نوفمبر 22. 2024

أخبار

منظمة حقوقية تسلط الضوء على الأوضاع المأساوية في “شيه”

عفرين بوست

أصدرت منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في الثاني والعشرين من فبراير الجاري/ تقريراً تعرض إلى الأوضاع المأساوية في إقليم عفرين الكردي المحتل، التابع للإدارة الذاتية سابقاً، وبشكل خاص الأوضاع في ناحية “شيه\شيخ الحديد”.

وقال التقرير: “تقوم الفصائل المنضوية في “الجيش الوطني” المدعومة من تركيا والمسيطرة على ناحية شيخ الحديد في منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية، باتباع سياسة تتسم بالترهيب والتضييق الاقتصادي على السكان المحليين من الكرد، والمتبقين في منازلهم وقراهم، فيما يبدو أنّها سياسة متبعة من أجل دفع السكان الأصليين المتبقين إلى المغادرة والنزوح بحسب تفسيرات الأهالي الذين قابلتهم سوريون من أجل الحقيقة. وتشمل هذه الممارسات التي يفرضها فصيل “سليمان شاه/العمشات” بشكل رئيسي، فرض أنواع مختلفة من الضرائب والأتاوات على المنازل والأراضي والمحاصيل الزراعية والمحال التجارية، إضافة إلى ممارسات أخرى تكمن في مصادرة منازل تعود لمدنيين تمّ طردهم منها. ويمكن القول أنّ تلك الفصائل تتحكم بشكل تعسفي بجميع العمليات التجارية منذ سيطرتها على منطقة عفرين في منتصف آذار/مارس 2018”.

وحول شيه\شيخ الحديد، قالت التقرير: “شيخ الحديد (شيه) هي إحدى نواحي منطقة عفرين السبع، وتقع شمال غرب سوريا عند الحدود السورية التركية، تبلغ مساحة ناحية شيخ الحديد 93.52 كم مربع، ويبلغ التعداد السكاني فيها 13871 نسمة وذلك وفق إحصاء التعداد السكاني لعام 2004. وفي الوقت الراهن، يسيطر فصيل “لواء السلطان سليمان شاه/العمشات” بشكل رئيسي على الناحية إضافة إلى تواجد لـ”لواء الوقاص” في بعض القرى المحيطة بمركز الناحية”.

وبحسب الباحثين الميدانيين لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة فإن “نسبة السكان الكرد المتبقين في الناحية إبان عملية “غصن الزيتون” لا تتجاوز 20 بالمئة، حيث تم نقل مئات العوائل من محافظات أخرى إلى الناحية بعد السيطرة عليها في آذار/مارس 2018، ويشار أن معظم هذه العائلات تم تهجيرها قسراً و/أو نزحت داخلياً من محافظات ريف دمشق وحمص وحماة وإدلب، وتم إسكانها في الناحية، كما أن أبناء جزء كبير من هذه العائلات هم مقاتلون في صفوف “الجيش الوطني السوري” التابع للحكومة السورية المؤقتة المرتبطة بالإئتلاف السوري المعارض”.

وخلال النصف الثاني من عام 2019، وثقت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة “اعتقال 506 شخصاً في عموم منطقة عفرين، بينهم 64 شخصاً من منطقة شيخ الحديد نفسها”، ولغرض رصد الممارسات والانتهاكات التي ترتكب في الناحية، التقى الباحثون الميدانيون لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة أكثر من عشرة شهود عيان من الكرد المتضررين من الممارسات والمضايقات التي وصلت حد سلبهم حقوقهم الاقتصادية والتحكم بمصادر الرزق، إضافة إلى أربعة “نازحين/مهجرين داخلياً” تم نقلهم إلى منطقة عفرين من حمص وريف دمشق، تحدثوا عن المضايقات المتعمدة للسكان الكرد، إضافة إلى ذلك التقى أحد الباحثين بقائد مجموعة ضمن الجيش الوطني والذي كشف عن بعض الممارسات التي استهدفت الأهالي الكرد على وجه الخصوص.

وفيما يلي التقرير كاملاً كما صدر عن المنظمة:

((لمحة عن الواقع الحالي للسكان الكرد في المنطقة:

منذ بدأ عملية “غصن الزيتون” التي أطلقتها تركيا في آذار/مارس 2018، شهدت منطقة عفرين بنواحيها السبع (عفرين وشران وشيخ الحديد ومعبطلي وبلبل وجنديرس وراجو) موجات نزوح جماعية من قبل السكان الكرد، بالمقابل تمّ تسجيل قدوم عشرات الآلاف الأخرين إلى المنطقة، في حين أن الفئة التي بقيت في المنطقة ورفضت المغادرة و/أو عجزت عن الخروج لأسباب مادية أو خوفاً على سلب ممتلكاتهم تعد من فئة كبار السن، حيث أن معظم السكان الحالين تترواح أعمارهم بين 40 إلى 85 عاماً، وتكاد تكون فئة الشباب الكرد المتبقين في المنطقة شبه معدومة.

وعلى مدار 21 شهراً قضاها السكان الكرد في ظل سيطرة الجيش الوطني، تعرض قسم كبير منهم إلى عدة انتهاكات وممارسات منها الاستيلاء على الأملاك والاعتقالات التعسفية معظمها لأغراض مالية، علاوة على محاولات الحكومة التركية طمس الهوية الكردية للمنطقة، وسبق أن أعدت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة تقارير مفصلة حول ذلك.[2]

على الصعيد الاقتصادي، تحكمت الفصائل العسكرية التابعة للجيش الوطني والتي قسمت المنطقة إلى “قطاعات نفوذ” بمفاصل الحياة الاقتصادية، حيث سيطرت على التجارة والسوق، وذلك من خلال سيطرتها على المعابر/الحواجز بين المنطقة والمناطق الأخرى، إضافة إلى توليها إدارة المعابر الحدودية مع تركيا وتحكمها بالتجارة بين تركيا ومناطق درع الفرات وغصن الزيتون.

ورصد الباحثون الميدانيون لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة وجود/سيطرة كل من “فيلق الشام” والشرطة العسكرية على معبر/حاجز “الغزاوية” الواقع عند مدينة دارة عزة والذي يصل محافظة إدلب بريف حلب الشمالي، ووجود/سيطرة الشرطة العسكرية و”فيلق الشام” وقوات تركية على معبر/حاجز دير بلوط الذي يصل منطقة عفرين بإدلب، كما يوجد حواجز مشتركة للشرطة العسكرية والقوات التركية عند مداخل مدينة عفرين.

وتحدث الباحث الميداني إلى أحد سائقي سيارات نقل البضائع “ع.ص” والذي أكد أن جميع الحواجز تطلب مبالغ مالية متفاوتة /أتاوات/غرامات/ ضرائب لقاء السماح بعبور البضائع بمختلف أنواعها من وإلى منطقة عفرين، حيث قال:

“كل الحواجز التي تمر منها سيارات محملة بالبضائع تأخذ مبلغاً من المال كحد أدنى 500 ليرة سورية، وهناك حاجز العزاوية يأخذ بين 5 إلى 10 آلاف ليرة سورية على السيارة الواحدة، أيضاً الميكرو باص/السرفيس المخصص لنقل الركاب يدفع على الحواجز أجرة عبور، أما إن كانت السيارة لشخص مدني ينقل عفش المنزل أو ما شابه، فهذا لا يأخذون منه شيئاُ”.

من هو لواء “سليمان شاه /العمشات”؟

ينضوي “لواء السلطان سليمان شاه” تحت راية الفيلق الأول في “الجيش الوطني السوري” التابع للحكومة السورية المؤقتة والمدعوم من تركيا، ويقوده محمد حسين الجاسم الملقب بأبو عمشة، وينحدر أغلب مقاتلي الفصيل من القومية التركمانية التي أقامت في محافظة حماه، ويتداول اسم “العمشات” في وسائل الإعلام عند ذكر ممارسات الفصيل.

تأسس الفصيل أواخر عام 2011 ، تحت مسمى “لواء خط النار” في حماة، لمواجهة قوات الحكومة السورية وشارك الفصيل في عدة معارك ضدها، من ضمنها معركة فك الحصار عن أحياء حلب الشرقية التي قادتها هيئة تحرير الشام /جبهة النصرة سابقاً/ لفك الحصار عن تلك الأحياء، ومن ثم انتقل نشاطه إلى أرياف حلب بالتنسيق مع القوات التركية.

وفي أوائل 2016 أُعلن عن إعادة تسمية لواء خط النار بـ “لواء السلطان سليمان شاه” نسبة إلى الجد المؤسس للإمبراطورية العثمانية، ويرجع تسمية الفصيل بالعمشات إعلامياً نسبة إلى قائده أبو عمشة.

وفي ذات العام 2016، شارك الفصيل إلى جانب قوات التركية وفصائل أخرى من الجيش الوطني السوري في عملية “درع الفرات” التي أطلقتها تركيا ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” في ريف حلب الشمالي، ولاحقا في 2018 شارك إلى جانب الأتراك في عملية “غصن الزيتون” للسيطرة على منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية، وفي تشرين الثاني 2019 شارك إلى جانب الجيش التركي أيضاً في عملية  “نبع السلام”.

أظهر قائد الفصيل “أبو عمشة” في عدة مناسبات ولائه إلى تركيا والجيش التركي، وظهر في أحد المقاطع المصورة ينتقد قيام متظاهرين في محافظة إدلب بإحرق العلم التركي، وقال حينها “العلم التركي يا أخوة هو تاريخنا وتاريخ أجدادنا الذين قاتلوا وأسماء شهدائنا موجودين في تركيا عندما قاتلنا الاستعمار معاً، العلم التركي يمثل دماء الشهداء العرب والأتراك وبالأخص السوريين”.

كما قام الفصيل في شهر نيسان 2019 بتخريج دفعة من المقاتلين بعد أن أقام لهم دورة عسكرية في ناحية شيخ الحديد في منطقة عفرين وحملت الكتيبة اسم “أحفاد أرطغرل” الذي يقول عنه الأتراك بأنه والد “سليمان شاه”، وحضر حفل الذي لوحظ فيه انتشار الأعلام التركية والموسيقى العثمانية، أعضاء في الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة المدعوم من تركيا.

وكباقي فصائل الجيش الوطني السوري ارتكب “لواء السلطان سليمان شاه” انتهاكات ممنهجة في منطقة عفرين ضد السكان الأصليين، حيث ساهم بإسكان عوائل نازحة/مهجرة في منازل السكان الأًصليين الذين هربوا من العمليات العسكرية أثناء معركة “غصن الزيتون”، كما شارك باعتقال عشرات المواطنين وابتزازهم مقابل الحصول على الأموال واستولى على محصول الزيتون في ناحية شيخ الحديد.

كما واجه قائد الفصيل “أبو عمشة” اتهامات من شابة تدعى “إسراء خليل” قالت إنه قام باغتصابها مراراً وتكراراً تحت تهديد السلاح كما هدد -حسب إدعائها- بقتلها مع عائلتها في حال تحدثت بالأمر، ولكن لم يخضع “أبو عمشة” لأي تحقيق قضائي مستقل حول تلك الاتهامات. ووثقت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قيام “لواء سليمان شاه/العمشات” باعتقال 22 شخصاً خلال النصف الثاني من عام 2019 في عموم منطقة عفرين.

من هو “لواء الوقاص”؟

يتبع لواء “الوقاص” للفيلق الأول التابع لـ” الجيش الوطني السوري” التابع للحكومة السورية المؤقتة والمدعوم من تركيا، ويبلغ تعداد عناصره نحو 200 عنصر فقط ينحدرون من محافظات حلب وإدلب وريف دمشق.

يقود اللواء شخص يدعى “أبو محمد” بعد أن انشق عن “لواء السمرقند” في شهر آب/أغسطس 2019، وشارك “لواء الوقاص” في عملية “غصن الزيتون” وتمركز في ناحية شيخ الحديد، وتنتشر حواجزه ومقراته في محيط بلدة شيخ الحديد.

ووثقت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قيام “لواء الوقاص” باعتقال 27 شخصاً خلال النصف الثاني من عام 2019، في عموم منطقة عفرين.

المال مقابل البقاء في المنزل:

قام فصيل سليمان شاه/العمشات، بفرض ضرائب/أتاورات على السكان الكرد ضمن المناطق التي يسيطر عليها في ناحية شيخ الحديد، وتترواح الأتاوات ما بين 200 إلى 400 دولار أمريكي وأجبر مالكي المنازل الكرد المتبقين على دفع هذه المقابل مقابل السماح لهم بالإقامة والبقاء في منازلهم، كما قام الفصيل بضرب وتعذيب من رفض الدفع وألزمه بالدفع عبر “كفيل”.

إضافة إلى ذلك تحدث شهود عيان في ناحية شيخ الحديد عن إجبار الفصيل لأكثر من خمسة أشخاص من مالكي المنازل الكرد المسنين على إسكان عائلات نازحة معهم في منزلهم مهددين إياهم بطردهم من المنزل، في حين قام بعض المسنين بترك المنزل ومغادرة البلاد بشكل كامل.

الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة قال إنه في أواخر شهر تشرين الثاني ومع انتهاء موسم الزيتون[3]، قام فصيل سليمان شاه/العمشات بفرض ما أسماه ضريبة على كل منزل ما يزال مالكه الكردي يقيم فيه، وترواحت الضريبة ما بين 200 إلى 400 دولار أمريكي ويتم تحديد هذه الضريبة وفقاً لمساحة المنزل والأراضي التي يملكها الشخص.

واعتمد الفصيل على تبليغ الأهالي بالضريبة على المختار وأشخاص من أهالي القرى والبلدات، حيث يقوم المختار مع هؤلاء الأشخاص الذين حددهم الفصيل بزيارة المنازل وإبلاغ الأهالي بحجم الضريبة المفروضة عليهم وإعطاءهم مهلة لعدة أيام كي يسددوا الضريبة إما دفعة واحدة أو بتقسيطها على دفعات حسب استطاعة الشخص، وبعد عدة أيام يعودون لجمع المبالغ المالية وتسليمها للفصيل، ومن يرفض الدفع أو لا يملك المال يتم إمهاله لعدة مرات من ثم يقوم عناصر الفصيل باقتحام منزله واعتقاله وسوقه إلى المقر الرئيسي للفصيل وهناك يتعرض للضرب حتى يوافق على الدفع مجبراً إما بشكل مباشر أو عبر “كفيل”، حيث قام الفصيل بإجبار بعض التجار بسداد الضرائب المفروضة على أن يصبح صاحب المنزل مديناً للتاجر.

وتحدث أحد الأهالي واسمه (ج.ف) عما حدث معه ومع عدد من أصدقائه فقال:

“عندما فرضوا علينا الضريبة أصبحنا نتحدث فيما بيننا أننا نرفضها ولن ندفع، لا أعلم كيف وصل هذا الكلام إلى فصيل العمشات، وجاءوا إلى منازلنا واعتقلونا نحن الثلاثة أنا و صديقي (ع. ت) وصديقنا (س)، وفي المقر قالوا لنا إما أن تدفعوا الآن أو ننزلكم إلى الدولاب وبعدها ستدفعون أيضاً، وهناك صادفنا شخصاً عمره نحو 60 عاماً أيضاً كانوا قد وضعوه في غرفة الدولاب ويقومون بإخافته لإجباره على الدفع، وقال لهم سوف أدفع عن بيتي ال 500 دولار.”

وفي حادثة أخرى تحدث الشاهد “أبو اسماعيل” عما جرى معه قائلاً:

“جاء عناصر من الفصيل وقالوا أنه علي دفع 500 دولار مقابل البقاء في منزلي وهذا المبلغ لأني أملك عدد من أشجار الزيتون، قلت لهم ليس لدي مال ولن أدفع، وبعد أن جاءوا ثلاث مرات وأنا أرفض الدفع، قاموا ليلاً باعتقالي وأخذي إلى مقر القيادة وهناك قالوا أنه يجب أن أدفع أو سوف أتعذب، فقلت لهم ليس لدي أي مال لا أنا ولا أولادي الذين خارج سوريا، فقام الفصيل بإحضار كل من (زهر الدين ومحمود درويش) -حالتهما المادية ميسورة- وأجبروهما على دفع الضريبة عوضاً عني وأن يكفلوني، وأصبحت مديناً لهما بهذا المبلغ.”

أيضاً قام الفصيل بإجبار هذين الشخصين (زهر الدين ومحمود درويش) على كفالة/دفع ضريبة قدرها 400 دولار أمريكي عن رجل مسن لم يستطع دفع المبلغ، وأيضاً أجبر الفصيل أحد تجار الزيوت على دفع الضريبة وقدرها 200 دولار عن أحد الفلاحين واسمه “أبو آلان” حيث أن الفلاح قد باع الزيت للتاجر ولم يستلم ثمنه منه فقام الفصيل بأخذ الضريبة من التاجر.

وتحدث الباحث الميداني إلى كل من الأهالي (م.ح /أبو جوان) والذي دفع مبلغ 200 دولار، و (ف. ر/ أبو شيخو) الذي دفع 400 دولار، و(س.ع ال ) الذي دفع 600 دولار حيث ذهب وقام بالدفع بشكل مباشر كي لا يتعرض للتعذيب أو تتم مصادرة الآلية التي يملكها، وأيضاً (ح. ح) الذي دفع 700 دولار كونه يملك أشجار زيتون و( ح.ش) وهو عامل في الأرض يتقاضى أجره بشكل يومي.

إجبار/ إكراه الأهالي على مغادرة المنزل:

الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة رصد وقوع خمس عمليات إجبار/ إكراه للسكان الكرد على ترك منازلهم في قرية “قره مطلق” وحدها خلال شهري تشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر 2019، حيث قام عناصر الفصيل المسيطر (العمشات) بمضايقة السكان كبار السن والذين يقيمون في المنزل لوحدهم، وذلك عبر التخويف والمداهمة وفرض الضرائب وإجبارهم على إسكان عائلات نازحة معهم في المنزل، ما دفع هؤلاء إلى ترك المنزل بشكل كامل ومغادرة البلاد.

وتحدث أحد جيران الأشخاص الذين أُجبروا/ أكرهوا على ترك منزلهم  بعد أن أجبرهم الفصيل على إسكان عائلة نازحة معهم، قائلاً:

” كانت المرأة (د.ر) وعمرها نحو 70 عاماً تقيم في منزلها لوحدها، ولها إبن يعيش في تركيا، جاء فصيل العمشات وأجبرها على إسكان عائلة من النازحين معها في المنزل، فوضعت أغراضها في غرفة وتركت لهم باقي المنزل، ولكن العائلة كانت على قرابة بعناصر الفصيل وقاموا بمضايقتها وإزعاجها كثيراً خلال إقامتهم، حتى أصبحت لا تخرج من غرفتها، ولم تتمكن المرأة من التفاهم مع العائلة التي لديها أطفال كثر، الأمر الذي دفعها إلى ترك المنزل والذهاب إلى تركيا للعيش مع ابنها.”

أيضاً في حادثة أخرى، تحدث رجل مسن ( ب. ش) عمّا حدث معه عندما تم إجباره على الخروج من منزله الذي يقيم فيه من أجل إسكان عائلة نازحة خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2019، حيث قال للباحث الميداني ما يلي:

“أنا أسكن وحيداً في منزلي الذي أملكه، زوجتي متوفية وأولادي في تركيا، بقيت هنا كي أقوم برعاية منزلي وأملاكي، في أحد الأيام خلال شهر تشرين الثاني جاء عناصر فصيل العمشات وقالوا لي إخرج من المنزل أنت رجل واحد تقيم في هذا المنزل (روح دبر حالك) سوف نأخذ المنزل لأن هناك عائلة نازحة تحتاجه، أخرجوني من المنزل ولم يسمحوا لي بأخذ أي شيئ وأحضروا العائلة النازحة، جلست في الشارع أفكر ماذا سوف أفعل، بعد فترة قصيرة جاء أحد العناصر إلي وقال لي أنه يمكنني استرجاع المنزل إذا قمت بدفع 800 دولار أمريكي، فقبلت دفع المبلغ ولكن بالتقسيط وليس دفعة واحدة، وفي اليوم التالي خرجت العائلة من المنزل ودخلت إليه ووجدت أنهم قد سرقوا الكثير من الأغراض منه كالعفش والأدوات الكهربائية.”

وبالتزامن مع موجة النزوح التي تشهدها محافظة إدلب جراء التصعيد العسكري الذي تشنه القوات النظامية وروسيا، قام فصيل سليمان شاه/العمشات بتأجير عدة من المنازل في ناحية شيخ الحديد للنازحين القادمين من إدلب لقاء مبلغ 200 دولار أمريكي عن المنزل الواحد، وذلك وفق ما رصد الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في المنطقة.

التضييق الاقتصادي على السكان المحلين:

تسيطر الفصائل المنضوية في الجيش الوطني المدعوم من تركيا على مفاصل الحياة الاقتصادية في منطقة عفرين بشكل كامل، وتقوم هذه الفصائل حسب “قطاعات النفوذ لكل منها” بفرض سيطرتها على الأسواق والبضائع وحتى المحلات التجارية.

وبحسب مصادر محلية عدة في عموم منطقة عفرين، فإن الجزء الأكبر ويكاد يكون الكل من البضائع الموجودة حالياً في المنطقة هي بضائع تركية، يستوردها التجار عبر المعابر الحدودية سواء في منطقة درع الفرات أو غصن الزيتون حيث يعتبر المعبر الحدودي قرب قرية حمام في ناحية جنديرس، الذي تم فتحه في شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أحد أبرز المعابر التجارية الناشطة في المنطقة، ورغم قربة من البلدات والنواحي إلا أن الفصائل تفرض على التجار دفع ما يسمى “تكلفة الترفيق” (الترفيق: هو أن يقوم رتل عسكري بمرافقة القافلة التجارية وحمايتها طيلة الطريق حتى الوصول إلى مكانها المحدد، وهو أسلوب تتبعه ميليشيات موالية للقوات الحكومية السورية لتحصيل الأموال من التجار). وهي مقدار 700 دولار أمريكي على كل سيارة تحمل بضاعة كحد أدنى ويرتفع المبلغ حسب نوع البضائع القادمة.

تحدثت سوريون من أجل الحقيقة والعدالة إلى أحد القادة في الجيش الوطني[4] والذي كشف عم حجم الانتهاكات التي يرتكبها الجيش الوطني في هذا المجال، حيث قال:

“في العموم إن كل المحلات التجارية تقع تحت سيطرة الفصائل، سواء كان العامل فيها من السكان الكرد أو من النازحين، يتعرض المالك المدني الكردي بشكل دائم للضغط والمضايقات من العناصر، ويُجبر على دفع ضريبة شهرية عن المحل الذي يملكه ويعمل به، كما يُجبر على دفع رشاوى وإكراميات على شكل بضائع أو أموال لهؤلاء العناصر مقابل عدم التعرض له أو مقابل عدم تخريب محله ومصادرة بضائعه، وكذلك بطبيعة الحال يتعرض العامل النازح للمضايقات ولكن بشكل أخف وذلك كونه يدفع أجرة المحل مسبقاً للفصيل المسيطر.”

وتابع المصدر:

“لقد تم تقسيم النواحي السبع في عفرين إلى قطاعات نفوذ، كل فصيل يسيطر بشكل كامل على كافة مفاصل الحياة في القطاع أو الناحية المتواجد بها، لا توجد أي محاسبة ولا أي رقابة من الحكومة التركية على الفصائل، يبدو أنها أطلقت بد الفصائل وسمحت بهذه التجاوزات لخلق ثغرات بين المجتمع المحلي والمجتمع النازح، بإمكان تركيا فرض وتطبيق قرار يكف يد الجيش الوطني عن هذه الانتهاكات وبإمكانها ضبط الأمور لكنها لم تفعل.”

وفي ناحية شيخ الحديد، قام فصيل لواء سليمان شاه/العمشات بمنع الفلاحين وصاحبي أشجار الزيتون من بيع المحصول والزيت خارج الناحية ومنعت عبور سيارات محملة بالزيتون وحصرت عملية البيع في سوق الهال الذي أقامته في بلدة شيخ الحديد والتجار الذين يتعاملون معهم، علاوة على قيامهم بفرض وأخذ ضريبة المحصول وهي 20 % من قيمة المحصول من كل فلاح يضمن أو يعمل في الأرض أو من صاحب الأرض، ومن ناتج الزيوت أخذوا نسبة 25 %.

وإضافة إلى ذلك، قام فصيل سليمان شاه بوضع يده على الأراضي وأشجار الزيتون التي تعود ملكيتها لأشخاص منضوين ضمن قوات سوريا الديمقراطية أو وحدات الحماية الذاتية وكذلك أراضي أقاربهم من الدرجة الأولى، وأيضاً التي تعود ملكيتها لأشخاص غادرو المنطقة عند بدء عملية غصن الزيتون ولم يعودوا، وحول ذلك تحدث أحد مالكي الأراضي والذي بقي مقيماً في ناحية شيخ الحديد حيث قال:

“اتفق فصيل سليمان شاه مع فلاحين وتجار زيوت من أجل ضمان الأراضي والأشجار التي وضع يده عليها، وأخذ منهم مسبقاً مبالغ مالية كبيرة لقاء السماح لهم بالاستفادة من هذه الأراضي لمدة موسم واحد، وعند انتهاء الموسم عاد الفصيل ووضع يده مجدداً على الأراضي ومنع أقارب المالكين أو أصدقائهم أو أي شخص وكله المالك برعاية الأرض من الإقتراب منها.”

وتابع:

“العام الماضي/ الموسم الماضي، قام الأهالي برعاية أراضي الأشخاص الذين غادروا المنطقة ولم يمنعهم أحد من الفصائل ولكن تم تسجيل أسماء الأشخاص الذين تولوا رعاية هذه الأراضي وقاموا بإرسال المبالغ ثمن المحاصيل لأصحابها، والآن عند نهاية موسم العام الحالي تفاجئ الناس أن الفصيل قام بإحضار قوائم وأسماء هؤلاء الأشخاص من المجلس المحلي ومن المختار وقام بمطالبتهم بدفع مبالغ مالية عن كامل المحصول بعد أن قاموا بتخمين المحصول لكل أرض مستعينين بتجار متعاونين معهم.”

وأيضاً قام الفصيل بتحديد أسعار بيع الحطب الناتج عن عملية تكسيح الزيتون، وحدد سعر الطن الواحد من الحطب ب 35 ألف ليرة سورية ومنع بيعه خارج ناحية شيخ الحديد، في حين أنه يباع في أسواق أخرى بسعر 60 ألف ليرة.

وضع اليد على المرافق العامة وفرض ضرائب وأتاوات:

قال الباحث الميداني لدى سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في ناحية شيخ الحديد إن فصيل لواء سليمان شاه قام بوضع يده على نبع المياه المشهور -نبع شيخ الحديد- في الناحية، وفرض الفصيل على الفلاحين دفع مبلغ 500 ليرة سورية عن كل ساعة سقاية ومن ثم رفعوا السعر إلى ألف ليرة سورية للساعة.

 وفي قرية قره مطلق أيضاً يوجد نبع آخر يغذي المنطقة، فام فصيل سليمان شاه بوضع يده على النبع وسرقة خراطيم وأنابيب المياه التي كانت موجودة في الأراضي الزراعية والتي يستخدمها الفلاحون للسقاية سابقاً، وقامو بمد هذه الخراطيم إلى القرية على طول 5 كم، وطالبوا أهالي القرية الأصلين الكرد بدفع مبلغ 1000 ليرة سورية بشكل شهري لقاء المياه، في حين أنهم لم يطالبوا النازحين بدفع أي شيئ.

وأيضاً فرض الفصيل على كل منزل يسكنه عائلة أو فرد كردي مبلغ 1800 ليرة سورية لقاء استخدام آمبير واحد من الكهرباء، على الرغم من عدم حاجة الناس له أو طلبهم كونهم يعتمدون ألواح الطاقة الشمسية، فتم إجبارهم على الدفع رغم عدم الاستخدام في حين أن النازحين لم يطلبوا منهم دفع أي مبلغ)).

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons