عفرين بوست-خاص
تحولت المناطق الخاضعة للاحتلال التركي في شمال سوريا إلى بؤرة امنة للتكفيريين من تنظيم داعش الارهابي ومن لف لفهم من باقي التنظيمات المتطرفة والتي تتبع للإخوان المسلمين، ويطلقون على انفسهم مسمى “الجيش الوطني”.
ففي السابع والعشرين من اكتوبر، قتل زعيم تنظيم «دعش»، أبو بكر البغدادي، في قرية بإدلب الخاضعة فعلياً لسلطة الاستخبارات التركية، عقب استُهدفه وقُتل في غارة أميركية بعد معلومات دقيقة من جهاز الاستخبارات التابع لقوات سوريا الديمقراطية.
قتل البغدادي في ادلب عكس وقائع عديدة وحقائق ستتكشف بالتدريج، فقد كان القائد العام لـ “قوات سوريا الديمقراطية”، الجنرال مظلوم عبدي، قد اعلن عبر “تويتر” بعد فترة وجيزة من إعلان مقتل زعيم “داعش” البغدادي في إدلب، أن “قسد” واستمراراً لعملية تصفية البغدادي استهدفت “الإرهابي أبو الحسن المهاجر الساعد الأيمن” للبغدادي والذي كان متحدثا باسم التنظيم، في قرية عين البيضة بالقرب من جرابلس، وأوضح عبدي أن العملية جاءت بالتنسيق المباشر بين استخبارات “قسد” والجيش الأمريكي”.
أي أن استخبارات قسد استهدفت راس التنظيم الإرهابي وساعده الايمن وكلاهما كانا في مناطق الاحتلال التركي، حيث يتمتعان بالرعاية والتأمين من قبل الاستخبارات التركية وتنظيمات الاخوان المسلمين المسلحة المعروفة بـ الجيش الوطني والجيش الحر وجبهة النصرة.
واستكملت تلك الوقائع التي تثبت تورط الاحتلال التركي في تأمين الملاذ الآمن للتكفيريين والارهابيين من تنظيم داعش الارهابي وغيره من خلال استفسرات مشروعة طرحها “ريدور خليل” القيادي في قسد خلال مؤتمر صحفي من الحسكة عقب قتل البغدادي، قال فيها إنه يجب على العالم أن يتسائل عن سبب تواجد أبو بكر البغدادي في منطقة سيطرة القوات التركية في إدلب رغم النفي من السلطات التركية من أعلى السلطات بمعرفتهم بمناطق تواجد زعيم وعناصر تنظيم داعش”.
وأضاف خليل “هذه العملية أثبت أن تركيا -كانت- توفر الغطاء السياسي ليس للبغدادي فقط ولكن جميع الفصائل الإرهابية التي تعمل في الشمال السوري ومن هنا يجب أن يتسائل المجتمع الدولي عن نوايا وأهداف تركيا من الدعم الذي قدمته لهؤلاء العناصر. ويجب علي المسئولين في تركيا الإجابة عن هذا السؤال، رغم أن الحقيقة قد انكشفت ولم يعد هناك مجال ليقولوا غير ذلك”.
كما اثبت قتل البغدادي ومساعده في مناطق الاحتلال التركي شمال سوريا صحة التصريحات التي اطلقها الجنرال مظلوم عبدي في الحادي عشر من أكتوبر الجاري، عندما قال لدى بدء الغزو التركي لمناطق شرق الفرات: “نرصد في إشارات الراديو والمحادثات بين القوات المدعومة تركياً ألفاظاً ومصطلحات يستخدمها تنظيم داعش والقاعدة”، وذلك بالتزامن مع التقارير و التصريحات الغربية التي ابدت تخوفها من أعادة داعش توليد نفسه من جديد.
وهو ما ذهبت إليه صحيفة (فاينانشال تايمز) البريطانية، التي ذكرت في الحادي عشر من أكتوبر، أن العملية العسكرية لأنقرة من شأنها أن تزيد من احتمالية فرار مسلحي التنظيم من سجونهم، الأمر الذي قد يؤجج نيران العنف في المنطقة وخارجها، مع الأخذ في الاعتبار أن أصول الكثير من مسلحي التنظيم من أوروبا.
ولا يحتاج المهتمون إلا لمتابعة الفضائح التي يقوم المسلحون التابعون للمليشيات الإسلامية بنشرها بأنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي، للجرائم والممارسات المتطرفة التي يقومون بها خلال عمليات الغزو بحق مناطق شمال سوريا للتأكد من أنهم دواعش ولكن هذه المرة تحت لبوس واسم جديد اخترعه له الاحتلال التركي بمسمى الجيش الوطني.
حيث ينشر هؤلاء الجرائم التي يرتكبونها بحق الاهالي بتفاخر، مُرفقةً بالاناشيد الداعشية والشعارات المتطرفة التي تثبت كونهم تكفيريون يسعون إلى خدمة الاحتلال التركي لاقتطاع الاراضي السورية وتحوليها إلى إمارة لاتباع تنظيم الاخوان المسلمين و القاعدة وداعش والنصرة.
اما المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد أكد في الثاني والعشرين من أكتوبر، أنباءً عن عودة قادة وعناصر لداعش إلى تل أبيض عقب احتلالها شمال سوريا، منوهاً لعودة أمير الذخيرة لدى تنظيم داعش، في تل أبيض بصحبة 150 عنصراً إلى المدينة، وسط أنباء عن عودة أبناء البللو المعروفة بارتباطها بتنظيم داعش.
بينما أكدت إلهام أحمد رئيسة الهيئة التنفيذية لقوات سوريا الديمقراطية في السادس والعشرين من أكتوبر، أن لدى تركيا مطامع توسعية في احتلال جزء من شمال سوريا، كما حذّرت إلهام من أن هذه المليشيات هي بقايا من تنظيمي “القاعدة و داعش”، منوّهة إلى أنها قدمت شهادة في الكونغرس بعد الغزو التركي لشمال سوريا حول ذلك، وأضافت أن المشرعين أكدوا لها أنهم في صدد فرض عقوبات على تركيا.
وبالعودة إلى عفرين، فليس الحال استثناءاً، ورغم التضييق على السكان الاصليين الكُرد هناك، فقد تمكن مراسل “عفرين بوست” في الثالث من أكتوبر الجاري، من رصد تواجد طبيب داعشي في مركز إقليم عفرين الكُردي المُحتل، وهو يُزاول مهنته منذ فترة ليست بالطويلة في “مشفى قنبر” الذي استثمر المستوطنون بعض أقسامه وقاموا بتعديل اسمه إلى “مشفى عفرين المركزي الخاص” ضمن ساحة (ميدانى آزادي\البازار القديم).
وأكد المُراسل حينها أن المدعو “غسان جاموس” وهو طبيب اختصاصي في الجراحة العظمية، قد افتتح إلى جانب عمله بالمشفى، عيادة في جوار مدرسة “الثانوية الشرعية” في حي عفرين القديمة، ويزاول مهنته بشكل اعتيادي. وكان المدعو” جاموس” قد أعلن في العام 2015، بشكل رسمي وصريح مقاطعته للميليشيات الإسلامية المعروفة باسم “الجيش الحر”، ومبايعة تنظيم “داعش” الإرهابي.
ونشرت عدة وسائل إعلامية تقارير عن التحوّل الذي أبداه الطبيب المتطرف، بينها صحيفة “القدس العربي” التي أكدت في تقرير لها بتاريخ 7/أكتوبر 2015، خبر التحاق المدعو “جاموس” بمناطق التنظيم الإرهابي في المنطقة الشرقية من سوريا، تحت عنوان ” الحملة العسكرية في سوريا تدفع بطبيب من المعارضة المعتدلة في إدلب للإنضمام لتنظيم «الدولة» في الرقة”.
وينحدر المدعو “غسان جاموس\39 عام” من منطقة “طيبة الامام” الواقعة في الريف الشمالي لمحافظة حماة، وتخرج العام 2004 من كلية الطب البشري في جامعة حلب، وتخصص في مجال الجراحة العظمية.
وعقب سقوط آخر معقل للتنظيم الإرهابي في بلدة الباعوز عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، على يد قوات سوريا الديمقراطية في مارس 2019، أكدت مصادرة موثوقة لـ “عفرين بوست” وصول تكفيريين من تنظيمي “داعش” و”الاخوان المسلمين” إلى إقليم عفرين المُحتل، حيث لقوا الترحاب من قبل الاحتلال التركي والميليشيات التابعة له.
الترحاب ذاك لم يكن الأول، ففي بداية فبراير\شباط العام 2018، أكدت صحيفة الاندبندنت البريطانية، أن تركيا جندت ودربت مسلحي تنظيم “داعش” للمشاركة في غزوة “غصن الزيتون” التي أطلقتها ضد عفرين بهدف القضاء على “الإدارة الذاتية”، حيث لاذ التكفيريون المنتمون إلى تنظيم “داعش” بالفرار من مُختلف المناطق الشرقية، خشية اعتقالهم ومحاسبتهم على الجرائم التي ارتكبوها إبان عهد ما سمي “الخلافة”.
ونقلت صحيفة الإندبندنت البريطانية عن “فرج\32 عام” وهو مسلح سابق في التنظيم المُتطرف، وينحدر من مدينة “الحسكة”، أن أغلب المسلحين المشاركين في الحرب على عفرين، ينتمون إلى “داعش”، موضحاً أن القادة العسكريين الأتراك يحاولون تغيير الطرق السابقة التي اعتمد عليها مسلحو “داعش”، مثل العمليات الانتحارية والسيارات المفخخة، كي لا يستخدموها في قتالهم بعفرين، ولا يعتقد بالتالي الآخرون أن “أنقرة” تتعاون مع التنظيم الإرهابي.
وفي سبتمبر\أيلول العام 2018، نشرت صحيفة The Region مقالاً يشير إلى تعرض المدنيين في عفرين إلى تهديدات على غرار التهديدات التي استخدمها تنظيم داعش، حيث أشار المقال إلى أن الميليشيات الإسلامية التي تسمى “الجيش الحر، الجيش الوطني” تستخدم تكتيكات داعش لتهديد المدنيين.
واستذكرت الصحيفة وجود اعتقاد بأن تركيا استخدمت أعضاء سابقين في داعش في “عملية غصن الزيتون”، وأنه في تسجيلات الفيديو لمسلحي “غصن الزيتون”، أنشد هؤلاء أناشيد داعش واستجوبوا المدنيين بخصوص ممارسات دينية ليحددوا عقيدتهم، كما هددوا بقطع رأس “الأكراد الكفار”.
وانهت الصحيفة مقالها بالقول: “إن هذه الممارسات تؤكد التحذيرات التي أثارتها السلطات المحلية والناشطون بأن غزو تركيا واحتلالها لعفرين سوف يخلق ملاذاً جديداً وآمناً للتطرف في سوريا”، لكن وقد تمدد الاحتلال إلى “سريه كانيه\راس العين” و”كري سبي\تل ابيض”، فإن ذلك يعني بالضرورة تمدد الارهاب إلى هناك، حيث سيتعشعش تحضيراً لإجرام قادم لا محال، فيما لو لم يتم قطع دابر الارهاب من اصله!