عفرين بوست ــ خاص
إن القاسم المشترك بين كل متزعمي الميليشيات التابعة للاحتلال التركيّ أنهم حوّلوا القطاعات التي يسيطرون عليها إلى إقطاعات وإمارات خاصة بهم وراكموا ثروات كبيرة، عبر الاستيلاء على الأملاك وفرض الإتاوات وتجارة المخدرات وعمليات الاختطاف، وأبو وليد العزة إلى جانب أبو عمشة وحاتم أبو شقرا وفهيم عيسى وغيرهم هم نماذج الإثراء على حساب شعارات الثورة ومن حوّلوا المناطق التي تحتلها أنقرة إلى مراتع تم تقسيمها بالمحاصصة!
من هو أبو وليد العزة
أبو وليد العزة هو عدنان خويلد، ينحدر من قبيلة الموالي من محافظة حمص، وكان في بداية الأزمة عام 2012 متزعماً لميليشيا “لواء الأحرار” في مدينة حمص، وأحد الشخصيات دائمة الحضور على أقنية معارضة ظهرت في بداية الأزمة، وكان يتبنى خطاباً طائفيّاً ومذهبيّاً ومناطقيّاً.
شارك المدعو “أبو وليد” ميليشيا “العزة” في العدوان على عفرين منضوياً في إطار ميليشيا “السلطان مراد”. وتعهد في لقاء على قناة أورينت في 4/2/2018 بسلامة أهالي المنطقة ودعاهم للعودة إلى قراهم، وكان ذلك لمجرد الدعاية وتجميل الاحتلال التركيّ.
أقام المدعو “أبو وليد” يقيم في قرية النعمان بريف مدينة الباب الغربي التي حوّلها إلى إمارةٍ خاصة به، ثم تم تعيينه مسؤولاً عن المكتب الاقتصاديّ في ميليشيا “السلطان مراد”، فاستولى على آلاف أشجار الزيتون وفرض الإتاوات واختطف مواطنين من أهالي المنطقة وساوم عليهم بفرض الفدية.
في مايو 2020 أعلن عدد من متزعمي الميليشيات انشقاقهم عن ميليشيا “السلطان مراد” بينهم عدنان خويلد/ أبو وليد العزة متزعم ميليشيا اللواء 211، وعرابة ادريس متزعم ميليشيا “اللواء 213” إضافة إلى أبو بلال حنيش، أبو مهند الحر، أبو خالد السقا، فادي الديري، والرائد محمد بركات. وفي 2/10/2020 انضم ثانية عدنان الخويلد إلى “السلطان مراد”
المدعو “خويلد” تلاحقه منذ سنوات طويلة تهمة الضلوع بتجارة وترويج المخدرات، وفي تقرير نشرته وكالة فرانس برس في 3/11/2022، ورد اسم أبو ليد العزة ووُصف بأنّه الاسم الأول في تجارة الكبتاغون في المنطقة وأنّ لديه علاقات قوية مع الفرقة الرابعة منذ أن كان يتواجد في حمص. وكشف التقرير تورط شخصيات وقيادات وعشائر، من مختلف المناطق السوريّة، في شبكات تصنيع حبوب الكبتاغون المخدرة وترويجها وتهريبها.
ولدى “أبو وليد” سجنٌ خاص في ناحية بلبله يديره المدعو أبو يامن الفاعوريّ وينحدر من حمص ويحتجز فيه أشخاص لا يعلم عنهم أحد شيئاً إلا هو وجماعته، وتُمارس لعبة المساومة بإرسال من يسأل عن محتجزين إلى شخص يدعى “أبو علي” على أنه وجيه عشائريّ، والذي يتعهد بإخلاء سبيل المحتجز بحكم علاقته مع المدعو أبو وليد ولكن بعد مماطلة ومساومة قد تصل إلى 3 آلاف دولار، فيما يتولى المدعو علي شدخان/ أبو أحمد مسائل الاستيلاء على حقول الزيتون وسرقة الموسم وقطع الأشجار والاتجار بالحطب وتهريب الأشخاص إلى تركيا.
إيواء مسؤول من داعش
قدم المدعو أبو وليد الحماية لخاله المدعو حاتم خضاري، والذي كان قاضياً لدى داعش سابقاً، وسرق أمولاً طائلة وكميات من الذهب من خزينة القضاء، واستقر في قرية نعمان بريف الباب، وادعوا أنهم عثروا على ليرات ذهب خلال التنقيب عن الآثار، ولدى الخضاري اليوم وكالة لبيع الدخان في مدينة عفرين المحتلة وينقل الدخان عبر الحدود ويوزعها على العديد من المناطق وينشطون في مناطق الباب وراس العين وحتى محافظة إدلب بالتنسيق مع المدعو منهل التركاوي.
إتاوات واستيلاء على حقول الزيتون
في مارس 2023 فرض المدعو عدنان خويلد/ أبو وليد العزة مسؤول المكتب الاقتصادي في ميليشيا “السلطان مراد” في ناحية بلبله إتاوة ماليّة مقدراها /1.5- 2/ دولار أمريكي على كرمة عنب في موقع سدّ عشونة ومحيطه ويُقدر عددها بنحو /2500/، وتعود ملكيتها لمواطنين غائبين فيما يقوم على خدمتها مواطنين بقوا في القرية.
في سبتمبر 2023 سحب المكتب الاقتصاديّ في ميليشيا “السلطان مراد” من الأهالي في القرى التي يسيطر عليها في نواحي بلبله وشرا وموباتا، وكالات إدارة وخدمة حقول الزيتون لأقربائهم المهجرين، وشملت قرى قورنة وقره كولة وسيمالكا وكوتانا وقسطل كشك، وعين حجر الكبيرة والصغيرة وقره تبة.
واستولى المدعو عدنان خويلد على 35 ألف شجرة زيتون معمرة تعود ملكيتها لأهالي قرية أومار سمو بناحية شرا. فيما يتجاوز عدد الأشجار التي استولت عليها ميليشيا “السلطان مراد” عبر مكتبها الاقتصادي في قرى ناحية بلبله 145 ألف شجرة زيتون عائدة للمواطنين الكرد المهجرين قسراً بقيادة المدعو عدنان خويلد أبو وليد العزة.
يفيد آخر إحصاءٍ ورد من قرية كوتانا بناحية بلبله بأنّ المدعو أبو وليد العزة مسؤول المكتب الاقتصاديّ في ميليشيات “السلطان مراد” قد سلب موسم نحو 10500 شجرة زيتون تعود ملكيتها للغائبين من أهالي القرية، وذلك بعد إلغاء كافة أشكال الوكالات، ويبلغ حجم موسم هذه الأشجار 4 آلاف شوال زيتون، 5 آلاف تنكة/صفيحة زيت زيتون، ويُقدر الحد الأدنى لقيمتها بنصف مليون دولار، ذلك دون أن يتكلف بأي نفقات أو يدفع أية مصاريف للخدمة الزراعيّة المقدمة خلال عامين، وهذا علاوة على السرقات والإتاوات الأخرى المفروضة على انتاج حقول المواطنين الموجودين.
ومنع قطاف الزيتون وفتح المعاصر في ناحية بلبله قبل تاريخ 1/11/2023 تحت طائلة عقوبات شديدة، فيما لم يمنع قطعان اللصوص التي هاجمت الحقول ليلاً وسرقت الموسم، حتى يتمكن من تجهيز المعصرة الخاصة به في قرية قسطل مقداد ويجبر الأهالي على عصر الزيتون فيها.
استباق الموسم بالدعاية ومقاطع الثناء والمديح
في بداية أغسطس 2023 وتمهيداً لفرض الإتاوات واستقطاب الأهالي لعصر الزيتون في معصرته اجتمع أبو وليد العزة مع أهالي بعض القرى ونشر مقاطع مصوّرة لتلك اللقاءات على الصفحة الرسميّة لميليشيا اللواء 211، وفيها يتحدث فيها الأهالي بالمديح والثناء عليه، وهي الطريقة نفسها التي يتبعها أبو عمشة لتجميل صورته والدعاية لنفسه.
مقاطع الثناء والمديح للمدعو أبو وليد العزة تناقض الحقيقة، فهو لدى تعيينه في بداية سبتمبر 2022 مسؤولاً عن قطاع بلبله فرض إتاوة بنسبة 15% على موسم الزيتون و25% على أصحاب المعاصر، وتسبب بحالة هلع وقلق بين الأهالي بقيامه بجولات على القرى بأرتال عسكرية مدججة بالسلاح تطلق الأعيرة الناريّة وسط القرى لإخافةِ الأهالي وإرهابهم وإخضاعهم.
كما أنّه أرغم مخاتير القرى على الخروج برفقته، وكلفهم بمهمةِ إحصاء عدد أشجار الزيتون العائدة ملكيتها لكلّ مواطن لحساب الإتاوة المفروضة.
وسحبت ميليشيا “السلطان مراد” عبر مكتبها الاقتصاديّ من أهالي قرى نواحي بلبله وشرا وموباتا، وكالات إدارة حقول الزيتون العائدة لأقربائهم المهجّرين، في القرى قورنة وقره كولة وسيمالكا وكوتانا وقسطل كشك، وعين حجر الكبيرة والصغيرة وقره تبة.
وخلافاً لمضمون المقاطع المصورة الدعائيّة التي تؤكد أنّ المدعو أبو وليد العزة يسعى لإعادة الممتلكات والحقول المسلوبة لأصحابها أقدم في 12/8/2023 على اختطاف أربعة مواطنين كرد من أهالي قرية كوتانا ــ ناحية بلبله، لدى مراجعتهم له في المكتب الاقتصاديّ الذي يديره للمطالبة باستعادة أملاكهم الزراعيّة والعقاريّة المستولى عليها بعد عودتهم من مناطق التهجير القسريّ، والمواطنون المختطفون هم: عبد الحميد محمد منان (63 سنة)، محمد عيسو إبراهيم (50 سنة) حسين محمد هورو (49 سنة)، عبد الله عبد الرحمن إبراهيم (59 سنة) وهو وكيل قانونيّ عن المواطن حسين هورو كان موجود بالقرية. وأفرج عن المواطنين المختطفين بعد عدة أيام بعد تهديدهم باختطافهم مجدداً إن عاودوا المطالبة باستعادة ممتلكاتهم.
وفي 22/10/2022 اعتدى مسلحون تابعون لأبو وليد العزة بشكل وحشيّ على المواطن الكرديّ المسن “ريزان حسين” (60 سنة) من أهالي قرية حلوبية كبير بناحية شرا/شران أثناء موسم الزيتون، وذلك بسبب مساعدته جيرانه، وهم شقيقات توفي والدهن فطلبن منه المساعدة.
نجله يثير الجدل باستعراض مظاهر البذخ
أثارت صور ومقاطع مصورة تداولها ناشطون ظهر فيها وليد العزة نجل ابن المدعو عدنان خويلد أبو وليد وهو يستعرض ثروة والده جدلاً واسعاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأظهرت المقاطع المتداولة المدعو وليد خويلد (22 سنة) محاطاً بالمرافقة المسلحة وهو يتباهى بمظاهر الترف التي يعيشها فيها ويستعرض ما لديه من سيارات فارهة مختلفة الأنواع وخيول، كما يقوم بتمارين رماية بأسلحة مختلفة (مسدسات، بنادق حربيّة) وبعض الأسلحة المتوسطة ويطلق النار بكثافة في الهواء حتى وُصف بالمقاتل الاستعراضي والمحارب “الخلبيّ”. وأنه “مناضل في منصة التيك توك”. وينشر المدعو “وليد خويلد” المقاطع المصورة في قناة خاصة به على موقع يوتيوب.
وقد أثارت المقاطع المصورة ردود فعل سلبيّة في أوساط المعارضة وحاضنتها الاجتماعية وتناولتها الكثير من المواقع الاعلامية بالانتقاد والاستهجان وكانت مناسبة لانتقاد متزعمي الميليشيات ممن راكموا ثروات شخصيّة طائلة على حساب سكان المخيمات والمتاجرة بمآسي الناس. وقال موقع شام تايمز: “التباهي المستفز الذي يستعرضه الخويلد يتزامن مع حالة الفقر المدقع التي يعيشها المدنيون في مناطق الشمال السوري. وسط استمرار قياديي الفصائل بتكديس الثروات الشخصية الهائلة على حساب المدنيين ومعاناتهم”.
وأضافت: أثبتت عدة تقارير أن قيادات معظم الفصائل الموالية لتركيا باتت تتربع على عرش إمبراطوريات ماليّة وتفتح الاستثمارات والمشاريع سواءً في الشمال السوري. أو في تركيا. وتجني أرباحها وسط تواصل سرقة حقوق السكان وممتلكاتهم، بينما يتزايد تدهور الحالة المعيشية للمدنيين.
اعتبر رئيس تجمع المحامين السوريين الأحرار المحامي غزوان قرنفل، أن بعض قادة فصائل المعارضة السورية، أصبحوا “بعيدين عن كونهم مقاتلين لأجل حرية الناس وكرامتهم”، بل يمارسون “قمع الحريات وانتهاك الحقوق وإهانة الكرامات”. وقال قرنفل: “من الطبيعي جداً، أن تظهر للعيان مظاهر الثراء والبذخ والرفاهية على هذه الشخصيات”، وفق موقع “عنب بلدي”.
ويقول قرنفل: “أبو عمشة ليس ظاهرة فرديّة في مستنقع الشمال السوريّ، هو حالة مستنسخة ومكرورة وموصوم بها كل قادة ميليشيات (الجيش الوطني).. وهنا لابد من طرح السؤال الذي يحار المرء في تدبيج جواب له وهو: من يسائل من في هذا المستنقع المريع؟ وهل حقاً نملك شرف الاحتفال بذكرى الثورة؟!”.
ولا يقتصر نشاط ابن المدعو أبو وليد على رحلات الترفيه واستعراض مظاهر البذخ فقط، فقد استولى مع مرافقته على سيارة بورتر حديثة، في يناير 2021، وعندما تواصل صاحبها معه طلب منه أن يراجعه في معقله في قرية نعمان، وعندما وصل إلى هناك رفض مقابلته بداعي أنه مشغول، وأبلغه أنه يمكنه استرجاع سيارته مقابل مبلغ 3 آلاف دولار!
وإرضاء لغرور ولده أقام أبو وليد العزة مسابقة للخيول باسم “مهرجان الشهيد محمود الخويلد” للفروسية في قرية نعمان في 23/7/2021، برعاية جمعية العزة، ومحمود الخويلد هو شقيق المدعو “أبو وليد العزة” وقد قتل في 8/4/2020 بتفجير عبوة ناسفة في سيارته في منطقة فاطمة الزهراء بمدينة الباب، وأدت بتر في الأطراف السفليّة.
ظاهرة اقتناء مزارع للخيول الأصيلة لا ينفرد بها “أبو وليد العزة”، فهناك عدد من متزعمي الميليشيات يستهويهم اقتناء الخيول الأصيلة مثل حاتم أبو شقرا ومحمد جاسم أبو عمشة وصليل الخالدي، وكغيره من متزعمي الميليشيات التابعة للاحتلال راكم ثروة كبيرة، وتم تداول معلومات أنّ الاستخبارات التركيّة داهمت في 26/6/2023 منزله في مدينة الريحانية التركيّة وصادرت كميات كبيرة من الأموال ضخمة بالدولار والليرة التركية كانت معدة للتهريب خارج تركيا.
خلافات ضمن الميليشيا
في مطلع نوفمبر الحالي وإثر خلاف المدعو حجاب العزة مع ابن عمه أبو وليد العزة، نشر تسجيلات صوتيّة طالبه فيها بدفع رواتب عناصره المتراكمة منذ سبع سنوات، فكان رد أبو وليد بأنّ الفقر قد تمكن منه ولم يبقَ لديه ثمن الخبز ليأكله، وخشية أيّة تداعيات قام بنقل خيوله التي تقدر قيمتها بثروة طائلة إلى منطقة رأس العين المحتلة
وفيما نشر مواقع ومعرفات ميليشيات الجيش الوطنيّ أنّ أربعة مسلحين من ميليشيا “السلطان مراد” قُتلوا في جرابلس بمسدسات مزودة بكاتم للصوتِ في 27/9/2023، ووُجه الاتهام حينها إلى قوات سوريا الديمقراطيّة، تكشف مكالمة هاتفيّة سبقت عملية القتل مباشرة، تهديدات مباشرة من هيئة تحرير الشام، حيث وصف المدعو أبو وليد الهيئة بـ “الخوارج”، ليرد متزعم في هيئة تحرير الشام ويصف ميليشيات الجيش الوطنيّ بأنهم “صحوات” وأنّه “خنزير”، وأنهم قادمون ووصلوا مشارف قرية نعمان بريف الباب.