نوفمبر 22. 2024

أخبار

“النيجر” وجهة جديدة للمرتزقة السوريين… ما الأهداف ولماذا؟

عفرين بوست – متابعة

تلبيةً لمصالحها الأمنية والاقتصادية في ظلّ تصاعد التنافس الدولي لأخذ موضع قدم في الساحل الأفريقي وتحديداً دولة النيجر الغنية بالمواد الأولية، لا سيّما بالعناصر المعدنية النادرة كاليورانيوم والليثيوم؛ تزج تركيا بالمرتزقة السوريين في أتون الفوضى القائمة في ذاك البلد بين الجيش النيجيري وتنظيم بوك حرام المبايع لتنظيم داعش الإرهابي، لكن المفاجئة أنّ هؤلاء المرتزقة يقاتلون كتفٍ إلى كتف مع مرتزقة روس في بلد إفريقي، ما يثير التساؤلات حول مدى حقيقة ما يسمى “الجيش الوطني السوري” ومدى تمثيله للشارع السوري أو المعارضة السورية بين قوسين؟!!

هذه ليست المرة الأولى التي تستخدم تركيا عناصر من الجيش الوطني السوري (المرتزقة السوريين) في حروب وصراعات خارج حدود سوريا، فبعد ليبيا وأذربيجان، أرسلت الاستخبارات التركية دفعة مؤلفة من 550 مرتزقاً إلى النيجر وإلى الآن قُتل منهم أكثر من 9 مرتزقة وفق تقارير عدة نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان، واليوم تجهز الاستخبارات التركية الدفعة الثانية لإرسالها إلى النيجر.

وشهد النيجر العام الماضي انقلاباً عسكرياً على الرئيس المنتخب محمد بازوم في نهاية يوليو 2023 الموالي للغرب وكانت حكومته تحظى بدعم فرنسي وأمريكي، وبعد الانقلاب ألغى العسكريون الاتفاقيات العسكرية المبرمة مع باريس وطالبوا برحيل الجنود الفرنسيين الذين تواجدوا لسنوات في البلاد ضمن إطار اتفاقية الحرب ضد الإرهاب، فيما سارعت روسيا وتركيا وإيران والصين لعقد اتفاقيات جديدة مع الإنقلابيين وتعزيز وجودهم في ذاك البلد الأفريقي في ظل انحسار الوجود الغربي في الغرب الأفريقي بعد سلسلة من الانقلابات في بلدان عدة منها بوركينا فاسو ومالي.

نظرة السوريين!

على خلاف المرات السابقة لاستخدام المرتزقة السوريين من قِبل تركيا، يخرج اليوم بعض النشطاء السوريين ويتساءلون عن الجدوى من إرسال هؤلاء المقاتلين إلى بلد غير سوري، وما الفائدة التي ستعود على المعارضة السورية.

إذ تساءل الناشط فارس زين العابدين المقيم في عفرين حالياً، عما يحدث في النيجر وإلى جانب منْ سيقاتل هؤلاء المرتزقة السوريين؟ وما الشيء الذي دفعهم للذهاب؟ والسؤال الأهم الذي وجهه الناشط السوري لما تسمى “الحكومة المؤقتة ممثلة بوزارة الدفاع فيها”، لماذا يُسمح لهم بالقتال في بلاد ليست بلادهم، بينما يُمنع عنهم فتح المعارك في بلادهم؟!!

هل التقارير صحيحة؟

إلى جانب هذه التساؤلات نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان وصفحات عدة مقاطع فيديو لمعارك عنيفة قالت إنها في النيجر شارك فيها مرتزقة سوريين إلى جانب مقاتلي الفاغنير الروسية والجيش النيجري ضد تنظيم داعش الذي ينشط في المثلث الحدودي بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر والذي يسمى مثلث الموت أو المثلث الأخطر في العالم وصحراء النيجر.

واظهر مقطع الفيديو الذي اطلعت “عفرين بوست” عليه مجموعة من القتلى بين كروم العنب وسط تصاعد أصوات الرصاص وبعض القتلى كانوا ذو البشرة السوداء والبعض الآخر بيضاء البشرة ما يوضح أنهم ليسوا من أصولٍ أفريقية وهم غرباء عن النيجر، ما يؤكد وجود مرتزقة سوريين وروس في النيجر للقتال إلى جانب الجيش النيجري هناك ضد تنظيم داعش والتيارات الإسلامية المبايعة لها.

لم تصدر أي تصاريح رسمية سواء من النيجر أو تركيا أو حتى الحكومة المؤقتة الموالية لتركية تكذب أو تفند التقارير التي تؤكد وجود سوريين في النيجر، وهذا الصمت يزيد من احتمالات صحة هذه التقارير بنسبة كبيرة، فقبل سنوات كذّبت تركيا التقارير التي نشرها المرصد السوري حول إرسال تركيا لمرتزقة سوريين إلى ليبيا وأذربيجان ولكن بعد مدة تبين صحة المعلومات تلك.

بعد نشر هذه المقاطع أظهر العديد من السوريين مشاعر الحزن والغضب من صمت تركيا حيال قتال المرتزقة السوريين إلى جانب روسيا التي تربطها اتفاقيات عدة معها في إطار محور آستانا، والتي ساهمت عبر جولاتها المتلاحقة في تجميد القتال بين المناطق المحتلة تركياً والحكومة السورية وتوجيه سلاح “الجيش الوطني السوري” والميليشيات المنضوية في لوائها نحو قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق سوريا.

مخطط استخباراتي

لدى متابعة بعض المنشورات الخاصة بهذا الحدث، كانت هناك تعليقات عدة تشجب تسليم السوريين قرارهم للأتراك ويدعون للتخلي عن الرهان على تركيا وجهازها الاستخباراتي والعودة للمبادئ الوطنية السورية، إذ يقول “أحمد أبو عمر” المنحدر من حمص في معرض رده على منشور زين العابدين: “إن جهاز استخباراتي تركي روسيا ينفذ مخططه بشباب سوريا”، والحلّ الوحيد برأيه هو الخروج من قبضة الاستخبارات وأن يتمتع السوريين بقرارهم وسيادتهم وأن يوقفوا التعامل التركي مع مناطقهم كوصي على المعارضة السورية، وأن الثورة السورية أضاعت بوصلتها بسبب المصالح الاستخباراتية، في إشارة إلى هيمنة تركية على المعارضة السورية في شمال غرب سوريا.

هل الفقر هو السبب؟

وعن سبب التحاق السوريين بالقتال في النيجر وغيرها من الأماكن، يقول “سعد أبو فؤاد” المقيم في إعزاز تعليقاً على المنشور ذاته أنه قام بتسجيل أسمه ضمن القائمة الجديدة التي ستتوجه للنيجر ويعزي السبب إلى الحاجة المالية وأن أسرته تعاني الفقر وعدم توفر الوظائف والعمل في المناطق المحتلة.

هذه ليست المرة الأولى التي يعزي السوريين سبب التحاقهم بصفوف المرتزقة للفقر والعوز، بل تكرر ذلك في ليبيا وأذربيجان وبل حتى في توجه بعض السوريين إلى أوكرانيا للقتال إلى جانب الروس هناك، وهنا السؤال الأهم هل تركيا عاجزة عن توفير فرص العمل ورفع الرواتب في المناطق المحتلة، أما أنها تستهدف تدمير المجتمع السوري وبالتحديد الموالي لها اقتصادياً واخلاقيا لتكون قادرة على قيادتهم بأقل التكاليف، أم أنها ترى في زج السوريين في معارك خارج البلد استراتيجية طويلة الأمد يستفيد منها الروس والنظام وتركيا كلاً في باع.

الرحلة

قال مصدر مطلع إنّ رحلة المرتزقة تبدأ بالدخول إلى الأراضي التركية في كلس ومنها يتوجهون جواً عبر طائرات خاصة بالجيش التركي إلى النيجر عبر ليبيا أو الصومال، وبالربط بين الوجود العسكري التركي في كلاً من ليبيا والصومال والسودان، نجد أنّ النيجر تشكل حلقة هامة في الوجود العسكري التركي الغير الرسمي، لاسيّما وأن تركيا قامت ببيع بعض المعدّات العسكرية للنيجر وبعض الدول الأفريقية الأخرى في إطار تعزيز وجودها في غربي وشمالي أفريقيا.

أكثر الفصائل التي ترتبط أسمائها بحملات تجنيد السوريين وإرسالهم لصالح تركيا خارج سوريا هي “العمشات – فرقة السلطان سليمان شاه” و “فرقة السلطان مراد”، وهذان الفصيلان يشكلان عصب القبضة التركية في شمالي وشمال غربي سوريا، ويحظيان بالدعم التركي الكامل في شتى مفاصل الحياة ضمن المناطق المحتلة، لاسيّما في عفرين.

هل وجود تركيا العسكري شرعي في النيجر؟

الاتفاقيات الرسمية التي وقعت بين تركيا والحكومة الرسمية في النيجر قبيل الانقلاب والتعديلات التي أُجريت عليها بعد الانقلاب لا يشمل الوجود العسكري التركي الرسمي على الأراضي النيجيرية، وهذا ما يثير التساؤل عن الهدف من إرسال “المرتزقة السوريين” إلى هناك، وطبيعة العمل الموكل إليهم، وهو ما لم يتضح حتى الآن.

لكن يُرجّح أن يكون للاتفاقات الروسية التركية دوراً هاماً في ذلك، إذ تحاول تركيا إرضاء الروس في بعض الساحات والتنافس معها في الأخرى، ورغم دعم الدولتين لأطراف متقاتلة في كلاً من ليبيا وإقليم قراباغ، إلّا أنهما لم يتصادما أو يقطعا علاقاتهما بل زاد التنسيق بينهما في الساحة السورية، ولا يستغرب من أن يلعب المرتزقة السوريين دوراً داعماً للروس في النيجر التي تسعى لملاء الفراغ الذي خلّفه الانسحاب الغربي من عدة بلدان أفريقية.

ختاماً، لن تكون النيجر الوجهة الأخيرة للمرتزقة السوريين، بل يتوقع أن تستخدمهم تركيا في معارك أخرى خدمةً لأهدافها لا دفاعاً عن الشعب السوري، وبطبيعة الحال هذه التحركات التركية لا تتطابق مع القانون الدولي والسّلم العالمي وهناك منظمات دولية تتابع عن كثب الصراعات في العالم وأسبابها ومنْ يدفع لتأجيجها، وهذا سيضاف إلى سجل تركيا الحافل بالانتهاكات للقانون الإنساني والدولي ومن ضمنها ما يحدث من انتهاكات في عفرين المحتلة.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons