يونيو 30. 2024

أخبار

فرض رفع العلم التركيّ في التظاهرات لعبة استخباراتية محاولة استدراج لإنهاء الاحتجاجات الشعبيّة في عفرين المحتلة

Photo Credit To تنزيل

عفرين بوست

ليس من المتوقع أن تقف سلطات الاحتلال التركي مكتوفة إزاء التظاهرات الاحتجاجية التي خرجت بعد المجزرة المروعة التي وقعت في مدينة جنديرس عشية عيد نوروز وراح ضحيتها أربعة مواطنين شهداء وأصيب آخران. بل سعت إلى ضرب الاحتجاج عبر مخطط متعدد المراحل وأوكلت تنفيذه لأدواتها من مسلحين وعملاء موالين.

التهرب من المسؤولية القانونية أولاً

لجأت سلطات الاحتلال التركيّ إلى مخطط أنتجته مختبرات الاستخبارات ويتألف من عدة مراحل يتم تنفيذها على التوازي ودون إبطاء، فيما كان موقفها بالتزام الصمت وعدم اعتراض المظاهرات ظاهريّاً، لئلا تثير الشبهة ولاحتواء الغليان الشعبيّ، وتحميل الميليشيات وحدها المسؤوليّة.

لكن التقارير الإعلامية والحقوقية حملت أنقرة مسؤولية المجزرة من الناحية القانونيّة باعتبارها قوة “احتلال”، فالجريمة وقعت في ظل الاحتلال والوصاية التركية وبالتالي فلا مناص من مسؤوليتها، وفي مقدمة هذه التقارير، تقرير هيومن راتيس ووتش الذي صدر الأربعاء 23/3/2023، وقد ألزمت المنظمة تركيا بصفتها قوة احتلال وداعمة للفصائل المحلية العاملة في المناطق الخاضعة لسيطرتها في شمالي سوريا، بالتحقيق في عمليات القتل هذه وضمان محاسبة المسؤولين عنها. وأن عليها أيضاً قطع كلّ الدعم عن ميليشيات الجيش الوطنيّ المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان المتكررة أو المنهجية وانتهاكات القانون الإنسانيّ الدوليّ.

تدرك سلطات الاحتلال التركيّ مدى تأثير الاحتجاج الشعبيّ ليس في عفرين المحتلة وحسب، بل ارتداداتها الكبيرة في صناديق الاقتراع بعدما يُسقط بالكامل دعاية التحرير.

وفي سياق التهرب من المسؤولية القانونية وخشية تداعيات الاحتجاجيّة والمطالبة الشعبية بخروج الاحتلال وتداول توصيف أن عفرين محتلة وليست محررة ورفع العلم الكردي بكثافة وترديد الشعارات الكرديّة، ما من شأنه أن يسقط كل ذرائع العدوان والاحتلال، وبخاصة في التوقيت الانتخابيّ الحساس الذي يحدد مصير حزب العدالة والتنمية الحاكم، لجأت أنقرة عبر أدواتها في عفرين إلى إيجاد تغييرات في شكلِ التظاهرِ.

رفع العلم التركيّ

أوعزت سلطات الاحتلال التركيّ برفع العلم التركيّ في التجمعات الشعبيّة، ولم تفرض منع العلم الكرديّ، والغاية من ذلك إظهار مشهد لحشد جماهيريّ للإعلام يوحي بقبول الاحتلال التركيّ، مقابل احتمال رفع شعارات خروج قوات الاحتلال، وبذلك تحصر المسؤولية بالميليشيات المسلحة. وبذلك تفرغ الاحتجاجات من مضمونها وتنزع عنا غايتها ولتبدو أنها مجرد حالة عزاء جماهيريّة، وأنّ الأهالي يناشدون عبر رفع العلم التركي سلطاتِ الاحتلالِ لمحاسبة القتلة. وبهذا الصورة يتم إجهاض الاحتجاجات الشعبية غير المسبوقة والتي كُسرت فيها لأول مرة قوالب الصمت بعد خمس سنوات من الاحتلال والانتهاكات اليومية.

من يرفع العلم التركي؟

تفيد معلومات حصلت عليها “عفرين بوست”، أنّ من رفع ووزع العلم التركيّ هم أعضاء في رابط الكرد المستقلين، والجبهة الإسلامية الكردية، والتي سبق أن حاولت افتتاح مقر لها في مدينة جنديرس عام 2014، إلا محاولتها باءت بالفشل، بعدما منعتها قوات الأسايش.

المشهد العام سينقلب تماماً عندما تُرفع أعلام مختلفة إلى جانب بعضها، (التركي، الكردي، وما يسمى الثورة)، بالتأكيد سيبدو المشهد عابراً لكل التناقضات القادمة وينطوي على تجاوز كامل للمجزرة وقبول ليس بالاحتلال فقط بل بكل الميليشيات المنخرطة في الانتهاكات والجرائم، ويمنحهم الشرعيّة الشعبيّة، بدل إبداء موقف الرفض، ما يطرح السؤال حول دول هذا المجلس، والذي لم يعلق عضويته في الائتلاف رغم جسامة الانتهاكات في عفرين المحتلة بحق الكرد!

محاولة استدراج

تنطوي العملية على محاولة استدراج واضحة، ففي حال رفض المواطنون الكرد رفع العلم التركيّ وتخلل التظاهرة أي سلوك علنيّ رافضٍ له ستقوم سلطات الاحتلال عبر مسلحي الميليشيات باستغلال الموقف لاعتقال المواطنين الكرد، بذريعة الإساءة إلى العلم التركي وإهانته، الأمر الذي سيُقابل بقبولٍ واسع لدى القوميين الأتراك، وبذلك يتحول مسار الاحتجاج الشعبيّ كلياً إلى قضية قدسية العلم التركيّ. وسبق أن أقدمت السلطات التركيّة أن اعتقلت أشخاصاً أحرقوا العلم التركي مدفوعين بمشاعر الخيبة بعدما أعلنت أنقرة قبولها بالمسار التصالحي مع دمشق. 

أدوات أخرى لفض الاحتجاج

في سياق مخطط إنهاء التظاهرات أوعزت استخبارات الاحتلال التركي إلى ما يسمى “المجلس المحليّ” بتشكيل وفد عشائريّ يضم أشخاصاً من المستوطنين، لمقابلة مسؤول تركيّ يُتوقع أنّه والي هاتاي.

وطالب للمدعو سعيد رشيد عيسو ممثل المجلس الوطنيّ الكردي/ ENKS في جنديرس في كلمة له من أمام منزل أحد شهداء المجزرة الأهالي المحتجين بفضِّ الاعتصام والاحتجاجات، وقال إنّه لا يوجد في برنامجهم تنظيمٌ للمظاهرات ضد الفصائل والمطالبة بخروجهم من عفرين، ووجّه تهديداً مبطناً للأهالي بأن من يخرج محتجاً عليه وحده تحمل تبعات خروجه.

وفي ذات السياق يعمل مسلحو مختلف الميليشيات على منع تدفق الأهالي من نواحي عفرين وقراها وتوجههم إلى مركز ناحية جنديرس للمشاركة في التظاهرات الاحتجاجيّة. كما أقدم الحاجز الأمنيّ التابع لسلطات الاحتلال التركي على طريق جنديرس اليوم السبت، على اعتقال عدد من المواطنين الكرد أثناء توجههم من مدينة عفرين إلى خيمة الاعتصام المقامة أمام منزل شهداء شعلة نوروز في مدينة جنديرس.

كما كشف مواطن كرديّ (رفض الكشف عن اسمه) في اتصال مع قناة روداوو الكرديّة، أنّهم فوجئوا وهم يتجهون الساعة السادسة والنصف صباحاً إلى المقبرة بوجود كميات كبيرة قدّرها بالعشرات لأعلام حزب العمال الكردستاني وقد ألقيت في مكان الاعتصام وعلى المحاور التي تتجه إليه، وذلك في مسعى لإخلاء مسؤولية القتلة وتبرئتهم، وإدانة المحتجين بأنهم موالون لحزب العمال، وبذلك يتم إنهاء الاحتجاج بالقوة دون أن يثير أن عواقب.

Post source : عفرين بوست

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons