عفرين بوست-خاص
رغم ظروف التهجير القسري القاسية التي يعيشها سكان إقليم عفرين الكردي المحتل شمال سوريا، إلا أن المهجرين يسعون إلى التغلب عليها بالمزيد من الإصرار على الإبداع والتألق في مختلف المجالات، من مهاجرهم القسرية في مناطق الشهباء وغيرها.
ومن هؤلاء المهجرين، شابة كردية تدعى “شرفين”، طردها الاحتلال التركي ومسلحو تنظيم الإخوان المسلمين ممن يسمون أنفسهم بـ”الجيش الوطني السوري” من بيتها في عفرين، حيث تسعى إلى التغلب على واقعها بالرسم، رغم أن ألمها مضاعف بكونها تعاني من الصمم منذ صغرها.
وفي السياق، قال الشاب محمد علو عن شقيقته شرفين: “منذ ولادة شقيقتي وهي تعاني من حالة الصم والبكم، وكان سبب حالتها الصحية هي أن والدتي حينما كانت حامل بأختي تعرضت لوضع صحي صعب وهذا ما تسبب بتأثير المباشر على صحتها وهذا كان قدرها”.
متابعاً: “تبلغ شقيقتي شرفين من العمر 21 عاماً، حاولت عائلتي كثيراً الوصول إلى علاج لوضعها الصحي بمراجعة أطباء مختلفين وأجراء العمليات أن لزم الأمر، إلا أن الأطباء لم يمنحوا أي أمل بالعلاج، فأرادوا تسجيلها في مدرسة خاصة بحالات الصماء والبكم، إلا أنها كانت متواجدة حصراً في مدينة حلب ونحن كنا قاطنين في عفرين، وظروفنا العائلية لم تسمح لنا بالذهاب إلى مدينة حلب، لهذا لم يكن لها النصيب من هذه الفرصة ايضاً”.
وأردف: “وفي إحدى الأيام زارنا أحد أصدقاء العائلة، وكان محترفاً في مجال الرسم، ووضع في يد شقيقتي القلم والورق وطلب منها رسم أي شيء، وحينما بدأت بالنقش على الورق، كان هو أول من اكتشف في شخصية شقيقتي شرفين موهبة الرسم، فصمم على والدي بالاهتمام بموهبتها والعمل على تنميتها”.
واستكمل: “واجهنا حينها في عفرين مشكلة في صعوبة الوصول لمعلم يشرف على تنمية مواهب شرفين في الرسم، فيما تم بعد ذلك افتتاح مركز الثقافة والفن في عفرين، والذي غدّ فرصةٍ كبرى أمام شقيقتي لتتردد إليه وتنمي موهبتها بالرسم والابداع، فيما دعمها والدي كثيراً بتوفير جميع احتياجات ومستلزمات التعليم”.
واستطرد: “ويوماً بعد أخر تطورت شرفين في مجال الرسم والتفنن فيه إلى أن وصل بها المجال للمشاركة في العديد من معارض الرسم التي افتتحت في عفرين قبل الهجوم والاحتلال التركي بالعديد من اللوحات المؤثرة، إذ تملك احساساً وخيالاً واسع جداً، فعلى سبيل المثال، حينما نزح أهالي حي الشيخ مقصود من ديارهم بفعل هجمات المسلحين إلى عفرين، عاشت الكثير من العوائل حينها في المدارس، فلجأت شرفين على الفور للرسم وعبرت حينها برسمة لفتاة مشردة يغطي شعرها المتشابك نصف وجهها ونصف الأخر من وجهها يظهر بكاء ودموع تلك الفتاة”.
وأشار بالقول: “لفت انتباهنا حينها، قدرتها على تخيل وتصور الواقع الذي يعيشه من حولها ومدى قوة تعبيرها في إظهار هذه الحقائق عبر الرسم، ولها الكثير من اللوحات التي رسمتها بعدما تهجرنا من عفرين وهي تحاكي مدى المعاناة والمأساة التي عاشها الأهالي في ظل النزوح من عفرين للشهباء”.
وشدد “محمد” أن “البعد عن عفرين أثر عليها كثيراً وحزنت جداً، وكانت تتسأل دائماً لماذا خرجنا من عفرين وجائنا إلى هنا، خاصةٍ أننا لم نستطيع إخراج رسوماتها ولوحاتها حينما خرجنا من الإقليم، إلا أنها رفضت الوقوف والاستسلام واستمرت في رسمها بالذهاب مرة أخرى لمركز الثقافة والفن في الشهباء، وشاركت في رسم أكبر لوحة في العالم والتي رسمت في الشهباء بأنامل أطفال عفرين، كما أنها أرسلت العديد من لوحاتها التي رسمتهم في الشهباء لعرضها في معارض نظمت على مستوى شمال شرق سوريا، كما أنه وضعت بصمتها في الرسم على العديد من الكتب التي طبعت في اتحاد المثقفين بالشهباء برسم صفحاتها الأساسية”.
وختم محمد حديثه عن شقيقته بالقول: “بكون أن شرفين لم تستطع الذهاب لمدرسة الصم والبكم، إلا أنها تستطيع أن تتواصل معنا عبر الإشارات، ولم تتعلم القراءة والكتابة، لكن بمبادرات من أفراد العائلة، سعينا لتعليمها كتابة أسمها وأسماء أمها، أبيها وأخواتها، فيما تملك هي رغبة كبرى في تعلم لغتها الأم، وأنا أسعى لتعليمها ذلك عبر الإشارات، لكنها بحاجة لوقت أطول لتسطيع التعلم بشكلٍ جيد تماماً”.