عفرين بوست-خاص
قال فؤاد أوقطاي نائب الرئيس التركي أمس الأحد\الخمس من مايو، إن مسؤولين من تركيا وروسيا يراجعون انتشار قوات البلدين في منطقة تل رفعت الحدودية السورية وذلك بعد يوم من تبادل للنيران عبر الحدود من المنطقة أسفر عن مقتل عدد من جنود الاحتلال التركي.
وقال أوقطاي في مقابلة مع قناة ‘كانال 7’ التلفزيونية إن تركيا وروسيا تناقشان التطورات في المنطقة، مضيفا أن العمليات العسكرية التركية على طول الحدود ستتواصل حتى يتم القضاء على كافة التهديدات (وفق تعبيره). وتابع “الاتفاق هو أن نتوقف هناك (في تل رفعت) لكن إذا استمرت هذه الهجمات فإن الأمر قد يأخذ شكلا مختلفا. ونناقش هذا مع روسيا”.
وكان جيش الاحتلال التركي والروس، أعلنوا منتصف فبراير الماضي، تسيير دورياتهما المشتركة ضمن مواقع في ريف حلب الشمالي، بالتزامن مع عقد زعماء ثلاثي أستانة قمة سوتشي الرابعـة في روسـيا. شملت أربع مدن وبلدات هي «مرعناز وعين دقنة وكفر خاشر ومنغ»، حيث دخل رتل عسكرية تركي إلى المنطقة بعد إحداث ممرات في السواتر الترابية.
ويبدو جلياً التآمر الروسي على الشعب الكردي في سوريا، بغية تحقيق مصالحها الاقتصادية مع الاحتلال التركي ومحاولة إخراجه من حلف الشمال الأطلسي، رغم ان السوريين هم من يدفعون الثمن، ومنها تتريك مدن الشمال السوري المحتل من جرابلس إلى عفرين.
وفي الوقت الذي تنتشر فيه الاعلام والمؤسسات والهيئات التركية العاملة على تتريك المناطق المحتلة، يستمر الروس في تآمرهم على الكرد، حيث اتهم نهاية فبراير الماضي، وزير الخارجية الروسي الولايات المتحدة بالسعي لإنشاء شبه دولة شرق نهر الفرات، وقال: “هدفهم الآن أصبح أكثر وضوحاً… تقسيم سوريا وخلق شبه دولة على الساحل الشرقي، وهم بالفعل يستثمرون بنشاط في ذلك، وفي إجبار الحلفاء على دفع ثمن بناء وترتيب هذا الجزء من سوريا”.
تل رفعت وطريق عينتاب..
وفي العاشر من مارس الماضي، قالت وسائل إعلام تركية أن عسكريين من الاحتلال التركي عقدوا مع آخرين من الروس، اجتماعاً شمالي مدينة حلب السورية، بحثا فيه التحضيرات اللازمة لافتتاح الطريق الدولي بين محافظة حلب وولاية غازي عينتاب جنوبي تركيا.
ووفقاً لتلك الوسائل، يعد افتتاح الطريق الدولي بين حلب وغازي عينتاب أمام حركة التجارة والنقل، تطبيقا للاتفاقات بين أنقرة وموسكو على ملف الشمال السوري ضمن مسار أستانا. وفي هذا الإطار، قالت وسائل إعلام معارضة موالية للاحتلال التركي أن اجتماعاً عسكرياً عقد جنوب غرب مدينة إعزاز بين كل من القوات التركية المحتلة والجيش الروسي على مقربة من مدينة تل رفعت الخاضعة لسيطرة النظام السوري.
وبحث الاجتماع الذي يأتي بعد تسيير دوريات مشتركة تركية روسية في منتصف شهر فبراير بالمنطقة، المباشرة بإجراءات إزالة الألغام في المناطق الفاصلة بين سيطرة المعارضة وقوات النظام، تمهيدا لافتتاح طريق حلب-غازي عينتاب.
وفي حال افتتاح الطريق، وعدم القيام بعملية عسكرية من قبل قوات النظام السوري، سيكون ذلك دليلاً على تفاهم روسي تركي، لإبقاء تلك المناطق تحت سطوة الاحتلال التركي ونفوذه، ما سيعني ترسيخ التغيير الديموغرافي الذي يسعى الاحتلال التركي إلى تمريره في إقليم عفرين الكردي.
كما أن أي اتفاق تركي روسي على تسليم منطقة تل رفعت للمليشيات الإسلامية المعروفة بـ الجيش الحر، سيعرض حياة أكثر من 150 ألف عفريني مهجر إلى الخطر، حيث يرفض هؤلاء الخضوع لسيطرة المليشيات الإسلامية التي تحتل ارضهم، ويصرون على ضرورة إخراج الاحتلال التركي من كامل الأراضي السورية، والعودة إلى إقليمهم.
الروس يقرون بتآمرهم..
في منتصف ابريل الماضي، قالت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية، إن روسيا تغض الطرف عن استيلاء تركيا على الأراضي السورية، ولفتت إلى اتفاق روسي تركي جديد لاحتلال تل رفعت، وأكدت أن النظام السوري وإيران يرفضان هذا الاتفاق.
وتحدثت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية عن الزيارة الأخيرة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان لموسكو، ومغادرة الجيش الروسي الأراضي الشمالية من محافظة حلب بالقرب من مدينة تل رفعت السورية، والتي تنوي أنقرة احتلالها. وبحسب الصحيفة، أشارت تقارير إلى أن هناك اتفاقاً جرى بين كل من موسكو وأنقرة، على إثره قام الروس بدوريات مشتركة مع الجيش التركي في منطقة تل رفعت.
وتلفت الصحيفة الروسية إلى أن دمشق تعارض بشكل قاطع الأتراك الذين يحتلون المنطقة المحيطة بتل رفعت، كما تحدثت الصحيفة عن امتعاض النظام السوري عما يجري من مفاوضات بين موسكو وأنقرة والتي على أثرها احتلال مدينة عفرين السورية الكردية من قبل القوات التركية ومسلحيها في العام الماضي.
كما تلفت الصحيفة إلى أن الوضع الراهن اختلف إلى حد كبير اليوم، ويبدو أن دمشق لم تعد تستمع إلى نصيحة موسكو وهي مستعدة للرد على العدوان. وفي هذا الصدد، تفيد التقارير الإخبارية بأن النظام السوري قام بعدة حوارات مباشرة مع الطرف الإيراني بخصوص ما ينوي أردوغان القيام به في المناطق المحاذية لمدينة عفرين السورية، بحسب الصحيفة.
كما تشير الصحيفة أن الطرف الإيراني كالطرف السوري ممتعض جداً ولديه مخاوف كبيرة من تكرار سيناريو احتلال عفرين، ولا سيما بعد إفلات تركيا من العقاب على احتلال مقاطعة عفرين.
وتقول الصحيفة إنه وبعد مرور عام من الاحتلال التركي، أصبحت عفرين التي كان يعيش فيها جميع المكونات السورية من كرد وتركمان وعرب وأرمن ودروز، جيبًا أحاديًا تركيًا.
وتؤكد الصحيفة الروسية أن أردوغان، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام التركية والعربية، يعتزم احتلال حتى مدينة حلب، وكذلك منبج والجزء الشمالي بأكمله من الحدود السورية التركية شرق الفرات بعرض 35 كم.
وأما دمشق وإيران، بطبيعة الحال، ضد هذه الخطط. وموسكو، مثل سنة مضت، لا تظهر موقفاً واضحاً بشأن هذه المسألة. وفي الوقت نفسه، ذكرت مصادر إخبارية أنه: “على الرغم من الانسحاب الرسمي لروسيا، رفض الجيش السوري التابع للنظام مغادرة المدينة، وبدلاً من ذلك، عزز الدفاعات حول تل رفعت والقرى المجاورة لها”.
كما رفضت إيران مطالب تركيا بالانسحاب من المدن ذات الأغلبية الشيعية مثل الزهراء والنبل في الريف الشمالي من محافظة حلب. وأعلنت وحدات حزب الله بالفعل أنها ستدافع عن هذه الأراضي من أي عدوان تركي محتمل.
ويبدو أن الرفض الكردي والممانعة التي يبديها النظام السوري والطرف الإيراني الحامي لبلدتي نبل والزهراء قد اتى اكله حتى اللحظة في منع الاحتلال التركي ومسلحي المليشيات الإسلامية المرتبطة بتنظيم الاخوان المسلمين المصنف ارهابياً، من زيادة المساحات المحتلة، لكن يبقى الرهان على صمود تلك الأطراف وتعاونها ليس لمنع الاحتلال فحسب، بل وتحرير المناطق المحتلة من عفرين إلى جرابلس.