عفرين بوست ــ خاص
مشروع التغيير الديمغرافيّ في عفرين المحتلة وبناء التجمعات الاستيطانيّة يأتي في مقدمة أهداف سلطات الاحتلال التركيّ ويتم بإشراف تركيّ رسميّ، وهو ما تعوّل عليه أنقرة في إدامة الاحتلال عبر توطين مسلحي الميليشيات التابعة لها وعوائلهم إضافة إلى الحاضنة الاجتماعيّة لفكر الإخوان المسلمين.
خطة العمل حددها أردوغان
حديث الرئيس التركيّ في 22/1/2018 ثالث أيام العدوان على عفرين بأنّ 55% من سكان عفرين هم العرب ونحو 35% من الكرد والباقي من التركمان لم يكن مجرد تصريحٍ مبالغ فيه للتهويل وتبرير الحرب، بل كان برنامج عملٍ لما ستؤول إليه التركيبة السكانيّة في المنطقة التي تتجاوز فيها نسبة الكرد 95%. وقد تدفقت دفعات المستوطنين في أول أيام الاحتلال، قادمين من عدة مناطق وبخاصة ريف دمشق والغوطة الشرقيّة.
التقرير الذي نشرته “منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” الأربعاء 8/6/2022، بعنوان “التجمعات السكنية” في عفرين: مخططات هندسة ديمغرافية أم مشاريع لإيواء نازحين؟”، سلط الضوء على المشاريعَ السكنيّة التي تقوم بها سلطات الاحتلال التركيّ والميليشيات التابعة له على “جبل الأحلام” وهو جزء من كتلة جبلية تُعرف باسم “جبل ليلون”.
والي هاتاي هو مرجعية مجلس عفرين:
وقال التقرير إنّ والي ولاية هاتاي التركية رحمي دوغان – Rahmi Doğan هو أحد المسؤولين المباشرين عن بناء ذلك “التجمع”، وأنّه أعطى الضوء الأخضر لعددٍ من المنظمات الإغاثية المحليّة والدولية والمجلس المحلي لمدينة عفرين، للبدء ببناء “التجمّع” على سفح الجبل وتخديمه، بعدما عرضت مجموعة من الميليشيات وعلى رأسهم “الجبهة الشامية” فكرة المشروع على السلطات التركية.
تم العمل على إيجاد صيغة قانونيّة صوريّة للاستيلاء على الأراضي عبر منحِ مجلس عفرين المحليّ التابع للاحتلال التركيّ بعد السيطرة العسكريّة على كامل المنطقة في 18/3/2018، وثيقة تمّ تداول اسمها على أنّها “ورقة تخصيص”؛ وقد علمت “سوريون” بأنّها تعتبر بمثابة “إثبات ملكية للبناء” دون الأرض، وجرى ذلك بموافقة والي هاتاي “دوغان.
في 2/2/2019 زار الوالي التركيّ رحمي دوغان، عفرين والتقى بأعضاء مجلس الاحتلال المحليّ، وطلب في بداية الاجتماع، نتائج الإحصاء السكانيّ الذي يجريه المجلس، وأعلمه نائب رئيس المجلس المدعو محمد حج رشيد، بالإحصاءات، وأبلغه أن عدد الكُرد في حي عفرين القديمة بات يبلغ تسعة آلاف نسمة، بينما بلغ عدد المستوطنين عشرة آلاف نسمة، أما في باقي الأحياء فإن الاحصاء لم يستكمل بعد. الأمر الذي جعل الوالي التركي سعيداً، بنبأ تناقص أعداد الكُرد في المدينة، ولم يستطع إخفاء سعادته وضحك فرحاً. وقبيل الاجتماع طلب نائب رئيس المجلس من أعضاء المجلس عدم إثارة الانتهاكات التي تقوم بها الميليشيات الإسلامية بحق أهالي عفرين.
في 19/6/2019 قام والي هاتاي “رحمي دوغان” بزيارة تفقديّة إلى عفرين المحتلة، شملت مركز مدينة عفرين ومراكز نواحي راجو، وبلبل، وشران، وجندريس. في أواخر عام 2020، قامت شركة الفرات للتجارة والمقاولات بوضع المخطط الهندسيّ وإجراء الدراسة الميدانية للمشروع بطلبٍ من مجلس عفرين المحليّ بناءً على تعليمات الوالي (والي هاتاي رحمي دوغان)، وتم تقسيم المشروع لثلاث كتل سكنيّة ويضم مدرستين ومسجدين ونقطة طبيّة ومخفر وست حدائق وعدة آبار مياه وخزان مياه رئيسيّ.
كما زار الوالي برفقة وزير الداخلية التركيّ سليمان صويلو في 20/7/2021
عراب مشروع التوطين ينسق مع الوالي
وذكر التقرير أنّ المدعو مهند الخلف (أبو أحمد نور)، متزعم ميليشيا “الجبهة الشاميّة” تبنّى مشروع الاستيطان في “جبل الأحلام”، بهدف إسكان مستوطنين من مناطق سوريّة أخرى وبشكل أساسيّ مسلحي الميليشيات وبخاصة المنحدرين من محافظات دمشق وريفها ودرعا وحمص وحماه والمنطقة الشرقيّة، ولاقى المشروع استحسان متزعمي الميليشيات.
اجتمع المدعو “مهند الخلف” متزعم ميليشيا “الجبهة الشاميّة” مع الوالي التركيّ في أوائل 2020، وعرض عليه مشروع بناء المنازل في جبل الأحلام. ولاحقاً حين عقدت اجتماعات جديدة بين ميليشيات الاحتلال وسلطات الاحتلال وإنشاء لجنة رد المظالم وطرحت مشكلة الاستيلاء على منازل أهالي عفرين عاود المدعو الخلف” طرح فكرة مشروع “جبل الأحلام” لتكون حلاً للمشكلة وحصل على موافقة السلطات التركيّة والمباشرة بالتنفيذ.
أكّد المصدر أنّ جميع الأوامر التي أصدرها الوالي بخصوص “جبل الأحلام” شفهيّة، ويبدو أنّها كانت بعلم سلطات أعلى في الحكومة التركيّة.
“سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” تواصلت مع شخص حضر الاجتماعات التي نظمها المدعو “خلف”، وتحفظت على اسمه لأسبابٍ أمنية، وقال في شهادته: “في نوفمبر 2020 دعا “أبو أحمد نور” متزعم “الشاميّة” للاجتماع الذي عُقد في مدينة عفرين وأخبرهم أنّ أرضاً شاسعة تقع تحت نفوذ “الجبهة الشاميّة” وتتسع لبناء منازل كافة مسلحي الميليشيات الموجودة في عفرين وحتى المدنيين”.
وتابع الشاهد: “قال المدعو “الخلف”: المشروع يواجه عقبات ويجب التعاون معاً لتحقيقه، ومن أهمها الحصول على رخصة بناء من “مجلس عفرين المحلي” وهذه الرخصة لا يمكن الحصول عليها بدون موافقة الوالي التركي وهو شرط مسبق يجب على المجلس المحليّ مراعاته”.