ديسمبر 22. 2024

ملف|بافليون.. القرية الكُردية الإيزيدية التي أبادها الاحتلال التركي عن بكرة أبيها.. فما قصتها؟

Photo Credit To تنزيل

عفرين بوست ــ خاص

بافليون هي القرية الوحيدة التي لم يعد إليها أحدٌ من أهلها، وكان موقعها نقمة عليها، فاُستهدفت مبكراً وقُصفت مراراً، وبعد احتلالها اُضطهدت بسبب خصوصيتها العقائدية وتفجر الحقد الديني ومُنع أهلها من العودة إليها.

الاسم والموقع: قرية بافليونGundî Baflûnê ، قيل أن أصل الاسم سرياني، لموقع اصطياف حصين، وتتبع لناحية شرا/شران، تقع في على جبل ريف عفرين الشرقي، تشرف على مدينة إعزاز، وتبعد عن مركز مدينة عفرين نحو 15 كم، وهي من القرى الإيزيدية الخالصة ويقدر عدد البيوت فيها (75) بيتاً وعدد سكانها 350 نسمة تقريباً.

بداية القرية

تقول الحكاية المتداولة عن أصل القرية إنّه قبل نحو قرنين من الزمن نزح شخص يدعى إبراهيم علي كور مع ابن عمه حنان، وهما من أتباع الديانة الإيزيدية، مع عائلاتهم من قرية قطمة، قاصدين مكاناً آمناً ليسلموا من بطش العثمانيين آنذاك، واختارا موقعاً جبلياً حصيناً مياهه وفيرة، وتوجد فيها خزانات مياه أرضيّة، وسكنوا وقتها في الكهوف، وبمرور الوقت انتعشت تلك البقعة وزاد عدد أفراد العوائل وعُرفت باسم بافليون حتى اليوم. وأقيم بالقرب منها معسكر إنكليزي للتنقيب عن النفط في خمسينات للقرن العشرين، ولا تزال هناك بقايا طريق مرصوف بالحجارة من شرقي قرية قطمة يعود إلى تلك الفترة.

غابة بافليون

يعمل أهالي بافليون بالزراعة وتربية المواشي، وأهم أنواع الأشجار الزيتون والفواكه، كما يزرعون الحبوب والخضروات وفي محيطها أحراش خضراء، ويُلاحظ في القرية بعضُ البيوت القديمة المبنية من الطين ذات الأسقف الخشبية، وفيها عدد من الكهوف وخزانات المياه الأرضيّة التي كان الناس تملأها بالمياه الباردة العذبة لفصل الصيف.

وفي شهادة للمهندس ممدوح طوبال حول غابة بافليون الحراجيّة يقول: كان المرحوم الشيخ أحمد جعفر من أهالي قرية بافليون قد قام في خمسينيات القرن الماضي بزراعة مساحة نحو 15 هكتاراً من ملكه الخاص في موقع “عَالِما” شرق القرية، على سفح جبل بافليون بالأشجار الحراجيّة النادرة الطبيعيّة مثل الشوح والأرز والصنوبريات وعريضات الأوراق، لتكون حديقة نباتيّة تضم أكثر من خمسين نوعاً من النبات من مختلف الدول حتى اليابان والصين، عبر جلب البذور من قبل طلاب الدارسين في الخارج، وأقام بجانب الغابة مزاراً يُعرف باسم مزار شيخ شرف الدين، وباتت للغابة شهرة على مستوى كل المهتمين بالزراعة الحراجية في سوريا، فكانت تُنظم رحلات دراسية لطلاب الزراعة إليها، وسجلت هذه الغابة في منظمة الأغذية والزراعة الدوليّة الفاو FAO، وكتب عنها كما تم التعريف بالسيد أحمد جعفر في مجلتها الدورية آنذاك كأول شخص في الشرق الأوسط يزرع غابة حراجيّة خاصة، كما زار الغابة خبراء إيطاليون، مثل مدير المشروع الإيطالي عام2000 د. كافييلل غازللي، د. بينادتو دوللينغو وسواهما، وذكر هذا التنوع النباتيّ خبير الغابات التركيّ د. مظفر دوغرو. وفي عيد الشجرة عام 2007 أقيم حفل مركزي في موقع كوبله وتمت مكافأة المرحوم أحمد جعفر أمام حشد جماهيريّ.

بافليون خلال العدوان التركيّ

كانت قرية بافليون معرضةً لقصفِ القذائف الصاروخية على مدى سنوات قبل العدوان بسبب وقوعها في خط المواجهة مع الميليشيات التابعة لتركيا وقربها من مدينة أعزاز، وفي أيار 2016 استشهد مواطن فيها وأصيب عددٌ من المواطنين بجراحٍ نتيجة قصف الميليشيات الإخوانية من مدينة إعزاز القريبة.

وخلال العدوان التركي على إقليم عفرين، حاولت القوات الغازية السيطرة عليها، لاحتوائها على واحدة من أهم التلال الحاكمة، تمتع بموقع جغرافيّ مهم، بسبب ارتفاعها وإشرافها المباشر على مدينة إعزاز القرية، وكان احتلالها يعني السيطرة النارية على القرى القريبة.

في 31/1/2018 استهدفت مدفعية العدوان التركيّ مواقع عسكرية تابعة لوحدات حماية الشعب في جبل “بافليون”، وتجدد القصف في 4/2/2018 فاستهدفت المدفعية التركية، مواقع عسكرية لوحدات حماية الشعب في القرية.

في 11/2/2018 كثف الجيش التركي القصف الجوي في محاولة للتقدم في أطراف ريف عفرين، وقصفت القوات التركية قرى بافليون، عرب ويران ودير صوان شمال شرق عفرين، وقرية كفر صفرة شمال بلدة جنديرس، بالقذائف المدفعية والصاروخية. وفي يوم الجمعة 16/2/2018 قصفت الطائرات التركية مناطق في قرية بافليون.

في 4/3/2018 احتلت القوات التركية والميليشيات التابعة قرية بافليون، فيما كان أهلها قد أخلوا سابقاً وقصدوا مدينة عفرين.

أثناء اجتياح قوات الجيش التركي والميليشيات الإخوانية تم تدمير خمسة منازل بشكلٍ كامل، وسرقة كامل محتويات البيوت الأخرى من مؤن ومدخرات وأوانٍ نحاسية وأدوات وأجهزة الطاقة وغيرها، كما تم الاستيلاء على عشرين جراراً زراعياً وخمس سيارات ومعصرة زيتون، كما استولى مسلحو ميليشيا “الجبهة الشامية” على كامل أملاك أهالي القرية، حتى تلك العائدة للموجودين منهم في مدينة عفرين، وتشمل نحو /25/ ألف شجرة زيتون و /5000/ كرمة عنب.

بافليون بعد الاحتلال

بعد الاحتلال التركي للقرية تولت ميليشيا “الجبهة الشامية السيطرة على القرية، وكانت حينها خالية من السكان بسبب ضراوة المعارك، وكثافة القصف، وقد لجأ أهالي القرية إلى مدينة عفرين، على أمل العودة بعد انتهاء المعارك، ولكن احتلال إقليم عفرين، حال دون عودتهم، وبخاصة بسبب التمييز والاضطهاد الدينيّ بحق أتباع الديانة الإيزيدية.

حاولت نحو 13 عائلة من أهالي قرية بافليون العودة إليها إلا مسلحي ميليشيا الشامية منعتهم من دخول القرية، ما اضطرهم للبقاء في مدينة عفرين، وقرية قاطمة، وبذلك لم يتمكن أي فرد من القرية من العوة إليها. وتم توطين نحو 150 عائلة من المستجلبين بدلاً عنهم، فيما تم توطين 50 عائلة أخرى في مخيمٍ بناؤه بغرفٍ من البلوك في موقع “بترول”، شمال القرية. بحسب التقرير الأسبوعي لحزب الوحدة يكيتي الصادر في 16/1/2021.

وفي تعبير عن مشاعر الحقد والتطرف الديني أقدم مسلحو ميليشيا “الجبهة الشامية” التي تحتل القرية على تخريب الأضرحة في مقبرة القرية، وتحويل دار مخصص للعزاء في القرية إلى مسجد، كما تم تحويل وتم تحويل المزار الدينيّ إلى مقرٍ عسكري من قبل “الشامية”.

الغابة الحراجية المحيطة بالقرية تعرضت لحملات التحطيب الجائر، كما أضرمت فيها النيران عمداً في صيف وخريف 2019 وتمت إبادة أحراش تضم نحو أربعة آلاف شجرة حراجية متنوعة عمرها أكثر من نصف قرن، زرعها المرحوم الشيخ أحمد جعفر ومنع أبناؤه من العودة إلى القرية لإدارة أملاكهم.

مستوطنة في القرية

في 12/11/2020 بدأت السلطات التركيّة القوات التركية مشروع بناء مستوطنة في محيط جبل قرية بافليون، وقامت عبر المجالس المحليّة التابعة لها بتوزيع الأراضي مجاناً على 70 عائلة من المستوطنين المنحدرين من ريف حلب الشمالي وعوائل مسلحي الميليشيات. وجاء تمويل المستوطنة من المنظمات الإخوانية التي تتلقى الدعم والتمويل من دولة قطر والكويت وأطلق عليه اسم “مخيم التعاون”. وذكرت منظمة حقوق الإنسان ــ عفرين، بأنّه تم منح مبلغ 200 دولار أمريكي لكل عائلة لتتمكن من البناء.

ولتشجيع الاستيطان تقوم ميليشيا “عاصفة الشمال” التي يتزعمها المدعو “صالح العمري”، بضمان حقول الزيتون العائدة لمهجري قرى (قسطل جندو وبافليون وقطمة) للمستوطنين، ليقوموا بزراعتها بالحبوب أو الخضار.

مسجد في منزل

24/1/2019 ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مسلحي ميليشيا “الجبهة الشامية” في قرية بافليون الإيزيدية على أزالوا جدار أحد المنازل وحولوا المنزل إلى مسجد، وتم تعيين نازحٍ إماما فيه. فيما يتم منع أهالي القرية الأصليون من العودة والدخول إلى قريتهم ومنازلهم، كما تمنع ميليشيا الشامية جني ثمار الزيتون لكل حقول المواطنين الكرد المهجرين قسراً، بذريعة أنها “غنيمة حرب” في القرى التي تسيطر عليها، ومنها قرية بافليون.

اختلاف بين الميليشيات

18/9/2018 خيمت أجواء من التوتر على قرية بافليون على خلفية اقتتالٍ جراء مشادة كلامية حصلت بين مسلح من ميليشيا “الجبهة الشامية”، أوقفه حاجز تابع لميليشيا “أحرار الشرقية” أخرى في القرية وطلب منه مبلغاً من المال للسماح له بالمرور. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنّ “الخلاف تطور إلى إطلاق النار على المسلح التابع لميليشيا الجبهة الشامية المنحدر من بلدة مضايا بريف دمشق، ما أدى لإصابته بجراح خطرة فارق الحياة في اليوم التالي”، واستمرت الاشتباكات متزامنة مع استنفار أمني ومنع للتجول.

اللافت أن اسم قرية بافليون لا يرد في أخبار الانتهاكات كباقي قرى عفرين والسبب خلو القرية من أهلها الأصليين الكرد.

Post source : عفرين بوست

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons