عفرين بوست ــ متابعة
نشرت ميليشيا “سليمان شاه” على معرفاتها الرسميّة يوم أمس الجمعة 21/5/2021 بياناً مصوراً، قرأه أحد متزعمي الميليشيا، وتضمن البيان اتهاماتٍ للعميد أحمد رحال.
وجاء في البيان أنّ حكماً قضائيّاً برقم 295 تاريخ 25/6/2020 صدر من (المحكمة العسكريّة) بإعزاز بحق العميد رحال يتضمن سجنه لمدة ثلاث سنوات، “جزاءً له على الافتراءات وتطاوله على الثورة والجيش الوطني”، وأدان البيان باسم “ضباط وأحرار فرقة السلطان سليمان شاه التابع للجيش السوري الوطني ما وصفه الأفعال والأقوال الجرمية” الصادرة عن العميد رحال، بسبب ظهوره على “القنوات المعادية للثورة السورية، والإساءة والتحقير لمؤسسة (الجيش الوطني) بشكل عام، و(فرقة السلطان سليمان) بشكل خاص ومستمر”. وطالب الحكومة التركيّة بتسليمه إلى القضاء العسكريّ المختص التابع لميليشيا (الجيش السوري الوطني) الإخوانية لمجازاته قانونياً، واصفاً إياه بـ “العميل المجرم”.
اللافت في البيان أنّه استند إلى قرار قضائيّ صدر قبل عام، أي في الفترة الواقعة ما بين “حرب التغريدات” ما بين العميد رحال والمدعو “أبو عمشة”، الذي توعده بالمحاسبة، إلا أنّ القرار لم يأخذ طريقه للإعلام.
توقيت صدور البيان
جاء بيان ميليشيا “العمشات” بعد أربعة أيام من تداول مواقع إعلامية تركيّة أنَّ فرق الجمارك في ميناء إسكندرون ضبطت شحنة من المخدرات وزنها 1072،6 كغ من الحبوب المخدرة معدّة للتصدير، موضوعة في شحنة “حجر بناء” مكونة من 17 حاوية لنقلها إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. وقالت إنّ مصدرها بلدة شيه/ شيخ الحديد، وقامت سلطات الأمن التركية بحملة مداهمات اعتقلت فيها أشخاصاً محسوبين على ميليشيا العمشات في مدن الريحانيّة والعثمانيّة
في كلّ مرة تلجأ ميليشيا “العمشات” إلى تفنيد الاتهامات بحقها إلى مقاطع مصوّرة لاحقاً، فيما لجأت هذه المرة إلى قرار قالت إنّه صدر في الماضي!! وظهر في خلال تلاوة البيان ضباط برتبة عميد منضوون في قيادة الميليشيا، وتوقف موقع عنب بلادي في تقرير تحت عنوان “فصيل “أبو عمشة” يقول إنه أصدر حكمًا بالسجن على العميد أحمد رحال”، نشره اليوم السبت، لدى مشهد قراءة البيان وقال “لا يتمتع الفصيل بصلاحيات إطلاق أحكام قضائية، مع وجود أجهزة قضاء عسكريّ ومدنيّ في المنطقة. وذكر الموقع أيضاً أنّ المدعو “أبو عمشة” من مواليد 1987 أنّه كان “يعمل عمل سائقًا لجرارات الحراثة (تركتور) والحصادات الزراعية” قبل اندلاع الأزمة السورية. أي أنّه مدنيّ وعمره أقل من سنوات الخدمة العسكريّة للضباط الموجودين في قيادة الميليشيا!!
ما يحدث يأتي في سياق الحساسيّة بين الضباط المنشقين ومتزعمي الميليشيات الذين صنعتهم أنقرة، ومنحتهم مناعة من المساءلة والمحاسبة، فيما أحيل الضباط إلى مجلس عسكريّ شكليّ بلا صلاحيات، أو أن يختاروا الانضواء في صفوف الميليشيات، التي يتزعمها أشخاص مغمورون وأصحاب مهن حرة، وهو ما قصده العميد رحّال بوصف متزعم ميليشيا ببائع بندورة.
موقع “الحرة” نشر في 12/4/2021، تقريراً بعنوان:”المال يضيع البوصلة”.. “تجار البنادق الجدد” يتصدرون المشهد شمال سوريا، وقال الموقع إنّ “الارتزاق ضرب صميم الثورة”، وأشار إلى أنّ متزعمي الميليشيات العاملة في الشمال السوري، وبخاصة ريف حلب، ظهروا إلى الواجهة العسكريّة بصورة ملحوظة بعد عملية “درع الفرات”، للجيش التركيّ، وهناك إشكاليّة في تراتبية العمل العسكريّ في الشمال. كما أشار إلى “غياب العقيدة الوطنية”. وأن الارتزاق لا يقتصر على الجانب العسكري في سوريا بل يشمل السياسيّ والإعلاميّ، وحتى “النشاط الثوري”.
السلطات التركيّ تعتقل “رحال” بتهمة فضفاضة
ولا يخرج البيان عن سياق حرب شخصية مفتوحة بين العميد رحال والمدعو محمد جاسم (أبو عمشة) متزعم ميليشيا “سليمان شاه” /”العمشات”. والتي سماها مراقبون بـ “حرب التغريدات”، التي اندلعت في آذار 2020، تبادلا فيها جملة من الاتهامات شملت الفساد وأعمال النهب والسرقة والتحقير والعمالة. واستمر السجال بين الطرفين حتى تاريخه. وتوعد المدعو أبو عمشة بمحاسبة رحال، من خلال القضاء التركي، حيث يعيش رحال في تركيا.
في 13/8/2020 اعتقلت العميد رحال في منزله في مدينة إسطنبول التركية مع شقيقه، وقال موقع الحرة في اليوم التالي نقلاً عن مصادر أن شخصين بملابس مدنية اقتادا رحال بعدما أصرّا على التأكد من قانونيّة وثائق إقامته في البلاد. ولدى السؤال عنه في “أمنيات” وزارة الداخلية التركيّة التي يفترض أنه اقتيد إليها، أنكروا وجوده لديهم.
في 26/8/2020 نشر موقع “سوريا على طول” تقريراً بعنوان “محمد الجاسم “أبو عمشة” طفل تركيا المدلل”، ذكر فيه تفاصيل حرب التغريدات بين اتهامات بالفساد من الأول وتهديد ووعيد من الثاني، وذكر نقلاً عن أحد أقرباء “أبو عمشة” باسم مستعار “منذر مصطفى” إنّ المدعو “أبو عمشة”، عمل قبل الأزمة السورية سائق جرافة زراعيّة. ومتهمٌ بالعملِ “بتجارة الأسلحة عبر طرق التهريب”.
في 8/9/2020 ذكر موقع “جسر” أن، السلطات التركيّة وجّهت تهمة “التآمر على تركيا”، للعميد رحال، على أن يقدّم للمحكمة بتهمة المساس بالأمن القومي التركيّ. وفيما حاول المدعو نصر الحريريّ التواصل مع جهة أمنيّة، بعد مناشدة من زوجة العميد “عفاف شاكر”، فتم توبيخه، وطلبوا منه عدم التدخل لأنَّ القضية تتعلق “بالأمن الوطنيّ التركيّ”.
تخبط الميليشيا
في 9/4/2021 تم تداول مقطع مصور لمجموعة مسلحين، وتحدث فيه المدعو عمر عبد القادر جبرائيل واتهم متزعم ميليشيا العمشات “محمد جاسم” بسرقة الرواتب وتعويضات الإصابة، وأقرَّ بالمشاركة بحرب أذربيجان، وكما العادة ظهر الأشخاص أنفسهم مجدداً في 11/4/2021، وأنكروا ما ورد في الفيديو السابق، وقالوا إنّهم تعرّفوا على شخص يدعى “أبو إبراهيم” يعمل لدى العميد أحمد رحال طلب منهم تصويراً مدته 30 ثانية، وأن يقولوا إنهم قاتلوا في “قره باغ” مقابل حصولهم على 800 دولار، وأشاروا إلى أنهم لم يخرجوا من سوريا.
موقف الميليشيا عكس حالة تخبط لديها الميليشيا، ما بين ما قالته في البداية في البيان، أنّ الفيديو المتداول محض افتراء وتلفيق، وأنّ رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري دفع مبلغ 800 دولار، للمدعو عمر عبد القادر جبرائيل، الذي لا قيود له لديها لها، لا سابقاً، وقالت أيضاً إنّ المدعو عمر عبد القادر جبرائيل هو ابن عم فادي جبرائيل قائد مجموعة لصالح قوات النظام بقيادة سهيل الحسن. فيما المقطع المصوّر اتهم العميد رحّال.
ورداً على الفيديو كتب العميد رحال على صفحته في موقع فيسبوك: “هذا الفيديو تم تصويره بمنطقة الشيخ حديد بإيعاز من المدعو أبو عمشة ويتهمني بالخيانة والتجني على فصيل بالجيش الوطني وتقديم رشاوي.. وبالتالي هو تحريض على قتلي.. أطالب المخابرات التركية بالتحقيق مع كل من ظهر بالتسجيل ومن وردت أسماؤهم لمعرفة الحقيقة وتطبيق العدالة”.
عاود العميد رحال توجيه الاتهامات لميليشيا العمشات وشخص المدعو “أبو عمشة”، وقال إنّ أحد قادة الأحزاب أخبره أنّ “أبو عمشة” يملك 4 محلات ذهب في الريحانية وعدة مبانٍ وشقق ومكاتب شحن ومطاعم، وأن ثروته في البنوك التركيّة 65 مليون دولار، وطالب بإصلاح بنية ما يسمى الجيش الوطني والاعتراف بالجرائم والتجاوزات التي ارتكبت وتقديم المخطئين للعدالة.
البيان الأخير الذي أصدرته ميليشيا “العمشات” جاء في سياق كبير لأزمة بنيوية في تنظيم ما يسمّى “الجيش الوطنيّ” الذي يقوم على أساسٍ “ميليشياويّ”، قامت أنقرة بتجميعه ليكون أداتها لتنفيذ أجندتها، ومنحت متزعمي الميليشيات الحصانة من المساءلة أمام الأجهزة الأمنيّة والقضائيّة الشكليّة التي أوجدتها لتكون فقط وسيلة التضييق على أهالي عفرين الكرد والمواطنين في المناطق المحتلة.