أكتوبر 06. 2024

أخبار

تخريج دورات حفظة القرآن… ما وراء التعليم والدورات الدينيّة في إقليم عفرين المحتل

عفرين بوست ــ خاص

أقيم على مدرج كلية التربية فرع جامعة غازي عينتاب في مدينة عفرين المحتلة، أمس 11 نوفمبر، حفل تخريج 400 لحفاظ ومجازين في القرآن الكريم، وحمل حفل التخرج شعار “جسد واحد”، وذلك برعاية مؤسسة “إتقان” ومنظمة “قيام در”. ومن الطلاب نحو 50 طالباً من بلدة تل رفعت. وفي تعليقٍ على شعارِ الحفل “جسد واحد”، أراد المنظمون الإشارة إلى الحرب على غزة في هذه الفترة.

وتنظم سلطات الاحتلال التركيّ دورات دينيّة رغم وجود مدارس شرعية ومدارس من نموذج إمام وخطيب وكذلك زيادة عدد الدروس الدينيّة في مجمل المناهج المدرسيّة.

ما وراء التعليم الدينيّ والمدارس الدينيّة

تدرك سلطات الاحتلال التركيّ صعوبة فرض التتريك، والموقف السلبيّ الذي يبديه أهالي عفرين الكرد، بالنظر إليه على أنه مقترن بالاحتلال وكذلك المستوطنون بسبب الصعوبات باعتباره ثقافة مغايرة، وبذلك فالتتريك رغم الكثير من الإجراءات المتخذة فإنّ مساره بطيء نسبيّاً، وليس من السهولة بمكان إمحاءُ ثقافة المنطقة الكردية بسهولة رغم تدني نسبة الكرد في المنطقة بعد التغيير الديمغرافيّ، إذ يبقى التتريك ثقافةً دخيلةً مفروضة.

كان اللجوءُ إلى نشر التعليم الدينيّ هو المسار الموازي للتتريك، وتستغل سلطات الاحتلال مقام القداسة والتجبيل للدين وتوظف ذلك سياسيّاً وثقافيّاً، وعلى نحو مغايرٍ يبدي المستوطنون تقبلاً كبيراً لنشرِ المراكز والمدارس الدينيّة بسبب توافقه مع توجهاتهم وتناسبه مع فكرهم المتشدد، وبخاصة أنّ التعليم الدينيّ مسارٌ موازٍ للتعريبِ، ما يخلق بيئة مغايرة لما كان سائداً في الإقليم الكرديّ قبل الاحتلال التركيّ، ويجعل السكان الأصليين الكرد في عزلة.

وإذا أخذنا بالاعتبار أنّ الحكومة التركيّة وكذلك الميليشيات الإخوانيّة شنّت العدوان على عفرين عبر تجيير الدين وتوظيفه، واستنفر أكثر من 90 ألف مسجد في تركيا لقراءة سورة الفتح عشية العدوان على عفرين والدعاء بالنصر لجيش الغزو، وكذلك الاتهامات الموجهة إلى الكرد بالكفر والإلحاد، تتضح أهداف سلطات الاحتلال التركيّ من وراء التعليم الدينيّ عموماً وإقامة الدورات والندوات وسائر النشاطات وحتى بناء المزيد من المساجد.

لكن هدفاً آخر يتحقق عبر التعليم الدينيّ، فقد تم اعتماد مناهج مدرسيّة فيها ما يكفي من المواد الدينيّة، إلا أنّ تنظيم فعاليات بهذه الطريقة من الصخب الإعلاميّ وتوصيفه على أنّه نصرٌ كبيرٌ، وكأن التعليم الدينيّ كان ممنوعاً سابقاً، كلّ ذلك ينطوي على شيءٍ من المشاغلة، ومعلوم أنّه في عفرين قبل الاحتلال التركيّ كانت تُعقد حلقات دينية وتنظم دورات لحفظ القرآن ولكن المسألة بقيت في إطار الحرية الشخصيّة دون صخبٍ إعلاميّ.     

وأيُّ احتجاج بأنّ التعليم الدينيّ ضرورة لترسيخ السلام، يسقط أمام التاريخ الطويل لاقتتال المسلمين فيما بينهم، اعتباراً من القرن الأول واقتتل حفظة القرآن ممن شهد نزوله، وتواصلت الحروب حتى اليوم.

الإسلام التركيّ هو المطلوب

كان لافتاً يوم احتلال عفرين صبيحة يوم 18/3/2018 وضعُ العلم التركيّ على مئذنة المسجد الكبير، وفيما بعد بات مشهد رفع العلم التركيّ على المساجد وداخلها مكرراً، وهو يعني ضمناً الإسلام على الطريقة التركيّة، والذي ينظر إلى التاريخ التركيّ وتحديداً العثمانيّ بالإجلال والتقدير، وعلى أنّ تركيا اليوم حامية الإسلام وحصنه، كما أنّ كلّ الدورات التعليميّة وحتى خطب المساجد ترتبط مباشرة بمؤسسات تركيّة وإشراف من رئاسة الشؤون الدينيّة التركيّة “ديانت”.

وتأكيداً على أنّ المطلوب هو الإسلام التركيّ ونشر الفكر الإخوانيّ تمت إقالة الكثير من أئمة المساجد الكرد، بفتوى غريبة مفادها أنّه لا تجوز الصلاة خلفهم، وتعرض الأئمة الكرد لكثير من التضييق حتى الاعتقال، كما تم تدنيس الكثير من المقامات الدينيّة وتخريب القبور وتحطيم أضرحتها وفي بعض الحالات إزالتها وتسوية المقابر، رغم أنّ المقابر في عفرين على الطريقة الإسلاميّة.

الأمة وليس الوطن

تسعى سلطات الاحتلال على ترسيخ الفكر الإخوانيّ المتمحور حول الانتماء “الأمة” وليس الوطن، ليكون الدين بالنتيجة بوتقة صهر القوميات الأخرى تحت قيادة تركيّة. وبالنتيجة تتم شرعنة الاحتلال، إذ لا يمكن توجيه تهمة الاحتلال لمن يبني المساجد وينظم دورات حفظ القرآن.

بل كان الانتماء للأمة الذريعة الأساسيّة للقتال في ليبيا وأذربيجان، فالمسلحون ذهبوا فيما زعموا أنّه نصرةً لأخوتهم في الدين، وقالوا إنّ الجهاد مبدأ عام، ولا فرقَ بين ميادينه، إن كان في سوريا أو خارجها. وعلى أساس فكرة “الأمة” تقومُ الجمعياتُ الإخوانيّة في مختلفِ الدول بتمويل مشاريع الاستيطان في عفرين المحتلة وغيرها من المناطق الخاضعة للاحتلال التركيّ.

بالمجمل لم يكن لأنقرة أن تتدخل في سوريا وتحتل مناطق فيها وتشرعن احتلالها لولا توظيف الدين، وكان والاحتلال والتغيير الديمغرافيّ وبناء المستوطنات والتغيير الثقافيّ بكلفة شبه مجانية، فيما لا يُعرف حجم المكاسب التي جنتها أنقرة عبر الاستثمارات السوريّة وكذلك المنتجات السورية من الزيت والحطب وقبلها آلاف المعامل التي سُرقت من حلب. 

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons