عفرين بوست
بعد أن قال رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان فبراير الماضي، إنّ أنقرة سوف تُجرّد اتحاد أطباء البلاد من صفة “تركي” بسبب معارضته الشديدة بشكل علني للحملة العسكرية التركية على منطقة عفرين السورية، حُكم يوم الجمعة\الثالث من مايو، على 11 طبيباً في أكبر نقابات تركيا بالحبس على خلفية توجيههم انتقادات لغزوة “غصن الزيتون” التي شنّتها أنقرة ضدّ أبناء عفرين وبناتها، وفق ما نقلته مواقع تركية عديدة.
وقد حُكم عليهم بالحبس 20 شهراً لإدانتهم بتهم “التحريض على الكراهية والعدائية” بحسب ما قال لوكالة فرانس برس أحد المحكومين الطبيب سيموس غوكالب. فيما تعتزم الجمعية الطبية التركية الطعن على قرار المحكمة.
واتهم أردوغان اتحاد الأطباء حينها بالخيانة، وقال “هذه المؤسسة لا علاقة لها بالتركية ولا يستحق أي أمر يخصّها صفة تركي”. وهدّد أنّ قانونا جديدا سيضمن أن الاتحاد “لن يتمكن من استخدام صفة تركي ولا اسم تركيا”.
بالمقابل قال الاتحاد إن حقه في إطلاق “تركي” على نفسه يكفله الدستور ويعكس خدمته المُقدّمة للصالح العام. وذكر في بيان له “تلقى أصحاب الضمير اليقظ والمتحضرون بالحزن والصدمة التصريحات التي أطلقت لوصم الاتحاد… نتمسك بموقفنا بالتحيز لصالح الحياة والسلام اليوم مثلما فعلنا في الماضي”.
وكان مُتحدث باسم الحكومة التركية، قد ذكر أنه يتعين استبدال مجلس إدارة إحدى النقابات الطبية التركية البارزة بآخر يضم قوميين، بسبب تصريحات علنية للنقابة، تدين الحرب.
والمحكومون هم أعضاء اللجنة المركزية في “نقابة أطباء تركيا”، أكبر اتحاد طبي في البلاد، والتي كانت قد أصدرت في يناير عام 2018 بيانا قالت فيه إن “الحرب هي أزمة صحة عامة من صنع الإنسان” وذلك ردّا على الهجوم التركي على إقليم عفرين الكُردي الذي كان يتمتع حينها بحكم ذاتي فريد من نوعه تحت مسمى “الإدارة الذاتية”.
فـ “الإدارة الذاتية” تمكنت من تحويل عفرين إلى قبلة للتجارة والاعمال، بسبب الامن الذي كان يسودها، إضافة إلى سيادة القانون وحفظ الحقوق العامة والخاصة، في الوقت الذي كانت ولا تزال تعاني فيه مناطق الاحتلال التركي من جرابلس إلى اعزاز من الفوضى وسيادة شريعة الغاب، وهو ما نقلته إلى عفرين عقب احتلالها آذار العام 2018.
ويشبه مراقبون كرد تجربة عفرين بتجربة جمهورية مهاباد التي قامت في اربعينات القرن المنصرم، واستمرت لـ 11 شهراً في مدينة مهاباد الكردية بغرب إيران الحالية، ورغم أن تجربة عفرين كانت ناجحة وامام مرأى العالم باسره، لكنها لاقت التآمر الروسي ذاته الذي تكرر في مهاباد، واسهم في الحالتين بمنع الكرد من إدارة أنفسهم وممارسة حقوقهم السياسية على ارضهم التاريخية.
وكان رئيس النظام التركي هاجم بشدة “ما يسمى بنقابة أطباء تركيا”، ووصفها بأنها من “محبي الإرهابيين” قائلا “هم ليسوا أكاديميين، إنهم زمرة من العبيد الغافلين (…) إنهم في خدمة الامبريالية”.
وحُكم على هاندي أربات العضو في النقابة بالحبس 19 شهرا إضافيا لإدانتها بـ “الدعاية الإرهابية”، وذلك على خلفية نشرها تعليقات على شبكات التواصل الاجتماعي، بحسب ما أعلنت النقابة. وتضم النقابة أكثر من 83 ألف عضو وتمثّل نحو 80 بالمئة من الأطباء في تركيا. ولا يزال خمسة من المدانين أعضاء في مجلسها المركزي.
وقال غوكالب إنه أطلق سراح المدانين الأحد عشر بانتظار البت في طلبات الاستئناف، مُضيفا أن الحكم الصادر بحقّهم هو “عقاب ضد الحق في العيش صحيا بسلام”. وقال رئيس “نقابة أطباء تركيا” سنان أديامان، المدان بدوره، إنّ “المحكمة أنزلت عقابا لا نقبل به. سنفعل كل ما بوسعنا لإبطاله. سنناضل حتى النهاية”.