عفرين بوست ــ خاص
يمتنع قسمٌ كبير من أهالي عفرين الكرد عن إرسال أولادهم إلى المدارس بسبب فقدان الأمن والتعامل العنصريّ من قبل بعض المعلمين تجاه الطلاب الكرد، وكذلك تنمر وعنصريّة أولاد المستوطنين تجاههم مستقوين بأهلهم ومعظمهم عناصر مسلحة في الميليشيات.
أفادت مصادر خاصة لـ “عفرين بوست” أنّ واقع المدارس في عفرين مؤلم جداً، ويتخوف الكثير من الأهالي من إرسال أبنائهم إلى المدارس خشية أولاد المستوطنين الذين شكلوا فيما بينهم ما يشبه العصابات، ويُعرفون بآبائهم المتنفذين في صفوف الميليشيات المسلحة ويتسلحون بالسكاكين والخناجر التي يستخدمونها لأقل سبب، لتتحول المشاكل البسيطة إلى شجار على مرأى الأساتذة، وهناك العديد من القصص التي تقع في المدارس.
تنمر أبناء المستوطنين
ففي إحدى القصص، يروي المواطن (س. ع) أن مديرية التربية التابعة لما يسمى بالحكومة السورية المؤقتة في عفرين، أرسلت قبل سنتين، الأساتذة إلى بيوت أهالي عفرين للسؤال عن سبب عدم إرسال أطفالهم إلى المدارس.
يقول (س. ع) “جاء إلي أستاذ من الغوطة، والتاني كرديّ من قرية مازن وسألوني، فقلت لهما إذا بعثت ابني إلى المدرسة ما هو ضمان عدم تعرضه للخطف كما اُختطف طفل عند مدرسة الاتحاد العربي عام 2019 من قرية معملا، والمسألة الثانية التي أخاف منها تتعلق بالتفجيرات التي تحدث من وقت لآخر، والاعتداءات المتكررة من قبل أولاد المستوطنين على أولادنا، حتى أنّ إدارة المدرسة لا تجرؤ على مساءلتهم”.
يضيف المواطن لـ “عفرين بوست” عن ابنه “بعثت ابني إلى إحدى الروضات، ورجع ابني يوماً وأخبرني أنّ ولداً أكبر منه قد ضربه، وبذلك راجعت زوجتي إدارة الروضة للاستعلام عن الأمر، فأرسلت بطلب الولد، وعندما حضر أقرَّ بأنه ضرب ابني وزاد على ذلك بالقول بتأكيد أنه سيضربه مجدداً، وعلمنا أنّ والد هذا الولد متزعم في ميليشيا “جيش الإسلام”. وكان الحل أن توقفت عن إرسال ابني إلى الروضة، لأن المشكلة محتملة يومياً”. مؤكداً أن هناك الكثيرون من أمثاله لا يمكنهم إرسال أبنائهم إلى المدارس.
وفي حادثة أخرى وقعت في مدرسة سليمان الحلبي، مع مواطن (ع. أ) من قرية الشيخ، عندما بعث ابنه إلى المدرسة، ولكن الولد يعود من المدرسة كل يوم إما وقد سُرق منه أحد أدواته المدرسيّة أو أنّ تعرض للضرب.
وفي إحدى المرات شاهد الأب بأم عينه أنّ ولده يتعرض للضرب أمام المدرسة، فبادر للفصل بين الأولاد وصرخ على الطفل المعتدي دون ضربه، واكتفى بذلك دون أن يقدم شكوى أو أي إجراء من أيّ نوعٍ، وقام بتأجير بيته في المدينة وانتقل للعيش في قريته، خشية أيّة تداعيات غير محسوبة من جانب الولد المعتدي.
المساجد بديلاً عن المدارس
من جهة أخرى، تشتكي المدارس من ضعفِ الكادر التدريسيّ وعدم تأهيله بشكل مناسب ليقوم بدوره التعليميّ والتربويّ، وهناك العديد من المدرسين ممن حصل على شهادة مزورة اشتراها من مدينة أعزاز مقابل عشرة آلاف ليرة سوريّة.
وأصبح تردي حالة التعليم في المدارس حجة لتكون المساجد بديلاً قائماً، وهذا عملٌ متعمدٌ بسبب الفرق الواضح في إيلاء الأهمية للمساجد أكثر من المدارس. أما المدارس الخاصة؛ فقط من كانت حالتهم المادية جيدة يمكنهم إرسال أولادهم إليها، وأما الفقراء فقد يضطرون للإبقاء على أولادهم في البيت وحرمانهم من التعليم. ومعلومٌ أنّ الطاقم الإداري والتعليمي في مدارس عفرين تغير، وتم تعيين عناصر تابعة لسلطات الاحتلال التركي ليسوا من أهالي عفرين.
ورصدت “عفرين بوست” بتاريخ 27 أبريل 2022، أستاذ الصف الأول الابتدائي في مدرسة قرية ترندة، ينحدر من ريف حماه، يحضر إلى المدرسة وهو يرتدي كلابية قصيرة وحليق الشوارب وطويل اللحية، وفي أول سلوك له قام بعزل البنات والصبيان كل على حدة، وأنذر البنات بأنهن ممنوع عليهن الحضور إلى المدرسة دون حجاب، ومن تحضر بدونه سيطردها من المدرسة. كما منع على الأطفال أن يستخدموا العطر أو الجل لتصفيف شعرهم تحت طائلة الضرب.
التضييق على المدرسين الكرد
ووفق المصادر نفسها، يتعرض المدرسون الكرد على الدوام لعمليات التحريض من قبل المعلمين المستوطنين كما تم فصل العديد منهم. فقد نُقل معلم كرديّ (محمد. إ) من أهالي قرية مازن، من مدرسة سليمان الحلبي لأنه صرخ مرةً على طالب من أبناء المستوطنين ووالدهم على علاقة جيدة بالميليشيات المسلحة، وفي 25/8/2019 استهدفت حملة اعتقال عدداً من المدرسين الكرد في مدارس صالح العلي وميسلون وسليمان الحلبي، بينهم “رشيد بيرم/ مدير مدرسة سليمان الحلبي – بهزاد خليل – صديقة خليل – روناهي شيخ سيدي – جوليت”. وأفرج عنهم بعد أسبوع من الاحتجاز والتحقيق معهم من قبل سلطات الاحتلال التركي ومسلحيه.
وتم فصل إحدى المعلمات بعدما قدمت محاضرة عن الزواج المبكر، وأوشكت أن تتعرض لمخاطر كبيرة بسبب تقرير كيدي بحقها، رغم أن مضمون المحاضرة اجتماعيّ وتوعويّ.
بالمجمل لا تتوفر مقومات عملية التعليم في ظل الاحتلال التركيّ، إلى جانب أن المنهاج المدرسي يكرّس التتريك في المنطقة، وهناك العدد من المدراس تم تحويله إلى مقرات عسكريّة وسجون، وما يتم بناؤه من مدارس فهو من تمويل الجمعيات الإخوانيّة التي تسعى لتبييض الوجه القبيح للاحتلال.