ديسمبر 23. 2024

العملية العسكريّة التركيّة… زوابع التهديد بانتظار الضوء الأخضر روسي أو أمريكي

عفرين بوست ــ متابعة

التهديد الأخير يأتي في ظلِّ ظرفٍ دوليّ معقّد عقب فرز كبيرٍ في المواقف الدوليّة بسبب الحرب بدأتها روسيا في أوكرانيا في 24/2/2022، وفي توقيت اقتصاديّ وانتخابيّ تركيّ بغاية الحساسيّة، ورغبة حزب العدالة والتنمية المحمومة بأيّ إنجاز لترميم الشعبية التي تراجعت تحضيراً لانتخابات حزيران 2023. ويحاول أردوغان إعادة تعبئة القوى الشعبيّة للمجتمع التركيّ لدعم حزب العدالة والتنمية في الانتخابات البرلمانيّة والرئاسيّة، عبر إنجاز عسكريّ في شمالي سوريا.

مزيد من التهديدات

بيان مجلس الأمن القوميّ التركيّ الخميس 26/5/2022، كان فضفاضاً وأشار إلى استمرار العمليات العسكريّة الجارية حالياً على الحدود الجنوبيّة للبلاد والأخرى التي ستُنفذ، لضرورة للأمن القوميّ، دون استهداف سيادة دول الجوار.

وفي 29/5/2022 قال الرئيس التركيّ أردوغان، إنَّ بلاده تعتزم استكمال “الحزام الأمنيّ” الذي تعمل على إقامته على طول حدودها مع سوريا في أسرع وقت ممكن.

ومجدداً عاد أردوغان للتهديد بعملية عسكريّة خلال كلمة أمام كتلته الحزبيّة في البرلمان الأربعاء 1/6/2022، وقال: “نحن بصدد الانتقال إلى مرحلة جديدة في قرارنا المتعلق بإنشاء منطقة آمنة على عمق 30 كم شمال سوريا، وتطهير تل رفعت ومنبج من الإرهابيين”. وأضاف: “تركيا لا تأخذ إذنا من أحد لمكافحة الإرهاب، وستتدبر أمرها، في حال عدم قيام الولايات المتحدة بما يترتب عليها بهذا الخصوص”، حسب وكالة الأناضول التركيّة.

في 31/5/2022 كشفت تصريحات مسؤولين أتراك، عن قرب إجراء تركيا عملية عسكريّة جديدة شمالي سوريا واستعداد القوات العسكريّة لإجرائها.

وجاءت تصريحات موازية لتهديد أردوغان من قبل كلٍّ من وزير الدفاع التركيّ خلوصي آكار، ووزير الخارجية التركيّ مولود جاووش أوغلو وزعيم “حزب الحركة القومية” دولت باهتشلي، حليف أردوغان، إلى جوقةِ التهديدِ مشيراً إلى أنّ العمليّةَ العسكريّةَ قادمةٌ وضرورةٌ لا مفرَّ منها، بسببِ ما سماه “الهجماتِ” على المناطقِ التي تحتلها تركيا في سوريا.

وسبق أنّ هددت أنقرة بالقيام بعملٍ عسكريّ في 15/10/2021، ونشرت وسائل إعلامها خرائط للمناطق المستهدفة، وذلك بعد مقتل جنديين تركيين وإصابة خمسة جنود آخرين في هجوم على رتل للجيش التركيّ على الطريق السريع بمحافظة إدلب، وتحدث الرئيس التركيّ أردوغان عن نفاد صبر تركيا والاستعداد لهجومٍ وشيكٍ. بالطبع، ولكن بسببِ المعارضةِ الأمريكيّة الصريحةِ وكذلك الروسيّة انتهت التهديدات إلى صمتٍ.

وفي 1/11/2021 أكد الرئيس التركيّ، أردوغان، خلال عودته من روما بعدما شارك في أعمال قمة G20 ولقائه الرئيس الأمريكيّ، جو بايدن، أنَّ بلاده مستعدةٌ لشنِّ عمليّةٍ عسكريّةٍ جديدة في سوريا، مشيراً إلى أنَّ هذا القرار سيتخذُ في حالِ اقتضتِ الضرورةُ ولن يتمَّ التراجعُ عنه.

مجملُ التصريحاتِ التركيّةِ رغم حدّتها جاءت فضفاضةً، لم تحدد خطوطاً تفصيليّةً، ولا موعدَ تنفيذِ العمليّةِ بما في ذلك قول الرئيس أردوغان الأحد 29/5/2022: إنَّ جيشَ بلاده سيشنها “ذات ليلة”، وسادت بالمقابلِ جملة من المواقفِ الدوليّةِ والإقليميّةِ والمحليّةِ، في مشهدٍ بدا وكأنَّ “الجميع دخل على الخط”. 

وروّج الإعلام التركيّ على أنّ بدء العملية مسألةٌ ساعاتٍ، دون أن تُلاحظ متغيرات ميدانية كما في حالات الغزو السابقة، وذلك يعني وفق مراقبين، أنَّ أنقرة لم تتمكّن حتى الآن من الحصول على ضوءٍ أخضر أمريكيّ وروسيّ لشنّ عمليتها، ما يُبقي الحديثَ في نطاقِ التصريحاتِ السياسيّةِ لا أكثر.

أهداف العملية العسكريّة المزمعة

بكلّ تأكيد حجج أنقرة وهواجسها الأمنيّة افتراءات، وعلى طول سنوات الأزمة السوريّة كانت الحدود مصدر تهديد قادم من الأراضي التركيّة والمهدد لأمن السوريين، وانطلاقاً من الحدود دخلت ميليشيات التابعة لأنقرة إلى عفرين وتل أبيض وسري كانيه. والتهديد الأخير هو استكمال لخطة الاحتلال التي بدأت في جرابلس في 24/8/2016. ولكلّ منطقة من المناطق التي أعلنتها أنقرة هدفاً لها خصوصية:

تل رفعت: وتقع على خطوط التماسِ مع مناطق إعزاز ومارع وقرى عفرين، وهي مع منطقة الشهباء ملاذ أهالي عفرين المهجّرين قسراً، هي منطلق عمليات المقاومة، واستهدافها يعني مرحلة ثانية من التهجير، واحتلالها يعني تثبيت احتلال عفرين وإقصاء النقاش حول تحريرها. وأما جغرافياً فالهدفُ وصل المنطقة من عفرين حتى جرابلس المحتلتين.

كوباني ومنبج: وقد تحررتا من داعش بفضل صمود الأهالي ووحدات حماية الشعب وقسد، واستهدافهما يعني الإطاحةَ بإنجازاتِ التحرير والانتقام لداعش، وأما جغرافيا، فهو ربط المنطقة جرابلس وتل أبيض.

عين عيسى وتل تمر: وهما عقدة مواصلات تصل مدن الحسكة وقامشلي والرقة بباقي مناطق شمالي سوريا، واستهدافهما عول تلك المدن وفرض الحصار عليها.

ديريك (المالكية): وهي رئة الإدارة الذاتيّة للتواصلِ مع العالم الخارجيّ، واستهدافها يعني قطع التواصل بين شمالي سوريا وإقليم كردستان العراق، وفرض العزلة على مناطق شمالي سوريا. وحرمانها من الدعم الماديّ واللوجيستي وحتى الدوائيّ.

بجمعِ تفاصيل الخطة التركيّة، فالهدفُ حربٌ وجوديّة شاملة على كرد سوريا، وتثبيت احتلال المناطق في العمليات السابقة، والتحكم بمسار مهم للأزمة، لتفرض أنقرة نفسها عاملاً مهماً في صيغةِ نهاية الأزمة وتفرض شروطها على حساب عموم كرد    

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons