عفرين بوست ــ متابعة
أصدرت “رابطة تآزر” الحقوقيّة، أمس الثلاثاء 23 تموز/يوليو، تقريراً تحت عنوان “صرخات غير مسموعة ــ الاعتقال التعسفي والتعذيب في المناطق الآمنة شمال سوريا“، وثّقت فيه اعتقال /338/ شخصاً (بينهم /8/ أطفال و/21/ امرأة) خلال النصف الأول من العام الجاري، وذلك في المناطق التي تحتلها تركيا بشمالي سوريا (عفرين، سري كانيه/رأس العين، كري سبي/تل أبيض)، برفقة ميليشيات “الجيش الوطني السوري”؛ وأشارت إلى توّرط الاستخبارات التركية في تنفيذ الانتهاكات والإشراف عليها.
ذكر التقرير قيام مسلّحين من ميليشيا “فرقة السلطان مراد” بإعدام ميدانيّ للمواطن عبد السلطان (39 سنة) من أهالي ريف تل تمر على مرأى والدته، في سري كانيه/رأس العين، بسبب رفضه مصادرة سيارته؛ واحتجزت جثته مع والدته، وفي إجراء تعسفيّ تعرّض عمه “صالح” للتعذيب من قبل ميليشيا “الشرطة العسكريّة” لدى مطالبته باستلام الجثة، وبعد 20 يوماً، توصلت وساطات عشائريّة إلى اتفاق مع “الشرطة العسكريّة والمدنيّة” يقضي بتسليم جثة عبد لعائلته والسماح لها بدفنه، مقابل التكتم على القصة، وإطلاق سراح العم بعد دفع فدية ماليّة بلغت 6500 دولار أمريكيّ.
وقال التقرير إنّ الانتهاكات تعكس استمرار حالة عدم الاستقرار وانعدام الأمن في المناطق التي تحتلها تركيا بشمالي سوريا، وغياب العدالة والمساءلة؛ إذ أنّ عدم وجود آليات انتصاف فعّالة للضحايا، يعني أنّ الجناة والمنتهكين يظلون بعيدين عن المساءلة، مما يشجع على استمرار هذه الانتهاكات، في ظل عجز أو عدم رغبة النظام القضائي بتلك المناطق في التعامل مع هذه التجاوزات بشكل عادل وفعّال.
وأشار التقرير إلى عدم إجراء تحقيق في ممارسات الميليشيات المسلّحة التي تستمر في اعتقال المدنيين، وإخفائهم قسراً، وانتهاك حقوقهم، ولم تقم الحكومة التركية، التي تمارس السلطة والقيادة الفعلية على تلك الميليشيات بما يكفي لتغيير سلوكها التعسفيّ، بل يتضح في كثير من الحالات أنّها كانت شريكة في ارتكاب تلك الانتهاكات.
وأوضح التقرير أنّ الانتهاكات المرتكبة قد تنطوي على مسؤوليّة جنائية للقادة العسكريين الأتراك الذين كانوا على علم بالجرائم أو كان ينبغي أن يكونوا على علم بها، أو لم يتخذوا التدابير اللازمة والمعقولة لمنع أو قمع ارتكابها.
60% من الاعتقالات في عفرين المحتلّة
خلال النصف الأول من عام 2024، وثّقت رابطة “تآزر” اعتقال /338/ شخصاً (بينهم /8/ أطفال و/21/ امرأة، اثنتان منهن من ذوي الاحتياجات الخاصة)، في مناطق “عفرين وسري كانيه/رأس العين وكري سبي/تل أبيض”، على يدّ ميليشيات “الجيش الوطني السوري” وشاركت قواتٌ تركية بتنفيذ /40/ حالة اعتقال على الأقل. لا يزال /231/ ضحية ممن وثقت “تآزر” قصص اعتقالهم/ن مخفيين/ات قسرياً في سجون ميليشيات “الجيش الوطني السوري”، بينهم رجل وامرأتان من ذوي الاحتياجات الخاصة، فيما أُفرج عن /107/ أشخاص، نجا معظمهم/ن بعد اضطرار عائلاتهم/ن إلى دفع فدى ماليّة.
في إقليم عفرين المحتلّ، وثقت “تآزر” خلال النصف الأول من عام 2024، اعتقال ما لا يقل عن /203/ أشخاص (بينهم /13/ امرأة و/8/ أطفال)، تمّ إطلاق سراح /33/ شخصاً فقط، لا يزال مصير /170/ شخص مجهولاً. وتمّ توثيق اعتقال /135/ شخصاً، بينهم /8/ نساء، في مناطق رأس العين/سري كانيه وتل أبيض/كري سبي وريفيهما، وقد تمّ الإفراج عن /74/ منهم/ن، فيما لا يزال مصير /61/ شخصاً طيّ الكتمان.
يُشير تحليل المعلومات التي وثقتها “تآزر” حول الاعتقالات التعسفية في مناطق “عفرين ورأس العين/سري كانيه وتل أبيض/كري سبي” إلى تورّط “الشرطة العسكرية” بتنفيذ /146/ حالة اعتقال، تلتها ميليشيا “فرقة السلطان مراد” بواقع /67/ حالة، ثم ميليشيا “الشرطة المدنية” بواقع /64/ حالة، وشاركت قوات الأمن والاستخبارات التركيّة بتنفيذ /40/ حالة اعتقال، فيما تناوبت ميليشيات أخرى مثل الحمزات، سليمان شاه (العمشات)، وتجمع “أحرار الشرقية”، وغيرها، على ارتكاب حالات الاعتقال الأخرى. وتمّ تأكيد نقل /6/ معتقلين على الأقل إلى داخل الأراضي التركيّة.
عمليات تعذيب وحشيّة
ووفقاً للتقرير، فإنّ عدة ضحايا تعرّضوا لأنواع من التعذيب، منها التشبيح بواسطة البلانكو وإطفاء السجائر في أجسادهم، وتم تعليق بعض الضحايا إلى السقف، وضربهم بأعقاب البنادق، كما تعرّضوا للصعق بالكهرباء. وتعرّض بعض الضحايا لأشكال أخرى من التعذيب كالإغراق في الماء، تكسير الأصابع، إحداث جروح بواسطة آلة حادة، والجرّ خلف عربة عسكرية.
وبحسب التقرير فإنّ تكرار هذه الحوادث يعكس وجود بيئة قمعية لا تُشجع على العودة الطوعية والآمنة للنازحين والمهجّرين قسرياً إلى مناطقهم التي تحتلها تركيا، مما يؤدي لاستمرار النزوح وعدم الاستقرار الاجتماعي في المنطقة.
ولفت تقرير الرابطة الحقوقيّة إلى أنّه “على السلطات التركيّة ضمان عدم قيام مسؤوليها ومن تحت قيادتهم في ميليشيات “الجيش الوطنيّ” باحتجاز أي شخص تعسفياً أو إساءة معاملته، وهي ملزمة بالتحقيق في الانتهاكات المزعومة وضمان معاقبة المسؤولين عنها بالشكل المناسب”.