أكتوبر 05. 2024

أخبار

“ما يضل ولا كردي بعفرين”.. ليست أمنية مسلح عنصري فقط وإنما تطبيق عملي لتعليمات أردوغان والإخوان

Photo Credit To تنزيل

عفرين بوست ــ خاص

ما يحدث في عفرين خطة متكاملة تهدف إلى إنهاء الوجود الكردي في منطقة لطالما عُرفت تاريخياً بأنها شبه كردية خالصة، ونسبة الكرد هي الأعلى على الإطلاق، وكان اسم “كُرداغ” بالتركية موازياً لاسم جبل الكرد وجياي كورمينج، وتدني نسبة الكرد فيها إلى 20% دليل على إبادة كاملة وتهجير قسري وتغيير ديمغرافي.

تحريضٌ على طرد الكرد وتهجيرهم

تداولت كثيرٌ من مواقع التواصل الاجتماعيّ خلال اليومين الماضيين تسجيلاً صوتياً لمتزعم في ميليشيا “الفرقة 23” والذي يُدعى “أبو عمر” وكان يشغل منصب رئيس قسم الطوارئ فيها، يطالب فيه بطرد من تبقى من الكرد في عفرين تحديداً بين عمر (١٥ -٥٠) سنة بمعنى تطهير عرقي تحت الطلب.

 يقول المدعو أبو عمر، مسؤول الطوارئ السابق بالفرقة 23، والتي تعرضت للتفكيك على يد ميليشيا ” الجبهة الشامية”: “أخوتي قادات الفصائل، الخلية هاي مو أول مرة بتفجر، والمفروض من سن 15 سنة إلى سن 50، ما يضل ولا كردي بعفرين أو ضواحيها، وهاد الشي من حقنا”. متابعاً: “متل ما شبابنا وأهلنا تهجرت، لازم نهجرهم ونشردهم.. بتمنى من قادات الفصائل بشكل عام تتعامل مع الأمر بحزم، والفصائل يلي في بصفوفها أكراد تفصلهم”.

القول بأن “التسجيل الصوتي قديم” صحيح، وجاء بصيغة تحريض وتوجيه لنظرائه من متزعمي الميليشيات الإسلامية المعروفة باسم “الجيش الوطني السوري” ولكن تطبيقات تلك الدعوات لا تزال سارية منذ اليوم الأول من العدوان والاحتلال وحتى اليوم الحالي.

التغيير الديمغرافي بتوجيه مباشر من أردوغان 

الواقع إن مضمون التسجيل الصوتي هو ترجمة مباشرة للتعليمات التي ترد من أنقرة على أعلى المستويات السياسية، اعتباراً من رئيسه أردوغان، ففي خطاب له لفرع النساء لحزب العدالة والتنمية بمدينة بورصة في اليوم الثاني للعدوان على عفرين، أفصح أردوغان عن أهداف العدوان، وقال: “سكان عفرين يشكّلون 55٪ من العرب و35٪ من الكرد و6 – 7٪ من التركمان، وأضاف: “ما هو هدفنا؟ هدفنا الرئيسي الآن هو تسليم عفرين لأصحابها الحقيقيين. لدينا 3.5 مليون لاجئ سوري يعيشون على أرضنا. وهدفنا هو إعادة هؤلاء الإخوة والأخوات السوريون إلى أوطانهم في أقرب وقت ممكن. وهناك خطوات حالية تتخذ في هذا الاتجاه”. وتابع “نحن نتخذ مواقف وطنية وندافع عن حدودنا في وجه الاعتداءات، وحذّر من دعوات التظاهر ضد عملية غصن الزيتون التي وصفها بأنها “كفاح وطني لا يحق لأحد الوقوف بوجهها”. أكد الرئيس أردوغان أننا سنواصل السيادة في هذه المنطقة على مدى آلاف السنين القادمة.

كلام أردوغان ناقض الحقيقة الثابتة بأن نسبة الكرد في المنطقة تتجاوز 95%، وحديثه يعني النية بإنقاص النسبة الحقيقية بما يتفق مع الخطة الموضوعة، والسبيل لذلك هو الاحتلال والتهجير القسري والتغيير الديمغرافي والتضييق على الأهالي الكرد الأصليين.

توجيهات الوالي التركي

في اجتماعٍ متزعمي الميليشيات الإسلامية المعروفة باسم “الجيش الوطني”، خلال اجتماع عُقد في إحدى نواحي إقليم عفرين المحتل قال والٍ تركي: “لا تدعوا الكُردي لشأنه حتى ترووه يمشي حافي القدمين في شوارع عفرين” وفي هذه العبارة اختصر الوالي التركي كثيراً من توجهات حكومة أنقرة فيما يتعلق بخطة أنقرة، والتي تتضمن إفقار من تبقى من الأهالي الأصليين ودفعهم للتهجير والتغيير ديمغرافي لصالح باستقدام مزيد من المستوطنين من أرياف دمشق وحمص وغيرها، وورد في جملة توجيهات الوالي التركي “الكُردي كالإسفنجة، عندما تعصره في كف يدك يتقلص، وما أن تفتحه يعود كالإسفنجة إلى شكله الطبيعي”. ويقصد بذلك الاستمرار بالضغط عبر إثارة المخاوف الافتراضية.

والمفارقة أن ويعتبر نائب والي هاتاي المسؤول مباشرةً عن إدارة إقليم عفرين هو المدعو تولغا بولات وهو الذي أقدم على قتل والدته وشقيقه في 12/8/2020

اقتراح آخر بتجميع الكُرد في معسكر مغلق

في الأيام الأولى للاحتلال عقد مسؤول عسكري تركي رفيع اجتماعا مع متزعمي ميليشيات “الجيش الوطني السوري” في منطقة بالقرب من قرية كفرجنة التابعة لناحية شرا/شرّان، تداول المجتمعون فيه كيفية التعامل مع من تبقى من أهالي عفرين، فاقترح أحد المتزعمين بتجميع الكرد من مختلف أرجاء عفرين واسكانهم قسرا في منطقة محددة على شاكلة معسكرات الاعتقال النازية، ليسهل التحكم بهم والسيطرة عليهم، إلا أن المسؤول التركي رفض الاقتراح بداعي أن خطوة كهذه ربما تجلب ردات فعل دولية قائلا: سيتم طرد الكرد من عفرين ولكن بطرق أخرى.

وبالفعل قام الاحتلال التركي بعدها بتحويل كافة التجمعات السكانية في كافة أرجاء الإقليم المحتل إلى معسكرات اعتقال جماعية، وذلك بتشكيل قطاعات أمنية محكمة، وجرى توزيع مجموعات المسلحين على مفرق وداخل كل قرية أو حي سكني في البلدات والمدن، فتحكم المسلحون بتفاصيل حياة السكان الكرد وبات الفلاح الكردي بحاجة لورقة خطية من الحاجز الأمني حتى يستطيع الذهاب إلى أرضه أو حقله للعمل فيها أو جني محصوله، كما أن زيارة الأقارب في القرى الأخرى باتت تحتاج لتأشيرة خروج من الحاجز الأمني!

وانطلقت بعدها حملات المضايقات والاعتقال والسلب والنهب والسطو والاستعباد بحق المواطنين الكرد، في مسعى للاحتلال التركي بدفعهم لترك ديارهم وممتلكاتهم، لصالح المستوطنين الذين جلبتهم أنقرة من مناطق الصراع الأخرى بالتنسيق مع الروس والإيرانيين والنظام.

 ورافق ذلك أعمال التسليح والسطو المسلح على الآليات والمحاصيل والأرزاق على الطرقات الواصلة بين مركز الإقليم وأريافه، حيث تم تقطيع أوصال الإقليم بالمئات من الحواجز الأمنية الثابتة والمتنقلة للتضييق على المارة ومن القومية الكردية حصرا، إذ تمتع المستوطنين بأريحية كاملة في الاستيلاء على المنازل والمحاصيل ونهبها، مستندين إلى السطوة والدعم غير المحدود الذي وفرته أنقرة ومسلحيها لهم.

كما عمدت أنقرة إلى توفير بيئة فوضى السلاح وسمحت للمستوطنين اقتناء الأسلحة بمختلف أنواعها، حتى بات أطفال المستوطنين يتباهون بحمل الأسلحة وإطلاق رشقات في الشوارع والأزقة دون أي اعتبار قانوني أو أخلاقي، بينما حرم الاحتلال التركي الفلاح الكرد من اقتناء بندقية صيد أو حتى خردق.  

تقرير أممي يوثّق دعوة للإبادة

4- في تقرير لجنة تحقيق الأمم المتحدة بشأن سوريا ورد في الفقرة (48) ما نصه: وفي عفرين أيضاً، في كانون /الأول ديسمبر مر عضو بارزٌ من ألوية الجيش الوطني بشقق عمارة سكنية كبيرة باباً باباً، وطلب سندات إثبات الملكية من السكان الأكراد فقط، وأجبر أحد السكان، الذين لم يتمكن من إبراز السند على الحضور إلى المكتب الأمني للواء، حيث تعرض للإساءة اللفظية وقيل له: “لو كان الأمر بيدي، لقتلت كل كُرديّ عمره من سنة إلى 80 سنة”. وهُدد بالاحتجاز. وخوفاً على سلامة أسرته فرّ الرجل بعد وقت قصير وذهبت إحدى النساء إلى مسؤولين أتراك في ناحية شيخ الحديد وشكت لهم من الاستيلاء على منزلها فقيل لها إن عليها أن تتحدث إلى لواء سليمان شاه الذي فوّضته تركيا فيما يبدو صلاحية التعامل مع مثل هذه الحالات”.

وما ذكره التقرير هو أحد الأمثلة من أمثلة كثيرة في التقرير، وأكثر منها ما وثقته المنظمات الحقوقيّة والتقارير الإعلامية.

هي التوجيهات التركية

كل ما يحدث في عفرين هو بعلم وتوجيهات الاستخبارات التي يجري ضباطها اجتماعات دورية مع متزعمي الميليشيات لتقييم سير الخطة واتخاذ الإجراءات القادمة، ويقول أحد متزعمي الميليشيات الإسلاميّة: “لا ننفذ نصف ما تأتينا من أوامر من الأتراك، وإلا لكانت حياتكم جحيماً لا يُطاق”، ليُظهر لسكان القطاّع الأمني الذي تحت سيطرته، بأنه يرأف بهم، ولا ينفذ التوجيهات التركية شفقة بهم! وهو نفسه رغم فرض إتاوات بلغت 150 عبوة زيت زيتون على أهالي قرية تحتلها الميليشيا التابعة له، وأقدم على طلب المزيد بحجة سوء نوعية الزيت (الأسيد مرتفع).

تهمتك: “أنك كردي من عفرين”

وفي إطار التضييق على الأهالي والسعي لإنهاء الوجود الكردي بالمنطقة تتم كل عمليات الاعتقال والخطف وما يترتب عليها من تعذيب نفسي وجسدي وقد يودي التعذيب بحياة المعتقل أو تلقى جثة المختطف في العراء، والتهمة ثابتة على الدوام بحق كل الفئات العمرية.

تحدث الشاب الكُردي “م.ش” اعتقلته ميليشيا “الشرطة العسكرية” لمدة شهر تقريباً، فقال لـ “عفرين بوست”: بعد أسابيع من تعذيبي في سجن “الشرطة العسكرية” تم تحويلي إلى المحكمة العسكرية، للنظر في قضيتي، فسألني القاضي: ما تهمتك؟ كان ردي لا أعلم، فبادر لسؤال آخر، وسأل مجدداً: “ما هو قيد نفوسك؟”، فأجبته: عفرين. قال: “إذاً تهمتك هي أنك كُردي من عفرين!”.

إبادة جماعية وكذبة إخلاء الميليشيات للمدن

ما يحدث في عفرين والمناطق التي تحتلها تركيا هو إبادة جماعية، وفق ما وصفه تقرير نشر في موقع أوبن ديمكراسي opendemocracy البريطاني في 19/7/2020، وقال: “إن ما يجري للكرد في سوريا والعراق بسبب العمليات العسكريّة التركية في كلا البلدين، هو “إبادة جماعية”. ويذكر التقرير مجمل العمليات العسكرية التركية لاستهداف الكرد.

ما تم تداوله من بيانات تدعو لإخلاء المدن من الوجود الميليشاوي والعسكريّ، وضبط الحياة بالمدن، محاولات تجميل فاشلة يراد منها للإيحاء بأن ميليشيات الجيش الوطني “الإخوانية” تخضع لضوابط وقواعد ناظمة، ولكن الدعوات تكذبها السلوكيات اليومية، من انتهاكات ومسعى لإخراج الأهالي الكرد الأصليين وتثبيت حالة الاستيطان وحواضن الفكر المتطرف لصالح المشروع الإخواني. فالكردي الأصيل يُطالب بسند التمليك في مسقط رأسه وبلده فيما يُشرعن الاستيلاء بالقوة على المنازل لتثبيت الاستيطان، لتكون النتيجة تغيير نسب التركيبة الديمغرافية، وتصبح أقل مما أشار إليه أردوغان في بداية العدوان.

Post source : خاص

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons