عفرين بوست ــ خاص
الملف الديني هو أحد أهم روافع القوة الناعمة التركيّة لاختراق المجتمعات، وإذا كانت القوة الخشنة أداة السيطرة على الأرض والاحتلال، فإن القوة الناعمة هي سبيل تثبيت الاحتلال وترسيخه وتحويله إلى واقع وثقافة، ويأتي بناء المساجد كأحد أهم ملامح القوة الناعمة التركية لاستغلال الدين.
أفاد مراسل عفرين بوست بأن سلطات الاحتلال التركي بدأت بدعم من مؤسسة “وقف الديانة التركي” ببناء مسجدين في قريتي عبودان وقرية شرقان التابعتين لناحية بلبله/ بلبل.
وفي سياق متصل، أعلنت سلطات الاحتلال عن توزيع مادة المازوت على كافة معاهد تحفيظ القرآن الكريم في ناحية بلبله وعددها يتجاوز 18 معهداً، وبلغت الكمية التي تم توزيعها 5700 لتر.
وتندرج هذه الإجراءات ضمن سياق استغلال العامل الديني، وتستهدف المستوطنين المستجلبين من مناطق سورية عبر الترحيل.
ويذكر أن سلطات الاحتلال عمدت إلى دخول الجمعيات الخيرية وتبني خطة بناء المساجد منذ أولى أيام إعلان احتلال إقليم عفرين الكردي، وفي 13/9/208 نشرت وكالة الأناضول التركية الحكومية أن رئاسة الشؤون الدينية أنفقت ما مقداره 321 ألف ليرة تركية على ترميم ثلاثة مساجد في منطقتي عفرين وجنديرس، وافتتحتها، وأن رئاسة الشؤون الدينية أجرت مسابقة لاختيار موظفين دينيين، ونجح 102 شخص، وباشر 73 منهم عملهم.
وأضافت الوكالة أنه تم توزيع آلاف الكتب الدينية، بذريعة سد الفراغ الديني الناجم عن الحرب مثل كتب ألف باء، والقرآن الكريم، والسيرة النبوية، فضلاً عن تفسير القرآن باللغة الكردية، كما وزعت الكثير من المواد القرطاسية على الطلاب في المنطقة.
وواضح من صيغة الخبر أنه يستهدف الدعاية عبر استغلال الدين، وأما الحديث عن “سد الفراغ الديني الناجم عن الحرب” فهي حجة سطحية والوكالة لا تقر أنها حكومتها هي سبب الحرب.
والمفارقة أن مشاريع المساجد تُقام على أراضٍ مستولى عليها، ويتم تمويلها من قبل جمعيات إخوانية مختلفة مثل جمعية الأيادي البيضاء Beyaz Eller. جمعية الشيخ عبد الله النوري الكويتية وجمعية القلوب البيضاء المصرية، وجمعية المناشدة الإنسانية، وجمعية الرحمة العالمية وجمعية العيش بكرامةــ فلسطين ــ 48، وجمعيات قطرية مثل قطر الخير قطر ومن البحرين مثل جمعية رحماء بينهم وجمعية الإصلاح، إضافة إلى جمعيات سورية. ويتم التنسيق مع المؤسسات التركية مثل الوقف الديني التركي ورئاسة الشؤون الدينية (ديانت)، وجمعية الإغاثية الإنسانية التركية IHH. ومن القرى التي تُشاد فيها المساجد إيكيدام، قطمة، قسطل كشك بناحية شران، تل حمو، حميلكة تل طويل بناحية جنديرس، ومسجد الذاكرين في مدينة عفرين.
وفي افتتاح مسجد قرية حميلكة قال رئيس هيئة الأوقاف والشؤون الدينية إن المشروع شمل حوالي ١٥ مسجداً ومصلّى ما بين إنشاء وترميم ومساهمة، وتتطلع الهيئة إلى استكمال جهودها في تجهيز اثنا عشر مسجداً في المرحلة المقبلة وذلك بالتعاون والتنسيق مع إدارات الإفتاء والأوقاف في المنطقة.
وفي قرية باصوفان التابة لناحية شيراوا، قامت ميليشيا “فيلق الشام” الإسلامية بالاشراف على عملية إقامة مسجد بعد الاستيلاء على قطعة أرض في القرية الإيزيدية الكردية.
وبحسب مصادر محلية اعترض سكان القرية على عملية البناء، إلا أن المجموعة واصلت عمليات البناء ولم تأخذ أعتراض الأهالي بعين الاعتبار.
ووطنت سلطات الاحتلال التركي عوائل مستقدمة من مناطق الصراع السورية المختلفة، وأسكنتهم في منازله مهجري القرية، حيث لم يتبقى سوى 10% من سكان القرية في ديارهم.
الغاية الأساسية التي تعمل عليها سلطات الاحتلال التركي إعادة رسم الخريطة الثقافية والدينية في إقليم عفرين الكردي، عبر تبني سياسة بناء المساجد والدورات التعليمية الدينية واحتلال المنابر وأدلجة المناهج المدرسية وتعيين خطباء وأئمة المساجد وتدخلها في صياغة خطب يوم الجمعة. للترويج لنموذج ديني خاص يشرعن الاحتلال ويمجده. وإشغال العقول وتغيير ثقافة المنطقة ونشر الفكر المتطرف باسم التعليم وبناء المساجد. وفي قرية باصوفان الإيزيدية استولى مسلحو ميليشيا “فيلق الشام” على منزل مواطن كردي وحوّلوه إلى مسجد. فيما استولت على قطعة أرض من المزمع إقامة مسجد عليه
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان في 14/2/2020 أن المدعو عبد الكريم قسوم متزعم ميليشيا اللواء 112 (أحفاد الرسول) أقدم على إقالة إمام مسجد قرية بعدينا بسبب حديثه عن السرقات والنهب، وفي مدينة عفرين دخل مسلح من ميليشيا أحرار الشرقية مسجد أسامة بن زيد وقاطع الخطبة بسبب حديثه عن السرقات، وقال إنهم لا يسرقون، وما يأخذونه هو غنيمة.