نوفمبر 22. 2024

أخبار

داعش يطل برأسه من جديد من خلال مظاهرات رأس العين وعفرين المحتلتين

Photo Credit To تنزيل

عفرين بوست ــ خاص

انتشرت يوم أمس صور ومقاطع مصورة شفت صور، لظهور علني لمسلحي داعش لأول مرة منذ آخر معركة في الباغوز المعقل الأخير له في 23/3/ 2019. وجرى ذلك أثناء مظاهرة خرجت يوم السبت، في رأس العين /سري كانييه، للتنديد بتصريحات ماكرون الأخيرة حول الإسلام وحرية التعبير، ورُفعت في التظاهرة أعلاد “داعش” و”النصرة” وترديد الشعارات والأناشيد الجهادية.

المقاطع المصورة والصور التي وردت عن التظاهرة في مدينة رأس العين توثق خروج المئات ممن يفترض أنهم متظاهرون ضد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة، رفعوا من الرايات السوداء وأعلام “داعش” و”النصرة” ورددوا شعار “خبير خبير يا يهود… جيش محمد سوف يعود”، ودعوا للانتقام. وتخلل التظاهرة طقوس حرق العلم الفرنسي.

بيانٍ باهت من “الحكومة المؤقتة” لواقع مزور

وإذ ليس بالإمكان تجاهل ما حدث في رأس العين التي تحتلها القوات التركية مع الميليشيات الموالية لها، اضطرت ما تسمى وزارة الدفاع في “الحكومة السورية المؤقتة” أن تصدر بياناً إدانة حول ما حدث، وادّعت فيه استغلال “بعض الأشخاص” للمظاهرات في بلدة راس المحررة لترفع علم ما أسمته “تنظيم داعش الإرهابيّ” وأنها لن تتهاون نهائياً في اتخاذ الإجراءات القانونية بحق من قام بهذا العمل، وأنكرت أي علاقة لعناصر ما يسمى الجيش الوطني بأية بيانات تحتوي عبارات أو خطابات تحابي التنظيمات الإرهابيّة”. والملاحظ أن عبارة “بعض الأشخاص” فضفاضة في تأويلها، وتنطوي إلى إحالةِ المسألةِ على مجهولين في قضيةٍ معروفُ من المستفيد منها وأي أهداف تخدم وفي أي ظروف انبثقت.

ولكن البيان أقل من أن ينكر مسؤولية القوات التركية ميليشيات “الإخوان المسلمين” التي تحتل المدينة وتسيطر على تفاصيل الحياة فيها، وتلاحق المواطنين من أهلها وتعتقلهم بتهم مفبركة، فيما تُظهر نفسها بموقف المتفاجئ من وجود عناصر “داعش” بالمئات متظاهرين، وهؤلاء لم يكن لهم وجود فيها قبل الاحتلال التركيّ للمدينة، بل جاؤوا معه، بل كانت المدينة تنعم بالأمان والاستقرار قبل العدوان، بل إن الاحتلال خلق جيوباً عوّضت خسائر “داعش” وباتت منطلقاً للعمليات التي تنفذ في المنطقة.

البيان جاء ليغطي على المظاهرة التي مرت بسلام، ولم يتخللها حادث إطلاق نار من أي نوع، إلا الرصاصات التي أطلقها المتظاهرون أنفسهم، وفي المقابل فقد شهدت مدينة رأس العين نفسها موجات من العنف والاقتتال بين فصائل رغم أنها تنضوي في إطار مؤسسة واحدة أُطلق عليها مسمى “الجيش الوطني” ويفترض أنه يخضع لمرجعية واحدة، فيما يخرج عناصر مسلحون تزعم أنقرة أنها تحاربهم، وتنتهي المسألة ببيان باهت لذر الرماد في العيون وخبر مشكوك فيه عن اعتقال بعض المشاركين في التظاهرة، لتأكيد مصداقية البيان، فيما عناصر “داعش” الفاعلين هم عناصر في الميليشيات نفسها ويتزعمون بعضها.

أنقرة أعادت صياغة داعش

التقارير الإعلاميّة والإخبارية أكدت أن مئات العناصر من “داعش” اتجهوا إلى الأراضي التركية خلال معارك قوات سوريا الديمقراطية ضده، وهؤلاء تمت إعادة صياغتهم وضمهم إلى ميليشيات الجيش الوطني.

بعبارة أخرى، فإن “داعش” نفسه بات من الماضي، ولعله استمراره بات عبئاً على أنقرة التي دعمته وفتحت له الحدود، إلا أن تستخدمه فزاعة تخيف الآخرين به، وما تقوم به “ميليشيات الجيش الوطني” في كل المناطق التي تحتلها تركيا هو تجسيد للتنظيم البديل، فقد كانت العملية المسماة “درع الفرات” فرصة لانضمام عناصر “داعش” على الميليشيات التي تدعمها أنقرة، ولهذا لم تستغرق معركة جرابلس في 24/8/2016 إلا ساعات، نقل خلالها عناصر “داعش” البندقية من كتف إلى آخر، وتكرر الأمر في مدينة الباب، هؤلاء أنفسهم وآخرون سواهم شاركوا في العدوان على عفرين في العملية المسماة “غصن الزيتون” مثل متزعم ميليشيا “الحمزات” المدعو “سيف أبو بكر بولاد” الذي كان والياً من قبل “داعش” على مدينة الباب. كما أن العملية المسماة “نبع السلام” التي بدأت في 9/10/2019 استهدفت فعلياً خلق فرصة لهروب عناصر “داعش”، عبر قصف السجون وعمليات مفخخة بجوارها، وجاءت العملية بعد آخر رسالة وجهها متزعم “داعش” ودعا فيها إلى تحرير المعتقلين من عناصره. كما جاء مقتل البغدادي في 27/10/2019 في الجيب التركي في بلدة باريشا القريبة من الحدود التركية تأكيداً على أنه لم يحظ بالأمان إلا في ظل الحماية التركية.

معركة مجانية تحتاجها أنقرة

جاء مشهد رأس العين متزامناً مع حملة تحريض واسعة تقودها تركيا ضد فرنسا، إثر توتر العلاقات بينهما واختلافهما حول أكثر من قضية في سوريا وليبيا والخلاف مع اليونان، إلا أن أنقرة استغلت تصريحات أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأخيرة حول حرية التعبير بعد حادث ذبح طالب متطرف لأستاذ التاريخ الفرنسي صموئيل باتي في باريس،

أنقرة لم تقدم التعازي بذبح “باتي” ولكنها تصيّدت تصريحات الرئيس الفرنسي وتلاعبت بها لتأليب الشارع الإسلامي وخلق رأي عام ضده، لتخلق مشهداً سياسياً جديداً تحتاجه للتغطية على سياساتها من جهة، ولتأكيد زعامتها للعالم الإسلامي من جهة أخرى، وتصوّر المسألة على أنها تعرض للمقدسات. واستغلت أنقرة تصريحات الرئيس الفرنسي وحرفتها عن مقاصدها، ولجأ أردوغان إلى التصعيد في تصريحاته التي شكك من خلالها بـ”الصحة العقلية” للرئيس الفرنسي.

وقد أعلنت باريس عن إجراءات مكثفة ضد التطرف في الأيام القليلة الماضية، وهي بصدد إخضاع 51 جمعية دينية للمراقبة، فيما حلت جمعية إخوانية تطلق على نفسها اسم “جماعة الشيخ أحمد ياسين” وهي موالية لحركة حماس الفلسطينية و”ضالعة مباشرة” في حادث الاعتداء على المدرس. وسبق أن أعلن ماكرون في شباط الماضي التوقف عن استقبال أئمة المساجد الأجانب (ويقصد بهم الأتراك) والاعتماد على أئمة نشأوا في فرنسا، وأنه بالإمكان التواصل مع الجامع الأزهر.

سياسات أنقرة لضرب الاستقرار في المنطقة وتدخلها السافر في شؤون دول المنطقة كانت السبب في تنظيم حملات شعبية في مصر والسعودية لمقاطعة البضائع التركية، وأرادت أنقرة أن تخلق مشهداً بديلاً فاستنفر موالوها من أعضاء “تنظيم الإخوان المسلمين” ووفقاً لتعليمات الاستخبارات التركية لتنظيم حملات مقاطعة للبضائع الفرنسية، لإخراج مشهد معاكس، تحتاجه أنقرة في هذا التوقيت، فيما صدرت فتاوى تحرّمُ مقاطعة البضائع التركيّة، وتدعم تداولها.

رسالة ابتزاز وتفادي مشهد قادم

أنقرة تعمل وفق سياسة استباقية، فبعد خروج مظاهرات في إدلب تندد بسياستها ورفع الشعارات التي تعبر عن مشاعر الخذلان بعد إخلاء نقطة المراقبة في مورك، والتي من المرجح أن يتبعها إخلاء نقاط أخرى، تحسست الإرهاصات الأولى لمشاعر الرفض، وأنّ المشهد القادم باتجاه مزيدٍ من التصعيد وستحرق أعلام تركيا وصور أردوغان، فاستبقت ذلك وأوعزت لمواليها بخلق مشهد حرق العلم الفرنسي وصور الرئيس ماكرون، وتحصل على نصر مجاني في أسبابه وأدواته.

وبذلك فلا تختلف الأمر في مضمونه عن التدخل التركي في الصراع العسكري بين أرمينيا وأذربيجان، ولكنها استغلت الموقف وروّجت لحملة إعلامية لصالح التدخل لتضع المعركة في سياق معركة الإسلام.

ومشاركة المئات من العناصر المسلحين، فإنه ليس من الممكن مظاهرة بهذا الحجم إلا بتنظيم مسبق، لتكون رسالة تستخدمها أنقرة، وهي في أهدافها المباشرة تريد أن تنسف كل الإنجازات التي تمت في الحرب ضد الإرهاب، وفي الوقت نفسه أن تبعث برسائل ابتزاز واضحة للغرب مضمونها التهديد، بأن الكثير من العناصر الإرهابية لا زال باقياً وتحت سيطرتنا ويمكن تصديرها.

ما حصل في رأس العين/ سري كانيه، جزء من معركة مجانية تخوضها أنقرة عبر تحريكها أذرعها، ومراكمة رصيد خسرته نتيجة تورطها في ملفات المنطقة وآخرها شحن المرتزقة السوريين إلى أذربيجان، ولمواجهة حملة المقاطعة لمنتجاتها.

رأس العين /سريكانيه

Post source : خاص

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons