ديسمبر 23. 2024

“هيئة تحرير الشام” الإرهابي… حملة ترويج وتجميل مقابل موجة تقبيح وانتقاد

عفرين بوست ــ متابعة

تذرّع تنظيم “هيئة تحرير الشام” الإرهابي بالانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبتها ميليشيات “الجبهة الشامية وجيش الإسلام” في القرى التي كانت تسيطر عليها وروّج لها وللفوضى الأمنية والإدارية والاقتتال الفصائلي، كمبرر لتدخله العسكري في إقليم عفرين المحتل، فيما يتجاهل الانتهاكات والتجاوزات التي ارتكبتها وما زالت ترتكبها ميليشيات “العمشات والحمزات” المتحالفة معها.

وكمرحلة جديدة من المعركة التي انتقلت من الاشتباك المسلحِ إلى الإعلام لنشر الفضائح نشرت المعرفات التابعة لتنظيم “هيئة تحرير الشام” العديد من المقاطع المصورة والتي تضمن بعضها لقاءاتٍ مع أهالي عفرين الذين استولى مسلحو “الجبهة الشامية” على حقولهم وقطعوا أشجار الزيتون. وانضمت ميليشيا “سليمان شاه/ العمشات” إلى حملة تجميل “الهيئة” وتداول المحسوبون عليها مقطعاً مصوراً لمواطن كرديّ من أهالي قرية أرندة ذكر أنّ مسلحي “الشامية” قطعوا 600 شجرة زيتون من حقول تعود ملكيته له ولعائلته. 

حملة تجميل وترويج

تولى قياديون من “تحرير الشام” وإعلام الموالي والمقرب منه الترويج بكثافة في الأيام الماضية للفوضى الأمنية والإدارية في عفرين بالمقابل يتم الترويج لـ”تحرير الشام” وذراعه السياسيّ المتمثل بما يسمى “حكومة الإنقاذ” ونجاحه بإدارة مدينة إدلب.

نشر المدعو أبو ماريا القحطاني (ميسر علي الجبوري/ الهراري) القيادي العسكري في “الهيئة”، على قناة “تليغرام”، في 23/10/2022، أنّه “بعد سنوات ممن يسمون أنفسهم بالنخب السياسية عجزوا أن يصنعوا قرية نموذجيّة أو رقعة جغرافية مساحتها واحد كيلو متر يديرونها كما تدار مدينة من مدن إدلب”.

واضاف “القحطاني” أنّه بالإضافة إلى الفشل المتكرر لتلك النخب والقيادات والمشايخ (ويقصد الفيلق الثالث والجيش الوطني) التي تعجز أن تضبط سياسة وسلوك جنود فصيل من فصائلهم، فشلوا في جميع الميادين، وانتقد استجداءهم للدول بوسم “هيئة تحرير الشام” بصفة “الإرهاب”.

وأشار “القحطاني” إلى أنَّ موضوع التصنيف أصبح من الماضي، وأنه بات “شماعة” يستخدمها الفاشلون عن منافسة “الهيئة” ومواجهتها في جميع المجالات، بحسب وصفه.

العديد من مواقع التواصل المحسوبة على “تحرير الشام” تداولت منشور “القحطاني”، وأجرى بعضهم عملية مقارنة بين إدلب والمناطق التي تخضع لسيطرة الميليشيات المسلحة بريف حلب.

من جهته نشر المدير العام للإعلام التابع لما يسمّى “حكومة الإنقاذ”، المدعو “محمد سنكري”، على موقع “تويتر” مقطعاً مصوّراً في مدينة إدلب يظهر مواقع ومؤسسات في إدلب، وأشار إلى أنه تم بناؤها وتأهيلها بسواعد “إسلاميّة سنيّة” وأنّ فاتورتها دُفعت بالدماء، لتكون حسب تعبيره نموذج “حوكمة إسلاميّة”.

كما نشرت شركة “المبدعون السوريون” الإعلاميّة المقربة من “تحرير الشام”، عبر منصاتها مقطعاً مصوّراً يتضمن جولة في شوارع إدلب ومؤسساتها التعليميّة وأشارت إلى تطورها وازدهار أسواقها، كما تضمن مشاهد من معرض الكتاب في إدلب الذي انتهى في شهر أغسطس الماضي.

موجة تقبيح وانتقاد

بالمقابل روّجت ميليشيا “الفيلق الثالث” والناشطون المقربين منها، معلوماتٍ عن انتهاكات “الهيئة” مذكّرين بتصنيفها “منظمةً إرهابيّةً”، وأنّها وجودها في عفرين وقراها سيكون ذريعة لقصف المنطقة.

وبذلك فإنه بمقابل حملة الترويج لإنجازات “هيئة تحرير الشام” في إدلب، تكتسح مواقع التواصل المختلفة انتقادات واسعة لأسلوبها الإداريّ، وبخاصة في المجالِ التعليميّ والتلاعب بالمنهاج المدرسيّ، وإغلاق خمس مدارس بينها مدرسة “المتنبي” أقدم مدارس إدلب بسبب العجز عن دفع رواتب للمعلمين. وتم تداول أن “الهيئة أنفقت مبلغ 250 ألف دولار لتجهيز ملعب رياضي في إدلب!

في المجال الاقتصاديّ تحتكر الهيئة تجارة المحروقات عبر شركة “وتد” التابعة لها وترفع أسعار المحروقات من وقت لآخر. وتعاني المحافظة من حالة غلاء وارتفاع أسعار الكهرباء والخبز والدواء.

قبل يومين قوبل قرار ما يسمى “وزارة الصحة في حكومة الإنقاذ” إغلاق صيدلية سرمين بسبب بيعها الدواء بسعر مخفض بتظاهرات عارمة، ما دفع “الهيئة” للتراجع عن القرار. ويذكر منتقدو الهيئة أنّ الهدفَ الأساسيّ من “غزوة عفرين” هو الحصول على موارد ماليّة والوصول إلى إدارة المعابر.

وورد في تقرير أعده فريق “منسقو استجابة سوريا” أنَّ نسبة العائلات الواقعة تحت خط الفقر في مناطق شمال غربي سوريا بلغت 84%، فيما بلغت نسبة العائلات التي تقع تحت مستوى خط الجوع 34%، وبحسب تقارير مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة UNHCR، فإنّ نحو 2.7 مليون شخص من إجمالي السكان البالغ عددهم أربعة ملايين نسمة بحاجة إلى المساعدة الإنسانية.

ذريعة توحيد الصف

في مناسبتين تدفقت أرتال مسلحي “الهيئة” إلى عفرين، وكانت الأولى لدعم ميليشيا “حركة أحرار الشام” في 18/6/2022، والتي دخلت في اشتباكات عنيفة ضد ميليشيا “الفيلق الثالث/ الجبهة الشاميّة” في منطقة الباب المحتلة، والثانية في 11/10/2022، تدخلت متحالفة مع ميليشيات “الحمزات وسليمان شاه/ العمشات” ومجدداً ضد مسلحي ميليشيا “الفيلق الثالث”، وأخرجتها من عفرين وقراها.

وتزعم “الهيئة” أنها بصدد توحيد الصف، ويتم من وقت لآخر تسريب مقاطع صوتية منسوبة للمدعو “أبو محمد الجولاني” يتحدث فيها عن “الفوضى والمخاطر الأمنيّة والاجتماعية والسياسية” في مناطق سيطرة الميليشيات وأنه التقى متزعمي الميليشيات ودعا لتوحيد الصفوف. وأنّه يبدي الاستعداد لتوحيدِ الصف وتحقيق اندماجٍ كامل وإنهاءِ حالة الانقسامِ الفصائليّ، وتقديم نموذج “الهيئة” الإداريّ على أنّه المثاليّ.

تغاضي عن انتهاكات حلفائه

إلا أن هذا النموذج الإداري “المثالي” الذي يقدمه التنظيم يتجاهل استمرار انتهاكات الميليشيات المتحالفة معه من (العمشات والحمزات) والتي ساندته في معاركه ضد ميليشيا “الفيلق الثالث”، كما لا يتدخل لوضع حد لها ولا يتطرق لعشرات عمليات الاستيلاء على المنازل والمحال التجارية وعمليات النهب والسرقة من قبل مسلحيها ومتزعميها وعلى رأسهم متزعم ميليشيا “العمشات” المدعو “أبو عمشة”، بل ويشارك التنظيم بها ليستثمر بمظالم الأهالي لغاية تحقيق أهدافه السياسية والعسكرية في المنطقة.

ففي 24 أكتوبر الجاري، فرض تنظيم الهيئة وبالتنسيق مع ميليشيا “العمشات” إتاوة 5 ‎%‎ من إنتاج زيت الزيتون في المعصرة، تحت مسمى “الزكاة” على الفلاحين الكرد في ناحية شيه/ شيخ الحديد، بعد طرد ميليشيا “الجبهة الشامية” من القرى التي كانت خاضعة لسيطرتها كقرى شكاتكا وأرنده ومستكا وكَلا.

ففي 25 أكتوبر الجاري، رصدت “عفرين بوست” سرقة مسلحين تابعين لميليشيا “الحمزات” محصول الزيتون من 79 شجرة للمواطن “أحمد عثمان” من أهالي قرية جوقيه، فيما أقدم مسلحو ميليشيا “السلطان مراد” على جني محصول الزيتون من نحو 120 شجرة من حقل المواطن “حنان رشيد” قرب قرية قرتقلاق لصالح الميليشيا، بحجة أن الحقل تعود ملكيته للحزب.

كما تتحكم هذه الميليشيات بإنتاج الزيت وتجبر المواطنين الكرد تحت تهديد إطلاق الرصاص على عصر محاصيلهم ضمن المعاصر الواقعة بقطاعات سيطرتها، ليبقى الوضع على حاله بالنسبة لأهالي عفرين يعيشون بخوف وبحذر وترقب بظل الوضع الجديد تحت إدارة التنظيم الإرهابي.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons