباك منزل!” (في إشارة منه إلى عمليات السرقة الواسعة التي طالت منازل الكرد وحتى أساسياتها، من نوافذ وابواب ومحتويات، وهو ما يؤكد انغماس مسلحي تلك الميليشيات ومتزعميها في أعمال النهب والسرقة واللصوصية).
وأشار الشيخ عبد الله منصور أن متزعمي الميليشيات الإسلامية يعاملون الشعب الكردي كعبيد لديهم من خلال ممارسة السطوة والاستباحة في قرى الإقليم وأنها نصبت نفسها كـ «آلهة» على رؤوسهم ويفعلون بهم ما يشاؤون دون اعتبار لأي قيم قائلا:” يا أيها العالم اشهد …يلي عاملي فيها (رب) الضيعة والأكراد عبيد عند يلي خلّفوه …هادا قاطع طريق وحرامي … أبو بارودة، الله يشل ايدك!، مؤكدا أن الله سوف يسلّط عليهم من هو أقوى منهم وسوف ينتهون.