ديسمبر 25. 2024

ملف || عتمانا… القرية الكرديّة التي زوّر الاحتلال التركيّ اسمها وهويتها الكرديّة

عفرين بوست – خاص

عَتمانا أو عطمانا أو عطمانلي Etmana، وهو مشتق من اسم عثمان أحد أوائل سكان القرية.

قرية متوسطة تقع على السفح الشمالي الشرقي لمرتفع كلسي يسمى جبل ‘Etmana، تشرف في الشمال على أراض زراعية تسمى سهل “باليا” وبلدة راجو، وتطل على أراض زراعية ذات تربة غضارية، يمر بالقرب منها خط سكة حديد /حلب ـ راجو/. تبعد عن بلدة راجو 3 كم باتجاه الجنوب الغربيّ، يحدها شمالاً وادي وقريتا بانيك وهوبكانلي. وجنوباً وادي وسلسلة جبليّة وقرية درويش أوبه سي، وشرقاً منحدر وسهل خصب واسع وقريتا حج خليل وكوران، وغرباً سلسلة جبليّة عالية مزروعة بأشجار البلوط والسنديان والبطم وقرية حاجيكانلي تحتاني وحاجيكانلي فوقاني. وتتبعها مزرعة بانيك.

تتألف من نحو 130 منزلاً، وكان عدد سكانها حوالي 800 نسمة سكّان كُـرد أصليين، وعمرها حوالي 500 عاماً، مساكنها القديمة حجريّة طينيّة بسقوف خشبيّة مستوية، والحديثة إسمنتيّة امتدت غرباً وشرقاً، يعمل السكان بالزراعة البعلية (الزيتون، الحبوب، البقول، الكرمة)، ويربّون الأغنام والماعز، وتعتبر القرية المذكورة من القرى القديمة في المنطقة.

العدوان والاحتلال

تعرضت عتمانا كغيرها من قرى عفرين وبخاصة القريبة من راجو لقصفٍ كثيف، وبخاصة في 14/2/2018 استمر القصف العشوائيّ على قرى (عتمانا، موسكه، هوليله، بانيكي، حاج خليل، بليلكو، دمليا، قدا، بعدينا)، وفي 19/2/2018 شهدت قرى (بليلكو، حجيكا، بعدينا، عطمانا، هوبكا) قصفاً مدفعيّاً واشتباكات، وأدى القصف إلى تدمير بعض البيوت. وفي 4/3/2018 اندلعت اشتباكاتٌ في قرى عتمانا ومامالا وحج خليل، وانتهت بالسيطرة على هذه القرى، وفي هذا اليوم تم احتلال مركز ناحية راجو. تسبب القصف بتدمير جزئيّ لخمس منازل كذلك مبنى المدرسة ومعصرة المرحوم حج رشيد رشيد بمدخل عتمانا، وسُرقت العديد من البيوت حتى محتويات مدرسة القرية.

التغيير الديمغرافي وعمليات الاستيلاء

خلال العدوان تم تهجير أهالي القرية، وبعد الاحتلال عادت نحو 40 عائلة إلى القرية (150 نسمة) فقط، وتمّ توطين حوالي 90 عائلة (550 نسمة) من المستقدمين فيها.

وأثناء إجبار المواطنين على استصدار بطاقات التعريف الشخصية تم تغيير اسم القرية الأصلي من “عتمانا” إلى “عثمانية” في بند (محل الإقامة) لدى مكتب النفوس في راجو، وبنت سلطات الاحتلال مسجداً في القرية، لنشر الفكر المتطرف.

تسيطر على القرية ميليشيا “فرقة الحمزات” ومتزعمها المدعو “يزيد أبو أحمد”، وتم تحويل منزلي “المرحوم حج رشيد رشيد (جبه)، نوري بكو” إلى مقرّين عسكريين، وسُرق قسم من محتويات بعض المنازل، و/7/ جرارات زراعيّة، واستعيد /6/ منها بعد دفع أصحابها إتاوات ماليّة، و /15/ دراجة ناريّة، وبعض أجزاء معصرة الزيتون العائدة للمرحوم “حج رشيد رشيد (جبه)” المتبقية تحت أنقاض مبناها المدمّر بالقصف، وخيمة ومستلزمات عزاء المتوفين، ومحوّلة وكوابل شبكتي الكهرباء العامة والهاتف الأرضي.

وتم الاستيلاء على حوالي /3/ آلاف شجرة زيتون من أملاك الغائبين، منها لعوائل “بلال بلال، جولاق، عارف مستو”، وفرضت أتاوى مختلفة على الأهالي؛ وفرض “المجلس المحلي في راجو” إتاوات على مواسم الزيتون.

في أبريل 2019 فرضت ميليشيا “الحمزات” على القرى التي تسيطر عليها في ناحية راجو: عتمانا وشديا وحسن وقده وكوليا وبربنه وغيرها إتاوة مقدارها /60-100/ ليرة سورية عن كل شجرةِ زيتون للسماح بحراثتها، إضافة لدفع مبلغ ألفي ليرة سوريّة لدى استصدار توكيل لحراثة حقل عائد لمواطن غائب.

في شهادة لمواطن في فبراير 2020، قال إنّ نحو /15/ مسلحاً يقومون بعمليات كساحة مستمرة لأشجار الزيتون، ويعملون بشكلٍ يوميّ.

في مطلع نوفمبر 2020 شكلت ميليشيا “الحمزات” لجاناً في القرى التي تحتلها بناحية راجو، لتحديد نسبة الإتاوات على موسم الزيتون بحسب عدد الأشجار التي يمتلكونها، على ألا تقل الإتاوة عن 3 عبوات زيت الزيتون بحجّة توفيرها الحماية للمحاصيل. وتتألف اللجنة من متزعم الميليشيا في كل قرية والمختار.

وقد أقدمت الميليشيات على قطع الغابات الحراجية في محيط القرية، بغية التحطيب والتجارة، وأضرمت النيران في بعضها؛ وحفرت ونبشت التلال الأثرية، بحثاً عن الآثار والكنوز الدفينة وسرقتها.

الانتهاكات بحق الأهالي:

وتعرّض المتبقون من الأهالي لمختلف صنوف الانتهاكات والجرائم، من قتل واختطاف واعتقالات تعسفية وتعذيب وإهانات وابتزاز مادي وغيره، حيث اعتقل البعض لفترات مختلفة بتهم العلاقة مع الإدارة الذاتية السابقة، بينهم نساء.

في فبراير 2022، اعتقل عناصر ميليشيا “الشرطة العسكرية” التابعة للاحتلال التركيّ، المواطن الكرديّ “وليد محمد رشيد” (45 سنة) من منزله في قرية عتمانا، بتهمة الخروج في نوبات الحراسة الليليّة في قريته في فترة الإدارة الذاتيّة السابقة، واقتادوه إلى مقرهم الرئيسيّ لهم في بلدة راجو.

بتاريخ 31/1/2022 اعتقلت “الشرطة العسكرية” المواطن “محمد حسن حمرش” (40 سنة)، بعد مطالبته بالإيجار عن دار شقيقه المستولى عليه بحي الأشرفية، وتقديم الأخير شكوى تتهمه فيه بالارتباط مع حزب الاتحاد الديمقراطي PYD، حيث أطلق سراحه بعد أربعة أيام.

في بداية “أكتوبر” 2021، اعتقلت سلطات الاحتلال التركيّ المواطنتين “جيهان محمد علي قره حسو وهيفين أحمد”، من منزلهما في القرية، بتهمة تدريس اللغة الكردية خلال فترة الإدارة الذاتية سابقاً. واقتيدتا إلى سجن ماراته/معراته المركزيّ. المواطنتان متزوجتان ولديهما أطفال. وفي 1/11/2021 أفرج عن المواطنة جيهان بعد تغريمها مبلغ 1500 ليرة تركية.

وفي 14/06/2021، أقدمت سلطات الاحتلال التركي (الاستخبارات التركية والشرطة المدنية) على اعتقال المواطن “محي الدين عبد الله داود”واقتادته إلى جهة مجهولة.

في 28/9/2021 اختطف مسلحو ميليشيا “أحرار الشرقيّة” المواطنَ الكرديّ “نذير صبري صالح” بعدما أبدى نشاطاً تجاريّاً لافتاً بافتتاح أربعة محلاتٍ تجاريّة في وسط بلدة راجو، ما أثار السؤالَ حول مصدر التمويل، فاختطفته وعرضته للتعذيب الشديد، وطالبت الميليشيا عائلته بفدية مالية مقابل الإفراج عنه.

في 12/3/2021 اعتدت العناصر الأمنية التابعة لميليشيا “أحرار الشام” على ابن المواطنة “فاطمة” بالضرب المبرح وحجزوا دراجته النارية وفرضوا غرامة ماليّة مقدارها مليون ليرة سورية دون مبرر من قبيل الابتزاز السلب، وهددوا بحال تم إبلاغ الجهات المعنية أو ما تسمى ” لجنة رد الحقوق والمظالم”.

استشهاد تاجر زيت

اختطف المواطن “محمد سعيد رشيد بن عبد المجيد” (58 سنة)، بتاريخ 4/11/2019، بموقع وادي النشاب قرب قرية بربنه ــ ناحية راجو، الواقع تحت سيطرة ميليشيات “فرقة الحمزات”، أثناء عودته من المركز التركيّ لشراء الزيت في معصرة رفعتية بناحية جنديرس، وبتاريخ 1/2/2020 أبلغت الميليشيات ذويه بالعثور على جثمانه قرب قرية “ميركان/ حسيه”، حيث تبين أنّه تعرض للتعذيب والقتل بالرصاص، وكان مكبّل اليدين.

وبدت على جثمان الشهيد، آثار التعذيب والمعاملةٍ المهينة والقاسية، ودلَّ تفسخ بعض أجزاء جثمانه على أنّ مقتله تم فبل أكثر من عشرة أيام، وحمل مسلحون من ميليشيا “أحرار الشرقية” النعش من المشفى، إلى منزله، وصولاً إلى المقبرة، دون السماح لأحدٍ بفتحه.

وقالت مصادر إنَّ الاختطاف جاء عقب استدعاء تجار الزيت في راجو من قبل المكتب الاقتصادي التابع لمليشيا “أحرار الشرقية” بقيادة المدعو “أبو حاتم” وشقيقه “أبو عمر”، والتي طالبوا فيها حصول التجار على رخصة مما يسمى “المكتب الاقتصادي” التابع للمليشيا، بعد دفع الرسوم المالية المقدرة بمبلغ 10 آلاف دولار أمريكي. إضافة إلى إلزام التجار عبر تعهد خطي بدفع ضريبة على كمية تنكات الزيت الصادرة من أراضي الناحية تعادل قيمتها بنسبة 20% من القيمة الإجمالية، وحصر عمليات بيع الزيت مع التاجر “تامر كريدي” ووكلائه في مدينة عفرين وناحية جنديرس، كما قامت الميليشيا وفق الناشطين بتهديد التجار إن قاموا بمخالفة تلك التعليمات أو تقويم شكوى لدى سلطات الاحتلال.

أثناء عودة المواطن “محمد سعيد” من المركز التركيّ لشراء الزيت، اُختطف في موقع وادي النشاب قرب قرية بربنه والواقع تحت سيطرة ميليشيات “فرقة الحمزة” و “أحرار الشرقية”، حيث تُركت سيارته مركونة في الموقع بعد اختطافه.

واتصل الخاطفون مع عائلته مراتٍ عدة، وطالبوا بفدية ماليّة كبيرة للإفراج عنه، إلى أن تم الاتفاق مؤخراً على دفع مبلغ /20/ ألف دولار، وتم تحويله فعلاً لهم- ولكن ذويه صُدموا بالخبر الذي نقله إليهم متزعم ميليشيا “أحرار الشرقية” في القرية، والذي أفاد عن مقتله والعثور على جثمانه في موقعٍ قرب قرية حسيه- ناحية موباتا.

وأصدرت ميليشيا “جيش الشرقية”، بياناً في 27/2/2019 أقرت فيه بتجاوزات مسلحيها، وحاولت التبرؤ من جرائمهم وأنها أفعال فرديّة.

مصادر المعلومات:

ــ شبكة عفرين بوست

ــ التقارير الأسبوعيّة لحزب الوحدة الكرديّ (يكيتي)

ــ كتاب جبل الكرد (عفرين) دراسة جغرافية للدكتور محمد عبدو علي.

ــ كتاب: عفرين …. نهرها وروابيها الخضراء للكاتب عبد الرحمن محمد

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons