ديسمبر 23. 2024

تقرير: الزواج القسري للقاصرات في عفرين.. أسلوب آخر لاستكمال التغيير الديمغرافيّ

Photo Credit To تنزيل

عفرين بوست ــ خاص

يتعرض الأهالي الكرد في إقليم عفرين المحتل للتهديد بالقتل بحال رفضوا تزويج بناتهم للمسلحين التابعين للاحتلال التركي، ويجبرون على تزويج بناتهن في عمرٍ قاصر خوفاً من مسلحي ميليشيا الاحتلال التركي، ويرى مراقبون بأن تركيا تسمح عمدا بالتضييق على الكرد لإرغامهم على الخروج من عفرين.

تستمر تركيا وميليشياتها في ممارسة الانتهاكات في عفرين منذ احتلالها في آذار 2018، فبعد عدوان استمر لنحو شهرين تم التهجير القسريّ لأكثر من 350 ألف مواطن كردي، وبدأت سلطات الاحتلال التركيّ، العمل على ابتداع طرق غير مباشرة لاستكمال عملية التغيير الديمغرافي، بالتوازي مع التضييق على الأهالي الكرد بمختلف الأساليب لدفعهم لترك بيوتهم وقراهم.

التزويج القسري هو أحد الأساليب التي يتبعها مسلحو الميليشيات الإخوانيّة، والتي سيكون لها نتائج مهمة في المستقبل على التركيبة السكانية، وبحسب مركز توثيق الانتهاكات شمال سوريا فإنّ معدلات تزويج القاصرات في زيادة، ووصلت إلى نسبة 40% خلال عام 2020، أي بعد عامين من الاحتلال، وهو ما يعادل 4500 حالة، وتشمل النسبة فتيات كرديات من أهالي المنطقة وكذلك المستوطنات.

شبكة عفرين بوست الإخبارية تواصلت مع نساءٍ أرغمن على الزواج وهن قاصرات، واستطلعت من خلالهن بعض الوقائع.

تزوجها تحت تهديد السلاح بعمر 14 عاماً

تواصلت عفرين بوست مع السيدة (ن) من قرية قزلباشا بناحية بلبلة بريف عفرين، والتي أرغمها المسلحون على الزواج من مسلح اسمه “سلام” تحت تهديد السلاح.

بدأت قصة السيدة (ن) – عمرها 14 عاماً- مع بداية دخول المسلحين إلى قريتها، ووقعت أنظارهم عليها، فراحوا يهددون والدها بالقتل إن رفض تزويج ابنته للمسلح “سلام” المنضوي في صفوف ميليشيا “صقور الشام”، وعملوا على مضايقة العائلة، بمداهمة المنزل من وقتٍ لآخر بحجة التفتيش عن السلاح وما شابه، والحقيقة أنهم كانوا يريدون التأكد من أن الفتاة ما زالت موجودة في المنزل ولم تهرب.

وفي إحدى المداهمات انهال المسلحون بالضرب على والدها، واختطفوا شقيق الفتاة من المنزل تحت الضرب أيضاً”، وفيما بعد وضعوا أمام أحد خيارين: إما أن تعطوهم الفتاة أو أن العائلة كلها مهددة، وقالوا: “سنخفيكم من كلِّ سوريا”.

 الفتاة وافقت على الزواج من ذلك المسلح، لإنقاذ والدها وشقيقها وتخليصهم من التهديد بالقتل المحتم، أو الابتزاز، واحتمالات أخرى، بعد الزواج لم يحتمل والدها الأمر، فقرر ترك القرية والتوجه مع عائلته إلى مدينة دمشق، ليستولي المسلح “سلام” على منزل العائلة من بعدهم ويسكن فيه.

وعندما بدأت سلطات الاحتلال بإرسال المرتزقة للقتال في ليبيا في نهاية عام 2019، انضم المدعو “سلام” إليهم، وليقُتل هناك حسب قولها.

بعد مقتل “سلام” تنتهي قصة السيدة (ن) بسفرها إلى دمشق حيث عائلتها، ولكنها لازالت تعيش على ذمة ذاكرة مريرة والصدمات التي واجهتها.

شقيقتان من ضحايا ممارسات المسلحين

 الشقيقتان (ع) و (د) من قرية قزلباشا – ناحية بلبل، أرغمتا على الزواج في عمر ما دون الثامنة عشرة،

الأولى كان طفلة بعمر (14 عاماً) عندما تزوجت قبل بعام، حيث طلبها مسلح من ميليشيا “صقور الشمال” يعرف بلقب “كوسوفي”، وكانت حينها طالبة في الصف الثامن، إلا أن والدها رفض الطلب، وأمام تهديد المسلحين لوالد (ع) بالقتل، اضطر لتزويج ابنته وهي بعمر 14 عاماً لابن خالها، وانتقلت للعيش في قرية أخرى، في شكل أقرب للإقامة الجبرية، فلا تغادر لا إلى عفرين أو قريتها قزلباشا، خشية التعرض لها، ومن جهة أخرى قطع المسلحون أملهم من والدها وتركوه في حال سبيله”.

السيدة الصغيرة (ع) ترفض إنجاب أطفال، ولا زالت تأمل أن يتحسن الوضع لتكمل دراستها.

أما الفتاة الثانية (د)، يقول مراسل “عفرين بوست” ، فقد كانت بعمر 15 عاماً، عندما تزوجت قبل عامين، فقد واجه والدها مضايقات كبيرة من مسلحي ميليشيا “صقور الشمال”، ليضطر أيضاً لتزويجها في سن مبكرة، من ابن خالها، وهي تقيم في أحد أحياء مدينة عفرين، وقد أنجبت طفلاً، ولا يختلف وضعها عن وضع شقيقتها، إذ لا يمكنها أن تزور أهلها في القرية خوفاً من المسلحين.

وحصلت شبكة عفرين بوست على أسماء عدة قاصرات أخريات أرغمن على الزواج لكن دون الحصول على المزيد من التفاصيل عن أحوالهن.

سياسة ممنهجة

مصطفى عبدي: مدير مركز توثيق الانتهاكات

الصحفي والإداري في مركز توثيق انتهاكات شمال سوريا مصطفى عبدي يقول بأنه هناك حالات يوميّة لإرغام العائلات على تزويج بناتهن قاصرات، ويضيف: “يتم تخيير العائلة بين الاعتداء، الاعتقال، الخطف أو تزويج بناتهن، وهذه الظاهرة منتشرة بشكل كبير في قرى عفرين. وتضطر العائلات غالباً للرضوخ للتهديدات وتزويج بناتهن للمسلحين”.

ويشير عبدي إلى أن الوضع في عفرين بات “معركة البقاء ونضال، هي معركة الحصول على الأمان والسلام، فالمنازل تُقتحم والنساء تُختطف، وما يعيشه المواطنون الكرد هو نضال كبير للفئات المجتمعيّة كافة، الآباء والأمهات والأبناء. ومنذ بداية الشهر الجاري تم توثيق ثلاث حالات قدمها المواطنون الكرد للجهات الأمنية ضد المستوطنين، الذين يزعجون النساء الكرديات، وكان الرد بدون أي إجراءات، بل على العكس، قالوا “هذا هو الواقع”، والأجهزة الأمنيّة في عفرين تقف في صف المستوطنين، وتدفع المواطنين الكرد للخروج القسريّ من عفرين”.

ويشير مصطفى عبدي بأن: “هذه سياسة ممنهجة، ن قبل سلطات الاحتلال التركي، والغاية منها تهجير ما تبقى من أهالي عفرين منها، وتغيير تركيبتها الديمغرافية، والكل يعلم أن عفرين تعرضت لأكبر عملية تهجير جماعيّ خلال الأزمة السوريّة”.

Post source : عفرين بوست

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons