ديسمبر 23. 2024

صحيفة أمريكية : الزيت العفريني المنهوب يصل للأسواق الأمريكية.. لتمويل أمراء الحرب السوريين

عفرين بوست

“زيت الزيتون الموجود في متجرك المحلي قد يكون مصدر تمويل لأمراء الحرب السوريين” تحت هذا العنوان كتب ماثيو بيتي تحقيقاً نشرته صحيفة The Daily Beast “الديلي بيست” الأمريكيّة في 23/11/2020 حول سرقة زيت عفرين، ووصوله إلى متاجر الولايات المتحدة الأمريكيّة، وطرحت مجموعة الأسئلة، وأشارت من خلال التحقيق إلى سياسة البيت الأبيض المتساهلة مع أنقرة التي دعمت الميليشيات المسلحة بالعدوان على عفرين واحتلالها.

تساهل الرئيس ترمب

يبدأ ماثيو بيتي التحقيق بالقول “هناك ثغرة في العقوبات الأمريكية تسمح لميليشيات العنف بنقل الزيتون المسروق في سوريا لمعالجته في تركيا ثم تصديره إلى المتاجر الأمريكيّة”.

الصحفية الأمريكية ميغان بوديت تقول إن القوات التركية غزت سوريا مرتين بضوء أخضر شخصي من الرئيس ترمب، والميليشيات الموالية لتركيا، متهمة بنهب المناطق ذات الأغلبية الكردية الواقعة تحت احتلالهم. وتوصلت الصحيفة إلى معلومات من مصادر متعددة تفيد بأن “أمراء الحرب” المدعومين من تركيا يفرضون الضرائب على المزارعين المحليين ويبتزونهم ويسرقون محاصيلهم من الزيتون. وبفضل سياسة إدارة ترامب، يمكن للميليشيات الآن الاستفادة من زيت الزيتون المباع على رفوف المتاجر الأمريكية، دون أن تتأثر بالعقوبات الاقتصادية الأمريكية الصارمة على سوريا.

وتشير الصحيفة إلى فرض إدارة ترامب عقوبات على “الجيش الوطني السوري”، بالتوازي مع إشادة المسؤولين الأمريكيين بعمليات تركيا في سوريا باعتبارها مضاداً مهماً للنفوذ الروسي، وتلقي عناصر من “الجيش الوطني السوري” دعماً أمريكياً في إطار حملة مكافحة “داعش” وبرنامج سري لوكالة المخابرات المركزية لتقويض الحكومة السورية.

ورفض المتحدثون باسم وزارة الخزانة ووزارة الخارجية التعليق، مشيرين إلى سياسات ضد الحديث عن “عقوبات محتملة”.

أمراء الحرب هم تجار الزيت

غزت تركيا عفرين في يناير/كانون الثاني 2018 كجزء من حملة عسكرية، وسلمت المنطقة لتحالف المقاتلين الإسلاميين المسمّى “الجيش الوطني السوري”. وقد اتُهمت هذه الميليشيات بارتكاب جرائم حرب، من النهب والاتجار بالبشر إلى التطهير العرقي والتعذيب، من قبل الأمم المتحدة والحكومة الأمريكيّة. وتم تمويل العمليات بالسيطرة على صناعة الزيتون في عفرين، بمساعدة تركيا.

وجدت الصحيفة في تحقيقها أن الزيتون الذي سرقه من تسميهم “أمراء الحرب السوريون” استخدموه في تمويل وحداتهم القتالية، ويتم تهريبه إلى أوروبا ويستخدم لإنتاج زيت زيتون عالي الجودة. ومن هناك يتم بيعه وتخزينه في متاجر البقالة في أمريكا، من سيراكيوز إلى بلدة ماساتشوستس الصغيرة، إلى ضواحي أتلانتا، جورجيا.

تحتل تركيا ومليشيات الجيش الوطني السوري صناعة الزيتون المتبقية في عفرين بقبضة من حديد. إذ يُمنع المزارعون من بيع منتجاتهم في السوق المفتوحة، ويجب عليهم تسليم جزء كبير من محصولهم إلى أمراء الحرب، كما ذكرت صحيفة آسيا تايمز لأول مرة العام الماضي.

يفرض أمراء الحرب على مالكي الأراضي “رسوماً” لتصدير الزيتون أو حتى الوصول إلى أراضيهم، إضافة لفرض ضريبة على الأشجار، وتختلف “الرسوم” حسب الميليشيا، لكن هناك أمراً واحداً هو ثابتٌ: وهو اضطرار المزارعين لبيع منتجاتهم إلى الكيانات المدعومة من تركيا بأسعار منخفضة.

تكشف محاولات الصحيفة تعقب مصدر زيت الزيتون عن عالمٍ غامضٍ لقادة الميليشيات ووسطاء يستفيدون من مزارعي عفرين. وأفادت أربعة مصادر من المنطقة بانه من المستحيل الآن خروج الزيتون من عفرين دون موافقة “أمراء الحرب”.

وفيما لا تحمي السلطات المدعومة من تركيا في عفرين المزارعين من تجارة الزيتون المفترسة، فمن المحتمل أن تساعد إدارة ترامب عبر قوانين العقوبات الأمريكيّة التي يمكن أن تمنح الحكومة أدوات لوقف “المعاملات مع كيان سوري متورط في أنشطة تخالف السياسة الخارجية الأمريكية “، وفقاً لما ذكره ماثيو توشباند، مستشار آرينت فوكس، نائب كبير المستشارين السابق في مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأمريكية.

صفقة وإقرار تركي

يوم الخميس الماضي، اتهم أعضاء من المعارضة التركية وممثلون عن الصناعة التركية، البنكَ الزراعي في بلادهم بالسفر إلى نيويورك لمحاولة تسويق زيت الزيتون المصادر في الولايات المتحدة، وفقاً لموقع (أحوال تركية). وكانوا على ما يبدو غير مدركين أن المنتج قد أصاب بالفعل المتاجر الصغيرة على هذا الطرف من المحيط الأطلسي.

نريد عائدات عفرين، بطريقة أو بأخرى، في أيدينا. قال وزير الزراعة التركي بكير بكديرلي للبرلمان في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018: هذه منطقة تحت هيمنتنا. “نحن، كحكومة، لا نريد أن تقع الإيرادات في أيدي [المقاتلين الكرد اليساريين]”، وبعد فترة وجيزة من خطاب بيكديرلي، اشتكى السياسيون الأوروبيون وممثلو صناعة الزيتون الأتراك من ضخ آلاف الأطنان من زيتون عفرين “المنهوب” إلى الأسواق الدولية، والذي تم وصفه زوراً بأنه زيتون تركي.

من هو مورد الزيت صاحب العلامة المزوّرة؟

حاولت الصحيفة أن تتعقب مصدر الزيت الذي وصل إلى المتاجر الأمريكية، فوجدت أنّ الزيت يأتي عبر الساحل الشرقي من عفرين.

شركة Turkana Food، لاستيراد الأغذية التركية ومقرها نيوجيرسي، أعلنت عن “زيت زيتون عفرين” في كتالوج البيع بالجملة على الإنترنت. يشبه الخط الموجود على الملصق الشعار في طلب علامة تجارية تم تقديمه في هاتاي، تركيا، قرب الحدود السورية، تحت اسم غير معروف العام الماضي.

أكد عزيز، مدير سوق أبو العز الحلال في لويل، لموقع الصحيفة أن زيت الزيتون “نُقل” من سوريا إلى تركيا، ولكنه أنكر معرفته بالوضع في عفرين. وقال العديد من موظفي شركة توركانا فود أن الحديث إلى الصحافة عبر الهاتف غير مصرح لهم، ولم ترد الشركة على طلبات البريد الإلكتروني للتعليق.

تحمل العبوات العنوان المسجل لرجل الأعمال السوري الدنماركيّ عارف حميد، الذي يبيع أيضاً زيت زيتون عفرين في أوروبا بالاسم التجاري “كفرجنة”. لكن حميد يؤكد أنّ مصدر زيتونه معروف في عفرين ويُدعى آزاد شيخو ويقوم بتسويقه في أوروبا تحت العلامة التجارية “كفرجنة”، لكنه نفى بيعه للولايات المتحدة عبر شركة توركانا فوود.

تواصلت الصحيفة عبر الواتساب مع التاجر آزاد شيخو في عفرين فأقرّ بتصديره إلى أوروبا بالاسم التجاري كفرجنة. لكن كلا الرجلين نفيا التعامل مع شركة توركانا فوود، وتكهنوا بأن الملصق الموجود على زجاجات زيت زيتون عفرين يمكن أن يكون مزوراً. وبذلك فالدور التركيّ في عفرين موضوع مثير للجدل في الشتات السوري ولدى الكرد.

سليمان رشو، الشريك التجاري السابق لشيخو، ولديه علامة تجارية سورية لزيت زيتون عفرين، أيضاً نفى للصحيفة “التعامل مع الأتراك” وادعى أن الزجاجات قد تكون مزورة. وألقى باللوم على أشخاص مجهولين في تركيا لسرقة علامته التجارية. وأكدت موظفة في مخبز القدس في ضاحية روزويل بأتلانتا أن متجرهم يحوي زيت زيتون عفرين، لكنها قالت إنها لا تعرف من أين هو.

شهادات مواطنين كرد من عفرين

يذكر التقرير أن مواطناً كردياً من عفرين اسمه نضال شيخو يشعر بالألم والحزن وانكسار القلب عندما يجد عبوة من زيت عفرين المسروق في متجر أمريكي في سيراكيوز شمال ولاية نيويورك، تحمل علامة توركانا، وقال شيخو الذي يعيش الآن شمال ولاية نيويورك: “شعرت بالألم والحزن والحسرة، وتدمع عيناي بسبب الظلم الذي تعرضت له مدينتي عفرين”. عاشت عفرين. عاشت مدينة الزيتون المقدسة “.

تجربة شيخو ليست استثنائيّة، فالمواطنة الكردية أفرين هاوار (اسم مستعار) وهي صاحبة حقل زيتون للصحيفة قالت: كان جني هذا الموسم كابوساً. وتضيف: “والله، سُرق معظم الموسم”. “أنا محرومة من رزقي”. وأضافت هاوار “إنها أبشع من السرقة، مما لو كانوا يسرقون ويصدرون الزيتون”. “لكن كل شيء سُرق من الكردي – العمل الجاد والمعيشة والجهد والكرامة، الحقوق من الأصغر إلى الأكبر”.

يقول هجار سيدو، وهو مواطن سوري-دنماركي وتمتلك عائلة هجار أشجار زيتون في عفرين: “زيتنا الذي يأخذونه من أشجارنا يباع أمام أعيننا، ونحن محرومون منه، وعندما أرى أيَّ رجل أعمال يأخذ الزيت من عفرين، أشعر أنه ثروة مسروقة”.

وفقاً للناشط الحقوقي حسن حسن، الذي فقد بساتين الزيتون والرمان الخاصة به بعد فراره من المنطقة، ويدير الآن منظمة حقوق الإنسان في عفرين من مكان آخر في سوريا. وكتب حسن في رسالة نصية، “لقد كان إرثاً عائلياً ورثته عن أبي، الذي ورثه بدوره عن أسلافنا منذ قرون”، مدعياً أن والده “مات لاحقاً بسبب الحزن”. فيما اكتشفت الباحثة المستقلة ميغان بوديت عبوة تاريخ إنتاجها أبريل/ نيسان 2019 في متجر في لويل، ماساتشوستس.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons