عفرين بوست ــ متابعة
مجدداً توعز سلطات الاحتلال التركيّ إلى رئيس الائتلاف هادي البحرة ليقوم بزيارة إلى إقليم عفرين المحتل، يمكن وصفها بأنها استعراضيّة بغرض الدعاية وإظهار الائتلاف جهة فاعلة على الأرض، ويعلن خلال اجتماعه مع أهالي قرية جوقيه/جويق عن تشكيل لجنتين الأولى لرد المظالم والثانية لإجراءات ترتيبات عودة أهالي عفرين المهجّرين، في تجاهل لسبب التهجير القسريّ والمتعلق بالاحتلال والميليشيات الإخوانية التابعة له.
أجندة دعائية لعودة الأهالي
وقال هادي البحرة رئيس الائتلاف خلال اجتماعه مع أهالي قرية جوقيه الكردية: “لا يمكن عودة الأمن في عفرين بشكل كامل إلا بعودة أهالي عفرين، ونحن مع المجلس الوطنيّ أيضاً شكلنا لجنة خاصة لمن يرغب بالعودة إلى عفرين الموجودين خارجها، وقد وضعنا آلية تضمن للشخص الذي يعود ننهي له كل العقبات ونتأكد أن من يعود ليس أيّة مشكلة ونقول له تفضل، أهلاً وسهلاً، نحن نسعى لعودة أهل عفرين ونحن لا نقبل إلا أن يعود كل شخص إلى عفرين، أو من أي بقعة أخرى إلا أن يعود إلى بيته الأصليّ وليس إلى سوريا. ونبذل أقصى الجهود”.
وذكر البحرة في هذا السياق تشكيل لجنة لتشجيع عودة أهل عفرين وستقوم اللجنة بكل الإجراءات اللازمة للتأكد من أن من يرغب بالعودة الطوعيّة والكريمة إلى عفرين ألا يأتي إلا ومشاكله محلولة.
وتحدث الأهالي عن دور متزعم الميليشيا المسيطرة على القرية وأن هناك مشاكل غائبة عنه ومثالها مفرزة القرية والتي كانت تمارس الابتزاز والكذب والافتراء، وأن متزعم الميليشيا أزال المفرزة بمجرد علمه بذلك.
واشتكى أحد المواطنين من الاعتقالات التعسفيّة وأنه يجب التأكد من وضع كل مواطن لمرة واحدة ولا يجوز أن يبقى عرضة للاعتقال دائماً وبخاصة حاجز القرية.
وطرح مواطن آخر مسألة وصفها بأنها مهمة جداً وتتعلق بمصلحة المواطنين وسمعة الدولة التركيّة، وهي تصفية القلوب، والتوقف عن تطبيق قانون اعتقال المواطنين الذين تم تكليفهم بالخروج في نوبات حراسة ليلية في فترة الإدارة الذاتية، وقال: إن الناس مغلوب على أمرها واليوم يتم الانتقام منهم، ويعتقلون.
ليبرر البحرة مسألة الحواجز بالدواعي الأمنيّة، وقال إنها تحفظ الأمن وأن رفع الحواجز يؤدي إلى زيادة الحوادث، وأجرى مقارنة ما بين المحافظة على حياة الناس مع تحمل بعض التعطيل أو كثرة الحواجز!
محمد شيخ رشيد رئيس المجلس المحلي تحدث عن توزيع الخبز وأن كمية تقدر بـ4 أطنان توزع على المخيمات مجاناً، وسيرون فيما إذا كان هناك مخيمات في القرية. وأكد بشدة على الجباية وأنهم لا يمكنهم العمل دون جباية، ويقصد كونها أحد مصادر التمويل.
لجنة رد المظالم مجدداً
وفي تصريح إعلاميّ قال هادي البحرة: قمنا بزيارة إلى قرية جويق واجتمعنا مع أهاليها، الفكرة الرئيسية هي الاستماع للمشاكل التي توجه القرية في كافة المجالات ولا سيما المجالات المعيشية من ناحية خدمات المياه والكهرباء والمدارس وأيضاً المزارع وقيام الأهالي بأعمالهم اليومية بأمان وسلامة واستقرار. وأحد المصاعب التي يواجهها الأهالي على الصعيد الصحيّ، من أجل كل هذه الأمور كان لابد من الجلوس مع الأهالي والاستماع إلى هذه المشاكل.
قال البحرة: إنه بحضور المجلس المحليّ تم التوصل إلى بعض الحلول التي سيتم تطبيقها اعتباراً من يوم الغد، وبخصوص المشاكل القانونية تم تشكيل لجنة رد المظالم، ويمكن لأي مواطن لديه مظلمة أن يتقدم إلى اللجنة وهي ستعمل على التواصل مع الجهات المعنية للتأكد من ردِّ المظلمة لأصحابها وحل المشاكل التي تواجه الأهالي.
البحرة أكد على تنظيم قوائم بالذين لديهم أرض أو منزل مستولى عليه ولديهم وثائق ملكية (طابو)، وأضاف من المفروض أن غير المقبول أن يُعتدى على مواطن أو تهان كرامته، وأشار إلى أن الشيء الجيد وجود مؤسسات قضاء مدني وعسكري وشرطة مدنية وعسكرية، أي هناك جهات يمكن تقديم الادعاء إليها، وبحال وقوع جريمة أو اعتداء فهناك جهة قضائية تحاكم وتحاسب، إلا أنه ناقض نفسه عندما تساءل: هل وصلت هذه الأجهزة إلى الحد الذي نرضى عنه وأجاب تلقائياً بالنفي.
تجربة لجنة سابقة
مسألة تشكيل لجنة باسم رد المظالم في عفرين ليست جديدة، فقد سبق أن تشكلت لجنة بالاسم نفسه بموجب تعميم صادر عما تسمى “هيئة الأركان بوزارة الدفاع، التابعة للحكومة المؤقتة”، بتاريخ 24/10/2020، وعلى مدى نحو عامين لم تحل مشاكل الأهالي، فقد كان أعضاء اللجنة أنفسهم ممن يستولون على ممتلكات الأهالي وأقصى ما فعلته تنظيم عقود إيجار صوريّة، وطردت مواطنين من مكاتبها وقالت لمواطنين تقدموا بشكوى: “عوضكم على الله”. وأنهت جميع أعمالها في بيان مقتضبٍ نشرته على صفحتها الرسميّة على موقع فيسبوك في 8/11/2022.
بل إنّ اللجنة تجاهلت مطالب أهالي قرية جوقيه، ولم تحرك ساكناً إزاء انتهاكات مسلحي ميليشيا “الحمزات” وأعمال السرقات والتجاوزات والإتاوات المفروضة.
السؤال المطروح ما هي الصلاحيات التي يتمتع بها هادي البحرة وكل الائتلاف، ليفي بالوعود التي أعلنها أمام الأهالي؟ وإذا فعلاً يمتلك الصلاحية فلماذا تأخر في تنفيذ الإجراءات التي تحدث عنها وما مبرر التأخير وقد دخل احتلال عفرين مضى عليه ست سنوات!
من المؤكد أنّ الزيارة استعراضية وللدعاية فقط في هذا التوقيت ويتعلق بأجندة الاحتلال التركيّ، فالائتلاف لا يمكنه ضمان سلامة أهالي عفرين العائدين إليها، ولا يمكنه أن يعيد المستوطنين في عفرين إلى مناطقهم الأصليّة لأنّ الأمر لا يتطلب إنهاء وجود الميليشيات وحسب بل الاحتلال التركيّ للإقليم.