ديسمبر 22. 2024

قصة مقتل الناشط “أبو غنوم” تكشف عن خلية داعشية وجذور قضية مخدرات

عفرين بوست ــ متابعة

تجاوزت قضية مقتل الناشط الإعلاميّ محمد عبداللطيف “أبو غنوم”، مع زوجته الإطار الجرميّ الجنائيّ، لتكشف عن هشاشةِ المنظومة العسكريّة والأمنيّة في المناطق التي تخضع للاحتلال التركيّ، حيث لا تكتفي الميليشيات بتنفيذ عمليات الاغتيال بل تتجاوز المؤسسات الأمنيّة وتحاول تصفية المتورطين بالاغتيال لتطمس الحقيقة، وليتصدر المشهد قضية تعيين عناصر من تنظيم “داعش” في مناصب أمنيّة، وكذلك عن الدور التركيّ الخفي في التحكم بالميليشيات المسلحة وتنافسها لتؤدي دوراً محدداً.

فقد شهدت مدينة الباب المحتلة حالة استنفارٍ عسكريّ على خلفيّة قضية مقتل الناشط الإعلاميّ “أبو غنوم” التابع لميليشيا “الجبهة الشاميّة”. وتحرك رتل عسكريّ تابع للميليشيا إلى مدينة الباب المحتلة مزودة بأسلحة ثقيلة، لتقديم الدعم لميليشيا “الشرطة العسكريّة”، وتم إغلاق مداخل المدينة، فيما تصاعدت الاحتجاجات الشعبيّة في المدينة المطالبة بمحاسبة الجناة.

جاء التحرك العسكريّ والأمنيّ بعد مراجعة كاميرات المراقبة الموزعة في المدينة والتي أظهرت خلية من ثلاثة أشخاص يستلقون دارجتين ناريتين تعقبوا الضحية قبل يوم تنفيذ الاغتيال واليوم الذي سبقه، ويتم على أساسها اعتقال أحد أفراد الخلية بعد محاولته المقاومة ما أسفر عن إصابته ونقله إلى المشفى. والمعلومات أفادت بتورطِ متزعمين من ميليشيا “الحمزات” في الاغتيال على خلفية مشكلة سابقة.

وتمكنت ميليشيا “الشرطة العسكريّة” من إلقاء القبض على ثلاثة عناصر من مجموعة المدعو “أبو سلطان الديري” التابعة لميليشيا “الحمزات”، وهم “محمد هيثم العكل ومحمد الجسّام أبو حسنة” المنحدرين من مدينة دير الزور وعنصر ثالث من أبناء مدينة الباب، كانوا قد تلقوا أوامر مباشرة من متزعم مجموعتهم “أبو سلطان الديري” بالتخلص من الإعلاميّ، على خلفيّة كشفه الانتهاكات التي تقوم بها ميليشيا “الحمزات” ضد أهالي منطقة الباب.

حاول مسلحون من ميليشيا “الحمزات” اقتحام المشفى لتهريبِ أحد أفراد الخلية المدعو “محمد هيثم العكل” الذي أصيب بجروح بليغة أثناء مطاردته بهدف تهريبه أو قتله في محاولةٍ للحيلولة دون إدلائه باعترافٍ يكشف فيه عن المتورطين بالاغتيال، وتم نقه إلى مدينة أعزاز لاستئنافِ التحقيق من قبل الشرطة العسكريّة وميليشيا “الفيلق الثالث”. وعلى خلفية القضية ارتفعت الأصوات في مدينة الباب مطالبة بمحاسبة المتورطين بالاغتيال من عناصر الميليشيا.

وصدر يوم أمس الإثنين بيانٌ باسم ما يسمى “الشارع الثوريّ في مدينة الباب” جاء فيه: “من أكبر الآفات التي أصابت الثورة السورية هو كثرة المجرمين الذين ينسبون أنفسهم إليها زوراً وبهتاناً”، وطالب البيان بشكلٍ قطعيّ بإخراجِ ميليشيا “الحمزات” من المدينة”.

كما تضمنت المعلومات أنّ خلية الاغتيال تتبع من عناصر سابقين في “داعش” وتعمل في صفوف الميليشيات المسلحة، وأنّ الداعشي السابق “محمد هيثم العكل” هو المتورط باغتيال أبو غنوم وزوجته، وهو صهر المسؤول الأمنيّ في ميليشيا “أحرار الشرقية” في عفرين المدعو “أبو يعقوب”. وهو داعشي سابق وذو سمعة سيئة في عفرين.

وانضم المدعو “محمد هيثم العكل” إلى ميليشيا “جيش الشرقية” في عفرين المحتلة، وانتقل لاحقاً للعمل ضمن صفوف مجموعة “أبو سلطان الديري”، وهو متورط بتنفيذ عمليات اغتيال كثيرة في المناطق المحتلة لصالح المتزعم “سيف أبو بكر”، لتستخدمه ميليشيا “فرقة الحمزة” في عملية اغتيال الإعلامي “أبو غنوم” للتستر على جرائمها ولصرف الأنظار عنها واتهام تنظيم “داعش” بها.

وتمَّ تداول مقاطع صوتية للضحية أبو غنوم، تحدث عن مشكلته مع المدعو “أبو سلطان الديري” وهو متزعم في ميليشيا “الحمزات” الذي ينتمي المدعو “محمد هيثم العكل” له، وذلك خلال المشكلة التي تسبب بها المدعو “محمد الكادري” الملقب “أبو عبدو الكادريّ”.

واندلعت بعد منتصف ليل الاثنين- الثلاثاء، اشتباكاتٌ عنيفة في مدينة الباب المحتلة بين ميليشيا “فرقة الحمزة” وميليشيا “الجبهة الشامية” على خلفيّة اقتحام الأخيرة معسكرات ومقرات المتزعم في ميليشيا فرقة الحمزة “أبو سلطان الديري” المتورط بالاغتيال.

حلقة الربط الأساسيّة تنتهي عند المدعو “الكادريّ” المسؤول في ميليشيا “الحمزات” الذي يُعرف بأنّه “سفاح الحمزات” ورجل ظلام أقبية السجون وأداة الاستخبارات التركيّة، وهو مسؤول عن سجون “الحمزات” في تجارةِ المخدراتِ والتهريب والتصفيات، وهو متورط بالكثير من الانتهاكات بحق المحتجزين، ولذلك لا يظهر للعلن إلا نادراً.

وكان المدعو “الكادريّ” قد داهم في وقت مبكر من صباح يوم 13/9/2022، على رأس صباح قوةٍ عسكريّة مؤلفةٍ من ثلاث عربات من ميليشيا “الحمزات”، منزل المدعو “صهيب أبو كشة” المساعد في قسم مكافحة المخدرات والتهريب في ميليشيا “الشرطة المدنيّة” في مدينة الباب الذي كان غائباً، وأساء المدعو “الكادري” إلى النساء في المنزل وهددهن. وتمت المداهمة على خلفيّة اعتقالِ عددٍ من مسلحي “الحمزات” وبحوزتهم كمية كبيرة من الحبوب المخدرة والحشيش وحجز سيارتهم.

اللافت في القضية هو حضور المدعو “ضياء أرباجيك” برفقة المدعوين “سيف أبو بكر بولاد” متزعم ميليشيا “الحمزات”، “محمد جاسم أبو عمشة”، وهو يقدم العزاء بمقتل “أبو غنوم”، وأشار ناشطون إليه على أنه هو القائد الفعليّ للميليشيا فيما المدعو “سيف” مجرد شكل ظاهريّ.

ويُذكر مشهد ظهور “أرباجيك” القيادي في حزب الحركة القومية العنصري والذئاب الرمادية، بما حصل في ناحية شيه/ شيخ الحديد، عندما زار “أرباجيك” المدعو “محمد جاسم أبو عمشة” متزعم ميليشيا “سليمان شاه/ العمشات”، والذي صدر بحقه مع أشقائه أمر بالعزل والنفي، ويومها كانت ميليشيا “الشامية” المحرك الأساسيّ لتشكيل لجنة التحقيق. فيما وجه التشابه الآخر يكمن مجدداً في التنافسِ الإخواني ــ التركمانيّ.        

شخصية “سيف” بحد ذاتها محل جدل، إذ يظهر في مقطع مصور قديم يعود لعام 2014، في مسجد بلدة قباسين بمنطقة الباب وهو يبايع “داعش” لدى احتلاله مدينة الباب، وتم تعيينه والياً، وخطب حينها مهدداً الكرد بالذبح ما لم يتوبوا. كما ورد اسمه في لائحة العقوبات الأمريكية التي صدرت في 8/12/2021. إضافة إلى متزعمين من ميليشيا “الحمزات” هما: علاء جنيد ومصطفى غانتي.

يُذكر أنّ اشتباكات عديدة وقعت بين مسلحي ميليشيا “الحمزات” كان آخرها في منطقة باسوطة وجبل الأحلام بين جماعة المدعو “رامي البطران” ومجموعة مسلحة تابعة للمدعو “حازم مرعي”.

بالمجمل أحداث مدينة الباب المحتلة الأخيرة وتكرر حوادث القتل والاغتيال في المناطق المحتلة والتي ينفذها مسلحو الميليشيات بغرض التصفية تكشف هشاشة البنية التنظيميّة العسكريّة والأمنية، ولذلك ارتفعت الأصوات لتدخل القوات التركيّة لضبط إيقاع الأحداث ووقف الاقتتال.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons