عفرين بوست
ذكرت مصادر إعلاميّة متضافرة، أنّ متزعمين من هيئة تحرير الشام قاموا خلال الأسابيع الماضية بجولة في قرية باصوفان الإيزيديّة وناحيتي جنديرس وشيه/ شيخ الحديد إضافة إلى مدينة إعزاز وريف الباب بمتزعمي الميليشيات التابعة للاحتلال التركيّ.
ووفقاً لمعلومات مؤكدة، فإنَّ (هيئة تحرير الشام) قامت بإنشاء نقطة عسكريّة لها في قرية باصوفان وعدد من المناطق المحتلة جنوب وغرب عفرين، وتتحرك في مناطق أخرى برموز ووثائق خاصة بفصيل (الجبهة الشاميّة)، وهي بصدد الاتفاق مع ميليشيا “سليمان شاه/ العمشات لتبادلِ الأدوار في منطقة شيه/ شيخ الحديد وناحية جنديرس.
توسع نفوذ مسلحي (هيئة تحرير الشام) المصنّف إرهابيّاً في عفرين ليس تطوراً مفاجئاً، فالعلاقة بين الميليشيات التابعة للاحتلال التركيّ و”الهيئة” وطيدة، وهناك اجتماعات وتبادلٌ للزيارات وتنسيق بين الطرفين، وحالات التوتر الطارئة لا تتجاوز التوتر بين الميليشيات التابعة لأنقرة الذي يصل حدّ الاقتتال والاشتباكات العنيفة، وهو يتزامن مع التصعيد لروسيّ في إدلب.
وكانت ميليشيا “فيلق الشام” قد أصدرت قبل أيام أمراً إداريّاً زادت بموجبه من وطأةِ التضييقِ على الأهالي ي منطقة “براد” بناحية شيراوا، وتضمن منعَ الزراعة من قبل مالك الأرض، وقطف الزيتون وكساحة الأشجار تحت طائلة الغرامة والسجن، وكذلك ورعي الأغنام فيما سمته نقاط الرباط تحت طائلة مصادرة القطيع واعتقال الراعي.
وبوضع القيود على أعمال الزراعة ورعي الماشية تكون الميليشيا قد ضيّقت على الأهالي حدود المعيشة إلى الحد الأقصى، وبررت ذلك القرار بالحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة. وأما تسمية لجنة للزراعة فهي للتعمية، وتقصد بذلك اللجنة الأمنيّة لأنّ الميليشيات لم تنشئ غرف زراعة أو مختصين بهذا الشأن.
دخول سابق لعناصر الهيئة إلى عفرين
في 18/4/2021 تداولت مواقع إعلاميّة مفاده دخول مسلحين من “هيئة تحرير الشام” إلى محيط باصوفان بحجة أنَّ المنطقة غير محصنة وأنّها نقطة عبور للتهريبِ، ولطالما انتقدت الهيئة الميليشيات “الجيش الوطنيّ بعدم توفر الأمن في مناطق سيطرتها. وجرى صدام “غير مسلح” مع مسلحي الميليشيات التي استدعت المؤازرة على الفور، وساد التوتر، على خلفيّة إصرار الهيئة استلام المنطقة. وأوضحت المصادر أن مسلحي “هيئة تحرير الشام” استلموا عدة نقاط عسكرية من ميليشيا “فيلق الشام” في ناحية شيراوا، وجرى استناداً إلى توجيهات من سلطات الاحتلال التركي.
في 17/6/2019 أفادت مصادر محليّة بوصول دفعة جديدة من عوائل عناصر “هيئة تحرير الشام” من ريف إدلب إلى عفرين، وذكر مصدر لـ تموز نت، أنّه وصل يوم السبت 15/6/2019 نحو 400 عائلة لمسلحي “هيئة تحرير الشام”، فارين من ريفي إدلب وحماة. وسكنت تلك العائلات في قرى ناحية جنديرس ومنازل في مدينة عفرين.
عوائل النصرة في عفرين
في 28/12/2019 أكدت مصادر محليّة في مركز إقليم عفرين تحرك مسلحين من هيئة تحرير الشام/ النصرة داخل أحياء مدينة عفرين برفقة عائلاتهم، في مسعى منهم لتأمين مساكن لذويهم.
وأوضحت المصادر أنّ العشرات من مسلحي “جبهة النصرة” كانوا يتجولون في حي الأشرفية بحثاً عن بيوت وشقق خالية لإسكان عوائلهم فيها، مشيرةً إلى حدوث توتر بينهم وبين المستوطنين المنحدرين من الغوطة، بسبب رفضهم استقبال عوائل مسلحي “النصرة” في الأبنية التي يستولون عليها بالحي، ومطالبتهم لهم بالتوجه إلى القرى. وتطور التوتر بين الطرفين إلى قيام مسلحي “النصرة” بإطلاق الرصاص في الهواء لإخافة مستوطني الغوطة وإجبارهم على الموافقة باستقبال عوائلهم.
العمشات والهيئة
في 13/8/2021 أشار موقع الحل إلى أنّ “الجولانيّ” يسعى إلى توسيع إطار نفوذه خارج محافظة إدلب في المرحلة القادمة، وذلك لاحتواء التداعيات المحتملة للاتفاقات الروسيّة ــ التركيّة، واتباع الجانب الروسيّ أسلوب القضم التدريجيّ عبر العمليات العسكريّة، والانسحابات التركيّة وإخلاء نقاط المراقبة تباعاً وإعادة الانتشار شمالاً، ما ضيّق مساحات نفوذ “الهيئة”
وقد فشلت مساعي “الجولاني” في التمدد في مناطق سيطرة “الجبهة الوطنيّة” بريف حلب الغربيّ، ودعا إلى إنشاء غرفة عمليات مشتركة، لكن طلبه قوبل بالرفض، وتعهدت “الجبهة” للأتراك بالسيطرة الأمنيّة في المنطقةِ، دون حاجةٍ لوجودِ عناصر “الهيئة”، فكان البديل التفكير بالتوسع باتجاه عفرين.
المدعو محمد جاسم أبو عمشة متزعم مرتزقة “سليمان شاه/ العمشات” المنسحب من غرفة العمليات الموحدة/ عزم، لينضم إلى ما يسمى “الجبهة السورية للتحرير”، ولكنه أوفد أخاه بدلاً عنه، فأصدرت “الجبهة” كتاب عتاب” إليه. ولكنه على علاقة جيدة مع هيئة تحرير الشام. وقال في لقاء نشرته صحيفة القدس العربي في 7/9/2021 بأنه على استعداد للتفاهم مع «تحرير الشام» والقتال معها في إدلب تحت مظلة “الجيش الوطني”. وحول العلاقة مع “تحرير الشام”، قال “ليست لدينا مشكلات معهم، كما أنه لا توجد علاقات بيننا”. والواقع غير ذلك، فقد اضطر أبو عمشة للخروج إلى تركيا بعدما هاجمته النصرة عام 2015 وصادرت سلاحه. ولذلك فإنّ التطبيع بين “الهيئة” وميليشيا “سليمان شاه” مستغربٌ، ولم يدع “أبو عمشة” مناسبة إلا ووصف “الجولاني” عدواً للثورة.
بعد احتلال عفرين استقبل المدعو “أبو عمشة” لأكثر من مرة متزعمي من “الهيئة”، ففي 2/9/2020 استقبل وفداً من تحرير الشام بقيادة الشرعي البارز، أبو يوسف الحموي، والمعروف باسم، أبو يوسف حلفايا الذي تربطه به علاقات تجاريّة وكلاهما ينحدر من ريف حماه. كما زاره “شرعي” هيئة تحرير الشام “النصرة” المدعو “عبد الرزاق المهدي في 18/12/2020. وفي سياق التطبيع مع الهيئة قدّم “أبو عمشة” لوفد منها زاره مؤخراً نحو 50 رشاشاً جديداً من هذا النوع، بالإضافة إلى عدد من مسدسات “غلوك”.
بكل الأحوال كلّ ما يجري من اتفاقات واختلافات لا تخرج عن إرادة سلطات الاحتلال التركيّ وإدارته، وهو ذلك يمسك بخيوط الدمى، فتارة تتفق وطوراً تختلف، والغاية من ذلك إجبارها لمزيدٍ من الرضوخ، بعدما بات الملاذ الأخير لهم جميعاً.