منذ احتلالها عفرين، يحاول الاحتلال التركي وبمختلف الأساليب والطرق، نشر التطرف في المجتمع العفريني، وتوجيه الأطفال والشبان الكُرد نحو المذهبية والطائفية، في المنطقة الأصفى كردياً، والتي عرفت دائماً بانفتاحها على الآخر.
وفي هذا السياق، حصلت “عفرين بوست” على صور جلاءات الاحتلال التركي التي وزعت في عفرين، وتتضمن قائمة المواد وفقاً لجلاء المرحلة الابتدائية 11 مادة رئيسية، منها 3 مواد دينية!
وتتضمن قائمة المواد الدينية، المواد التالية: (التربية الدينية، القرآن الكريم، حياة الرسول محمد)، حيث خصص لكل منها خانة في الجلاء!
ولا تعتبر هذه المحاولة التركية جديدةً، فعبر التاريخ نفذت تركيا محاولات مُماثلة، ففي الأعوام الممتدة بين 1930 إلى العام 1940، دعمت تركيا حركات دينية متطرفة تحت مسمى “الحركة المريدية” في “كرداغ\جبل الكُرد” أو عفرين الحالية، بهدف نشر التطرف الديني وحض أهالي عفرين على الانضمام لتركيا القائمة على أنقاض العثمانية.
في المقابل، عمل الانتداب الفرنسي حينها على دعم حركة الاغوات الكُرد وتم تشكيل قوات عسكرية من قبلهم سموا بالمليس (المليشيات)، وحدثت مواجهات عسكرية بين أهالي عفرين أنفسهم نتيجة تغلغل أدوات تركية تحت مسميات دينية في عفرين، بين مؤيدين للمريدية وآخرين مؤيدين للأغوات الكُرد.
وعقب تنازل الفرنسيين عن لواء الاسكندرون للاحتلال التركي في العام 1938، سحب الاتراك يدهم من دعم حركة المريدين، وحدثت مواجهات عنيفة بين المريدين وقوات الآغوات الكُرد انتهت في العام 1940، عندما استخدم الفرنسيون الطائرات في قصف المريدين في اقوى تحصيناتهم التي كانت في شيخورزه التابعة لناحية بلبلة\بلبل.
ويبدو أن الاحتلال التركي يسعى من جديد إلى إعادة المحاولة في عفرين، عبر تغذية النفس الطائفي والروح المذهبية بين السكان الكُرد، من خلال تكثيف الدروس الدينية في المدارس التي يديرها الاحتلال.
ومنذ احتلال عفرين من قبل الاحتلال التركي والمليشيات الإسلامية، يتخوف الناشطون الكُرد على مصير منطقتهم، التي تم تهجير أكثر من 350 ألف من سكانها خلال آذار العام 2018، بفعل آلة الحرب التركي، حيث لا يزال غالبية هؤلاء مُهجرين، ممنوعين من العودة.
ورغم أن بقاء المُهجرين في الشهباء ومخيماتها كان نقطة خلاف بين الناشطين الكُرد سابقاً، إذا شجع بعضهم العودة ورفضها الآخر، إلا أن الممارسات العنصرية للمليشيات الإسلامية التي تتم بإشراف الاحتلال التركي، أجبرت الكثير ممن عادوا إلى عفرين على مغادرتها لاحقاً، نتيجة لعدم تحملهم المضايقات من المليشيات الإسلامية، والتي شملت الترهيب والإساءة والخطف والتعذيب والابتزاز والفدى المالية، إضافة لسلسلة طويلة من الممارسات التي يطول شرحها.
ومن مظاهر نشر التطرف التي تمكن ناشطون كُرد رصدها مؤخراً، ظهور جماعة تكفيرية متشددة في ناحية موباتا. وقالت منظمة حقوقية أن هؤلاء ينتشرون في زوايا الشوارع بالناحية وأمام الجوامع، ليقوموا برش (بخ) العطر على المواطنين ويطلبوا منهم الدخول للجامع. كما يقوم هؤلاء المتطرفون بطرق أبواب الأهالي، ودعوتهم للذهاب الى الجامع للصلاة.
كما أقدمت الميليشيات الاسلامية التابعة للاحتلال التركي مؤخرا على تدمير ونبش مزار ديني خاص بالعلويين الكُرد في ناحية موباتا/معبطلي، ونشرت صفحة” أخبار معبطلي” على الفيس بوك خبراً مرفقا بصور توضيحية، يفيد بقيام الميليشيات الإسلامية بأعمال حفر وتدمير ونبش في مزار ” آف غيري” الذي يحظى بقدسية لدى أبناء الطائفة العلوية في البلدة.
هذا إضافة إلى افتتاح المعاهد الدينية، كمعهد “الفَتح المُبين”، في قرية كورزيليه/قرزيحل، وافتتاح الاحتلال التركي لمدرسة باسم الإمام الخطيب “باشا كاراجا” مكان الثانوية الشرعية وسط مدينة عفرين، ويُعرف أن مدارس” باشا كاراجا” تعتبر من أكثر المدارس الدينية رواجا في تركيا وتخرج منها الكثير من الشخصيات بينها أردوغان.
كما تقوم المليشيات الإسلامية بتدمير المقابر الكردية في مختلف القرى، وتسويتها بالأرض بحجة أنه محرم أن يكون لها قبة، وأنها يجب أن تكون مستوية بالأرض، لكن ناشطين كرد يؤكدون أن هذه الممارسات في مجملها تهدف إلى طمس تاريخ المنطقة وخصوصيتها القومية الكُردية.
والاسبوع الجاري، علمت عفرين بوست من مصادرها أن مشايخ أتراك يتجولون في شوارع عفرين ويقومون بتوزيع كتب دينية مجاناً على المارة، في حين ذكر ناشطون كرد أن الاحتلال التركي قام بطباعة أكثر من 100 ألف نسخة من القرآن، بغية توزيعها في عفرين!