تعيد الدبلوماسية الروسية تسويق اتفاقات تعود لنهايات القرن الماضي بحثا عن إرساء التهدئة في سوريا على قاعدة سياسية صلبة بعدما أعادت قوات النظام السوري عملياً السيطرة على غالبية أراض البلاد.
وحيث تتعرض الأراضي السورية لتدخلات تركية سافرة مباشرة عبر قواتها المسلحة أو عبر دعم فصائل موالية، بلغت التوغلات التركية في الشمال السوري مداها، وتأتي في محاولة لتقويض أحلام أكراد سوريا في إقامة مناطق حكم ذاتي، الأمر الذي تعده أنقرة تهديدا لجنوبها ذو الأغلبية الكردية.
وأمام هذه المعضلة قدمت روسيا بحسب تقارير إعلامية مقترحا الشهر الجاري إلى تركيا لإعادة تفعيل “اتفاق أضنة” الذي يعود إلى عام 1998 ويسمح للجيش التركي بملاحقة “حزب العمال الكردستاني” بعمق 5 كيلومترات شمال.
العرض الروسي بتفعيل اتفاق أضنه جاء في مواجهة خطة أمريكية-تركية لإقامة “منطقة عازلة” شمال سوريا بعمق 32 كيلومترا.
وحال اتفاق أضنه الذي أقر في يوليو/تموز عام 1998 دون حرب تركية سورية كانت تلوح في الأفق بسبب نشاط حزب العمال الكردستاني في الشمال السوري.
وشارك أكراد سوريا كرأس حربة في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي الذي تربطه صلات غامضة بنظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وفي مواجهة الأكراد خاض جيش أردوغان مغامرة في منطقة عفرين السورية لصد الأكراد ومنع اتصال مباشر بين أكراد غرب الفرات وشرقه. ولا يزال جيش الاحتلال التركي يلوح بشن هجوم على مدينة منبج، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي خطته للانسحاب من سوريا.
ويبدو أن الموقف الأمريكي في سوريا يضعف من قيمة عرض واشنطن بإقامة “منطقة عازلة” بعمق 32 كيلومترا شمال شرقي سوريا، ما دفع أردوغان خلال لقاء مع بوتين الأربعاء الماضي للإنصات على نحو مختلف للعرض الروسي.
والتقى أردوغان الرئيس الروسي الأربعاء الماضي واستمع منه إلى عرض بإعادة تفعيل اتفاق أضنه.
وكان اتفاق أضنه قد أعطى أنقرة الحق بملاحقة “حزب العمال الكردستاني” لعمق 5 كيلومترات شمال سوريا، مقابل تخلي دمشق عن أي مطالبة بحقوقها في لواء إسكندرون (إقليم هاتاي) الذي ضمّته تركيا في 1939. كما يسمح الاتفاق بانتشار القوات السورية على الحدود، والاعتراف بالحدود القائمة.