عفرين بوست
نشر المركز السوري للعدالة والمساءلة في 6/2/2021 تقريراً بعنوان المساعدات الخارجية والتغيير الديمغرافي في شمال غرب سوريا، وقال إن على حكومة الكويت والحكومات الأخرى حظر تمويل من شأنها الإسهام في عملية التغيير الديمغرافي التي تقودها أنقرة في عفرين على أراضٍ تعود ملكيتها للسكان الكرد.
التقرير ذكر استناداً لتقارير منظمات حقوقية وإعلامية سوريّة، مشروع بناء بؤرة استيطانية جديدة تحمل اسم “كويت الرحمة” قيد الإنشاء في منطقة شيراوا بريف عفرين. إضافة إلى المرافق الصحية والتعليمية، وسيتضمن المجمع الاستيطاني 300 وحدة سكنيّة تقوم ببنائه جمعية شام الخير المسجلة في تركيا عام 2014.
لا أجوبة واضحة رغم وضوح التمويل الكويتي
ويقول المركز السوري للعدالة والمساءلة إنّ مشروع كويت الرحمة تلقى دعماً من مصادر قطرية، وهو يشبه مشروع مدينة الصباح الخيرية، وتتقوم ببنائه جمعية شام الخير، بتمويل من الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية ومقرها الكويت، والهيئة منظمة خيرية غير ربحية، لكنها مرتبطة تاريخياً بدولة الكويت، ويرأسها حالياً مستشار للديوان الأميري. وبذلك، فمن المحتمل أنها الهيئة تعمل بدرجة معينة من الإشراف والموافقة من مسؤولي دولة الكويت. ولا تعلن الهيئة على موقعها على الإنترنت عن أيٍّ من مشروعَي عفرين (كويت الرحمة ومدينة صباح الأحمد الخيرية)، ولم تجب الهيئة ولا جمعية شام الخير على استفسارات المركز السوري للعدالة والمساءلة حول هذا الموضوع. غير أن جمعية شام الخير تقرّ صراحة أن الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية تموّل مشروع مدينة صباح، في حين أن الاسم وأوجه الشبه بين كويت الرحمة ومشاريع الهيئة الأخرى تشير بوضوح إلى مشاركة مانحين كويتيين.
انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان قامت بها الميليشيات
وإذ يأخذ المركز السوري للعدالة والمساءلة بعين الاعتبار تمويل المنظمات لمشاريع بناء مستوطنات سكنية جديدة في شمال غرب سوريا كشكل من أشكال الدعم للسوريين النازحين من مختلف أنحاء البلد، بما في ذلك عشرات الآلاف الفارين من الغوطة الشرقية عام 2018. إلا أن مثل هذه المشاريع تعمل أيضاً على ترسيخ نزوح شرائح أخرى من المجتمع السوري، وهم قرابة 137 ألف من السكان غالبيتهم من الأكراد الذين فرّوا بشكل رئيسي من هذه المنطقة إلى شمال شرق سوريا وكردستان العراق بسبب العمليات العسكرية التي قادتها تركيا في عام 2018. حيث تُقام مستوطنة كويت الرحمة، على سبيل المثال، في محيط قرية خالتا/الخالدية.
وذكر التقرير قيام مؤسسة إحسان للإغاثة والتنمية ومقرّها تركيا ببناء مستوطنة أخرى على أرض أميريّة (مملوكة على المشاع) بقرية حاج حسنه. وتم الاستيلاء على هذه الأراضي في سياق حملة عسكريّة شهدت انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان واستهدف فيها ما يسمى “الجيش الوطني السوري” الممتلكات والثقافة الكردية على وجه الخصوص. وكذلك نهب الممتلكات الخاصة وتدمير التراث الثقافي الكردي في عفرين.
وذكر التقرير استناداً إلى تقارير توثيق عمليات تأجير للمستوطنين العرب، حتى بعدما حاول أصحابها الكرد العودة والمطالبة بممتلكاتهم. وتواصل ميليشيات “الجيش الوطني السوري” تحقيق أرباح من اقتصادات الحرب في شمال غرب سوريا منذ 2018، لاسيما من خلال سيطرتها على العقارات والصادرات الزراعيّة.
بناء المستوطنات يعيق عودة السكان الأصلاء
وإذ يقر المركز بالحاجة الماسة لمشاريع الإسكان الممولة من الخارج لتلبية الاحتياجات الإنسانية للنازحين المقيمين حالياً بالمنطقة، إلا أنه اعتبر أن طريقة تنفيذها تعني المساهمة في عمليات التغيير الديمغرافي التي تعد النية الصريحة لتركيا ووكلائها. ومن خلال تمويل بناء المستوطنات التي تعيق عودة السكان الأصليين الذين شرّدتهم القوات المدعومة من تركيا، قد يكون المانحون الأجانب متواطئين بالنقل القسري للسكان – وهي جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الجنائيّ الدوليّ. وعلاوة على ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت ستعود بالنفع على المستفيدين المقصودين، حيث من المرجح أن تستمر ميليشيات الجيش الوطني السوري (بدلاً من السوريين النازحين) بالتمتع بامتياز الوصول إلى الممتلكات والمساعدات داخل المستوطنات وحولها.
مسؤولية حكومة الكويت
وخلص التقرير إلى أنه من شأن هذه الأنماط (المستوطنات وأسلوب توزيع المساعدات) أن تذكّر بالحاجة إلى مراقبة دوليّة لضمان التوزيع العادل للمساعدات في سوريا بما يتماشى مع معايير حقوق الإنسان، وليس تحت رعاية الجماعات الإجرامية المسلحة أو الهيئات الحكومية ذات الدوافع السياسية. وعلى المدى القصير، في شمال غرب سوريا على وجه التحديد، على الكويت أن تحظر دعم مشاريع المساعدات التي ترسّخ النزوح وتزيد من حدة التوتر الاجتماعيّ في سوريا وتدعم الجهود نحو نظام عادل لردّ الحقوق. ورغم أن بعض المانحين الكويتيين قد يؤيدون سراً الرؤية العرقيّة الخاصة للمجتمع السوريّ التي تسعى إليها تركيا ووكلائها في الشمال الغربي، فيجب ألا تنتهك مشاريعهم التمويلية القانون الدوليّ. وإذا كانت منظمات مثل الهيئة الخيرية الإسلامية الدولية غير قادرة أو غير راغبة بالحرص على أن يكون هذا هو الحال، فإنه يقع على عاتق حكومة الكويت تنظيمها بشكل مناسب.