ديسمبر 23. 2024

مسنو عفرين ضحايا الاحتلال وقسوة الحياة في المخيمات

عفرين بوست-خاص

يعيش مسنان من سكان إقليم عفرين الكُردي المُحتل في مخيمات التهجير القسري بمناطق الشهباء بشدة قاسية وحدتهما، إذ لا يزالان ينتظران بفارغ الصبر خروج المحتل التركي ومسلحي تنظيم الإخوان المسلمين وأنصاره من عوائلهم، من أرضهم كي يتمكنوا من العودة لديارهم.

جملةٍ لا يختلف عليها اثنان، أن كل خيمةٍ تُخبئ بداخلها قصةٍ مؤثرة لعائلة عفرينية في المخيمات الواقعة بمناطق الشهباء، وحياة المسنين “خليل محمد” و”فاطمة عثمان” اللذين يبلغان من العمر أكثر من 60 عاماً وكانا قاطنين في مدينة عفرين، وهجرا منذ ما يقارب العامين لمُخيم سردم في الشهباء.

ويقول العم المسن “خليل محمد” أنهم خرجوا بمأساة وصعوبة كبيرة من عفرين آثر اشتداد قصف الطائرات الحربية على المدنيين، أذ أنه قد عانى على الطرقات من قريةٍ إلى أخرى كثيراً إلى أن استطاع الوصول إلى بر الأمان في الشهباء.

ويصف “خليل” المشهد ذاك قائلاً: “كنا نسعى للاحتماء من القصف العشوائي بالاختباء تحت ظل شجرة الزيتون على طريق جبل الأحلام، كنت أذهب من شجرةٍ لأخرى وفي كل مرة أنظر لفوقي أرى الطائرة مرة أخرى في السماء إلى أن ظننت أنها تلاحقني قصداً، وهذا ما جعلني اتابع رحلة خروجي من عفرين زحفٍ بين الأراضي الزراعية”.

ويعاني “خليل” من أوجاع وآلام شديدة في ساقه لما واجه من مصاعب أثناء الخروج من عفرين وهو يتلقى العالج في هذه الفترة إلا أنه في ظل ضعف المواد والإمكانيات في المنطقة، لم يستفيد من العلاج بما فيه الكافية وبات عاجزاً عن الحركة والمشي براحة لوحده ويحتاج دائماً لمن يستند عليه.

ويؤكد “خليل” أن لا رغبة ومطلب له بعد هذا العمر الطويل والمليئ بالمصاعب والهموم سوى العودة إلى أرضه عفرين ورؤية زيتونها وشم رائحة ترابها، عقب خروج المحتل التركي ومسلحي تنظيم الإخوان المسلمين ممن يعرفون بـ (الجيش الوطني السوري\الجيش الحر)، من أراضيهم في عفرين والخلاص من العيش داخل المخيمات التي لم يعتادوا عليها.

من جانبها تقول المسنة “فاطمة عثمان” زوجة “خليل” التي وضعها ليس بأفضل من زوجها بكثير، أنهم واجهوا الكثير من الصعوبات والعوائق وهم يحاولون الفرار من الاحتلال التركي، حيث لم يكونوا على علم إلى أين يتوجهون وماذا ينتظروهم، وإلى متى سيبقون بعيدين عن وطنهم.

وتابعت فاطمة أنهم في طريقهم على طريق قرية كرزيلة صادفوا إحدى السيارات التي كانت تتسع لهم، بحيث أن حينها جميع السيارات الخارجة من المنطقة كانت مكتظة بالمدنيين، وخرجوا بفضلهم إلى قرى ناحية شيراوا، ومن هناك استأجروا سيارة ليصلوا إلى منطقة تل رفعت.

ومع مرور عدة أشهر، وإنشاء المخيمات في مقاطعة الشهباء، توجه المسنان من تل رفعت صوب مخيم سردم بقرية تل سوسين بمناطق الشهباء، وهما يقطنان فيه منذ ما يقارب العامان.

وتؤكد فاطمة أنهما يعانيان في ظل حياة المخيمات من الكثير من المصاعب والعوائق، حيث أن الشتاء بات طويلاً عليهم لشدة برده وقسوته، كما أن الحرارة في الصيف لا ترحمهم من الأمراض والأوجاع، وتطالب أن يخرج الاحتلال التركي من أرضهم وأرض أجدادهم، ليعودوا إلى منازلهم بين ممتلكاتهم التي لم يترك الغزو التركي ومسلحو الإخوان المسلمين شيئاً منها.

ورغم الأوضاع القاسية في مخيمات التهجير القسري، إلا أنها قد لا تعتبر الأسوء، مقارنة مع ما يتعرض له المسنون في داخل عفرين، من عمليات اعتداء متواصلة، بهدف كسر ارادتهم على التشبث بالارض، والمقاومة البيضاء التي يبدونها هناك.

وكانت قد حصلت “عفرين بوست” في الثامن والعشرين من ديسمبر العام 2019، على شريط مصور من أحد متابعيها، لسيدة كُردية مسنة تدعى “صباح محمد حسين” تقيم في حي الأشرفية بالقرب من المدخل الشرقي لعفرين بمحيط القوس، حيث نال الفقر منها عقب اختطاف ولدها من قبل مسلحي المليشيات الإسلامية التابعة للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين.

وأختطفت الميليشيات الإسلامية أحد أبناء الأرملة الكُردية البالغة من العمر 78 عاماً، المنحدرة من قرية “قره كول” والمتزوجة من قرية “كفر دليه”، منذ احتلال إقليم عفرين ولا زال مصيره مجهولاً حتى اليوم، أما أولادها الآخرون فتم تهجيرهم ويقيمون في الشهباء وحلب.

وكان قد كما عمد مسلحو مليشيا “لواء المعتصم”، إلى سرقة كافة الأثاث المنزلي في بيتها، حيث لم تعد تملك سوى حصيرة وبطانية، حيث تنقلها إلى أمام المنزل عند خروج شمس للتدفئة، بسبب افتقادها الحطب لتشغيل مدفأتها، أما المسؤول الاغاثي في الحي الذي تقيم فيه المسنة الكردية، وهو المستوطن “أبو حمدو” من أهالي خان شيخون بريف إدلب، فيرفض تقديم المعونات لها لأنها (كُردية)، وهو مُسلح ضمن مليشيا “الشرطة الحرة” في ذات الوقت.

وفي ذاك السياق، كان قد استشهد المسن سليمان حمكو، بداية نوفمبر 2019، متأثراً بالإصابة البليغة التي تعرض لها أثناء عملية سطو مسلح على منزله من قبل مسلحي ميليشيا “أحرار الشرقية” وفرقة “الحمزة” التابعتان للاحتلال التركي وتنظيم الإخوان المسلمين، في قرية “كعنيه كوركيه” التابعة لناحية راجو بريف إقليم عفرين الكُردي المُحتل.

وفي نهاية اغسطس\آب 2019، استشهد المسن “محي الدين اوسو\77 عام”، عند تعرضه للضرب المبرح من قبل مسلحي المليشيات الإسلامية، الذين عمدوا لسرقة منزله في حي الاشرفية، في منطقة قريبة من مقر لمليشيا “الجبهة الشامية”، وهو ما أكد الاتهام لمسلحي المقر الذي يقوده المدعو “زاهي”.

وبعد قرابة اثني عشر يوماً من استشهاد المسن “محي االدين”، استشهدت زوجته المسنة “حورية محمد بكر\74 عام” في السادس من سبتمبر\أيلول 2019، نتيجة الضرب المبرح الذي تعرضت له في منطقة القفص الصدري، مما تسبب بنزيف داخلي مُستمر إلى أن فارقت الحياة.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons