قال “مراسل عفرين” في حي الاشرفية بمدينة حلب، أن قوات النظام السوري تعمد إلى إجراء مسح في المناطق الخاضعة لسيطرته تحت حجة التأكد من قاطني المنازل، وذلك عقب عودة قسم كبير من السكان الكُرد الى الحي المعروف بأنه يحوي غالبية كُردية.
وقبل وصول الحرب الأهلية السورية إلى حلب، اشتهرت عدة مناطق في محافظة حلب بأنها ذات غالبية كردية، ومنها حيا الاشرفية والشيخ مقصود، حيث لا يزال الأخير خاضعاً لوحدات حماية الشعب التي تشكل العامود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية.
وأضاف مراسل “عفرين بوست“، أن لجان تابعة للنظام السوري تقوم بزيارة جميع المنازل في حي الاشرفية بحجة التأكد من قاطنيها، وأثناء ذلك تطلب من السكان دفتر العائلة ورقم الهاتف ومعلومات حول الشبان الذين هم في عمر الخدمة العسكرية الإلزامية او الاحتياطية في صفوف قواته.
وتجنب الشعب الكردي خلال سنوات الحرب الاهلية السورية ارسال أبنائهم إلى الخدمة الإلزامية، حيث سجل آلاف الشبان حالات تخلف عن الخدمة الإلزامية، لكن احتلال عفرين اجبر الكثير منهم على التوجه نحو مناطق سيطرة النظام في حلب، حيث قام الأخير باعتقال الكثير منهم والحاقهم بصفوف قواته.
ويحاول الشبان الكرد المتواجدون في مناطق الشهباء الوصول الى حلب عبر سلك طرق التهريب التي يتكفل بها تجار البشر وهم في غالبهم من بلدتي نبل والزهراء المواليتان للنظام السوري، حيث جرت عمليات تهريب البشر بأسعار كبيرة في بداية احتلال عفرين وصلت إلى مليون ليرة سورية للشخص الواحد، وانخفضت مؤخراً عند اعتاب الـ 75 ألف ليرة سورية.
وفي هذا السياق، قال مصدر مدني لمراسل “عفرين بوست” أن “قوات النظام السوري وعقب زيارتها منزله بحجة التأكد من ثبوتيات امتلاكه منزله، بدأت سؤاله عن شبابه الذين في عمر الخدمة العسكرية استناداً إلى المعلومات الموجودة في دفتر العائلة، حيث يتم تسجيل جميع المعلومات المتعلقة بجميع الشبان، لكن دون التطرق لسبب السؤال”.
وأضاف المواطن أنه و”عقب عدة أيام، اتصلت قوات النظام معه وطلبت منه التوجه لحاجز قوات النظام المتواجد امام حديقة الاشرفية بحي الاشرفية، حيث يتمركز عناصر للنظام السوري هناك”.
مردفاً: “لدى توجهي برفقة اثنين من جيراني الذين كان قد تم الاتصال بهم ايضاً، جرى سؤالي عن ابني، وقد اخبرتهم انه موجود في المانيا، وعندها طلب مني أن أقوم بتسليم ابني في حال عودته الى سوريا، وقد امضيت على أوراق رسمية تثبت أني تلقيت تبليغ حول ضرورة التحاق ابني بالخدمة الاحتياطية في صفوفه”.
وتتقاسم السيطرة في حي الأشرفية قوات النظام السوري، ووحدات حماية الشعب، حيث يتواجد حاجزان متقاربان بالقرب من جامع صلاح الدين بالحي، يفصل بين الجانبين، حيث يسيطر النظام السوري من جامع صلاح الدين باتجاه الدوار الثاني وما بعد، في حين تسيطر وحدات حماية الشعب في المنطقة الممتدة ما بين جامع صلاح الدين وصولاً إلى حي السكن الشبابي وامتداداً إلى حي الشيخ مقصود.
وتمكنت كل من روسيا وتركيا من تحقيق صفقة على حساب عفرين ومناطق في ريف دمشق وحمص، عندما جرى الموافقة من جانب روسيا على اجتاح عفرين، مقابل إخلاء تركيا لمناطق تسيطر عليها مليشيات مدعومة من قبلها في محيط دمشق، ونقلها إلى عفرين بغية تغيير ديمغرافيتها والقضاء على كُردية المنطقة.
ووفرت الصفقة التركية الروسية مكسباً كبيراً للنظام من خلال إفراع الحاضنة السنية في محيط العاصمة دمشق، حيث تمكن رئيس النظام السوري بشار الأسد من زيارة الغوطة الشرقية يوم الثامن عشر من آذار مارس المنصرم، أي في يوم احتلال تركيا لمنطقة عفرين الكردية، وهي زيارة لم يتمكن أحد من مسؤولي النظام القيام بها خلال سنوات خلت، نتيجة سيطرة المليشيات الإسلامية عليها.
ومنذ احتلال عفرين آذار\مارس المنصرم، لا يسمح النظام السوري للمواطنين الكُرد الذين تنتمي قيودهم إلى عفرين بالتوجه إلى حلب، حيث سبق وأعيد المئات من المواطنين المسنين والسيدات من على حواجزه في مشارف حلب إلى مدينة تل رفعت بريف حلب الشمالي أو مناطق الشهباء، في حين كان يتم اعتقال الشبان ممن هم في عمر الخدمة الاحتياطية أو الإلزامية لصالح قوات النظام.
كما شكلت عمليات تهريب المهجرين العفرينيين من مناطق الشهباء نحو الأحياء التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في حلب كحي “الشيخ مقصود”، إضافة إلى باقي أجزاء حلب، “تجارة رابحة” للمهربين الذين ينحدرون في غالبيتهم من بلدتي (نبل والزهراء).
ورصد ناشطون كُرد مجموعة ممارسات صدرت عن أنصار النظام السوري خاصة على صفحات التواصل الاجتماعي، تمثلت في تحريضها على عفرين كونها رفضت من وجهة نظرهم “دخول الدولة”، علماً أن الإدارة الذاتية قد طلبت ببيان رسمي خلال فترة الغزو من النظام نشر قواته على الحدود لسحب الحجة التركية التي تتحدث عن انفصاليين، لكنه رفض ذلك مشترطاً حل الإدارة الذاتية وعودة سلطاته المركزية واجهزته الأمنية والمخابراتية كما سابق عهدها!
ولم يسبق أن طالبت الأحزاب الكردية أو الإدارة الذاتية بالانفصال عن سوريا او تشكيل كيان مستقل، حيث يسعى الكُرد حسب مشروعهم السياسي الى توزيع السلطات وإقامة نظام لامركزي، مؤكدين أن إعادة انتاج النظام السابق، ستعني صراع متجدد لاحقاً.
وتستمر أجهزة النظام الأمنية في ملاحقة السياسيين الكُرد، وفي هذا السياق ذكر مواطن كُردي ينتمي لإحدى الأحزاب الكُردية ويبلغ من العمر 60 عاماً، انه تعرض الى التوقيف والإهانة من قبل حاجز تابع لما يسمى “الأمن العسكري” على مدخل مدينة حلب، حيث تم اعتقاله لأكثر من 10 أيام، وجرى تعذيبه بحجة أنهم كانوا يقومون بوضع الخطط لوحدات حماية الشعب!
وكان قائد «وحدات حماية الشعب» سيبان حمو، أعرب في الخامس عشر من ديسمبر العام الماضي، عن اعتقاده أن المسؤولين الروس «مسرورون» بسبب تهديدات الجيش التركي لـ«الوحدات» والأميركيين شمال شرقي سوريا، وأن دمشق «تتفرج على هذه التهديدات ولا تقوم بأي مبادرة للدفاع عن حدود الدولة السورية»، ووجه حمو «نداء إلى الدولة السورية» بضرورة العمل على «حماية حدود سوريا وأرضها، ونحن جاهزون للعمل المشترك لصد تركيا».
وأشار قائد «الوحدات» أنه «في عفرين طلبوا أن نسلم المدينة قبل هجوم تركيا لكننا رفضنا. أما الآن فإنهم (في دمشق) يتفرجون. ليست هناك أي مبادرة من روسيا أو دمشق». وقال: «باسمي وباسم الإدارة شرق البلاد، كما فعلت قبل الهجوم على عفرين، أوجه نداء إلى (المسؤولين في) الدولة السورية: نحن طرف سوري والأراضي سورية، ويجب على الدولة الدفاع عن أراضي الدولة بكل الإمكانات. خلافاتنا داخلية حول الديمقراطية والسياسة وليست حول الأرض السورية والحدود، ويجب اتخاذ موقف من الاعتداءات التركية. للأسف لا تزال الدولة شبه متفرجة. وإذا كانوا مستعدين، فإننا جاهزون لمناقشة كيفية التعاون لحماية الحدود والعمل المشترك ضد تركيا».
ونوه إلى أنهم لاحظوا «انزعاج القوات الموجودة على الأرض (التابعة لدمشق وطهران وموسكو)، إنها منزعجة من عمليات المقاومة ضد تركيا في عفرين». ونقل عن بعض المسؤولين قولهم إن «عدو روسيا حالياً هو أميركا وليس تركيا».