عفرين بوست-خاص
برزت خلال الحرب الأهلية التي بدأت العام 2011، في سوريا، وسيطر على مفاصلها تنظيم الإخوان المسلمين برعاية وتخطيط مباشريّن من جانب الاحتلال التركي ومؤسساته، مجموعة من الأسماء التي لم تكن معروفة سابقاً بين السوريين على اختلاف مشاربهم، ما طرح السؤال حول حقيقة هؤلاء وخلفياتهم الاجتماعية والثقافية، وانتمائتهم الفكرية والطائفية التي كان لها الدور الأهم في جعلهم كالسيف المسلط على رقاب السوريين دون إرادتهم.
وفيما يلي واحد من تلك الأسماء التي تتحكم برقاب السوريين بذريعتهم أنهم قيادات المعارضة، مع ما توفر عنه من معلومات، تمكنت “عفرين بوست” من جمعها:
عبد الرحمن مصطفى: تاجر مغمور ومواطن تركي ورئيس الحكومة المؤقتة
تاجر ورجل أعمال بين بلدان شتى يحمل الجنسية التركيّة، ومع بدء الأزمة السورية، لا شأن له بالسياسة ولا يمتلك مقومات الشخصية السياسية في الأداء والخبرة والخلفية ولا الاهتمام، ظهر فجأة خلال فترة وجيزة، معارضاً بارزاً، وتدرج في المناصب من مسؤول للعلاقات الخارجية في لواء “أحفاد الفاتحين، ثم رئاسة المجلس التركماني إلى الائتلاف وحالياً رئاسة الحكومة المؤقتة.
بعيداً عن السياسة
ينحدر مصطفى من قرية تل هاجر التركمانيّة، ولد عام 1964، وأكمل دراسته بكلية الاقتصاد بجامعة حلب وتخرج عام 1984. وعمل منذ عام 1988 بشؤون شركة “كوتامان” المساهمة التركية في ليبيا، فكان في عام 1992 مديراً للشؤون المالية والإداريّة ومديراً إقليميّاً للشركة. ومعاون مدير عام الشركة، والمدير الإقليمي للشركة في ليبيا، ومنسق الشركة في سورية والشرق الأوسط، ومديراً إقليمياً للشركة في السعودية.
وفي الفترة 1993-1995 عمل بالتجارة الحرة (تركيا – بلغاريا). وانتقل عام 1996 للعمل ضمن مجموعة شركات “أوزكوسا أوغلو” التركية شركة أنتس المساهمة.
القاسم المشترك بين خالد خوجة وعبد الرحمن مصطفة هو أن كلاهما عاش في الفترة نفسها تقريباً في ليبيا واشتغلا في شركات تركية، ثم انتقلا إلى تركيا وحصلا على الجنسية التركية، وبالتالي فهما مواطنان تركيان، وكان ظهورهما مفاجئاً في المعترك السياسيّ فرضته أنقرة.
العمل السياسي
مع بدء الأزمة السورية زجّت به تركيا في العمل السياسيّ، فكان مؤسساً “منبر تركمان سوريا” عام 2012 وعضواً مؤسساً في المجلس التركمانيّ السوريّ.
عمل مصطفى خلال عامي 2013 -2014، مسؤولاً للعلاقات الخارجيّة والسياسية في “لواء أحفاد الفاتحين” ذي الغالبية التركمانية، الذي كان يقوده المدعو إبراهيم الأحمد الملّقب “الأستاذ” والمنتمي لحزب التحرير الإسلاميّ المتشدد والداعي لإقامة الخلافة الإسلامية. وبنفس الفترة كان نائب رئيس المجلس التركماني السوري.
وفي أيار 2014 اُنتخب مصطفى رئيساً للمجلس التركماني السوري. وفي 7/5/2017 كان نائب رئيس الائتلاف الوطني السوري. ورئيساً مكلفاً له في 28/2/2018 بعد استقالة رياض سيف من الرئاسة لأسباب صحية. وفي 29/6/2019 انتخب رئيساً للحكومة السوريّة المؤقتة خلفاً لـ “جواد أبو حطب”.
اعتماد العملة التركية
في 8/12/2019 صرّح مصطفى بأنّهم يسعون لضخ أوراق نقدية صغيرة من فئة (5 – 10 – 20) ليرة تركيّة بالأسواق. وتذرع بالحفاظ على القوة الشرائيّة للمواطنين وحماية أموالهم وممتلكاتهم وتسهيل التعاملات اليوميّة”.
وفي 18/02/2020 أثارت تصريحات عبد الرحمن مصطفى، حول الأحداث في سوريا موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي، واتهموه بالانفصال عن الواقع، ودعوه للابتعاد عن الخطب والتصريحات والتزام منزله، إذ تجاهل وسيطرة الميليشيات وحالة الفقر والبطالة والنزوح وحال المخيمات. وقال في تصريحٍ نشرته الحكومة المؤقتة عبر معرفاتها على مواقع التواصل الاجتماعيّ “ما زال الأحرار في سوريا عسكريين ومدنيين يسطّرون ملاحم البطولة والفداء، ويضحون بالغالي والنفيس في سبيل حريتهم وكرامتهم، لا تثنيهم كبوة ولا تهجير عن متابعة الطريق” وأضاف “وذلك يداً بيد مع إخوتهم في تركيا قيادة وشعباً، فكما كان التاريخ مشتركاً فالهدف مشترك، وعلى الباغي تدور الدوائر والأيام سجال”.
وسعى مصطفى لربط الاقتصاد بالمناطق المحتلة بتركيا عبر اعتماد التعامل بالليرة التركية بذرائع واهية ونشر تغريدة على حسابه الشخصي على تويتر، في 9/6/2020، قال فيها: “بعد تسارع انهيار الليرة السورية، تمّ تكثيف اللقاءات مع الإخوة الأتراك، لتدارك الأمر والحفاظ على ما تبقى من مدخرات الإخوة المواطنين؛ باتخاذ الخطوة الأولى في مسيرة ضخّ الفئات النقدية الصغيرة من العملة التركية في الشمال المحرر، وهي خطوة ستتبعها المزيد من الخطوات”.
ونشر تغريدة جديدة، ليردّ فيها على منتقديه بقوله: “التعامل بالليرة التركية موجود بحكم الحاجة، وما تمّ اتخاذه من إجراءات يعدّ تدبيراً مؤقتاً تنتهي مفاعيله بعد التوصل إلى حلّ سياسي شامل، وهو يهدف إلى حماية مدخرات مواطنينا جراء انهيار قيمة الليرة السورية، ولا صحة للادعاءات السياسية المغرضة التي تطلقها بعض الأوساط بما يتعارض مع الواقع”.
أداة إعلامية تركية
في تصريحاته وأحاديثه يتضح أن مصطفى تائهٌ بين انتمائه التركي والسوري، ولكنه يرجّح التوجه الطوراني، متماهياً كلياً بالمشروع التركي، ويجنح للمبالغة المفرطة في توصيف وضع التركمان في سوريا، اعتباراً من نسبتهم وتعدادهم ويقول إنهم نحو 6-7 مليون وهي معلومات غير صحيحة، وإن معذوراً بالتباهي بالأصول التركية لبعض الرؤساء ورؤساء الحكومات السوريّة، إلا أنه يتحدث عن الحكومة والدولة التركية على أنه دولته وحكومته، ويقول رئيس جمهوريتنا، ورئيس حكومتنا.
تغني مصطفى بالدولة التركية جعله محل استهجان واستنكار بين السوريين وصلت ح أن برامج تلفزيونية مصرية سخرت منه وانتقدته بشدة، واستغربت أن يكون تركي على رأس المعارضة السورية في 6/5/2018 رئيساً للائتلاف الوطني السوري، فيما لاذ أعضاء الائتلاف بالصمت لأن مصطفى فُرض عليهم من أنقرة.
يروّج مصطفى لفكرة حب السوريين لتركيا وريثة الإمبراطورية العثمانية، ويؤيد مصطفى التدخل التركي في سوريا ويعتبرها الحامي للوجود التركماني وأن معيار الدولة المدنية والحضارية يراها متمثلة بتركيا الطورانية بقيادة العدالة والتنمية، لا بل يرى أن سوريا جزء من الأناضول (تركيا) وحماية التركمان يعني حماية جنوب تركيا.
اللافت في مصطفى استخدامه اللغة التركية حتى عندما يخاطب السوريين، وكذلك الحال في حسابه الرسميّ على تويتر، لدرجة أن يعتقد المرء أنه يتابع سياسياً تركياً، وفي اللقاءات التلفزيونية يتحدث عن السياسة التركية الخارجية، ويمدح دورها في كل القضايا ويبرر سياستها، ويتحدث عن متانة اقتصادها ضد ما يحاك من مؤامرات.
اعتزاز بالرموز التركية
يعتز مصطفى برفع العلم التركي في المناطق المحتلة ويتبنى سياسة أنقرة بشكل كامل ففي خطاب بمناسبة دورة “شهداء بزاعة” في 15/9/2020 أشاد بالجهود التي تبذلها تركيا لإحلال الأمن والاستقرار بالمناطق السورية “المحررة” وتطهير مناطق شمالي حلب من قوى الإرهاب والتطرف وإعادة الحياة للمنطقة، مشيراً إلى أنّ “الجيش الوطني السوري” يرفع الأعلام التركية إلى جانب علم الثورة السورية “كعربون محبة وعرفان بالجميل لتركيا”. ووصف تركيا بالجمهورية التركية الشقيقة، معتبراً أن رفع المقاتلون العلم التركي رسالة واضحة أن الهدف واحد وأن الهم واحد وهو القضاء على كل التنظيمات الإرهابية التي تزعزع أمن واستقرار المنطقة.
ولعل أبرز المواقف التي أظهرت ولاء مصطفى المطلق للأتراك كان خلال زيارته لأحد المجالس المحلية في مدينة عفرين، جوار وزير الدفاع في حكومته، ويظهر واضحاً علم الجمهورية التركية وشعار للدولة العثمانية في غياب تام لعلم المعارضة الإخوانية السورية. وهو ما أشعل موجة انتقادات واسعة بين السوريين.
كما أيد رئيس المجلس التركماني السوري عبد الرحمن مصطفى، قرار تركيا بتنفيذ عملية تأمين ضريح “سليمان شاه”، وحراسته في 21/2/2015، وفي لقاء شعبي عقده المجلس التركمانيّ السوريّ في مدينة إسطنبول 21 /4/2015، وصفه بالقرار الاستراتيجي، لافتًا إلى أن الضريح له قيمة معنوية كبيرة عند تركمان سوريا. وشدّد على “الدور التركي في دعم التركمان مطالباً بالمزيد من الدعم، وتعامل الشعب التركي بترحاب مع التركمان، وعليهم أن يتعاملوا معه وهم من ينظرون للبلاد بنظرة الوطن الأم، فلا يرغبون بأن يعتبروا لاجئين في تركيا”.
الدعوة لجيش تركماني
في 7/7/2015، كشف مصطفى عن اجتماع في ولاية “غازي عينتاب”، حضره ممثلون عسكريون ومدنيون تركمان من محافظات ومدن حلب، وجرابلس، والجولان، واللاذقية، وجبل التركمان، وإدلب، والرقة، وتل أبيض، وحمص. وقال: إن “المجموعات التركمانية المقاتلة في سوريا، اتخذت قراراً بتقديم دعم أكبر لبعضها البعض، والعمل على إنشاء جيش تركماني.
وفي آب 2015 أعلن حزب النهضة السوري التركماني، المدعوم من أنقرة بدء التسجيل لتطويع عدد من الشباب التركماني المنطقة الآمنة المفترض إنشاؤها شمال سوريا؛ واشترط التسجيل، بأن يكون المتقدم تركمانيًا، وعمره 18 -35 عاماً، ومؤهلًا بدنيًا للقيام به، وتقدم المعلومات بمقر حزب النهضة السوري التركماني بمدينة العثمانية بتركيا، على أن يكون الراتب الشهري نحو 500 دولار”.
بوجود شخصيات مثل مصطفى يصف مراقبون المعارضة بأنها: “أفضل جهة مثّلت المصلحة التركية وعملت لأجلها بتفانٍ”