نوفمبر 15. 2024

أخبار

ملف|| حاج خليل.. القرية التي شهدت تزوير تاريخها وتدمير حاضرها من قبل المحتل التركي

Photo Credit To تنزيل

عفرين بوست – خاص

حاج خليل ــ Ĥec Xelîl: أصل الاسم خَجْ خليل ــ Xec Xelîl، مركب من اسمين، الأول مؤنث “خج” من خديجة والثاني “خليل”، وهما أوائل سكان القرية، وتحول حرف “خ” في خَج إلى “ح” تسهيلا للفظ، ولايزال سكان القرى المجاورة وأهالي القرية يلفظون الاسم بشكله القديم أي خج خليل.

قرية كبيرة تقع فوق قمة واسعة متموجة لهضبة كلسيّة، 2 كم شرق بلدة راجو، يوجد بجوارها الشمالي الغربي في جبل Çiyayê Mîra ميرا خام الحديد. تطل شرقاً على أراضٍ زراعيّة تربتها لحقيّة، تحيط بها من ثلاث جهات (الغرب ـ الشرق ـ الجنوب) منحدرات أما شمالاً فتحدّها سلسلة جبليّة عالية وقرية مامالي وهوليلو/، وجنوباً منحدر وسهل خصب وخط حديديّ وقرية موسيك أوبه سي، وشرقاً منحدر ووادي وعلى بعد 1 كم قرية كورانلي، وغرباً منحدر وسهل وأوتوستراد وبلدة راجو.

عدد السكان والاستيطان:

يبلغ عدد بيوتها 253 منزلاً وعمرها حوالي 5 قرون، بيوتها القديمة حجريّة ــ طينية ذات سقوف خشبيّة، والحديثة إسمنتيّة، تطورت عمرانيّاً وبنيت الفيلات الحديثة وسط القرية، عدة معاصر لعصر الزيتون، يعمل سكانها بالزراعة البعليّة على مساحة 267 هكتار مزروعة بالزيتون والحبوب والبقول وأشجار الكرمة، كما يربي الأهالي المواشي، ومن أهم عوائلها: عائلة محمد حنيف – آل رشو – آل سلمان – آل حبو – آل عاله، وهم أول من سكن القرية.

يقدر عدد سكان حج خليل بنحو 1200 نسمة من الكُـرد الأصليين، وبقي منهم حوالي /160 عائلة ما يعادل 450 نسمة، بالمقابل تم توطين حوالي 180 عائلة، بما يعادل 900 نسمة من المستقدمين في المنازل المستولى عليها.

العدوان والاحتلال:

تعرضت قرية حج خليل للقصفِ أثناء العدوان على عفرين مرات عديدة، ففي 13/2/2018 تعرضت القرية للقصف اندلعت في محيطها اشتباكات عنيفة، وفي 16/2/2018 قصف جيش الاحتلال التركيّ محور قرية حج خليل وجبل ميرا Çiyayê Mîra  لقصف محيط الجبل والقرية. وفي 26/2/2018 تجدد القصف على مركز ناحية “راجو”، إلى جانب قرية “حج خليل”، حيث وثق إصابة المواطن “شكري حجيكو(60 سنة) بحروق نتيجة القصف التركي، وكان القصفُ مركّزاً في 1/3/20189 ما أدّى لاستشهادِ المواطن إبراهيم علي يوسف، وأصيب آخرون. وتم احتلال القرية في 4/3/2022، بالتزامن مع احتلال مركز ناحية راجو.

أثناء العدوان دمر القصف /5/ منازل تعود للمواطنين “عابدين عثمان وتحويل منزله إلى ساحةٍ وسط القرية، سيدو رشيد حيدر كرو، مقداد سلمان، قادر سيدو عثمان، عثمان بلال بيرو) بشكلٍ كامل و/11/ منزلاً بشكلٍ جزئي، ولدى اجتياح القرية في 4 آذار 2018م، لم تكن فيها سوى المسنة “حنيفة يوسف تاتو (65 سنة)” مختبئة في إسطبل للدواب، التي أطلق عليها المسلحون الرصاص فاستشهدت على الفور، ورموا جثمانها في حاكورة منزل “حسين أحمد حبو”، ليبقى عدة أيام في العراء تنهش فيه الكلاب والقطط، كما أصيب شقيقها “أحمد يوسف تاتو /57 سنة)” بشظايا قذيفة واستشهد أيضاً.

وتسيطر على القرية ميليشيات “أحرار الشرقية” التي اتخذت من مبنى البلدية ومنزل الراحل العميد حيدر رشيد مقرّين عسكريين.

حنيف آغا وتزوير التاريخ

من شخصيات القرية التاريخيّة المرحوم حنيف آغا بن محمد أغا بن بكر بن محمد بن حج بن خليل بن حسن بالتاله خيامي (1868ــ1927) شيخ عشيرة الشيخان في عفرين، وكان شخصية وطنيّة كرديّة بامتياز، كان يتقن ثلاثة لغات إلى جانب الكرديّة وهي العربية والتركية والفرنسية.

حنييف آغا

 ومن أعماله أنه توصل اتفاق مع العثمانيين لمنع سوق شبان عشيرته ومنطقته إلى الحرب العالميّة الأولى، مقابل عملهم في بناء سكة القطار من ميدان إكبس حتى قطمة بإشراف خبراء ألمان، وكذلك إنشاء جسر قره تبه، وبنى أول مدرسة وأنشأ سوقاً بالقرية، ومسجداً يُعرف باسمه.

وأحسن حنيف آغا استقبال عوائل الأرمن الهاربين من مجازر العثمانيّة وأمّن لهم المأوى. وفاوض العثمانيين للحصول على حكمٍ ذاتيّ مقابل المساهمة العسكريّة ضد الحلفاء، وكانت لديه قوةٌ عسكريّةٌ من ألفِ رجل.

وعندما انسحب مصطفى كمال أتاتورك وكان جريحاً، استقبله حنيف آغا في مضافته وبقي لديه لأيام لعلاجه. وفي قصره أيضاً استقبل حنيف آغا الجنرال شارل ديغول وكان قائد الجيش الفرنسيّ في سوريا مع شخصيات سياسيّة وإعلاميّة، وخاض حنيف آغا مفاوضات من أجل حكومة كرديّة في كرداغ، ومن أجل ذلك سافر إلى فرنسا، إلا أنّ اختلافات آغوات المنطقة وخشيتهم من ضياع نفوذهم أفشلت مساعيه.

 استولت الاستخبارات التركيّة على مضافة المرحوم حنيف آغا التي تعرضت للتخريب والحرائق أثناء العدوان، وقامت بترميمه ورفعت عليه العلم التركيّ وأغلقته حالياً، وابتدعت قصة أنّ مصطفى كمال أتاتورك قائد الجيش السابع المهزوم كان قد جعل المنزل مقراً لقيادةِ عمليات المقاومة إبان الحرب العالميّة الأولى! لتحقق بذلك عدة أهداف، الأول تشويه تاريخ المنطقة والإساءة إلى أهلها، وسرقة مقاومة المنطقة ضد الفرنسيين، وتنزع عنها وطنيتها السوريّة، لتكونَ في سبيلِ الدولةِ العثمانيّةِ منتهية الصلاحية. والثاني قلب الحقيقة التاريخيّة والمحافظة على أسطورة أتاتورك البطولية، وجعل القائد المهزوم بطلاً قوميّاً، والثالث التذرع بالقصة المزوّرة للاستيلاء على المنزل وجعله محجّة للأتراك، في إعادة لقصة سليمان شاه المفبركة أيضاً.

وتناول الإعلام التركيّ في 7/7/2018، تصريح والي هاتاي أردال أطا، أنّه أصدر تعليمات بإصلاح وترميم المنزل الذي أنشئ عام 1890، بهدفِ تحويله إلى متحفٍ. وكأنّ مجرد مرور أتاتورك في المنطقة أضحى بمقام صكّ الملكيّة؟!

النهب والاستيلاء على الأملاك

نهب  الميليشيات محتويات كافة المنازل من مؤن وأدوات وفرش وتجهيزات وأواني نحاسية وأسطوانات الغاز وغيرها، وسرقت كافة كوابل وتجهيزات شبكتي الكهرباء والهاتف الأرضي العامة ومعظم أعمدتهما، وجرارين زراعيين لـ”عارف رشيد حبو الذي أعاده بعد دفع مليوني ليرة سورية، ومصطفى مراد مصطفى سلمان، و6 سيارات للمواطنين: عبدو مصطفى سلمان، مصطفى مراد سلمان، نوري سيدو عثمان، عبد الرحمن سعيد كرو، صلاح أحمد حيدر حبو، محمد علي رشيد شيخو، و/6/ بواكر (واحد للشقيقين صبري وأحمد سلمان، ثلاثة لـ “حسين محمد عثمان”، اثنان لـ”شمس الدين غريب- مست كوشكار”)،

وتم الاستيلاء على كامل آلات معصرتي الزيتون للمواطنين حنيف شكري حنيف، وخليل حيدر حبو” وتحويل مبنى الأولى إلى إسطبل للماشية والدواب، واستعيد مبنى الثانية بعد دفع إتاوة كبيرة، وكذلك آلات معمل للبلاستيك.

واستولى المسلحون على ممتلكات أهالي القرية في بلدة راجو (منزل وثلاثة محلات للمواطن محمد خليل أحمد علي، محل علي تاتو- عليدايه”، محل لـ”نوري غريب- مست كوشكار، أربعة محلات لـ”بكر أحمد رشو”، ورشة إصلاح ميكانيك لـ”حسن أحمد رشو”، ثمانية محلات لـ”حسن عبدو عثمان”، عشرة محلات لـ”حسين عبدو عثمان”، خمسة محلات “المرحوم عارف عبدو عثمان”، ثلاثة منازل للأشقاء “حسن وحسين وعارف عثمان”، محلين لـ”آزاد وريزان وطني حبو”، صيدلية حسين محمد يوسف”).

واستولت أيضاً على أرض بمساحة /4/ هكتارات للمواطن عبد الرحمن سلمان، وبنت فيها مخيمٍ للمستقدمين، وألف شجرة زيتون ومعمل للصابون يقع على طريق البلدة (تُقدر محتوياته بـ /300/ مليون ل.س) عائد لأبناء الراحل أحمد حبو الملقب بـ (وطني) والذي أقيم له تمثال نصفي وسط مدينة عفرين وتم تدميره في 18 آذار 2018م، وعلى /3/ آلاف شجرة زيتون و /70/ هكتار أرض زراعيّة لعائلة “حنيف جميل حنيف”، وألفي شجرة زيتون و /50/ هكتار أرض زراعيّة لعائلة حنيف شكري حنيف”.

وقطعت معظم أشجار الغابة المحيطة بمزار “محمد علي” الإسلاميّ الكائن بين قريتي “حج خليل وكؤرا”، وحفرت ونبشت ضريح المزار بحثاً عن الآثار وسرقتها.

قضت الميليشيات على الغابة الحراجية التي تتضمن أشجار السنديان المعمرة والواقعة بمحيط في مزار (محمد علي) الديني القريب من قرية حج خليل. ولم تسلم مقابر القرية من التعديات فتم انتهاك حرمتها

في حزيران 2021 أقدم مسلحون على سحب أكبال الهاتف من الخطوط الأرضيّة في قرية حج خليل راجو لبيع النحاس المستخرج منها، واستخدموا جرافة لحفر المنطقة الواقعة بين مدخل القرية ودوار البلدية على مسافة 1كم تقريباً. وتسببت أعمال الحفر بتدمير أجزاء كبيرة من الطريق الأسفلتيّ وأحدثت حفراً فيها، على مرأى سلطات الاحتلال التركيّ.

وفُرضت إتاوة /300/ تنكة زيت زيتون في ثلاث مواسم، ونسبة /35-50%/ من إنتاج مواسم أملاك الغائبين.

في نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 شكّلت ميليشيا “الحمزات” لجاناً في القرى التي تحتلها في ناحية راجو (عطمانا، كوندي حسن، كوندي قدرا، كوليا، بربنة، وحج خليل)، لتحديد نسبة الاتاوات التي ستفرضها على موسم الزيتون العائد لأهالي تلك القرية بحسب عدد الأشجار التي يمتلكونها، على ألا تقل الإتاوة عن 3 عبوات زيت الزيتون بحجّة تأمين الحماية للمحاصيل. وتتألف اللجنة المكلفة بتحديد نسبة الاتاوات وجمعها من متزعم الميليشيا في كل قرية ومختار القرية.

وتعرض أهالي القرية المتبقين لمختلف صنوف الانتهاكات، من مضايقات يومية واعتقال بعض أبنائهم وفرض غرامات عليهم، من بينهم المواطنين “حنيفة حبو وزوجها نوري محرم” اللذين اعتقلا في تركيا بسبب نشاطهما السياسيّ وقضيا سنتين وعشرة أشهر في سجونها.

الاعتقالات والخطف

في 26/7/2021 اعتقلت دورية مشتركة من الاستخبارات التركيّة وميليشيا “الشرطة المدنية، الشاب دوغان حسين في قرية حج خليل، بتهمة التفاعل مع منشورات على وسائل التواصل الاجتماعيّ والتي تفضح انتهاكات الاحتلال التركي بعفرين! 

ففي 8/10/2021، اختطفت ميليشيا “أحرار الشرقية” المواطن نذير محمد طوبال.

في نيسان 2021 اعتقلت “الشرطة العسكرية” في ناحية راجو تباعاً المواطنين محمد طوبال مجيد جعفر (45 سنة) في10 نيسان، جلال بطال بن إبراهيم خليل (49 سنة) في 12 نيسان، عوني رشيد عثمان (58 سنة) في 13 نيسان، صبري نوري سيدو (42 سنة) في 13 نيسان، عبدو حسن رشيد (40 سنة) في 16 نيسان وأُطلق سراحهم بعد يومين أو ثلاثة من الاحتجاز والتحقيق ودفع غرامة مالية /850/ ليرة تركية لكل منهم.

في 26/3/2021 اختطف مسلحو ميليشيا “الحمزات” المواطن حسين حنان رشيد (59 سنة).

في شباط 2021 اعتقل المواطن “مسعود أحمد عثمان (25 سنة)، بسبب إلقائه قصائد وطنيّة في ساحة القرية في إحدى المناسبات خلال فترة الإدارة الذاتية السابقة، واقتيد إلى سجن ماراته بعفرين.

وفي 1/12/2019، اعتقل عناصر الشرطة المدنية المواطن محمد علي مختار القرية أثناء ذهابه إلى عفرين على حاجزها في مدخل مدينة عفرين من جهة طريق راجو، بتهمة أنّه عمل مع الإدارة الذاتية، وأُفرج عنه بعد أسبوعين.

وفي 4/12/2019، اعتقلت الشرطة المدنية المواطن خليل خالو (أبو ريزان) بتهمة العمل مع الإدارة الذاتية سابقاً، وفي 24/12/2019، اُعتقل أحمد فخري شيخو (32 سنة) من أهالي قرية حج خليل، على حاجز الشرطة المدنية في مدخل عفرين من جهة راجو، بتهمة عمله مع الإدارة الذاتية سابقاً وتمَّ تحويله الى سجن معراته.

أكثر من إعدام ميدانيّ

 كان يوم الأحد 4/3/2018 عندما تم احتلال قرية حج خليل، ومعظم أهل القرية قد غادروا بيوتهم، بسبب كثافة القصف والاشتباكات في محيط القرية، وبقيت المسنة العزباء حنيفة يوسف تاتو (65 سنة) وحدها في دارها، ولجأت إلى إصطبل للدواب، ولدى دخول المسلحين والجنود الأتراك الدار بادروا إلى تصفيتها رمياً بالرصاص بدم بارد، فاستشهدت على الفور، وألقوا بجثمانها في العراء، وبقي جثمانها في العراء أياماً تنهش فيه الكلاب والقطط الشاردة.

شهيد بالتفجير  

استشهد المواطن زكي دالي (38 سنة) من أهالي قرية حج خليل، نتيجة انفجار دراجة نارية مفخخة مساء الخميس 13/12/2018، أمام محله الكائن في شارع راجو قرب فرن أبو عماد في مدينة عفرين. وأدى التفجير إلى مقتل اثنين وإصابة تسعة آخرين من المسلحين والمستوطنين.

المصادر:

1 –  شبكة عفرين بوست

2ــ التقارير الأسبوعية لحزب الوحدة الكردي (يكيتي)

3ــ كتاب جبل الكرد (عفرين) دراسة جغرافية للدكتور محمد عبدو علي.

4- كتاب: عفرين …. نهرها وروابيها الخضراء ــ عبد الرحمن محمد.

Post source : عفرين بوست

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons