ديسمبر 23. 2024

لجنة التحقيق الدولية: تركيا تتحمل مسؤولية ما يجري في المناطق الخاضعة لسيطرتها بالشمال السوري من انتهاكات وملزمة بإيقافها

عفرين بوست – متابعة

حمّلت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا تركيا مسؤولية وتبعات ما يجري ضمن مناطق خاضعة لسيطرتها في الشمال السوري، من خلال تقريرها الجديد الذي قدمته إلى مجلس حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة، مركزة فيه على انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة التي ارتكبت في جميع أنحاء البلاد في الفترة الممتدة من يوليو وحتى ديسمبر 2021.

وأكدت اللجنة أن بعض فصائل الجيش الوطني السوري، ارتكبت جرائم حرب ضمن المناطق الخاضعة فعلياً للسيطرة التركية، بما فيها ميليشيا “السلطان مراد” وميليشيا “الحمزة”، وأن هذه الجماعات التي تندرج ضمن ما يسمى بـ “الجيش الوطني السوري” قد سلبت أشخاصاً حريتهم بصورة غير مشروعة، وارتكبت أعمال تعذيب ومعاملة قاسية واعتداءات على الكرامة الشخصية، بما في ذلك أشكال من العنف الجنسي.

ونقتبس من التقرير ما يلي:

استمرت فصائل الجيش الوطني السوري في سلب الحرية بما يخالف القانون، وتعرض المحتجزون للتعذيب وسوء المعاملة. وأُبلغ أيضاً عن حالات وفاة أثناء الاحتجاز وحالات اختفاء. ومع استمرار فصائل الجيش الوطني السوري في احتجاز مدنيين بدعوى ارتكابهم جرائم “متعلقة بالأمن” وانتقاد السلطات القائمة، أُلقي القبض على آخرين عندما حاولوا استعادة أراضيهم.

وفي عفرين، شهد موسم حصاد الزيتون زيادة في العنف والابتزاز المرتبط بالاعتقال والانتهاكات المتصلة بالسكن والأراضي والممتلكات. وعلى الرغم من الأوامر الصادرة عن الجيش الوطني السوري، والتي اطلعت عليها اللجنة، بحظر تجنيد الأطفال، أُبلغ عن زيادة في حالات تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل فصائل الجيش الوطني السوري، وهي حالات قيد التحقيق حالياً.

التفجيرات وقصف بالصواريخ

استمرت العبوات الناسفة المرتجلة في قتل الناس بشكل عشوائي وإلحاق أضرار مادية في ريف حلب الشمالي، بما في ذلك في مدن عفرين والباب وإعزاز وجرابلس وما حولها. ووُثق ما لا يقل عن 35 حادثة قصف وتفجير بعبوات ناسفة مرتجلة في النصف الثاني من عام 2021؛ وتسببت هذه الحوادث في مقتل 34 شخصاً وإصابة أكثر من 120 آخرين.

ووثقت اللجنة تسعة انفجارات بعبوات ناسفة مرتجلة في الفترة بين تموز/يوليه وتشرين الأول/أكتوبر 2021، أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 18 شخصاً وإصابة العشرات. وانفجرت العبوات الناسفة المرتجلة في مناطق مكتظة مثل الأسواق والشوارع المزدحمة وفي مخزن للوقود، وكذلك على الطرق الموصلة.

ووقعت الحادثة الأكثر فتكاً في مدينة عفرين في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2021 حوالي منتصف النهار، عندما انفجرت عبوة ناسفة مرتجلة محمولة على مركبة (مركبة مفخخة) عند دوار مزدحم بالقرب من سوق الخضار، ما أسفر عن مقتل 7 أشخاص وإصابة 20 آخرين. وفي حين أن السلطات المحلية نسبت التفجير إلى جماعات كردية، لم تتلق اللجنة معلومات كافية للخروج بأي استنتاج في هذا الصدد. ولم يعلن أي طرف مسؤوليته عن أي من حوادث العبوات الناسفة المرتجلة التي سُجلت.

ومع حلول مساء يوم 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2021، أصابت ثلاثة إلى ستة صواريخ ثلاثة مبان في شارع سكني في عفرين، ما أسفر عن مقتل 3 مدنيين وإصابة 17 آخرين، بينهم 8 أطفال وعدة نساء. ويقع في الجوار مستشفيان، أحدهما مستشفى الشفاء الذي تعرض لهجوم مميت في وقت سابق في حزيران/يونيه. ومن المعروف أيضاً أن في المنطقة عدة مواقع عسكرية وأمنية للجيش التركي والجيش الوطني السوري، وكانت محور قصف متكرر خلال الفترة المشمولة بالتقرير.

الاعتقال والاحتجاز التعسفيان، والاختفاء القسري، وأوضاع الاحتجاز

تواصل بعض الفصائل احتجاز الأشخاص تعسفاً، وأفاد معتقلون سابقون بأن الفصائل قامت باعتقالات وكانت مسؤولة عن إدارة مرافق الاحتجاز، وكان مسؤولو المخابرات التركية حاضرين أحياناً في الاستجوابات أو يوجهونها. وأفاد كثير من المحتجزين بأنهم لم يمثلوا قط أمام قاض، وأن إطلاق سراحهم تم بدفع رشى أو بضغط خارجي. وأفاد آخرون بأنهم لم يروا قاضياً إلا قرب نهاية فترة احتجازهم، وفي بعض الحالات بعد عدة سنوات.

واستمر ورود تقارير عن قيام عناصر من الجيش الوطني السوري باحتجاز مدنيين اتُهموا بجرائم أمنية مزعومة وبانتقاد فصائل الجيش الوطني السوري. ويجري التحقيق في احتجاز صحفيين تعسفاً. واحتُجز أشخاص آخرون على سبيل الانتقام في نزاعات شخصية أو نزاعات على أملاك، بمن فيهم أفراد قدموا طلبات رسمية لاسترداد أملاكهم.

وأفاد معتقلون أُفرج عنهم مؤخراً بارتكاب التعذيب وسوء المعاملة في مركز احتجاز تابع للجيش الوطني السوري في وقت سابق من عام 2021. وتتضمن التقارير ادعاءات بممارسة التعذيب حتى الموت. ويُدعى أن التعذيب وسوء المعاملة وقعا أساساً أثناء جلسات استجواب، وشملا الضرب ووضعيات مجهدة، واستخدام مسدسات الصعق الكهربائي، والصدمات الكهربائية، بما في ذلك على الأعضاء التناسلية. كما صُورت محتجزات بملابسهن الداخلية. وأفيد بوقوع معظم هذه الممارسات في مراكز الاحتجاز في مقر فرقة الحمزة في حوار كلس، وفي الراعي، وكذلك في مواقع غير رسمية للاحتجاز المؤقت. وتتعلق معظم الادعاءات باتهامات ضد فرقة الحمزة وفرقة السلطان مراد.

وخلال الفترة المشمولة بالتقرير، جُمعت روايات متعددة عن حدوث وفيات أثناء الاحتجاز لدى الجيش الوطني السوري، ولا سيما في مركزي الاحتجاز في الراعي وزيارة، في منطقة الباب. وفي حين أن جثث المتوفين أعيدت إلى أسرهم، حسبما أفاد الأقارب، ليس هناك ما يشير إلى أن الجيش الوطني السوري بدأ أي تحقيق في هذه الوفيات. وأبلغ الأقارب عن وجود آثار سوء معاملة على جثة أحد المتوفين.

وأكدت المعلومات التي جُمعت عن مصير أشخاص فُقدوا في عامي 2018 و2019 وجود ممارسات ترقى إلى مستوى الاختفاء القسري. واحتُجز العديد من المدنيين مع منع الاتصال فترات طويلة، ولا يزال بعضهم مفقوداً حتى وقت كتابة هذا التقرير. وفي بعض الحالات، علم الأقارب أن ذويهم ماتوا مؤخراً أثناء الاحتجاز، بينما علم آخرون بمكان وجود المفقودين، بوسائل منها وسائل التواصل الاجتماعي، وتمكنوا من تأمين الإفراج عنهم بعد دفع رشى.

– ولدى اللجنة أسباب معقولة تجعلها تعتقد أن بعض فصائل الجيش الوطني السوري، بما فيها فرقة السلطان مراد وفرقة الحمزة، قد سلبت أشخاصاً حريتهم بصورة غير مشروعة، بما في ذلك في سياق أعمال انتقامية بسبب نزاعات شخصية أو نزاعات على أملاك. وقد يكون عناصر في الجيش الوطني السوري ارتكبوا أعمال تعذيب ومعاملة قاسية واعتداءات على الكرامة الشخصية، بما في ذلك أشكال من العنف الجنسي، وهي أعمال تشكل جرائم حرب. وعلاوةً على ذلك، لا تزال فصائل الجيش الوطني السوري مسؤولة عن ممارسات ترقى إلى مستوى الاختفاء القسري

التدابير المؤثرة على حقوق الملكية

واصلت فصائل الجيش الوطني السوري شغل الأملاك في مدينة عفرين، بما في ذلك المنازل والمدارس والمحلات التجارية والمصانع، ما أثر بشكل خاص على أصحابها النازحين. وفي حين استمرت أنماط سلب الأملاك ونهبها وشغلها ومصادرتها، بسُبل منها فرض “الضرائب”، لا سيما خلال موسم حصاد الزيتون، فمن بواعث التشجيع أيضاً ظهور تقارير مؤخراً تفيد برد أملاك كانت مشغولة سابقاً والتعويض عنها.

وواجه عدد من المالكين الذين يعيشون في الخارج أو النازحين داخلياً تحديات إدارية في إدارة ممتلكاتهم وتم الاستيلاء على محاصيلهم وبيعها على الرغم من تقديمهم الوكالات اللازمة لإدارة أملاكهم. وخلال الفترة قيد الاستعراض، استولت الجماعات المسلحة على محصول آلاف أشجار الزيتون – أحياناً بدعوى تحصيل “الضرائب” – ولم تعد تعترف بالوكالات الرسمية أو غير الرسمية التي تسمح لمالكي الأراضي الغائبين بصون ممتلكاتهم. وفي الفترة بين تموز/يوليه وتشرين الثاني/نوفمبر 2021، قامت جماعتان مسلحتان، هما الجبهة الشامية وفرقة السلطان مراد، في معبطلي وبلبل بمحافظة حلب، ببيع حقوق جمع محاصيل الزيتون إلى أطراف ثالثة، على الرغم من اعتراض المالكين الغائبين.

وأفاد بعض المالكين بأنهم وجهوا شكاوى إلى اللجنة المشتركة المنشأة مؤخراً لإعادة الحقوق في عفرين (المشار إليها أيضاً باسم “لجنة رد المظالم”) لاسترداد ممتلكاتهم. وتعامل آخرون مباشرةً مع فصائل الجيش الوطني السوري لاسترداد ممتلكاتهم المصادرة، من خلال دفع رشى، وذكروا أنهم أحجموا عن اللجوء إلى الآليات الرسمية المتاحة خوفاً من انتقام فصائل الجيش الوطني السوري. وجمعت لجنة التحقيق عدة تقارير عن أعمال انتقامية قام بها أفراد من الجيش الوطني السوري ضد مالكين قدموا شكاوى لاسترداد أملاكهم أو التعويض عنها، بما في ذلك التهديد اللفظي والضرب والاختطاف؛ وفي إحدى الحالات، قُتل مزارع بعد أن تمكن من استعادة أملاكه من الفصائل المسلحة في منطقة عفرين.

وقد تشكل مصادرة أطراف النزاع للأملاك الخاصة، ولا سيما عند تحقيق مكاسب شخصية، من خلال بيع المحاصيل أو حقوق جمعها أو فرض “ضرائب”، جريمة الحرب المتمثلة في النهب.

وفيما يتعلق بالاستنتاجات التي تشير إلى ارتكاب أعضاء في الجيش الوطني السوري انتهاكات، في المناطق الخاضعة فعلياً للسيطرة التركية، تتحمل تركيا، قدر الإمكان، المسؤولية عن ضمان النظام العام والسلامة العامة وتوفير حماية خاصة للنساء والأطفال. وتظل تركيا ملزمة بالالتزامات الواجبة التطبيق في مجال حقوق الإنسان تجاه جميع الأفراد الموجودين في تلك الأراضي. وإذا لم تتدخل القوات التركية لوقف هذه الانتهاكات عندما يتم إعلامها بها، فإنها قد تنتهك الالتزامات المذكورة أعلاه.

للاطلاع على التقرير كاملاً:

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons