عفرين بوست
كشفت منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة أن المواطن “ريزان خليل” توفي بنهاية شهر يناير 2022، في إحدى المشافي التركية بعد نقله من مشفى عفرين العسكري نتيجة نزيف في الدماغ بسبب ضربه على منطقة الرأس من قبل عناصر من ميليشيات “أحرار الشرقية” وذلك بعد سؤاله عن مصير ابن أخيه المعتقل “آزاد خليل”.
ودأبت الميليشيات الإسلامية “الجيش الوطني” إلى المسارعة في نفي الجرائم التي ترتكبها بحق المواطنين الكرد، حيث نشرت ميليشيات “أحرار الشرقية” التابعة لأنقرة بتاريخ 3 فبراير 2022، بياناً نفت فيه مسؤوليتها عن وفاة المدني “ريزان خليل محمد” الذي ينحدر من قرية “جقلي/جقلا/جقلة فوقاني” التابعة لناحية شيه /شيخ الحديد ، وادّعت أنّ أعضاء من المجموعة المسلّحة رفقة “لجنة ردّ المظالم” زاروا عائلة “ريزان” والتي تعرف أيضاً باسم عائلة “يعيو” وقدّموا لهم واجب العزاء”، نافياً التعرّض للمتوفى بأيّ أذى، ومؤكّداة على عدم أي تواجد عسكري للميليشيا في المنطقة التي يقطن بها المتوفى أساساً.
وفي اليوم التالي، أصدرت الميليشيا بياناً آخراً (انظر الملاحق) تحت عنوان “شكر وامتنان”، توجّهت به إلى ميليشيات “الشرطة العسكرية” في عفرين، وأثنت على جهودها في “كشف حقيقة” ملابسات وفاة المدني “ريزان خليل محمد”، متوعدة بالوقوف ضد “ظاهرة نشر الأكاذيب” التي تهدف إلى “النيل من التماسك الاجتماعي لمكونات الشعب السوري”، بحسب وصف الميليشيات.
وقالت المنظمة انها تحدثت مع مصدرين من داخل ميليشيات “أحرار الشرقية” ومصدرين من ميليشيات “الشرطة العسكرية” في عفرين، إضافة إلى مصدر طبي محلّي ومجموعة من المصادر المحلّية في عفرين، وخلصت إلى أنّ المعلومات الواردة في البيانين اللذين أصدرهما الفصيل غير صحيحة، كما تبيّن أن المجموعة المسلّحة مسؤولة عن وفاة “ريزان” بسبب التعذيب في إحدى مراكز الاحتجاز التابعة للفصيل في مركز عفرين، وضرب الضحيّة على منطقة الرأس بأداة صلبة، أدّت إلى “نزيف دماغي” سببت وفاته نهاية شهر كانون الثاني/يناير 2022.
تفصيل الحادثة كما نشرتها المنظمة:
قالت المصادر التي تحدّثت إليها “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” أنّ عناصر من “أحرار الشرقية” وخلال الأسبوع الأول من شهر كانون الثاني/يناير 2022، قاموا باعتقال الشاب “آزاد عصمت خليل” المقيم في حي “الزيدية” قرب مدرسة (زكريا حبش) في عفرين المدينة (مركز عفرين)، وهو ينحدر أساساً من قرية “جقلا فوقاني” التابعة لناحية شيخ الحديد في منطقة عفرين (ولكنّه من ساكني عفرين المدينة)، وذلك بتهمة “الانتماء إلى حزب العمال الكردستاني”، وبعد قرابة عشرين يوماً من اعتقال (آزاد)، قام “ريزان خليل محمد” -الذي يكنّ عمّ “آزاد”- بمراجعة مقر الفصيل الكائن في شارع الفيلات بعفرين المدينة، لمحاولة إطلاق سراح ابن أخيه والتفاوض معهم، ليقوم عناصر من الفصيل باحتجاز “ريزان” لمدّة خمسة أيام بعد ذلك، تعرض خلالها للضرب والتعذيب وهو ما أدّى إلى وفاته لاحقاً.
لاحقاً، وبتاريخ 24 كانون الثاني/يناير 2022، تمّ نقل “ريزان” إلى مشفى عفرين العسكري، قبل أن يتمّ إسعافه إلى المشافي التركية (تحديداً مدينة الريحانية)، بسبب نزيف دماغي أدى إلى وفاته نهاية شهر كانون الثاني/يناير 2022، حيث تمّت إعادة جثمانه إلى سوريا بعد ذلك.
مصدر في جهاز “الشرطة العسكرية” قال في شهادته “لسوريون من أجل الحقيقة والعدالة” ما يلي:
“تم اعتقال الشاب آزاد بتهمة الانتماء إلى (حزب العمال الكردستاني) وجاء عمّه ريزان ليفاوض الفصيل على إطلاق سراحه. لقد طلب الفصيل مبلغاً وقدره 1500 دولار أمريكي لقاء إطلاق سراح ابن أخيه. ولكن ريزان رفض دفع المبلغ وحصل شجار بينهم، ليقوم عناصر الفصيل باعتقال ريزان أيضاً وضربه، وعلى إثر تعرضه للضرب تم نقله إلى المشفى لاحقاً.”
بدوره، قال أحد الكوادر الطبية في مشفى عفرين العسكري في حديثه مع “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” حول الحادثة ما يلي:
“لقد تمّ نقل (ريزان خليل) من مشفى عفرين العسكري باتجاه تركيا عبر سيارة إسعاف يوم 24 كانون الثاني/يناير. كان تشخيص حالة المصاب هو نزيف دماغي، انطلقت سيارة الاسعاف من المشفى ودخلت تركيا من معبر الحمام. لا أحد لديه معلومات عن تاريخ الوفاة الدقيقة في المشافي التركية، ولا عن تاريخ إعادته من تركيا، لكنّ الأكيد أنّه توفي هناك لأنه كان حياً عندما خرج الأراضي السورية.”
أحد أهالي قرية “جقلا فوقاني” أخبر “سوريون” أن “ريزان” توفي يوم 31 كانون الثاني/يناير 2022، في المشفى التركي وتم إعادة جثمانه ودفنه في عفرين بعد ذلك، وهو ما يتوافق مع شهادته المصدر الطبّي الذي أكّد الوفاة ضمن الأراضي التركية.
مسؤولية “أحرار الشرقية” ودور جهاز الشرطة العسكرية:
تحدثت “سوريون من أجل الحقيقة” مع مصدرين داخل فصيل أحرار الشرقية، أكّد أحدهم أن الفصيل قام بتكليف أحد الشرعيين/رجال الدين لديه بالنظر والتحقيق في حادثة الوفاة، وتحديداً ما إذا كان المكتب الأمني للفصيل متورطاً بالحادثة أم لا. وقال المصدر ما يلي:
“في البداية، تأكّدنا من أن الشاب (آزاد عصمت خليل) تم اعتقاله بناء على تقرير كيدي وتمت إدانته بالانتماء إلى (حزب العمال الكردستاني) نتيجة لاعترافه أثناء التحقيق معه. ولكن حدث ذلك دون وجود أي دليل مادي ملموس على ذلك. لقد تمّ تفتيش هاتفه والبحث بدقة في المحادثات ولم يتم العثور على أي شيء يدل على ارتباطه بالحزب. الأمر الذي يرجح لدينا أن الشاب اعترف تحت الضغط.”
وتابع المصدر:“أما فيما يخص عمّ الشاب (آزاد) وهو المدني (ريزان محمد خليل)، فقد جاء يطالب بالإفراج عن ابن أخيه، وطلب منه العناصر دفع مبلغ 5 مليون ليرة سورية لقاء الإفراج عنه. فتشاجر معهم وحدثت مشادات كلامية الأمر الذي دفع العناصر لضربه واعتقاله لمدة خمس أيام (..).”
مصدر ثاني من الفصيل قال إن بعض القادة في الفصيل حاولوا استغلال حادثة وفاة “ريزان” لتحريض قائد الفصيل “أبو حاتم شقرا” ضدّ المكتب الأمني الخاص في عفرين واثبات تورط المكتب في قضايا فساد وقتل، ولكن “أبو حاتم” أراد أن يتم إغلاق الملف والتعتيم على الموضوع وسارع بالعمل على ذلك بمساعدة من أفراد من جهاز الشرطة العسكرية في عفرين الذين تربطهم به علاقات جيدة.
تنوه “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” أنها لم تعثر على أي وثيقة منشورة أو بيان صادر عن مشفى عفرين العسكري أو جهاز الشرطة العسكرية حول هذه القضية، كما أنه لم يتم نشر شهادة الوفاة أو تقرير الطب الشرعي.
“مصطفى شيخو”، ناشط إعلامي وعضو “منظمة حقوق الإنسان في عفرين“، قال في تصريحات خاصة لـ “سوريون من أجل الحقيقة والعدالة” حول حادثة مقتل المدني (ريزان خليل) واستناداً إلى شهادات حصلت عليها المنظمة التي يعمل بها، ما يلي:
“بتاريخ 1 شباط/فبراير 2022، تحدّثتُ مع أحد أقارب “ريزان” وقال لي بأنّ الحادثة بدأت عندما تمّ اعتقال (أزاد) وذهب (ريزان) للاستفسار عنه، عندها طلب منه الفصيل مبلغاً من المال لقاء الإفراج عن ابن شقيقه. بعدها اتصل ريزان مع أقارب له في أوروبا، واستطاع تأمين مبلغ 2000 دولار من أجل إعطائها لمحامي للمساعدة في الإفراج عن أزاد. علماً أنّ الفصيل طالب بمبلغ منفصل آخر عدا عن المبلغ الذي تمّ منجه لمحامي”.
وأضاف شيخو:“تمّ اتهام ريزان بأنّه حصل على المال من منطقة الشهباء/التي تخضع لسيطرة وحدات حماية الشعب/حزب الاتحاد الديمقراطي.. وتمّ اعتقال ريزان إثر ذلك على الفور من قبل عناصر أحرار الشرقية.. لقد تعرّض ريزان إلى تعذيب وحشي أسفر عن ظهور كدمات على المنطقة الواقعة تحت الإبط الأيمين.. وأيضاً للضرب على منطقة الرأس.. لاحقاً، قام عناصر من الفصيل بأخذ ريزان إلى منزله بسيارتهم العسكرية بسبب سوء وضعه الصحي وعدم قدرته على الوقوف… بعد أقل من 24 ساعة.. وفي صباح اليوم التالي تمّ نقل ريزان إلى المشفى العسكري ومنه إلى الأراضي التركية حيث توفي هنالك..”
يُذكر أنّ وزارة الخزانة الأمريكية، كانت قد أدرجت ميليشيا “أحرار الشرقية” واثنين من متزعميها على قوائم العقوبات، لإنّ الجماعة المسلّحة “ارتكبت العديد من الجرائم ضد المدنيين، لا سيما الكرد السوريين، بما في ذلك القتل غير المشروع، والاختطاف، والتعذيب، ومصادرة الممتلكات الخاصة”.