ديسمبر 23. 2024

“عفرين تغيرت دفعة واحدة”.. مواطن كُرديّ يستذكر أولى أيام الاحتلال التركي لعفرين

Photo Credit To تنزيل

عفرين بوست ــ خاص

أصعب ما مر على المواطن العفرينيّ خلال سنوات الأزمة السورية، بعد الحصار والقصف من وقتٍ لآخر ومن بعد العدوان الهمجي بأحدث أنواع السلاح ومنتهى العدوانية والتوحش هو احتلال إقليم عفرين، من قبل الجيش التركي والميليشيات الإخوانية التابعة له منذ قرابة الثلاث سنوات، والشاب رزكار (اسم مستعار يسترجع أولى الصور بعد الاحتلال ويرويها لموقع عفرين بوست.

أرادوا إدخال الخوف إلى قلوبنا

يقول الشاب العفريني (رزكار مراد) إن قوات الاحتلال التركي ومسلحو الميليشيات التابعة لها تعمدت محاولة بث الرهبة والخوف في قلوب أهالي عفرين الكرد الذين بقوا داخل المدينة وفي القرى، وقد عملوا على ذلك في كل القرى التي تم احتلالها تباعاً، فاعتدوا على كل شيء، وقتلوا ومثلوا بجثامين الشهداء، ليدفعوا الأهالي للخروج من بيوتهم، مستذكرا ” يوم الجراد” في الثامن عشر من آذار ، حيث تم الهجوم على المحال التجارية والممتلكات العامة والخاصة ونهب كل شيء وجدوه في طريقهم.

العودة كانت مغامرة دونها الموت 

يسترجع الشاب رزكار تلك المشاعر القاسية والمؤلمة في بداية دخول مسلحي الميليشيات وقوات الاحتلال التركي إلى قريته، وشعوره عندما رأى أعلام الاحتلال ترفع في كل مكانٍ.

عاد رزكار مع عائلته إلى القرية بعد عدة أيام من الاحتلال، في يوم عصيب جداً مع غصة، ويقول: “كانت العودة إلى عفرين مغامرة، لا نعرف ما يمكن أن تؤول إليه، ووضعنا ذلك في حساباتنا عندما قررنا العودة، وقلنا: “نحن عائدون إلى قريتنا وبيوتنا، إما أن نموت أو أن نعيش، إما أن يقتلونا كلنا، أو يدعونا في حال سبيلنا”.

ويضيف رزكار: “وصلنا إلى حاجز للميليشيات المسلحة،الذي قام بتفتتش كل شيء، وأجروا تحقيقات معنا، وهناك على الحاجز، بدأت أرى أعلام تركيا وأعلام الميليشيات، كان شعوراً صعباً جداً علي وعلى كلّ من كان معي”.

يدّعون الانتصارَ ويغطون وجوههم خوفاً!

ويتابع رزكار: “كنا نرى في وجوههم ملامح السخرية، وعيونهم تفصح عن الكراهية، وكذلك أسلوب حديثهم، وكأنهم يقولون ها قد قمنا باحتلال أرضكم، وأغرب ما في الأمر أنهم ادعائهم الانتصار، إلا بعضهم كان يحرص على إخفاء وجهه ووقد ظهرت أطراف لحاهم، كان واضحاً أنهم يخشون أن نحفظ ملامحهم، كان ذلك محل استغرابنا الشديد، فقد كانوا خائفين حقاً، بدى منظرهم وكأنهم خرجوا للتو من حياة الأدغال بأشكالهم الشعثة وهندامهم الرث جداً، وكأنهم قضوا هناك سنين طويلة.

ويتابع رزكار بحرقة: أما نحنا فقد كنا في عالم آخر، وبدا لنا أن كل شيء تغير بسرعة كبيرة، مشهد أعلام الاحتلال كان صادماً، إذ لم نتخيله، وكذلك مشاهد الخراب والدمار بسبب القصف الجوي والمدفعيّ، وأما مدينة عفرين فقد أحسسنا أن الحزن يجتاح شوارعها وطرقاتها وأشجار الزيتون وكل شيء فيها، أحسست بها وكأنها تريد تصرخ، وتكبت الصرخة، إلا أنها تئن بصمتٍ، والصحيح أنّ عفرين لا تختلف عنا بشيء.

عفرين الحزينة

يواصل رزكار حديثه بعد وقفة، ويعب من سيكارته ويطلق سحابة دخان مع تنهيدة فيقول: “كيف عفرين لا تكون حزينة، وقد اجتاحها التغير في غفلة الزمان، في مجرد أيام، هل يمكن للمرء أن يتصور أن طوابير الأهالي تخرج دفعة واحدة في يوم واحد، وفي ظروف صعبة وأن يخوضوا السير في الحقول والوحول فيما كانت الطائرات تهدر في السماء، وتردد الآفاق صوت المدفعية والانفجارات، ثم فجأة تدخل المدينة أرتال الحافلات على متنها المستوطنون ليحلوا مكاننا، شوارع المدينة كانت شاهدة على من خرج من المدينة ومن دخلها، وأما رؤية الأعلام التركية فكان الأشد إيلاماً بالنسبة لنا، إذ لا يربطنا أي شيء. فهو يمثل الاحتلال والعدوان وكل نجم عنه من قتل ومجازر.

ويضيف رزكار: “نحن أهالي عفرين، لم نعد نستطيع أن نتجول في مدينتنا بحرية، ونجتمع في ساحاتها، أو نتوقف في ركن أي شارعٍ، لا أدري كيف أصف القدر هل هو قاسٍ لهذه الدرجة، فأدار لنا ظهره؟ المحتلون يرمقوننا بحقد، ويتهموننا بسهولة بأي شيء، يقولون أنتم من الحزب وذلك كافٍ لاعتقالٍ أي منا من غير دليل، ويجيزون لأنفسهم الحصول على أي شيء تحت طائلة الاتهامات الجاهزة التي يمكن أن توجه لأي منا حتى النساء والأطفال وكبار السن…

يتهموننا بأننا من الحزب ويعتقلوننا، ويرون أنه يمكنهم الحصول على أي شيء يريدونه وإلا فإن التهمة جاهزة”.

الموقف الأصعب …

رزكار يكشف عن أحد أصعب المواقف التي شهدها، فيقول: “وأصعب شيء تأثرت فيه، أن المحتلين يدخلون أراضينا، ويقطفون ثمارنا على مرأى منا بوقاحة ولا يمكننا منعهم، فهم يستقوون بدولة الاحتلال والسلاح. في إحدى المرات حاولت منعهم، فقالوا لي: “ماذا تفعل هنا”، فأجبتهم هذه أرضي، فقالوا لي: “هذه أرضنا ونحن الذي حررناها ويمكننا أن نأخذ ما نشاء”، الحقيقة أني شعرت بالإهانة والضعف حينها”.

Post source : عفرين بوست

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons