عفرين بوست ــ متابعة
في لقاءٍ اتسم بالحذر في انتقاء الكلمات والعبارات، حذّر العقيد رياض الأسعد من خطورة مآلات الوضع الحالي في سوريا، ووجّه انتقادات شديدة إلى الميليشيات المسلّحة، واعتبر أنّ الجيش الحرّ انتهى منذ منتصف 2012. كما انتقد فوضى السّلاح وكلّ مشاريع الإسكان للبقاء في مناطق الشمال السوري.
نشر تلفزيون سوريا لقاءً مع العقيد رياض الأسعد مساء الإثنين 24/6/2024، في برنامج “ما تبقى“، بعنوان “رياض الأسعد: العيش في المخيم أفضل من الالتحاق بفصائل تابعة لجهات خارجية“؛ وهو المبعد عن الواجهة الإعلاميّة والعمل العسكريّ، وقال إنّه يتابع الأحداث من بعيد، ويقيم في مخيم بمنطقة الريحانيّة على الأراضي التركيّة، بانتظار تغير الواقع الذي تذمّر منه الناس.
واقع مرير
وأبدى الأسعد أسفه في تصوره للمرحلة القادمة وقال: إنّ واقع الثورة السوريّة وبخاصة في الشمال والواقع العسكريّ ارتبط باتفاقات أستانه وسوتشي، وهذا ما يعطي مؤشرات سلبية جداً، وحذرنا منها منذ سنوات واليوم نشهد تطبيق هذه الاتفاقات، وليس هناك حراك آخر، فيما نرى هناك اقتتالاً فصائليّاً على المعابر وتوسيع مناطق النفوذ، وتخرج المظاهرات ضد فصائل محددة. ووصف الأسعد الواقع بأنه مرير جداً والناس ممتعضة من هذا الواقع الذي لا يبشر بخير أبداً.
وأشار الأسعد إلى مفردات هذا الواقع الحالي بأنّه ركود في الجبهات وفوضى وقضايا الناس الذين لا يحصلون على حقوقهم والضغط على الأهالي.
من المسائل المهمة التي ذكرها الأسعد استبدال المخيمات ببيوت صغيرة دائمة، وقال: ما خرجنا من أجل أن تكون هذه المنطقة مقتطعة من سوريا، وتكون منطقة سكن دائم للناس، وإنما خرج الناس بثورة لتعود إلى بيوتها.
حول دور الضبّاط المنشقين واتهامهم بأنهم يقيمون في المخيمات على الأراضي التركيّة دون دور يذكر، أشار إلى أن التوصيف غير دقيق، وأنهم بقوا في المخيمات في البداية وكان الانتقال إلى الميدان متاحاً، الدخول إلى سوريا وأي مكان والبقاء لأي فترة والالتقاء بالناس.
غير مسموح بالعمل
وأضاف: اعتباراً من منتصف 2012 أخذت الثورة منحى آخر، فقد أوجدت تشكيلات وبدأ التدخل الدولي وأنشئت غرف الدعم، وأنشئت فصائل وكيانات اتخذت مسميات وخلقت أيديولوجيات، وقسم كبير من الضباط يعمل مع الفصائل والضباط الذي بقوا في المخيم لا يتجاوز عددهم 100 ضابطاً.
هناك من استلم السّاحة ولا يسمحون لنا بالنزول والعمل. وأنا منذ بداية 2018 لم أذهب إلى سوريا وربما يُقال لا أحد يمنع نزولنا ولكننا لن نذهب للسياحة والاصطياف بل العمل، والعمل ممنوع وبذلك فالنزول ممنوع لنقوم بأي دور في الداخل، والفصائل هي التي تمنع، وكل فصيل يسيطر على منطقة ولا يسمح للآخرين بالحركة في نطاق سيطرته ويخشى أن يؤثر ذلك عليه. وأضاف تحت مسمى مرابطة وحماية المناطق بقيت الجبهات ساكنة.
وأشار الأسعد إلى محدودية الخيارات المتاحة، إما الانتماء إلى فصيل معين أو عدم العمل، وأكد أنه منذ البداية كان يرفض الفصائلية والتسميات التي انتشرت وحتى الأيديولوجيات، لذلك كان قرار التنحي جانباً، بانتظار الفرصة المناسبة.
ويلخص الأسعد الواقع الحالي بالقول اليوم حوصرنا في الريف الشمالي، فقد انتهى زمن الجيش الحرّ، عندما بدأت مرحلة الفصائل.
ضد دخول المدن والقرى
أكد الأسعد أنه كان ضد دخول المدن منذ البداية، وأرسل إلى لواء التوحيد ضباطاً، لتأكيد أنّ المدن خط أحمر ولا يجب على العسكر دخول المدن ولا حتى القرى، وقال: فوجئنا بدخول الفصائل إلى المدن دون استشارتنا. ويبدو أنهم تلقوا أمر من الداعم ولديهم طموح شخصيّ، وكنا ندرك أنّ النظام اتبع خطة في هذا المجال بأن يحافظ على القيادة ويترك السيطرة، لتتفاقم المشاكل في مناطق سيطرتنا وتقتتل الفصائل فيما بينها ولتغرق الفصائل في مشكلات الخدمات، وكان دخول الفصائل إلى المناطق التي كانت بالأساس حاضنة للثورة، خطأ جسيماً جداً.
الأسعد المقيم على الأراضي التركيّة تجنب في لقائه بالكامل الحديث عن العمليات العسكرية التي شنتها أنقرة واحتلالها مناطق سوريّة، وأنها أرسلت مسلحين ليقاتلوا مرتزقة، ولكنه أجاب بشكل غير مباشر بتأكيد رفض المدن والقرى. كما أبدى رفض عميات التغيير الديمغرافيّ دون أن يذكر ذلك بالاسم.
تصريح من موقف انفعاليّ
أعلن انشقاقه عن النظام السوري في 4 يوليو/تموز 2011، داعياً “كلّ ضباط وجنود الجيش السوري للانشقاق، وأسس في 29/6/2011 الجيش الحرّ وبقي حتى 8/12/2012، بعد تشكيل مجالس عسكريّة وهيئة أركان برئاسة اللواء سليم إدريس.
ولجأ إلى تركيا في تشرين الأول 2011 لمواصلة العمل من مكان آمن. وفي 22/9/2012، أعلن الأسعد نقل قيادته المركزية من تركيا الى الداخل السوري، في وقت كانت تدور فيه معارك عنيفة غرب حلب.
وصرّح في لقاء تلفزيوني في تشرين الثاني 2011 قائلاً: “نحن من لحظة تشكيل الجيش السوري الحرّ لم يكن شعارنا الأساسي طائفيّاً ولا سياسيّاً ولا حزبيّاً ولا قوميّاً”.
في 14/4/2018 نشرت صحيفة “يني شفق” التركيّة، تصريحات للأسعد أكد فيها دور تركيا المفصلي في القضية السورية، وأنّه لا يمكن التوصل لحلّ من دون مشاركة أنقرة. وأبدى تأييده للعدوان على عفرين رغم أنّ ما شهدته من أعمال نهب واسعة فيما سمي يوم “الجراد”، ورغم مشاهد خروج مئات الآلاف من أهالي عفرين الكُرد من بيوتهم! وبذلك ناقض الأسعد بزعمه أنه كان ضد الدخول المسلّح إلى المدن والقرى!
وفي وقت كانت عفرين تتعرّض لهجمات من الميليشيات المسلّحة وما سمي غرفة أهل الديار بدعم من المدفعية التركيّة نُشرت تصريحات لرياض الأسعد في 1/8/2018، زعم فيها أنهم كانوا حريصين دائماً على تحييد المدنيين عن أي عمل عسكريّ ورفض أن يكون هناك أي خسائر في صفوف المدنيين في أي مكان من سوريا!
رياض الأسعد كان منذ بداية الأزمة مؤيداً للعمل العسكريّ، ويبدو أن تصريحاته الأخيرة وانتقاداته اللاذعة والمبطنة للميليشيات، مبعثها موقف انفعاليّ سببه تحييده بالكامل من المشهد السياسيّ والعسكريّ، وتصدر متزعمي الميليشيات المشهد الميدانيّ ومعظمهم لم يمارس العمل العسكريّ وكانوا من أصحاب المهن الحرّة.