ديسمبر 23. 2024

ملف || آنقله.. القرية الكردية التي لم يسلم أهلها ولا مقابرها من انتهاكات ميليشيات الاحتلال التركي

عفرين بوست ــ خاص

آنقله ــ Anqelê؛ هناك اعتقادٌ أنّ الاسم مركب من مقطعين: آن وتعني الأم، وقلة الذي يفترض أنّه تحريف لكلمة قلعة، أي القلعة الأم، وفي الموقع وجواره آثار قديمة.

آنقلة قرية كبيرة تتبع آنقلة إلى ناحية شيه/ شيخ الحديد وتبعد عنها 3 كم جنوباً، وتقع على السفح الغربي لجبل الكرد، فوق هضبة كلسيّة صالحة للزراعة، وتقع بجوارها “خربة آنقلة”، والتي هجرها سكانها أوائل القرن العشرين. ويتجاوز عمر القرية أربعة قرون، ويقع بجوار القرية أيضاً تل جرناز حيث كان أهالي ناحية شيه يقيمون سنوياً احتفال عيد نوروز.

ويقدر عدد بيوت القرية بأكثر من 300 منزل، ويتجاوز عدد سكانها ألفي نسمة من الكرد الأصلاء. يعمل الأهالي بالزراعة البعلية (زيتون، حبوب، تين) والمروية (مشمش، رمان، خضار صيفية) إضافة لتربية الأغنام والماعز. وفي القرية ثلاث معاصر للزيتون وتستقي القرية من نبع بازيا الذي يتدفق في وادي جرجم.

العدوان التركيّ والاحتلال

في 14/2/2018 استهدف القصف التركيّ قرى الشريط الحدوديَ بما فيها قرمتلق وأنقله وتعرضت لقصف الحوامات التركيّة، على مدى 3 أيام اعتباراً من 19/2/2018، وفي 23/2/2018 شهد محور شيه اشتباكات عنيفة في قرى (هيكجه، آنقله، جقلا تحتاني)، وتزامن مع قصفٍ مدفعيّ على المنطقة. وتواصل القصف والاشتباكات على المحور المؤدي إلى القرية من جهة قرية هيكجة، حتى احتلالها في 28/2/2018. وسيطرت عليها ميليشيا “الوقاص”.

تعرضت القرية لحملة سرقات ونهب كبيرة طالت معظم منازلها. وسرق مسلحو الميليشيا مجموعة التوليد الكهربائيّة العائدة لمحطة مياه الشرب، رغم معاناة قريتي أنقلة وسنارة من مشكلة مياه الشرب.

فرضت ميليشيا “الوقاص” في أول موسم زيتون بعد الاحتلال إتاوة على حراثة حقول الزيتون في قرى (مروانية، آنقلة، سنارة، هيكجة) مقدارها 250 ل.س عن كل شجرة.

في 4/2/2021 فرضت ميلشيا “الوقاص” المسيطرة على قرى: سنارة، أنقلة، هيكجة، مروانية تحتاني، مروانية فوقاني، إتاوة (ضريبة) مالية قدرها 50 ليرة تركية عن كلّ رأس ماشية يمتلكها المواطنون الكُرد ولم تشمل الإتاوة المستوطنين العرب والتركمان. وتم تداول نموذج إيصالات صادر عن ميليشيا “الوقاص” وممهورة بخاتم ما يسمّى الجهاز الأمنيّ للميليشيا، تبين نطاق رعي الماشية وعدد رؤوسها، والذي وفقه يتم استيفاء مبالغ الضريبة

في موسم 2022 فرضت ميليشيا “الوقاص” إتاوة مقدارها 5% على كامل موسم زيت الزيتون الذي تنتجه معاصر قرى: مروانية فوقاني وتحتاني، آنقله، سناره، هيكجه، آشكان غربي.

18/11/2022 فرضت ميليشيا “سليمان شاه/ العمشات” على أهالي آنقلة اتاوة ماليّة قدرها 100 دولار أمريكيّ على كل عائلة في القرية لقاء الحماية من السرقة والسلب والنهب من قبل اللصوص، وهددوا الميليشيا الأهالي بالاختطاف والاستيلاء على موسم الزيتون والزيت وتوجيه تهم لهم بالانتماء للإدارة الذاتية السابقة بحال الامتناع عن الدفع.

8/5/2023، كمال كولين علوش من أهالي آنقله 50 تنكة زيت ومبلغ 10 آلاف دولار أمريكي.

سجن كبير

في 12/7/2021، ذكرت “عفرين بوست” أنها معلومات تفيد بإقدام ميليشيا “الوقاص” على تحويل قرية “آنقليه” التابعة لناحية “شيه/شيخ الحديد” إلى سجن كبير لسكانها الأصليين الكُرد، حيث تقوم بتقييد تحركاتهم خارج القرية، ولا يسمح للداخلين إليها والخروج منها إلا بإذن خطي من مقر الميليشيا في القرية.

وأكدت المصادر أنّ حاجز الميليشيا في مدخل القرية يدقق على هويات الداخلين إلى القرية بذريعة حفظ الأمن، وتطلب ممن يود زيارة أحد أقربائه في القرية، توضيح سبب زيارته والعائلة المستضيفة وتمهلهم ساعتين فقط لإنهاء الزيارة والخروج من القرية، كما تطلب الميليشيا من أهالي القرية الأصليين نيل موافقات خطية في حال رغبوا زيارة أحد أقربائهم في القرى الأخرى خارج ناحية جنديرس، وتبلغ مدة الإذونات الخطية أسبوعاً واحداً فقط للبقاء خارج القرية.

قطع وقلع مئات الأشجار الحراجية والزيتون

أقدم مسلحو ميليشيا “لواء الوقاص” في 28/5/2021، على قطع 100 شجرة زيتون من جذوعها، بهدف الاتجار بأحطابها، متذرعين بغياب أصحابها، وهما الشقيقين (محمد علو شيخ زادة – شكري علو شيخ زادة).

– وفي يومي 31/7- 1/8/2022، أضرمت حرائق هائلة في غابات حراجية قرب قرية آنقلة – شيه/شيخ الحديد، وفي جبل جركو – غرب قرية بازيا بناحية جنديرس، وقد أكّد “الدفاع المدني في عفرين” على أنّ فرقه قامت بإخمادها بصعوبة.

التغيير الديمغرافيّ وتهجير أهالي القرية

يُقدر عدد الأهالي الكرد الذين بقوا أو عادوا إليها بـ 800 نسمة، فيما تم توطين نحو 1400 شخص من المستقدمين من محافظات أخرى، وبذلك لا تتجاوز نسبة الكرد الأصلاء 40%.

بعد زلزال 6 فبراير 2023، أقدم مسلحو ميليشيا “سليمان شاه” على تهجير أكثر من 150 عائلة من قرية آنقلة، وشمل ذلك أهالي القرية الكرد وعوائل من المستوطنين المنحدرين من الغوطة ومدينة دمشق، بذريعة أن المنازل خطرة ومهددة بالانهيار، وكانت الغاية الاستيلاء على المنازل.

في 12/1/2019 أمهلت ميليشيا “الوقاص” عوائل مسلحي “سرايا الزبداني” الذين تم فصلهم من مرتباته حتى غداً الساعة الواحدة ظهراً لإخلاء المنازل التي يسكنونها في قريتي انقلة وسنارة، تحت طائلة اعتبارهم خلايا نائمة لهيئة تحرير الشام.

27/02/2021 سكان القرى (آنقلة وسنارة- جنديرس) وغيرها الواقعة تحت سيطرة ميليشيات “لواء الوقاص” يعيشون وكأنهم في ثكنات عسكرية، فلا تسمح لهم بالخروج والدخول إلاّ بموجب مهمات رسمية (يومية أو أسبوعية أو شهرية) وللآليات (ثلاثة أشهر) ممهورة من مكتبها الأمني، بادعاء الحفاظ على حياة المدنيين، حسب تصريحٍ للمدعو “عماد بكور” مسؤول المكتب في قرية سنارة ضمن مقطع فيديو منشور مؤخراً.

تدمير المقبرة والتل الأثري

أقدمت سلطات الاحتلال التركيّ بعد احتلال قرى سنارة وأنقلة على تجريف قسم كبير من “المقبرة الفوقانية” في قرية سنارة، والتي يتجاوز تاريخها أربعة قرون كما دمرت مزار “علي داده” الأثريّ بالكامل، وتضم المقبرة قبور المتوفين من أهالي قريتي سنارة وأنقلة وفيها ضريح يعود إلى عام 1636.

ونشرت منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة في 9/10/2019 تقريراً بعنوان “أدلة بصريّة جديدة حول جرف مزار في عفرين”، جاء فيه: “لم يجرؤ أحد في القرية على الاقتراب من المقبرة للتأكّد من صحة الخبر، لأنّ ذلك كان ممنوعاً، واختطفت ميليشيا “الوقاص عدداً من أبناء القريتين بتهمة التصوير، وظلوا محتجزين عدة أشهر، وأفرج عنهم بعد دفع فدى ماليّة، وتم تأكيد تجريف المقبرة في مطلع أبريل 2018، بالصدفة عبر جندي في الجيش التركيّ من أصول كرديّة.

وجاء في التقرير أنه “مع حلول عيد الفطر بتاريخ 15 حزيران 2018، سمح الجيش التركي لأهالي القرية بزيارة قبور موتاهم في المقبرة، وتأكدوا حينها من صحّة عملية الجرف وأنها أودت بالمزار وثلثي المقبرة تقريباً”.

كما قام مسلحو مليشيا “الوقاص” بأعمال الحفر والتجريف، تحت المنازل القديمة في القرية بحثاً عن الكنوز واللقى الأثريّة لكون القرية ذات طابع أثريّ قديم.

في مايو 2019 بدأت أعمال الحفر في تل جرناز الأثريّ غرب قرية آنقلة، وفي يوليو 2019، جرت حفريات بين حقول الزيتون غرب وجنوب قرية آنقلة.

وفي بداية سبتمبر 2020، سيطرت ميليشيا “سليمان شاه/ العمشات” على تل جرناز الأثريّ بعد اشتباكات مع ميليشيا “الوقاص”.

الاعتقالات والاختطاف

ــ 21/7/2109 اختطاف الشاب “عارف محمد عبدو”.

ــ 22/7/2019 تمت مداهمة منزلي المواطنين “آزاد كمال عبدو وكمال محمد عبدو” واختطافهما.

ــ 15/9/2019، اعتقال المواطنيّن “حنان محمد أحمد، علوش محمد جركو”.

ــ 20/9/2019، اختطاف الشابين “رشيد جركو ومحمد جركو” (27 سنة) بذريعة أداء واجب الدفاع الذاتيّ خلال فترة الإدارة الذاتية.

ــ 12/10/2019 منذ أسبوع، اختطاف المواطن الشاب “سيامند زكي بكر” ومطالبة ذويه بفدية ماليّة /7/ آلاف دولار، للإفراج عنه.

– 28/12/2019، اختطفت ميليشيا “الوقّاص” 9 مواطنين معظمهم فتيان، بغية ابتزاز ذويهم وفرض فدى ماليّة عليهم: عزّت محمّد عمر (17 سنة)، مروان أنور حسن (17 سنة)، إبراهيم شكري علوش (17 سنة)، رياض علي (17 سنة)، نظمي خليل أحمد (18 سنة)، حسن شكري علّوش (19 سنة)، عارف محمّد شكري (23 سنة)، آزاد حسن (23 سنة)، وعارف كمال عبيدو (36 سنة).

ــ في مطلع يناير 2020 اختطفت ميليشيا “الوقاص” ثمانية مواطنين بينهم طفل وامرأة هم “سلطانة محمد حسين، محمد حسين رشيد، نهاد نشأت بكرو، شكري محمد عبدو، مراد حسو كوتو، إبراهيم شكري، حسن شكري”، والطفل “رضا علي” (15 سنة) والذي تعرض لتعذيب شديد وبعد يومين ألقي بعد منتصف الليل أمام منزله.

في مارس 2020 اختطفت ميليشيا “الوقاص” المواطن “بكر أحمد حجي/ زينو” (35 سنة) وطلب الخاطفون من ذويه فدية ماليّة مقدارها ألفا دولار أمريكيّ، علماً أنّه تعرض للخطف ودفع الفدية لمرتين متتاليتين سابقاً.

ــ 3/5/2020 اختطفت ميليشيا “الوقاص” الشاب “شيخو عابدين أحمد” واقتادته إلى مركزها الأمني في قرية مروانية المجاورة.

ــ 25/11/2020 اختطف مسلحو ميليشيا “الوقاص” المواطن “ميكائيل شيخ محمد محمد” (34 سنة). وفي 27/11/2020 اعتقلت ميليشيا الشرطة العسكرية أفراداً من عائلته، وهم والدته المواطنة “نورهان حسن كيلو” (55 سنة) المعروفة باسم (مير حامين)، وشقيقته المواطنة “جوزفين شيخ محمد محمد” (35 سنة) مع ابنها القاصر “جوفان محمد أحمد” (14 سنة).

ــ 2/12/2020 اعتقلت ميليشيا الشرطة العسكرية المواطنين “إبراهيم حسين إليكو (32 سنة) ودليل رشيد إليكو (28 سنة)”، من منزلهما في قرية آنقلة بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية سابقاً.

ــ 30/8/2021 اقتحم مسلحو ميليشيا “الوقاص” قرية آنقلة واختطفوا المواطنين “آزاد كمال حسن (32 سنة) وعارف محمد شكري (32 سنة)” من منزلهما.

ــ 22/3/2022 اختطفت ميليشيا “الوقاص” بقيادة المدعو “زهير” المواطن “محمد أحمد عابدين” (34 سنة) بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية سابقاً. والمواطن “محمد” متزوج ولديه أطفال، وسبق أن اُختطف مرتين بالتهمة ذاتها وأفرج عنه بعد دفع فدية مالية.

ــ في 29/1/2023 اعتقلت استخبارات الاحتلال التركي 5 مواطنين كرد من أهالي ناحية جنديرس، بذريعة التعامل مع الإدارة الذاتية سابقاً، بينهم مواطنان من أهالي آنقلة هما “عماد كمال سعدو (44 سنة)، شاخيار مصطفى سعدو (20 سنة)”.

في 10/4/2023 اعتقلت الاستخبارات التابعة للاحتلال التركي المواطن “عبد الرحمن محمود درويش” (51 سنة) بتهمة رئاسة الكومين في فترة الإدارة الذاتية.

ــ في 10/10/2023، اعتقلت ميليشيا الشرطة العسكرية الشاب “نظمي محمد حسن” (20سنة)، على حاجز القوس/ مدخل عفرين الشرقي. وكان في طريق عودته من وجهة النزوح – مدينة حلب إلى قرية آنقلة.

ــ 28/11/2020 اعتقلت استخبارات الاحتلال التركي وميليشيا الشرطة العسكرية المواطنين “سفيان أكرم نبو (42 سنة) وزعيم محمد (40 سنة)”. وقالت منظمة حقوق الإنسان- عفرين: إنّ شكوكاً تحوم حول مصير الشابين الكُرديين (زعيم وسفيان، وذكرت المنظمة أن ذوي المواطنين المعتقلين عرضوا على ميليشيا “الوقاص” التي ساهمت بعملية الاعتقال دفع فدية ماليّة مقدارها (50) ألف دولار أمريكي للإفراج عنهما، إلا أنّ الميليشيا رفضت العرض وقالت لذويهم: “حتى لو دفعتم (100) ألف دولار أمريكي”، الأمر الذي أثار الشكوك لدى عائلات المعتقلين حول مصيرهما.

جريمة قتل وليس حادث سير عرضي

مساء الثلاثاء 8/8/2023 الساعة 9 مساء أقدمت سيارة تابعة لما يسمى أمنية ميليشيا “سليمان شاه/ العمشات” على دعس المواطن المسن “علي علي أبو خليل” (65 سنة) وذلك على الطريق المؤدي إلى مركز ناحية شيه/شيخ الحديد، وكان المسن “أبو خليل” يستقل دراجته النارية على طرف الطريق متجهاً إلى مركز الناحية لدى مرور سيارتين تابعتين لميليشيا العمشات تسيران بسرعة كبيرة واصطدمت إحداها بدراجة المسن الكرديّ ما أدى لوفاته فوراً.

وعلقت “منظمة حقوق الإنسان في عفرين” على الحادثة ووصفتها بأنّها “جريمة قتل” وليست حادثة سير كما تم الترويج لها. وأنّه بعد تقصي الحقائق ومراجعة المعلومات المتوفرة بشكلٍ أدق، عبر كاميرات المراقبة وشهود عيان وأهالي القرية، تبين  أنَّ الحادثة وقعت في الساعة التاسعة مساء، قرب محل تجاري (سمان) يعود إلى أحد أقربائه المواطن “حسن محمد نوري”، ولم يكن عرضياً وحادثة سير أو قضاء وقدر، بل جريمة قتل، أرتكبها الجناة عمداً عن سبق الإصرار والترصد، وتمّت مراقبة المغدور لأكثر من ساعة، وارتكبوا الجريمة مستغلين الوقت المناسب “عتمة الليل” بسبب عدم الإذعان لمطالب مسلحي الميلشيا في دفع الإتاوة النقديّة من الحوالات الماليّة التي يتلقاها من أبنائه المقيمين في الخارج (تركيا ولبنان وأوروبا).

وفاة طفلتين بحريق سببه المدفأة

في 26/12/2020 توفيت الطفلة “فينيسيا” عدنان صلاح سعدو (6 سنوات) بحريق تسببت به مدفأة مازوت في منزل عائلتها في بلدة جنديرس. 

وفي 14/12/2023 توفيت الطفلة “لافين رفعت أوميرو” (3 سنوات) نتيجة نشوب حريق في منزل عائلتها في قرية آنقلة ناجم عن المدفأة، بسبب سوء نوعية المازوت المستخدم.

المصادر

ــ شبكة عفرين بوست الإعلامية.

ــ التقارير الأسبوعية لحزب الوحدة الديمقراطيّ الكرديّ (يكيتي).

ــ منظمة حقوق الإنسان ــ عفرين ــ سوريا.

ــ كتاب جبل الكرد (عفرين) دراسة جغرافية ــ محمد عبدو علي.

– تقرير منظمة سوريون من أجل الحقيقة والعدالة ــ أدلة بصريّة جديدة حول جرف مزار في عفرين المؤرخ 9/10/2019.

مقالات ذات صله

Show Buttons
Hide Buttons