عفرين بوست ــ خاص
وثقت “عفرين بوست” /33/ حالة اعتقال واختطاف منذ بداية يوليو/تموز 2024 الحالي وحتى الخامس عشر منه، بينهم /23/ حالة طالت مستوطنين شاركوا في الاحتجاج ضد الاحتلال التركيّ، و/5/ حالات لمواطنين عادوا إلى عفرين مؤخراً، وتم توثيق /5/ حالات إخلاء سبيل.
وتجري عمليات الاعتقال غالباً بشكل تعسفيّ عبر توقيف المواطنين على الحواجز الأمنيّة أو عبر عمليات مداهمة عنيفة مترافقة مع تفتيش دقيق للمنازل وإهانة أصحابها، بتهم واهية، تتمحور في معظمها على العلاقة مع الإدارة الذاتية سابقاً أو التخابر مع جهات عسكرية كرديّة.
ويتم التشديد على الكُرد العائدين إلى عفرين بعد سنوات من التهجير القسريّ، وجرى اعتقال قسمٍ منهم؛ حيث تتعامل الاستخبارات التركية مع مسألة عودة المواطنين الكرد على أنّها مسألة أمنيّة، وسبق أن طالبت في أيلول/سبتمبر 2022 مخاتير القرى بتنظيم قوائم بأسماء المواطنين العائدين إلى قراهم. وأصدرت تعليمات للسجل المدني بعفرين، بتحويل طلبات الحصول على البطاقات الشخصية الصادرة عن المجلس المحليّ إليها، لإجراء الدراسة الأمنيّة قبل منحها لأصحابها.
واللافت أنّ الاعتقالات تطال عابري الحدود بين سورا وتركيا من الجهتين، سواء المرحلّين قسراً من تركيا، أو قاصدي الأراضي التركيّ عبر طرق التهريب للهجرة إلى أوروبا.
وجاءت قصص الاعتقال كما يلي:
اعتقالات سابقة
ــ 30/6/2024، اعتقلت ميليشيا “حركة أحرار الشّام”، المواطنين الكُرد: ريزان محمد من أهالي جنديرس، محمد بكر من أهالي قرية “يلانقوز- جنديرس، أحمد محمد من أهالي قرية حسنديرا – بلبل، دون بيان الأسباب، وذلك أثناء الاشتباكات التي وقعت بينها وبين جماعة مسلّحة منحدرة من بلدة حيّان بريف حلب الشمالي في المنطقة الصناعية بمدينة عفرين. وأفرجت عن الثلاثة في 8/7/2024، مقابل فدية مالية مقدارها ألف دولار عن كلّ واحد منهم.
الاعتقالات خلال تموز/يوليو 2024
ــ 1/7/2024، اعتقلت ميليشيا “الشرطة العسكرية في عفرين”، المواطنين الكرديين: محمد مجيد (43 سنة) من أهالي قرية عين الحجر – معبطلي، وخليل حج أحمد (47 سنة) من أهالي جنديرس، وذلك جانب مخبز التقوى على طريق ترنده جنوبي مدينة عفرين؛ وهما مرحلّان من تركيا بُعيد عيد الأضحى، وكانا ينويان العبور إلى تركيا عن طريق مهرّب، ولكنه أبلغ عنهما فاعتقلا.
ــ 5/7/2024، داهمت الاستخبارات التركية رفقة ميليشيا الشرطة، منزلاً في حي الأشرفية بمدينة عفرين، واعتقلت أربعة مواطنين وهم: لازكين رشيد داوود (36 سنة) من أهالي بلدة بلبل، زياد حسين حبش من أهالي قرية شيخ خورز” وشخصين من أهالي مدينة حلب. وذلك بعد 3 أيام من قدومهم من مدينة حلب بهدف العبور إلى تركيا، واللجوء إلى أوروبا.
ــ 10/7/2024، اعتقلت الاستخبارات التركية برفقة ميليشيا “الشرطة المدنية في جنديرس”، المواطن فهمي عبدو سيدو (33/ سنة) من أهالي قرية “مسكه تحتاني” بناحية جنديرس، بتُهم ملفّقة بالعلاقة مع الإدارة الذاتية سابقاً. ويعمل “سيدو” في تجارة الدراجات النارية وقطعها التبديليّة بمحله في المنطقة الصناعية بجنديرس منذ ما قبل الاحتلال التركي في 2018، وهو الأكثر بيعاً وزبائن، مقابل نشاط أقل لمحلّات أخرى بالمجال نفسه يديرها مستوطنون، فلفّقوا له تهماً واشتكوا عليه، لإخراجه من السوق.
اعتقال مستوطنين
ــ مساء 3/7/2024، نفذت الاستخبارات التركية برفقة ميليشيا “فرقة السلطان سليمان شاه- العمشات” و”الشرطة العسكرية”، حملة مداهمات واعتقالات في ناحية جنديرس وحيي المحمودية والأشرفية بمدينة عفرين لملاحقة المستوطنين المشاركين في الاحتجاجات المناوئة لتركيا بتاريخ 1/7/2024. وتم اعتقال أكثر من 18 مستوطناً، أغلبهم من حمص والغوطة الشرقية، عُرف من بينهم «مسيرة عباس» و«محمد حجازي»، واقتيدوا إلى جهة مجهولة خارج مدينة عفرين؛ كما اعتقلت ميليشيا الشرطة العسكريّة مواطنين كرديين في ناحية جنديرس لم تُعرف أسماؤهم بتهمة بالمشاركة في الاحتجاجات والادعاء بظهورهما في كاميرات المراقبة.
ــ 8/7/2024، اعتقلت دورية جوّالة لميليشيا “فرقة الحمزة”، بعد حاجز مفرق قرية “كوكان” بناحية موباتو/معبطلي، مستوطناً يدعى “جمعة الموسى/ أبو صالح (60 سنة)، ينحدر من قرية تل ضمان بريف حلب الجنوبي، ويُقيم في قرية “كوكان”. ويعمل “الموسى” في تربية وتجارة الأغنام، وكان على خلاف مع “الحمزات”، ومع اعتقاله صودرت سيارته أيضاً.
ــ 10/7/2024، اعتقلت ميليشيا “الشرطة العسكرية” المستوطن “محمد جمال المصري الملقب بـ(محمد الشامي)” (31 سنة) وينحدر من حلب 1993، بسبب مشاركته في 1/7/2024، في الاحتجاج أمام مبنى السراي القديم – مقرّ الوالي التركي بمدينة عفرين بتهمة إهانة العلم التركي. وقد حددت الاستخبارات التركية هويته من خلال تسجيلات كاميرات المراقبة، واعتقل بمداهمة المنزل الذي يستولي عليه في مدينة عفرين المحتلّة وتسكن فيه أسرته.
ومساء ذات اليوم، تظاهر مستوطنون قرب مبنى الأسايش سابقاً- حرش المحمودية في مدينة عفرين، احتجاجاً على اعتقال المستوطن “المصري” وتحويله إلى مقرّ الاستخبارات التركية في قرية حوار كلس بريف أعزاز وأمهل المتظاهرون “الشرطة العسكرية” 24 ساعة للإفراج عنه. وتم تداول مقطع مصور للإفراج عن الشامي في اليوم التالي لاعتقاله.
ــ 15/7/2024 اعتقلت ميليشيا “الشرطة المدنيّة” عنصراً من قسم الاستخبارات، ينحدر من الغوطة، وجاء الاعتقال بتهمة المشاركة في تظاهرة مناهضة لتركيا، بناءً على أوامر من الاستخبارات التركيّة، بعد التعرف عليه من خلال كاميرات المراقبة، وكان من بين مهاجمي مبنى السرايا ــ مقرّ الوالي التركيّ في 1/7/2024. وعلى إثر ذلك خرجت مظاهرة احتجاجيّة لمسلحين ومستوطنين منحدرين من الغوطة بريف دمشق.
إخلاء سبيل
ــ 14/7/2024، أفرجت سلطات الاحتلال التركي عن المواطن فريد علي من أهالي قرية “جقلا” بناحية شيه/شيخ الحديد، بعد اعتقالٍ دام حوالي /20/ يوماً، وفرض غرامة مالية /600/ دولار أمريكيّ عليه، ودفع ذويه لـ/3/ آلاف دولار لمحامٍ ورشاوى جانبية.
محاكم الاحتلال في عفرين
أشارت معلومات من مصادر متقاطعة أنّ /4/ من المواطنين الكُرد كانوا منضوين في صفوف الميليشيات المرتبطة بالائتلاف السوري الإخواني المعارض والموالية لتركيا، وشاركوا في العدوان على عفرين عام 2018، واُعتقلوا بعد بسط الجيش التركي سيطرته العسكرية عليها، تم تقديمهم للمحكمة العسكرية في بلدة الراعي بمنطقة الباب الخميس 4/7/2024، بعد ست سنوات من الإخفاء القسريّ والاحتجاز السريّ، وحضروا أولى جلسات المحكمة، وهم:
1 – مسعود إيبو “أبو المجد كوملة”. 2 – عيسى أبو مريم العفريني. 3- خالد كدلو. 4- قاسم
بالمجمل لم تتوفر معلومات وافية عن المعتقلين الأربعة طيلة ست سنوات، وانقطعت صلتهم مع العالم الخارجيّ بما فيه عوائلهم، وتم تداول شائعات حول تصفية بعضهم.
وجرت عملية الاعتقال في ظروف متباينة تضاربت المعلومات حولها، إلّا أنّها تمّت بعد احتلال عفرين بأشهر قليلة، ولم تشفع لهم مشاركتهم بالعدوان على عفرين في صفوف الميليشيات المسلّحة.
في حزيران 2018، تم تداول معلومات عن وجود المدعو مسعود إيبو الملقب بـ”أبو المجد كوملة” في سجن تركي بمدينة عنتاب التركية، بعد أسبوع من اعتقاله من قبل الاستخبارات التركية. وأنّ طلب عائلته بزيارته قوبل برفض النيابة العامة التركية لعدم انتهاء التحقيق معه حسب زعمها. وكانت الاستخبارات التركية قد عيّنت “إيبو” بصفة مسؤول في جهاز الاستخبارات بعفرين قبل أن يتم اعتقاله لأسباب “تتعلق بتسريب المعلومات”.
تمّ الإعلان عن فقدان أثر “إيبو” في 4/6/2018، ونشر موقع سوريا على طول في 29/7/2018 تقريراً تحت عنوان “مفقودون ولكن عند أي جهة؟! ظاهرة اختفاء القادة الأكراد في الجيش الحرّ تحت ضغط جميع الأطراف”، ذكرت فيه تضارب المعلومات حول اختفاء “إيبو” وأنّه واحد من أربعة أشخاص على الأقل معتقلين، قياديين كُرد بارزين فيما يسمى “الجيش السوريّ الحرّ”. ونقل الموقع عن مصدر في المجلس المحلي أنّه يعتقد أنّ “إيبو” والآخرين موقوفون في تركيا، وأنّ الاعتقالات تتعلق “باتهامات زائفة”، وطلب عدم ذكر اسمه لأنّه حالياً عضو في المجلس. ويعتقد عضو المجلس أنّ الاتهامات الموجهة ضد “إيبو” و”أبو مريم” تتعلق بمساعدة الأفراد الذين تمّ تجنيدهم مع وحدات حماية الشعب YPG في عفرين سابقاً، لتسوية أوضاعهم مع السلطات المحليّة المدعومة من تركيا.
وأفادت معلومات متداولة حينها أنّ اختفاء “إيبو” جاء بعد يومين من تعيينه مسؤولاً لدى الاستخبارات التركيّة، بعدما شغل وظيفة مسؤول إعلاميّ، وأن تعيينه تمّ على خلفية مقابلة مع ضابط تركي رفيع المستوى عُرف باسم “جنكيز” في 27/85/2018، وكانت سلطات الاحتلال تعوّل في تعيين بعض الكُرد لأجل ملاحقة أبناء المنطقة الكُرد واعتقالهم. ومن جهة ثانية أرادت إسقاط صفة الاحتلال بترويج فكرة تعيين أشخاص كُرد في الوظائف، وكان “إيبو” منضوياً حينها في كتيبة “مشعل تمو”.
وحتى تاريخ 5/7/2018 لم يبق مما سمي “كتيبة مشعل تمو” وعدد عناصره نحو 40 شخصاً أي أثر، بعدما اعتقلت سلطات الاحتلال سابقاً كلاً من “أبو مريم الحسكاوي” و”أبو مريم العفرينيّ”، اللذين عملا على تجنيد عشرات الشبّان الكُرد لصالح الاحتلال في عفرين، وهرب بعضهم، والبقية نٌقلوا إلى الباب وجرابلس.
تهمة الكُرد واحدة “إنهم كُرد”
بالتوازي مع خبر البدء بمحاكمة المعتقلين الكُرد الأربعة تحدثت مديرة جمعية “ليلون” لونجين محمد خليل عبدو في لقاء مع قناة رووداو الفضائية حول ظروف احتجازهم، لكونها قد تعرّضت للإخفاء القسريّ مدة 30 شهراً رفقة شقيقتها روجين؛ فقد اُعتقلت مع والدها بتاريخ 25/6/2018 وبعد تسعة أيام اعتقلت شقيقتها مع عمها كمال، حيث أفرج عن لونجين مع شقيقتها في 2/12/2020.
وأفادت لونجين بأنها تعرف المعتقلين الأربعة، وقد التقت بهم خلال احتجازها في سجن “حوار كلس” بريف أعزاز، وأنّ اعتقال “قاسم وخالد” جاء بعد اعتقالها بيومين، أما “أبو مجد كوملة” و”أبو مريم العفريني” فقد اُعتقلا قبلها بشهر تقريباً، وكانوا في زنازين متجاورة.
فيما يتعلق بالاتهامات الموجهة للكُرد لدى اعتقالهم، تقول لونجين: “اتهامات الكُرد كلها واحدة، لأنّهم كُرد، وقد اُعتقلت دون سبب ولم أعرف ما هي تهمتي، ووُجهت إلى المعتقلون الأربعة تهمة التعامل مع الكُرد (الإدارة الذاتية)”.
سجن سريّ يديره مقنّعون
اُحتجزت لونجين في سجن حوار كلس، وتقول: “معظم السجناء من الكُرد، وكان عدد الرجال منهم نحو 60 والنساء 11 امرأة، فيما عدد العرب كان 2 أو 3، وقد أطلق سراحنا جميعاً، عدا المعتقلين الأربعة”.
وتعرّف لونجين سجن حوار كلس بأنّه “سجن سريّ”، عبارة عن منفردات، وتقول: “لم نكن نعرف من يقوم بإدارة السجن، فالقائمون عليه كانوا مقنّعين ولا تُعرف أسماؤهم، وعرفنا فيما بعد أنّه تم تسليمه لميليشيا فرقة الحمزات، وكان السجّانون يتحدثون إلينا باللغة العربيّة الفصحى”.
ما قالته لونجين كان لافتاً، فاللغة العربية الفصحى غير دارجة في سوريا، إلا أنّ استخدام العربيّة الفصحى كان مألوفاً من قبل عناصر “داعش” وتحديداً العرب، لتجنب التواصل باللهجة العامية.
قضت لونجين ضمن مجموعة من نساء كرديات فترة من الاحتجاز في سجن حوار كلس، ونُقلن منه إلى سجن آخر يقع في مقر الأسايش سابقاً بمدنية عفرين وتديره ميليشيا الحمزات، بينما نُقل المحتجزون الرجال إلى سجن في منطقة الباب، وتم الإبقاء على هؤلاء الأربعة قيد الاحتجاز في حوار كلس.
تعذيب قاسٍ
تقول لونجين: “بسبب قرب المنفردات من بعضها كنّا نسمع أصوات التحقيق والتعذيب الذي تعرّض له المعتقلون الأربعة، كانوا يقولون إنّ كدلو وأبو مريم العفريني متهمان بالتعامل مع الكُرد وضم عناصر كرديّة، واتهموا أبو مجد كوملة بمساعدة الكُرد والدفاع عنهم”.
تذكر لونجين أنها شهدت تعذيب المعتقلين، “تمّ ضرب قاسم كدلو بالعصا والخراطيم على ظهره، تمت تعريته وفتح جروحه بسكين ووضع ملح الليمون فيها، وعرضوه على كلّ السجناء. ولا يغيب ذلك المشهد من ذاكرتي”.
وتضيف: “كان خالد طفلاً عمره نحو 16 سنة لدى اعتقاله، وقد تعرّض للضرب الشديد، وتم ربطه على الباب مدة أسبوعين، ويصبون عليه الماء البارد، لقد تم ضربه بقسوة وأنهكوه بالتعذيب، واستخدموا السكين لجرحه، مع حرمانه من الطعام”.
وتجيب لونجين على سؤال فيما إذا تعرّضت للتعذيب، بتأكيد أنّ كلّ من دخل ذلك السجن تعرّض للتعذيب، وكل سجناء عفرين يتعرضون للتعذيب بصرف النظر عن وجود تهمة أو لا.
احتجاز دون محاكمة
عن سبب تأخّر محاكمتهم، قالت لونجين، “بشكل عام في ذاك السجن كلّ المعتقلين محتجزون دون محاكمة وإجراءات قضائية، ولا يسمح لأهاليهم بزيارتهم، ولم نستطع التواصل مع أهالينا إلا بعد نقلنا منه. ومن بقي في ذاك السجن لم يسمح لأهله بزيارته، سجن حوار كلس سريّ لا يسمح بالزيارة، ولعلّ أهالي المعتقلين يمكنهم زيارتهم بعد نقلهم إلى سجن منطقة الراعي”.
ووفقاً للتجربة التي مرّت بها لونجين تتوقع أن يتم الإفراج عن المعتقلين الأربعة، وقالت: “لم نؤخذ إلى المحكمة، بل حضرت هيئة المحكمة إلينا في السجن، وبعد ذلك بنحو ثلاثة أشهر تم الإفراج عنا”.